الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

"جنتل مان" الفن المصري في أول حوار له بعد عودته من أمريكا.. محمود قابيل: دفاعي عن السيسي وبلدي كان سبب غيابي .. لا أعترف بـ"مرسي" رئيسًا كي أتحدث عنه

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أكثر من ساعتين ونصف الساعة قضيتها معه، وهى عمر اللقاء الذى جمعنى بالفنان الكبير محمود قابيل، فى منزله، وهى المرة الأولى التى يخصنا بها ويفتح قلبه لـ«البوابة»، بعد عودته لمصر بعد غياب.

وكان حوارنا معه فى منزله ثريًا وممتعًا، فهو حالة فنية نادرة، من الصعب أن تتكرر فى تاريخ الفن المصري، لأنه احتل مكانة من الصعب أن يحتلها أحد مكانه من أبناء جيله.

والتقينا معه بعيدًا عن الزحام، فى حوار غير تقليدى لا يعتمد على السؤال والجواب، الذى اعتاد عليه فى أحاديثه الصحفية، ورأينا ألا نغوص معه فى السياسة كثيرًا، لأنه رجل صاحب مبدأ واحد، ولا تتغير آراؤه كثيرا، وخاصة أن غيابه عن مصر كان بسبب عشقه وحبه لتراب هذا البلد، لأنه لم يقبل أن يقوم أحد بتشويه صورة وطنه.

ولذلك قمنا بالبحث والتنقيب داخل حياة هذا الرجل، لأنه يمثل موسوعة ثقافية وسياسية، وأبحرنا بداخله للبحث عن قابيل الإنسان الذى لا يعرفه أحد، وتطرقنا معه للحديث فى مناطق حياته الشائكة، وكواليس غيابه المفاجئ، وأسباب عودته فى ذلك الوقت تحديدًا، وأسرار أخرى يبوح بها لأول مرة.

فكانت معه هذه المعايشة..

حمدًا لله على السلامة..


ابتعد الفنان الكبير محمود قابيل عن مصر سنوات عديدة، بعد أن سافر فجأة دون أى مقدمات، ورغم غيابه، لكنه مستمر فى التواصل مع كل الأجيال السابقة والحالية، ومازال محافظا على تألقه وتوهجه وسط نجوم مصر والوطن العربي.

وعن كواليس تلك الفترة، وغيابه عن الوطن، وكيفية محافظته على الاستمرارية والتنوع رغم الغياب، أجاب بابتسامته الرقيقة:«أرى أن أساس كل شىء فى حياتى هو الحب، وعلى مدار تاريخى الفنى الطويل، كنت أتقن كل عمل أقدمه سواء فى السينما أو الدراما، ليترك ذكرى وبصمة مع الجميع، والعمل الذى يخرج من قلبى يصل إلى قلوب الجمهور، دون أى حواجز، وهذا سبب استمراريتى حتى الآن».

ويضيف «قابيل»، «بالنسبة لغيابى فسوف أوضح كل شىء، أولا أنا كنت موجودًا بالبلد منذ اندلاع ثورة ٢٥ يناير لحظة بلحظة، والله وفقنى مع مجموعة من الضباط المتقاعدين أن نكون تكتلا، كى نحمى الشباب فى التحرير من ميلشيات الإخوان، وكنا حائط صد لهم، وكان دورنا فعالا بالشارع.


ثم شاركنا فى سقوط محمد مرسي، ولا أستطيع أن أقول عليه الرئيس، لأننى لا أعترف به رئيسًا، وأعلنت ذلك فى عز زمن الإخوان، وبعدها، وموقفى كان واضحًا وصريحًا لا يتغير.

فهذا الشخص غير سليم، وحصل على تشريعات وسلطات لا تعقل، ولا يأخذها أحد، فكان ديكتاتورًا وفرعونًا، وبعدها شاركت فى ٣٠ يونيو إلى أن سقط مرسي.

