الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

نقص الدواء.. عز العرب: تكرار النقص والنفي دليلان على فشل الوزارة.. والشركات الاحتكارية تتعامل بسياسة "لي الذراع"

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ تعويم الجنيه وتحرير سعر الصرف، والسوق المصرية للدواء تواجه بين الحين والآخر ندرة الأصناف ونقصها الحاد، فتعلو صيحات المرضى بحثًا عن جرعة الدواء، وكل ذلك جراء توقف المصانع عن الإنتاج نتيجة رفع كُلفة الإنتاج لاستيراد المادة الخام بالدولار.
ولعل آخر هذه الأزمات هى نقص:"حقن البنسلين، وأدوية القلب، وحقن الإنسولين لعلاج مرضى السكر، ثم اختفاء لبن الأطفال، وحقن الآر إتش، وحبوب منع الحمل، وأدوية الأمراض المزمنة، ومستلزمات العمليات الجراحية من قطن وشاش ومحاليل"، دائرة مفرغة عانى منها المريض المصري.
الوضع أصبح كارثيًا، بلا تجديد، نواقص أدوية ومريض يئن من الألم، ووزارة تنفي النقص أصلا وتقر أن النقص لا يشمل إلا 12 نوعا فقط، وتحابي الشركات بقرار رفع أسعار الأدوية مرتين، دون الإعلان على الأسعار الجديدة، ما أدى لرفع أسعار بعد الأدوية لـ2000%، كما هو الحال مع مادة "اليبيدول" وهي المادة المستخدمة في حقن مرضى سرطان الكبد وأمراض دوالي المعدة، فثمنها قبل قرار الزيادة الأول في مايو 2016 كان 86 جنيهًا، أما الأن فسعرها الرسمي بلغ 1750 جنيهًا.
"الزيادة ليست الحل" بل تسببت في فوضى كبيرة نتيجة رفع الأسعار بدون دراسة، فهناك أصناف زاد سعرها مرتين مايو ويناير 2017 وحتى الآن لم يتم إنتاجها لأن الشركات ما زالت تشكو من كونها تتكبد خسائر فادحة بسبب إنتاج تلك الأدوية، وعمليات الرفع مرتين على الورق وبالتالي أن الأزمة لم تحل وقائمة، كما هى، ولن يقبل المريض المصرى "موجة رفع أسعار دواء" مرة ثالثة، بحسب ما قال محمود فؤاد، العضو بالمركز المصري للحق فى الدواء.
وتابع الدكتور محمد عزالعرب المستشار الطبي للمركز المصري للحق في الدواء أستاذ أمراض الكبد: إن أزمة نقص الدواء متكررة، وأن من يتأثر هو المريض، وأنه على الرغم من أن مشكلة النواقص كانت الحجة لزيادة الأسعار في 27 مايو 2016، وذلك لتوفير نواقص الأدوية وتهديد وزير الصحة لشركات الأدوية بعد قرار الزيادة بإغلاق الشركات الممتنعة عن الإنتاج خلال ثلاث شهور، ولكن شيئًا لم يكن واستمرت الأزمة.
تكوين لجنة تابعة لرئاسة الوزراء خاصة بملف الدواء
وأضاف المستشار الطبي للحق في الدواء، أن تكرار المشكلة يؤكد فشل وزارة الصحة في إدارة الأزمة، خاصة مع نفيها المستمر وتجاهل المشكلة، وحرصها الدائم على إظهار بساطة الموضوع، وأنه لا يتجاوز 22 صنفًا، مع أن الواقع يؤكد مرارًا وتكرارًا تفاقم الأزمة بشكل مخيف للغاية، مبديًا ارتياحه لما تواتر من أنباء عن تكوين لجنة تابعة لمجلس الوزراء خاصة بملف الدواء، تابعة مباشرة لرئيس الوزراء، وستشمل خبراء الأدوية، وأن هذه اللجنة بمثابة الحل لإدارة الأزمة بحرفية بعيدًا عن التصريحات الإعلامية خاصة وأن المواطن المصري يئن وهو الذي يتحمل دائما مضاعفات نقص الأدوية.
دعم الشركات الوطنية هو الحل الأمثل
ويرى عز العرب أنه بالإضافة لتشكيل هذه اللجنة لا بد من إلغاء السياسة الاحتكارية لاستيراد الأدوية، خاصة وأن هناك شركات بعينها تحتكر استيراد الأدوية الحيوية والخاصة بعلاج الأورام، وأن مشكلة البنسيلين كانت نتيجة لوجود شركة معينة محتكرة استيراد البنسلين طويل المفعول.
فلا بد من وجود بدائل أخرى منها تدعيم الصناعة الوطنية المتمثلة في شركات قطاع الأعمال للأدوية، والوقوف بجانبها وسداد المديونيات التي لها على الدولة، فالشركة المصرية لتجارة وتوزيع الأدوية على سبيل المثال لها مديونيات على الدولة تعدت مليارًا و350 ألف جنيه، خاصة وأنها تمثل رمانة الميزان بالنسبة للتوازن في السعر، فشركات قطاع الأعمال كانت تستحوذ على 80% من صناعة الدواء الأن لم تعد تنتج إلا 2% فقط، يجب تدعيم الصناعة الوطنية المتمثلة في القطاع الخاص والتي تمثل 36% من حجم صناعة الدواء، فهذه حلول أخرى بدلا من رفع سعر الأدوية مثل دعم الطاقة وإلغاء الضريبة على القيمة المضافة، مطالبا بسرعة إنشاء" الهيئة العليا للدواء" بعد إقرارها من مجلس النواب خلال هذه الدورة.
وفي نفس السياق قال الدكتور محمد رؤوف حامد أستاذ الرقابة والبحوث الدوائية: "سيناريو غير مقبول في أي دولة محترمة، فالمشكلة تتكرر والناس بتحتاج أدوية ومش بتلاقي، وأسعارها بيرتفع أضعاف".
وأرجع حامد السبب في هذه المشكلة لأن مصر لا توجد بها سياسة دوائية حقيقية، وأن هذا ما سبق التحذير منه في الثمانينيات، فلا سياسات ولا منظومات حقيقية توجد لديها تغذية استرجاعية، تمكنها من التعامل مع أي مشكلة حالة حدوثها، فالواقع إننا بنكرر نفسنا، وبالتالي فلا بد من وجود منظومة حقيقية تعمل بشكل صحي، لا تكون خاصة أو مرتبطة بفرد تنتهي بمجرد رحيله، وطالما ما زلنا نعاني من تغيير السياسات بتغيير الأفراد فالسيستم كما هو ولا تغيير سيطرأ، فالدواء سيستمر في الاختفاء وأسعار سترتفع أكثر وأكثر".
وعن مساعي رئيس الوزراء لتكوين لجنة مسئولة عن ملف الدواء يرى "حامد" أنها لن تحل المشكلة ولن تكون مجدية على الإطلاق، فهذه اللجنة يجب أن تعمل في إطار منظومة وليس تدخلا لمسئول كبير في كيان أصغر، هذا لن يكون مجديا على الإطلاق.