الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الإرهاب في سيناء.. بين الدعم الغربي والمواجهة المصرية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يطرح البعض تساؤلات مشروعة حول استمرار معركة الإرهاب فى سيناء قرابة الخمس سنوات دون أن يتم الفصل فيها فصلًا نهائيًا، كما يطرح هؤلاء البعض تساؤلات أخرى حول الدعم الذى يُقدم لهذه التنظيمات، مِن منْ؟ ومنْ المستفيد؟ ولماذا مصر؟
نؤكد على أن العمليات العسكرية فى سيناء تجرى فى مساحة جغرافية ضيقة لا تتعدى ١٠٪ من مساحة سيناء التى تبلغ قرابة ٦٠ ألف كيلو متر فقط من إجمالى مساحة مصر التى تصل مليون كيلو متر، أى أنها لا تمثل سوى ٦٪ من مساحة مصر؛ فنشاط التنظيمات المتطرفة على مساحة ١٠٪ من ٦٪ من المساحة الهائلة لمصر.
غالبًا ما تجرى العمليات العسكرية فى الظهير الصحراوى لمحافظة شمال سيناء ومزارع الزيتون التى تصل مساحتها قرابة ٢٠ كيلو مترا، وهنا تبقى ساحة المعركة مهيأة لمثل هذه الأنشطة المتطرفة، فضلًا عن الحدود الملاصقة للجارة فلسطين وإسرائيل معًا، وعشرات الأنفاق التى تنقل هؤلاء المتطرفين والأسلحة بمختلف أشكالها إلى سيناء، فكثير من العمليات يتم التخطيط لها فى غزة وتنفذ فى القاهرة، وبعض الغزاويين يشاركون فى تنفيذ عمليات عسكرية فى سيناء، كما يذهب أنصار «داعش سيناء» إلى غزة فى رحلات من شأنها التدريب وتطوير إمكاناتهم العسكرية للرد على الدولة وأجهزتها الأمنية التى باتت هدف هذه التنظيمات المتطرفة، وهنا يمكن أن نقول إن المنطقة الجغرافية جزء من أزمة سيناء وإرهابها.
الصراع الدائر بين الدولة المصرية وقواتها المسلحة من جانب وتنظيمات التطرف فى سيناء من جانب آخر ليس بعيدًا عن أيادى دولة إسرائيل التى تراقب الأوضاع فى سيناء وتشجع الصراع وتدعمه فى أحايين كثيرة عندما تلتقط كاميراتها تحركات هذا التنظيم فتخفى ما وصلت إليه عن أجهزة الأمن فى مصر بعمد، وكأنها تريد أن تقول ما لم نستطيع أن نفعله يشاركنا فى فعله تنظيم أنصار بيت المقدس!، الذي تحول لضرب الجيش المصرى رغم أنهم وحسب تسميتهم للدفاع عن المسجد الأقصى وبيت المقدس.
الدور المصرى فى مجلس الأمن وتحديد جلسة للتصويت على عربية القدس والاعتراض على القرار الأمريكى بنقل سفارتها دفع إسرائيل وبشكل علنى للتعاون مع «داعش سيناء» عندما أطلقوا صاروخ كورنيت على مطار العريش العسكرى متزامنًا مع زيارة لوزيرى الدفاع والداخلية، رد فهمته مصر فى وقتها فأصرت على استمرار معركتها ضد الإرهاب فى الداخل والخارج من قبل جماعات وتنظيمات متطرفة أو من قبل دول مثل أمريكا وإسرائيل.
فككت أجهزة الأمن المصرية عشرات الخلايا التى نزلت للوادى من مناطق حدودية فى الصحراء الشرقية والغربية وضيقت الخناق على التنظيم فى منطقة سيناء وفى جزءها الشمالى لأسباب جغرافية وتجاور ساعد فى اشتعال الصراع، فضلًا عن مكانة سيناء فى عقل هؤلاء المتطرفين فى الرقة والموصل واستماتتهم فى إعلانها ولاية منفصلة، غير أن المعركة العسكرية ما زالت تحتاج لمعارك متوازية حتى يمكن القضاء تمامًا على بؤر التنظيم فى سيناء وفق وعد الرئيس خلال ثلاثة شهور مضت منهم أكثر من شهر.
المنطقة العربية هدفٌ ومصر طريقها، هدف دولى يريد إشغال هذه المنطقة فى مشاكلها الداخلية تمهيدًا لتقسيمها بعد خللة قوتها، تارة فى فوضى بمسميات تدغدغ المشاعر وتارة بدعم تنظيمات التطرف، حيث ركزت المملكة المتهاوية فى الرقة والموصل على سيناء تحديدًا فكانت حسب أدبياتهم الولاية الأكثر دعمًا فى المال والسلاح ضمن ٣٤ ولاية أخرى للتنظيم، هكذا يعتبر هؤلاء المتطرفون مناطق الصراع خارج حدودهم فى مدينتى الرقة والموصل.
للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها وكلاء فى منطقة الشرق الأوسط، فى مقدمة هؤلاء الوكلاء تنظيمات العنف والتطرف والتمرد، دعمت من قبل نشأة بعضها وما زالت تدعم البعض الآخر فى الخفاء، وكشفت عن دعم علنى خلال السنوات القليلة الماضية ونقل هؤلاء الدواعش فى سوريا لا يخفى على أحد، فهى لا تريد القضاء عليهم، بل تجعلهم يشاركونها ما تريد واستخدامهم بالطبع كأداة ضغط فاعلة ومؤثرة فى منطقة الشرق العربى.
مصر مستهدفة ليس مجرد شعار مرفوع، بل واقع محسوس وملموس، أطرافه مرئيون وقواعد اللعبة تتغير بين وقت وآخر، ولكن مصر كانت وما زالت مصرة على مواجهة الإرهاب والصلف الأمريكى فى دعمه للتطرف وفق أولويات لا نتمنى أن تدخل فيها الموائمات السياسية حتى يتم القضاء نهائيًا على بؤرة المزروعة فى كل مكان، فى المدرسة والنادى والمصلحة الحكومية حتى الشارع، فضلًا عن الأفكار الداعمة للتطرف ولا تجد من يفككها.
سيناء سوف تظل بؤر محتقنة وقابلة للاشتعال نظرًا للأسباب السابقة التى شرحناها، وهذا لا يعنى بقاء هذه البؤر بعد نجاح أجهزة الأمن فى قصف هذه التنظيمات، فالأهم قصف الأفكار حتى لا تتوالد تنظيمات جديدة بعد القضاء على الموجودة حاليًا.