وبعدها سافرت إلى أولادى فى أمريكا، وعدت إلى مصر بسبب تعرض أمى لوعكة صحية كبيرة، فكنت ألازمها ولا أتركها طوال الوقت، وكنت أمكث بجوارها الـ ٢٤ ساعة، لإننى كنت متعلقًا بها للغاية، إلى أن وافتها المنية، وأحسست بالضعف بعدها، فقررت السفر مرة أخرى إلى الولايات المتحدة والعيش مع أولادى كى أستمد قوتى منهم، ومكثت فترة معهم.

ووقت سقوط مرسي، كنت متابعًا جيدًا للشأن السياسى المصرى وأخبار بلدى الحبيب، ورأيت فى الإعلام الأمريكى تحريف الواقع، حيث اتهمونا بالانقلاب وسقوط الشرعية، لدرجة إننى عندما كنت أركب سيارة أجرة، أجد السائق يسألنى هل أنت من مصر، أجيبه نعم، فيقول لى أن ما فعلناه فى مرسى حرام، والجيش عندكم عامل انقلاب.

وهذه الصورة عن بلدى استفزتني، فقمت أنا ومجموعة من الأصدقاء بتكوين مجموعات فى أمريكا، كى نشرح لهم الوضع، لأن الإخوان هناك كونوا مجموعات لينشروا سمومهم، كى يقوموا بتأليب الغرب على مصر، وبفضل الله، فإن ما فعلناه كان له تأثير قوى فى أمريكا من خلال تكتلنا «مصرنا الجديدة»، وكان لنا العديد من الجولات، وبالفعل فى أول زيارة للرئيس السيسى إلى الولايات المتحدة، كانوا هنا متحمسين له، وتم استقابله بحفاوة شديدة».

قاطعته قائلة: لماذا لم تأت إلى مصر وتستقر بها بعد تولى الرئيس السيسى فأجاب: لماذا آتي؟ وأنا أقوم بالمدافعة عن السيسي، وبلدى الحبيبة مصر هنا وأثبت للأمريكيين أن ما حدث فى مصر، ليس انقلابًا وإنما هو إرادة شعب، وكان ذلك هو هدفى، لأن الرأى العام الأمريكى كله كان مضللًا، وبعدما أديت رسالتى وشعرت أن أولادى سلكوا طريقهم السليم، قررت العودة على الفور.


باقة نجاحه

يتمتع «قابيل» برصيد فنى كبير، وحصد من خلاله نجاحًا كبيرًا على مستوى الجمهور والنقاد، وسألناه: لمن يهدى باقة نجاحه؟ وما الشىء الذى يتمنى حدوثه فى حياته، لو عاد به الزمن إلى الوراء؟ فأجاب:

أهدى نجاحى إلى والدتى رحمة الله عليها، إلى أولادي، وكان هناك فيلم مع العظيمة الراحلة سعاد حسني، كان أمنية حياتى وحلم عمرى أن أقدمه معها لكن القدر كان أقوى مني، وكان نفسى أحقق حلم الراحل رمسيس نجيب حيث إنه كان يقوم بتحضير فيلم عن الثورة من خلال شاب، وكان سيقوم مخرج إيطالي، ولكن وافته المنية قبل إنتاجه.

سر مفاتيح شخصيته

أي شخص يريد أن يكسب الفنان الكبير محمود قابيل، ويحظى بثقته، عليه أن يعرف مفاتيح شخصيته، وخاصة أنه شخصية متناقضة، وعن مفاتيح شخصيته حدثنا ضاحكا:

«بالفعل شخصيتى متناقضة، وأى شخص يريد أن يكسبنى لابد أن يكون صادقًا معى لأقصى درجة ممكنة، لأن أهم شىء فى حياتى الطيبة والصدق، وأحب الإنسان الذى يقدر الأشخاص وأن يكون غير متعالٍ ومتسامح، خاصة أن شخصيتى متسامحة وصريحة للغاية».

قاطعته: معروف عنك صراحتك الزائدة، فإلى أى مدى أوقعتك فى مشاكل، فأجاب:

«أثناء عملى كضابط فى القوات المسلحة، كانت لى مواقف عديدة، حيث إننى كنت أتكلم بكل صراحة فى أى شىء، وكان ذلك غير مستحب، وأعتبرونى طالب لمض».

