الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

محمود الجندي في حواره لـ"البوابة نيوز": اعتزلت الفن بسبب انعدام الأخلاق.. دوري في "ابن حلال" أدخلني المستشفى 10 أيام.. وليس لدي شيء أخجل منه

الفنان محمود الجندي
الفنان محمود الجندي مع محررة البوابة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من أكثر الأشياء التى أخاف منها دائما، هى تقلبات الحكام، لأن الحاكم دائما الناس تصدقه وتثق فيه وتسلمه سلطان قيادتها، فإذا انحرف القائد فى ضاعت الأمة كلها، وأقسى فترة هى فترة حكم حسنى مبارك، خاصة الفترة الأخيرة، «مبارك» له مميزاته وعيوبه، وفى عصر جمال عبدالناصر، تربيت على سلوكياته، والسيسى رجل عظيم ويعمل ما بوسعه للسير بالبلد فى الطريق الصحيح، أما بالنسبة لخطوة أحمد شفيق فى انتخابات الرئاسة، فهى جرأة كبيرة منه، ولا يصح أن يقوم بها.


أخطاء الفنان
كل شخص لديه العديد من الأخطاء فى حياته، وهناك من يتوقف عن تلك الأخطاء وآخرون يواصلون طريقهم.. ماذا عن أخطاء محمود الجندى فى حياته؟
دائما أنسى أى شىء قبيح، سواء كنت أخطأت فى حق أحد أو أنا الذى تسببت فى تلك الأخطاء تجاه نفسى، وأنا عبر تاريخى وعمرى كله ليس لدى شىء فعلته وأخجل منه أمام أولادى أو أمام أى أحد، وعلى الصعيد المهنى منذ صغرى وأنا أقدم أى عمل وأنا راض عنه تماما.
قيمة الفنان الحقيقية أصبحت رخيصة.. والنجومية «حسب السعر»
دورى فى «ابن حلال» أدخلنى المستشفى 10 أيام.. وليس لدى شىء أخجل منه أمام أولادى
بدأ حياته بالمثابرة والعمل، واستطاع أن ينسج خيوط إبداعاته ليكون تاريخا حافلا بالإنجازات، عمل بعد تخرجه فى المدرسة الصناعية فى القلاع الصناعية كعامل نسيج، لم يستسلم وعمل على تنمية موهبته الفنية وتمسك بحلمه الذى راوده منذ الصغر، حتى استطاع أن يحفر اسمه بين الكبار، بأدواره المتنوعة المعبرة عن جميع مراحل المواطن المصرى الحياتية والاجتماعية فى السينما والدراما المصرية. 
هو الفنان الكبير محمود الجندى، الذى يمتلك تاريخًا فنيًا حافلًا وطويلًا، فموهبته المتفردة من نوعها جعلته يتربع على عرش نجوم مصر والوطن العربى. وفى حوار من نوع خاص، بعيدا عن الأسئلة التقليدية والمعتادة، كشف «الجندى» لـ«البوابة»، عن جوانب كثيرة من حياته لا يعرفها الكثيرون.
الزمان وتقلباته
هل غير محمود الجندى عاداته وقناعاته مع مرور الأيام والسنين؟
الزمن لم يغير فىَّ شيئًا جوهريًا مثل الصدق والأمانة، وهذا الأمر على وعلى إخوتى، فأنا لدى ٦ إخوة والزمن لم يغيرنا على بعض، وأخى الصغير «الحاج جمال» هو الذى يجمعنا دائما، وقد تتتغير أشياء بسيطة وأبرزها أنه كان لدى اقتناع أن بناتى لا يخرجن بمفردهن إلى النادى أو السينما، فبيئتى الريفية حتمت على ذلك، ولكن بعد أن أتيت إلى القاهرة واختلطنا بمجتمع القاهرة، وجدت أن الأمر مختلف تماما عًّما أنا تربيت عليه، فعادات المجتمع فى القاهرة غيرت قناعاتى تجاه بناتى، وهذا الأمر كان صعبا للغاية، وتنازلت عنها مع مرور الأيام لكى أتكيف مع المجتمع القاهرى الذى أعيش فيه.
الأجيال الجديدة
يعد النجم الكبير محمود الجندى، فنانا من العيار الثقيل، نظرا لقدرته على التواصل مع الأجيال السابقة والحالية كفنان ومبدع، وهذا ما مكنه فى الحفاظ على القمة والتربع على عرش نجوم مصر والوطن العربى وعن رؤيته لهذه الأستمرارية والتنوع، أجاب بهدوئه المعتاد:
أرى أننى ما دمت أحترم ذاتى منذ أن بدأت عملى فى مجال الفن إلى هذه اللحظة، فبالتأكيد الناس ستحترمنى، والجمهور لا يحتاج إلى دعاية كى يحبنى أو يقتنع بأدائى، فكل ما أقوم به عندما أوافق على أى عمل سوف أقدمه أن يكون هذا العمل ممتعا لى وأيضا للآخرين، لأننى إذا وجدت فى الدور أنه غير ممتع، بالتأكيد المشاهد سوف يشعر بالملل.
وبالنسبه لى عندما أكون صادقا إلى أقصى درجة ممكنة فى الشخصية التى أؤديها سوف أصل إلى قلوب الناس بسرعة الصاروخ دون جرس إنذار، ومنذ زمن طويل وأنا أسير على هذا المنهج، فقيمتى الفنية أصبحت عالية، وهناك أشياء فعلتها، ولكن ليس عن قصد أو ترتيب منى، وإنما لأنها نابعة من تركيبة شخصيتى وطبيعتى الخاصة، بالإضافة إلى قوة ملاحظتى، والأشياء التى اكتسبتها على مدار حياتى، وتعلمتها طوال مشوارى الفنى، تركت أثرًا جيدًا داخلى، فهناك فنانون لم يتركوا بصمة، وبمجرد اختفائهم توارت عنهم الأضواء، وليس شرطا أن يكون سبب ذلك هو شخصيتهم، ولكن من الممكن أن يصادفهم سوء حظ. 
أما بالنسبة لى ولاستمراريتى مع جميع الأجيال، فهى ناتجة أولا عن توفيق كبير جدا من عند الله، ومنذ أن بدأت ليس لدى مشاكل مع أحد فى العمل طوال مشوارى الفنى، ودائما أقوم بتغيير جلدى، وأقدم شيئا لجمهورى مختلفًا عما سبق، فاختيارى لكل الأعمال التى شاركت بها، عليه عامل كبير، وكل هذه العوامل بالتأكيد هى سبب استمراريتى مع كل الأجيال وتنوعها حتى الآن، ومن الجيل الجديد أرى نفسى فى الفنان الشاب محمد عادل، فهو من الممثلين الجدد الموهوبين بأخلاقهم وفنهم.


