الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

الأخبار

في عهد عبدالناصر.. مصر تعتلى عرش أفريقيا

الزعيم الراحل جمال
الزعيم الراحل جمال عبدالناصر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الزعيم الراحل جمال عبدالناصر أثناء حكمه لمصر رسم معالم سياساتها الخارجية، عبر ثلاث دوائر رئيسية، عربيًا، وأفريقيا، وإسلاميا، لاستعادة دورها ومكانتها فى المنطقة والتى كانت مهمشة بسبب الاستعمار.
فى ضوء ذلك اتخذ العديد من القرارات على الصعيد الأفريقي، ساعدت مصر وبقوة أن تعتلى عرش أفريقيا، وأن تكون لها الكلمة العليا والدور الأبرز فى حل مشاكل القارة السمراء، هذه المكانة التى لم يحافظ عليها أي ممن تبعه فى حكم مصر، لدرجة ترك المجال للمخابرات الاسرائيلية والتركية تعبث وتجعل الملف الأفريقى قاسيا على مصر. القارئ الجيد فى كتاب «فلسفة الثورة»، والذى يعكس - وبوضوح - توجه عبدالناصر أفريقيا حيث قال: «إننا لا نستطيع بأى حال أن نقف بمعزل عن الصراع الدامى المخيف الذى يدور اليوم فى أفريقيا بين البيض والأفريقيين، وسوف تظل شعوب القارة تتطلع إلينا، نحن الذين نحرس الباب الشمالى للقارة، الذى يعتبر صلتها بالعالم الخارجى كله، لن نستطيع بحال من الأحوال أن نتخلى عن مسئولياتنا فى المعاونة بكل ما نستطيع على نشر النور والحضارة حتى أعماق القارة العذراء».. عبارات حددت التوجه السياسى المصرى الجديد تجاه أفريقيا.
مساندة حركات التحرر
فبعد الحرب العالمية الثانية وانتشار أفكار التحرر، انطلقت العديد من الدول الأفريقية فى البحث عن حريتها من الاستعمار، وبعدها قامت ثورة ٢٣ يوليو لتلعب مصر بعدها دورا مهما فى مساندة هذه الدول، فتبنى عبدالناصر سياسة مساعدة وإمداد هذه الدول بالمال والسلاح، اللازم لمواجهة قوى الاستعمار، بالإضافة للدعم السياسى والدبلوماسى لهذه الدول، وقد تأسست «الجمعية الأفريقية» فى الزمالك بالقاهرة، والتى كانت حاضنة لحركات الاستقلال وعملت على إعداد وتدريب القيادات الأفريقية لتتحمل مسئولية الكفاح لتحرر بلادها.
ثورة الجزائر
ساندت مصر الثورة الجزائرية حتى حصولها على استقلالها عام ١٩٦٢، فتحولت إذاعة صوت العرب لبوق دعائي للثورة الجزائرية، كذلك إنشاء أول إذاعة سرية للجزائر عام ١٩٥٥ تذيع بياناتها، بل وتأسسست أول حكومة للجزائر فى المنفى على أرض مصر عام ١٩٥٩.
كما ساعد وأيد حركات التحرر والاستقلال للشعب التونسي، والمغربى والليبى للحصول على استقلالهم، ووقف وبقوة ضد محاولة تقسيم ليبيا لثلاث دويلات صغيرة.

الصومال وكينيا
ولم يتوقف الأمر على الدول العربية فحسب، ولكنه توجه لشرق أفريقيا حيث ساند الصومال وكينيا وأوغندا وتنزانيا، والصومال، وتوجه لمساعدة حركات التحرر فى دول غرب وجنوب القارة مثل غانا والكونغو ونيجيريا، ونتيجة لحركات التحرر ومساندة مصر للدول الأفريقية، لم يتوقف دور مصر على ذلك فحسب، لكنه قاوم حركات الانفصال بعد الاستقلال خصوصا فى نيجيريا والكونغو، وجنوب السودان وتوجه بريطانيا لفصله، واعتباره دولة تتوجه نحو المحيط الهندى حيث شرق أفريقيا البريطانية.
ونتيجة لمجهودات عبدالناصر ومساندة الدول الأفريقية فى عام ١٩٦٠ حصلت ٧١ دولة أفريقية على استقلالها، حتى أطلق على هذا العام «عام التحرر»، لتعترف هذه الدول بفضل عبدالناصر حتى الآن، وخير دليل هو تمثال عبدالناصر «جوهانسبرج» بجنوب أفريقيا والذى أزاح عنه الستار «نيلسون مانديلا» بنفسه اعترافا منه بفضل هذا الرجل على تحرير شعوبه.
تمكين السودان من الحكم الذاتى
منذ عام ١٨٨٢ وبعد احتلال بريطانيا لمصر وإبرام اتفاقية السودان عام ١٨٩٩، والتى كانت بمثابة احتلال مشترك للسودان من قبل بريطانيا ومصر، وحتى ثورة ٢٣ يوليو ورئاسة عبدالناصر لمصر، والذى وضع هذه القضية كأهم أولوياته فحرص على منح السودان حقها فى الحكم الذاتي، حيث رفض مبدأ احتلال مصر للسودان فى الوقت الذى تبحث فيه مصر عن حريتها من الاحتلال الإنجليزى كما أن تمسك مصر بالسودان سوف يشوه الثورة والتى طالبت بالحرية والاستقلال، لهذا قرر عبدالناصر تمكين السودان من ممارسة الحكم الذاتى، وأرسل مذكرة بذلك للحكومة البريطانية، تتضمن عدم تمسك حكومة الثورة بوحدة مصر والسودان، ومطالبة مصر بحق السودان فى تقرير مصيرها بحرية تامة تحت إشراف دولي، ولم تستطع بريطانيا وقتها غير أن ترضخ للإرادة المصرية وتوقع على الاتفاق الذى يمنح السودانيين حق تقرير مصيرهم، وبالفعل تم فى ٢١ فبراير ١٩٥٣ توقيع الاتفاقية المصرية البريطانية بشأن السودان، وتختار السودان الاستقلال التام عن مصر وبريطانيا معًا، فترحب مصر بالقرار.
التعاون الأفريقى
وبعد حركات الاستقلال التى حظيت بها العديد من الدول الأفريقية، حرص عبدالناصر على تقديم الدعم الكامل لها من خلال إنشاء الصندوق الفنى المصرى للتعاون مع الدول الأفريقية، حيث كانت المعونة الفنية المتمثلة فى الخبراء والفنيين والأساتذة، خصوصًا من الأزهر، والأطباء، وأساتذة الجامعات والعمالة الفنية، وحرص كذلك على إقامة السدود وتوليد الكهرباء المائية وغيرها من المشروعات.