رياح غضبه

على قدر طيبة قلب الفنان القدير محمود قابيل وتسامحه الدائم مع الجميع، لكن له لحظات يغضب فيها، وهو ما دفعنا لسؤاله، حول فترات هبوب رياح غضب محمود قابيل فأجاب:

«أنا شخصية هادئة للغاية، لكن إذا انفجرت لا يستطيع أحد الوقوف أمامي»، فقاطعته إذن يسير عليك حكمة «اتقِ شر الحليم إذا غضب» ، رد قائلا:

«بالتأكيد، ولكن طوال حياتي، الشىء الوحيد الذى أخاف منه، هو أن أظلم أحدًا أو آخذ حق أحد».


أشخاص أثروا في حياته

مر الفنان القدير محمود قابيل، بالعديد من الأشخاص الذين أثروا فى حياته وتركوا بصمة فيها، وعن هؤلاء الأشخاص تحدث مبتسمًا:

«الحمدلله، أشعر برضا تام عن كل المراحل، التى مررت بها فى حياتي، ومن أكثر الأشخاص الذين أثروا فىَّ، المخرج الكبير الراحل يوسف شاهين، والأستاذ رمسيس نجيب، ويوسف رمسيس».

سألته، أنت شخصية عملية للغاية، وفى ذات الوقت رومانسى جدًا، ألا ترى أن ذلك يمثل تناقضًا؟ وإلى أى برج تنتمى ؟ فأجاب ضاحكًا:

«أنا من مواليد برج الثور، وبالطبع أرى أن هاتين الصفتين اللتين ذكرتيهما، هما بالفعل جزء من شخصيتى الحقيقية، وأعترف أن هناك تناقضًا فى شخصيتي».

المرأة فى حياته

رغم البعد.. ما زال هناك من يسكن القلب

 

يعتبر محمود قابيل مثالا لـ«الجينتل مان» فى كل شىء، والحب لديه أساس كل شىء، ولا يتقن شيئا إلا بالحب، وحدثنا عما تمثله المرأة بالنسبة له، وكيفية التعامل معها:

«المرأة بالنسبة لى أساس كل شىء، وأرى أن العلاقة معها لابد أن تروى بالصدق والحب، كى تنمو وتزدهر، فهذه هى قاعدتى فى التعامل مع المرأة»، قاطعته قائلة: إذن والرجل، ماذا عنه؟ فأجاب:لابد أن تمده المرأة بالحب والعطاء.

رغم البعد .. ما زال هنلك من يسكن القلب

لم يكن غياب الفنان محمود قابيل، مقتصرًا على بلده وفنه فقط، وإنما كان عن أحبابه وأصدقائه، وهو ما دفعنا لسؤاله عن كيفية تكيفه مع تلك الفترة، ومن هم أقرب الأشخاص الذين كان يسأل عنهم، وهل هناك أشخاص خذلوه فى تلك الفترة، فأجاب دون تردد:

«لا، إطلاقا، الحمدلله لم يخذلنى أحد طوال فترة غيابي، ولم أتعرض أيضًا للطعن والخيانة من أى أحد إطلاقا على مدار حياتي، وكنت أسال عن الجميع وأقرب الأشخاص إلى قلبى هو الفنان عزت أبو عوف، وكان يسأل عنى دائمًا، وكنت أتحدث معه طوال الوقت، وهو أكثر من أخ».


رأيه في حال مصر والرؤساء السابقين

عاصر الفنان محمود قابيل عددًا من الرؤساء المصريين، بالإضافة إلى عمله كضابط بالقوات المسلحة، وبنظرة ضابط، حدثنا عن رأيه فى رؤساء مصر، وعن رؤيته للوضع الحالي:

«شيمة رجال القوات المسلحة، أن لا نعيب فى أى قائد عسكري، ومن الممكن أن نختلف، ولكن لابد ألا نخطئ فى حق القادة، فكل رئيس تولى حكم مصر له عيوبه ومميزاته، واقتصاد مصر كان فى النازل، وحاول الرئيس جمال عبدالناصر أن يلغى الدعم، ونفس الشىء تكرر مع السادات».