قنبلة اعتزاله 
رغم ما يتمتع به الفنان الكبير محمود الجندى من قاعدة جماهيرية كبيرة، والتمثيل هو عشقه وملهمه الوحيد، إلا أنه أعلن اعتزاله خلال الأيام الماضية فجأة دون سابق إنذار، ووقع الخبر على جميع عشاقه ومتابعيه كالصاعقة، ثم تراجع بعدها دون فهم عما يحدث، وعن كواليس تلك المرحلة، قال: عندما يحدث خلل فى المنظومة كلها، المنتج أساء والمخرج أهمل فى عمله وتتم إهانتى فى شخصى، فبالتأكيد على أن أتخذ قرار الاعتزال على الفور، حفاظا على تاريخى الفنى الكبير، وهذا ما حدث معى، لأن الأعمال الفنية التى أشارك فيها هى ليست أعمال فردية وإنما أعمال جماعية، وعندما وجدت عدم تقدير من تلك المنظومة أصبح الوضع صعبا على للغاية. 
وهل كل هذا الغضب بسبب الإهانة التى حدثت لك مؤخرا فى العمل الأخير؟
أجاب بقوة: لا لا إطلاقا، الإهانة التى حدثت لى ليست نابعة عن إهانتى أثناء عمل واحد، وأقولها بالمعنى الدارج «لو أنا أخذت قرار اعتزالى نتيجة الإساءة لى فى عمل واحد فبالتأكيد أكون راجل أهبل». 
فالخطأ فى حقى تكرر أكثر من مرة، ولم يعد هناك تقدير معنوى لى، لذلك لم أعد أحتمل أكثر من مرة، وأصبح هناك غياب للأخلاق فى الوسط الفنى.


