الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الإرهاب العنيف في سيناء وسُبل مواجهته

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وقعت التنظيمات المتطرفة في سيناء فريسة لمواجهة أمنية شرسة بعد عام ٢٠١٣ تحددت ملامحها فى سياقين أهمهما، إصرار الدولة على تطبيق خطة القضاء على هذه التنظيمات دون الدخول معها فى أي تواءمات سياسية أو مراعاة لأي بُعد سوى تنفيذ هذه الخطة وظهور نتائج مُرضية، بل ذهبت الدولة لأبعد من ذلك فى مواجهة رءوس هذه التنظيمات خارج حدودها بهدف خلق مناخ يساعد على هذه المواجهة، السياق الثاني يرتبط بتحمل الدولة ضريبة وعبء المواجهة من استقرار النظام السياسي، فضلًا عن التكلفة الكبيرة لخوض هذه الحرب حتى نهايتها.
تمارس تيارات العنف في سيناء إرهابًا عنيفًا وتواجهه الدولة بقوة غاشمة، وما بين توحش العنف فى الحدود الشرقية للبلاد ومواجهة الدولة لهذا العنف المتزايد بطريقة ظهرت ملامحها في تفكيك مئات الخلايا وتصفية مثلها من الأجانب الذين أتوا للقتال مع التنظيمات المتطرفة في سيناء، ترسم الدولة رؤى واستراتيجيات يمكن أن يستفيد منها العالم فى مواجهة الإرهاب وبخاصة ذئابه المنفردة وخلاياه العنقودية، كما أن الدولة نجحت في مواجهة جماعات العنف صاحبة الامتداد الخارجي، رؤى واستراتيجيات رواها الجنود بدمائهم.
والإشارة واجبة في أن معارك الإرهاب لا تنتهي بسحق المهزوم، وإنما بشل حركته وإضعافه بالشكل الذي يمنعه من الاعتداء على الآخرين، فالجهاز الأمني غير معنى باختفاء هذه التنظيمات، وإن كان مسئولًا عن ضربها ضمن مواجهة مفتوحة تسعى لتفكيك خلاياها وتصفيتها، بينما يبقى التعامل الفكري مع مصادر توالد هذه التنظيمات وأدوار أخرى لمؤسسات تؤدي إلى نتيجة قد تنتهي بسحق التنظيمات المتطرفة، يأتي الجزء الفكري في مقدمتها.
من القرءاة الأولى للإرهاب العنيف في سيناء، يتضح لنا أن معدل تنفيذ العمليات المسلحة في سيناء يزداد، وهو ما يؤكد نجاح الخطط الأمنية فى مواجهته، من يفهم عقلية التنظيمات المتطرفة يدرك أن المواجهات الأمنية التي لا بد منها تستتبع نشاطًا عسكريًا متزايدًا لهذه التنظيمات على هامش المعركة، وهذا لا يدل على قوة التنظيم ولا تناميه، وإنما يدل على فقره وتراجعه وضعفه، فالموت تسبقه لحظات اليقظة والتركيز والشعور بالحياة الطويلة.
القراءة المتأنية للعمليات المسلحة فى سيناء تؤكد ضعفها فى العام ٢٠١٢، إلا قليلا، وأبرزها أحداث رفح الأولى في أغسطس من نفس العام، والتى راح ضحيتها ١٦ جنديًا، لحقتها مساومات التنظيم عندما تم اختطاف ٧ مجندين مصريين فى العام ٢٠١٣ على خلفية أحكام الإعدام التي صدرت في حق قيادات تابعة للتنظيم والمطالبة بعدم تنفيذ الأحكام فى حقهم، وهو ما فعله الرئيس المعزول محمد مرسي.
لم يمر العام حتى قام المتطرفون بهجوم على سيارتين كانتا تقلان أفرادًا للشرطة فى مدينة رفح، ما أسفر عن مقتل ٢٥ مجندًا، وعرف هذا الهجوم بأحداث رفح الثانية، وهذه العمليات وغيرها لا بد أن توضع في سياقها وهو ضعف التنظيم.
بدا عام ٢٠١٤ من أقل الأعوام التى شهدت عمليات نوعية باستثناء التغير النوعي الذي شهده أواخر عام ٢٠١٣، عندما انتقلت العمليات المسلحة إلى جنوب سيناء بعد ما تركزت فى الشمال فقط بهدف توسيع دائرة الصراع.
ورغم كثرة العمليات المسلحة فى الأعوام التالية داخل محافظة شمال سيناء، فإن دلالة ذلك هي نفس دلالة زيادة وتيرة العمليات الإرهابية فى محافظات الدلتا، فمتوالية ضرب التنظيمات المتطرفة فى سيناء أدت إلى هروب بعض الخلايا لمحافظات الدلتا، كما تحاول الموجودة فى النطاق الجغرافى بسيناء مواجهة القوة الغاشمة التي فتحت نيرانها عليها، وهنا نؤكد قوة هذه القوة وغُشمها في المواجهة وقدرتها على ردع التنظيمات المتطرفة، كما نؤكد ضرورة تداخل المؤسسات الفكرية فى المواجهة، فلا يمكن للقوة الغاشمة من تأثير دون مشاركة القوة الناعمة أو الفكرية لسحق التنظيمات المتطرفة.