ويكمل «قابيل»: «أما عن الرئيس عبدالفتاح السيسي، فأنا انتخبته بحب، وله أغلبيه كاسحة»، وسألته عن الآراء التى تنادى بوجود استفتاء لوجود الرئيس السيسى فى الحكم، قال: أرى من يريد أن يتقدم للترشح، فليتقدم، فالباب مفتوح للجميع، ولكنى أثق بأنه مهما تقدم أى شخص للانتخابات، فإن السيسى سوف يكسب ويكتسح وربنا سوف ينصره».

وعن الرئيس الأسبق حسنى مبارك: «أما ما حدث مع الرئيس مبارك، من إهانة، فأنا ضدها، لأنه رجل من الجيش».


روقان محمود قابيل

وبسؤالنا له عندما يجلس بمفرده، من يكون رفيقه، ولمن يحب أن يستمع من رواد الغناء فى مصر والوطن العربى؟ فقال:

«دائما عندما أختلى بنفسي، يكون رفيقى هو نفسى فقط، وأقوم كل يوم بمحاسبة نفسي، وأراجعها جيدًا، عن ما الذى أحدثته فى يومي، هل تسببت فى حزن أحد، أو قمت بمضايقة شخص ما، وأحب أن أستمع إلى أم كلثوم، ووردة، ومن الجيل الجديد شيرين عبدالوهاب فصوتها جيد وإحساسها رائع، ومن الشباب عمرو دياب.


اللحظات الصعبة

يمر أى إنسان منا بالعديد من اللحظات الصعبة فى حياته، وكان أشدها قسوة فى حياة الفنان محمود قابيل، موت والدته، والذى اعتبر موتها بالنسبه له «توهان»، وعن هذه التجربة، وكيف تخلص منها، قال:

«أصعب اللحظات التى مررت بها، هى موت عمود حياتى والروح التى أعيش بها، أمي، فوالدتى كانت مثالا للتضحية، فهى أفنت حياتها كلها لى ولأخواتي، فوالدى توفى وأنا عمرى ١٢ عامًا، ولم تتزوج بعده، ومكثت بجوارنا، وبعد ما وقفتنا على أقدامنا، تزوجت ابن عمها فى سن كبيرة، كى يراعيها وتراعيه، وهو توفى قبلها، وعندما توفيت، شعرت بعجز كبير، مثل الطير الذى كسر جناحه.

وأيضًا من اللحظات الصعبة التى مررت بها، وفاة المنتج إسماعيل كتكت،لأنى فوجئت بوفاته يوم اتصلت به من أمريكا كى أطمئن عليه، وأيضًا عندما علمت بأن الفنان عزت أبو عوف سوف يقوم بإجراء عملية خطيرة، وأبلغنى بذلك، وأنا فى أمريكا من خلال الهاتف، وهذا الخبر وقع على كالصاعقة، لأنى من بداية مرض عزت وأنا بجانبه، ولم أتركه قبل سفري، وعشت معه مرضه منذ وفاة زوجته الغالية فطيمة».


هو أنا وأنا هو

قدم الفنان الكبير محمود قابيل العديد من الشخصيات على مدار تاريخه الفني، وترك من خلالها بصمة كبيرة لدى عشاقه، لنسأله عن الدور الذى يرى محمود قابيل نفسه فيه فسكت، ثم أجاب:

«دورى فى مسلسل «هوانم جاردن سيتي»، وشخصيتى فيه، أرى فيها محمود قابيل».

وعدنا لنسأله، وانت موجود فى أمريكا، هل كنت متابعًا للحركة الفنية المصرية، مثل الشأن السياسي؟ فأجاب:

«للأسف الشديد، انشغالى بالحراك السياسى والاجتماعى المصري، كان أقوى تأثيرًا علىَّ من الحركة الفنية، وكنت أسمع من المصريين هناك أخبار الفن، وكانوا يتناقشون معى فى الأعمال الدرامية والسينمائية وكنت أتابع من خلالهم أخبار الفن المصري».