فقاطعته ماذا تقصد؟ وماذا حدث تحديدا مع الفنان محمود الجندى؟
استكمل قائلا: منذ عملى فى مجال الفن وأنا لا أسعى إلى المال، وكل ما يهمنى هو قيمة العمل الذى أشارك فيه وما سأقدم فيه من حيث الشكل والمضمون، وأنا لا أحصل على الملايين التى نسمع عنها الآن، فالمبالغ الباهظة الآن سَعرت الناس بشكل كبير وأصبح الذى يحصل على أجر قليل بعض الشىء مثلى وباقى جيلى يتعامل برخص من بعض القائمين على العمل، ويعيش رخيصا ويقبض رخيصا أيضا، ومادام أنا موافق أن أقبل بأجر قليل وغيرى يقبض أكثر، فالآخر له الاحترام والتقدير، وليس معنى أن أتنازل عن أجرى أنه ضعف منى وتقليل، وإنما هو مراعاة لظروف الإنتاج والبلد والجميع، ولكن البعض استغل هذا الأمر ضدى وتم إهانتى مثلما شرحت.
لحظاته الصعبة
مر الفنان محمود الجندى بالعديد من الأشخاص فى حياته، منهم من حافظ على صداقته معه، ومنهم من ظهر عكس الصورة التى رسمها له.. وعن ذلك يقول: بالفعل عرفت العديد من الأشخاص وتعرضت لطعنات وصدمات من أشخاص قريبين لى، وهناك صديق كان قريبا لى للغاية، ولكنه جرحنى جرحًا كبيرًا لا أغفره له، وأنا لدى قناعة أنه لا بد إلا أنتظر أن يكون كل الناس جيدين مثلى، وأسير بمبدأ أن أتعامل مع الناس كالنار أتدفأ بها ولا ألقى بنفسى داخلها، بمعنى ألاَّ أدخل بداخلهم أكثر كى لا أكتوى بنارهم، ومن أكثر اللحظات الصعبة علىَّ، هى وفاة زوجتى الأولى فى حريق الشقة وأيضا وفاة صديق عمرى منذ أيام.


شخصيات أثرت فى حياته
تخرجت من مدرسة الصنايع وتحديت كل القيود كى أصل إلى التمثيل.. و«محمد عادل» أرى فيه نفسى
وعن الأشخاص الذين أثروا فى حياته وتركوا بصمة بها سواء على المستوى المهنى أو الإنسانى، أجاب مبستما:
من الأشخاص الذين أثروا بحياتى وكان لهم الدور الأكبر فى التأثير منذ طفولتى هو «والدى» رحمة الله عليه، كان موظفا بسيطا ورغم العبء الذى عليه فى تربية تسعة أبناء أنا وإخوتى، إلا أنه عندما وجد حلمى فى اللهث وراء التمثيل بعد تخرجى من دبلوم الصنايع، وقف بجانبى كثيرا ولم يتكاسل إلى أن تخرجت من معهد التمثيل، ومن أكثر الأساتذة الذين تأثرت بهم وأخذتهم قدوة، «محمد توفيق، عبدالوارث عسر، والدكتور حسن فهمى»، وبعيدا عن دراستى فى مدرسة الصنايع، فأنا طوال الوقت متطلع إلى المعرفة، وكنت أحب الفن بجنون وأقرأ عنه الكتب منذ صغرى، وهذه الكتب خلقت منى إنسانا على دراية بالفن وأرى أن كل شخص ظهر فى حياتى وتعلمت منه حرفا فهو كان له تأثير فى حياتى.
الحب والمرأة فى حياته
من المؤكد أن الفنان الكبير محمود الجندى غنى عن التعريف بتاريخه الحافل والكبير، ولكن محمود من الداخل كثيرون لا يعرفونه جيدا، فالبعض يراه أيقونة مغلقة، والآخر كل ما يعرفونه عنه أنه ابن بيئة ريفية ولد وتربى بها وتركها لكى يسلك طريقه مثل أى شاب، ولكن عندما اقتربنا منه وجدنا أنه رجل من زمن آخر، وعن تلك المرحلة من حياته، قال: ياااااه أنتِ تعودين بى إلى الوراء وأماكن لدى لم تفتح من قبل.
ثم استكمل: أنا نشأت فى بيئة ريفية، وهذه البيئة أثرت فى تكوين شخصيتى كثيرا، فهى التى رسخت بداخلى الصدق وباقية معى حتى الآن، فبيئتى هى الجذور الثابتة بداخلى، لأنه ليس هناك نبات ينمو دون جذور، وإذا لم أنتم إلى هذه الجذور بالتأكيد كنت سأضيع، وتعليمى كان متوسطا حيث تخرجت من مدرسة الصنايع قسم النسيج، رغم أن حلمى كان هو التمثيل، ولم أدخل الصنايع بمحض إرادتى، كان ترتيبى الأوسط بين إخوتى، ووقع على الدور أن أختصر من التعليم بسبب ظروفنا المادية وقتذاك، لكنى تحديت كل القيود ولم أستسلم وصمدت للوصول إلى حلمى وهو التمثيل، فالفن متواجد داخلى، وأنا مهووس به منذ الصغر، والحمد لله استطعت أن أحقق ما أتمناه، وقد قضيت ٧ سنوات فى الخدمة العسكرية، وهذه السنوات كانت سببا فى تعطيلى عن الفن لفترة كبيرة، وبصراحة شديدة محمود الإنسان يختلف عن الفنان، فقد قدمت كثيرا من أدوار الشر ومختلفة عن مبادئى مثل دورى فى مسلسل «ابن حلال» مع محمد رمضان، فشخصية الشر التى جسدتها كانت متعبة لى للغاية، لأننى أحاول طوال الوقت أن أكون تلك الشخصية وأتكيف معها، ووقتها كان ينتابنى شعور بالانفصام، وبسبب هذا الدور دخلت المستشفى ومكثت به ١٠ أيام، لأنى طوال الوقت ضاغط على ذاتى لتقديم تلك الشخصية القاسية التى لا تتناسب مع طبيعتى الخاصة، ففى حياتى الشخصية أنا إنسان طبيعى وتلقائى وعفوى للغاية وغير متكلف، وأعشق البساطة فى عملى وفى كل شىء. 
يتحدث الفنان محمود الجندى، بكل جرأة وعمق فى جميع أحاديثه، وأسلوبه هو الحوار الدائم والحرية فى النقاش، وهو ما دفعنى لسؤاله عن علاقة رجال السياسة والدولة بالفن والفنانين، خاصة أنها علاقة شائكة، فهل أضروا بالفن أم العكس؟، ومن المستفيد أكثر؟.. فأجاب بقوة وبصراحته المعهودة:
بالتأكيد رجال السياسة والدولة هم الذين يستغلون الفنانين أكثر لأنهم يرون أن الفنان دائما واصل إلى قلوب الناس ووجدانهم وعقولهم، وأى نظام يحاول استغلال تلك القوة الناعمة ويسعى لاستقطابها لأغراضها.
تزوج الفنان محمود الجندى أكثر من مرة، وهذا ما دفعنا لسؤاله عن الحب فى حياته ومن الذى أحبها حبا حقيقيا؟ فأجاب مبتسما:
بالفعل تزوجت أكثر من مرة، ولكن أمر الزواج قسمة ونصيب، وبالنسبة لزوجتى الأولى كان زواجى منها مبنيا على قصة كفاح وحب حقيقى فهى كانت حب عمرى، أما زوجتى السابقة عبلة كامل، لا أريد الخوض فيها، ولا عن أسباب انفصالى عنها، لأنها زميلة وأيضا أسباب انفصالى عنها صعب شرحها، أما زوجتى الحالية الدكتورة «هيام» أكن لها كل الاحترام والتقدير، وهى تساندنى طوال الوقت. 


حكايتى مع الإلحاد
نشأ الفنان الكبير محمود الجندى، فى أسرة دينية، ورغم ذلك كان ملحدا وغير مؤمن بوجود الله، ومن المعروف للجميع أنه عاد عن هذا الطريق بعد حرق شقته وزوجته الأولى وأولاده، وكان ذلك نقطة التحول التى أعادته إلى رشده، عن السبب الذى أدى به إلى هذا الطريق، قال:
بالفعل، حادث زوجتى وموتها بتلك الطريقة كان سببا فى رجوعى إلى صوابى، أما بالنسبة لكواليس دخولى فى هذا الطريق فلا يعلمها أحد، حيث كنت شابا وأريد الاطلاع إلى معرفة كل ما هو جديد والأشخاص الذين أحاطوا بى وقتذاك كانوا مختلفين عن البيئة الدينية التى تربيت فيها، وبدأ تفكيرى كله يتجه إلى كتب التشكيك فى عدم وجود الله فى هذه السن، واستمررت فى السير على هذا الطريق، والحمد لله عدت إلى رشدى بعد هذه النقطة الفارقة التى حدثت لى.