الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

ازدواجية بريطانيا.. تدرج "حسم" و"لواء الثورة" على قوائم الإرهاب وتتجاهل "الإخوان"

أرشيفية
أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في خطوة جديدة تكشف عن ازدواجية المملكة المتحدة فى التعامل مع جماعة الإخوان الإرهابية، قالت السفارة البريطانية فى القاهرة إن حكومة بلادها أدرجت حركة «حسم» و«لواء الثورة» المسلحتين الناشطتين فى مصر على قائمة المنظمات الإرهابية رغم عدم تصنيف جماعة الإخوان الأم ضمن الجماعات الإرهابية، والإبقاء على إيواء القيادات الهاربين إلى لندن.

وأصدرت السفارة بيانا الجمعة الموافق 22 ديسمبر، أوضحت فيه أن القرار يأتى فى ضوء الاعتداءات التى نفذتها ضد أفراد الأمن المصريين والشخصيات العامة فى البلاد، مشيرة إلى أن حكومة المملكة المتحدة توصلت إلى أن مثل هذه المجموعات تستوفى معايير الحظر، وستعزز عملية الإدراج قدرة الحكومة على تعطيل أنشطة هذه المنظمات الإرهابية.

ونقل البيان قول السفير البريطانى فى مصر، جون كاسن، «قلنا إننا لن نترك مصر وحدها فى معركتها للتصدى للإرهاب وعنينا ذلك. اليوم نستخدم القوة القانونية البريطانية الكاملة ضد منظمتين إرهابيتين قتلتا الكثير فى مصر، وهما عدوتان لنا جميعًا»


لواء الثورة

بعد فرض جماعة الإخوان الإرهابية سيطرتها على ميدانى رابعة العدوية والنهضة لمدة ٤٧ يوما، بدأت فى تفعيل ميليشياتها الإرهابية التى استهدفت المؤسسات الشرطية وضباط وأفراد القوات المسلحة بعدد من المناطق على مستوى الجمهورية لتعيد للأذهان ذكريات إرهاب التسعينيات، ومنها حركة «لواء الثورة» التى ظهرت مؤخرا وتبنت العديد من العمليات الإرهابية التى طالت رجال الشرطة والجيش. وتعتبر «لواء الثورة» امتدادًا لحركات إرهابية أخرى ظهرت عقب الثورة هي: «حازمون، العقاب الثوري، أحرار، المقاومة الشعبية، كتائب حلوان مولوتوف، إعدام، بلطجية ضد الانقلاب، مجهولون»، وقسمت الحركة الإخوانية عناصرها إلى مجموعات فى المحافظات، حرصًا على تنفيذ عمليات مختلفة بالجمهورية، من خلال استهداف أشخاص، وكنائس ومؤسسات الدولة، وشخصيات وطنية.


سواعد مصر

أما حركة سواعد مصر المعروفة اختصارًا بـ«حسم»، فتغلف أنشطتها ورجالها بحالة من السرية والتخفي، لكنها تقدم نفسها فى بياناتها على أنها تنظيم سياسى ينتهج أسلوب النضال المسلح، ويركز هجماته على رجال الشرطة والقضاء، ويرفع شعار: «بسواعدنا نحمى ثورتنا»، وبعد تبنيها عددا من الهجمات الإرهابية، صنفها القضاء المصرى جماعة إرهابية.


أدلة علاقة الإخوان بالحركتين

ورغم تركيز جماعة الإخوان على عدم الإعلان عن أى علاقة تربطها بكل من «لواء الثورة» و«حسم»، إلا أن ثمة دلائل عدة فضحت علاقة الإخوان بكليهما. إذ كان ما جاء على لسان رضا فهمي، القيادى فى «الإخوان»، العضو السابق فى مجلس الشورى «المنحل»، الهارب إلى تركيا، خلال حوار تليفزيوني، دليل على تبنى الجماعة للحركات الإرهابية المسلحة، خاصة بعدما دافع الإخوانى الهارب بشدة عن عملياتهم ضد الجيش والشرطة. وأشاد «فهمي» بعمليات «حسم»، مؤكدًا أنها انتقلت من مرحلة العشوائية إلى النضج، بعدما أعلنت عن تدشين ما سمته «مكتبها السياسي» مؤخرًا، ثم جاءت وفاة مرشد الجماعة مهدى عاكف لتصب فى تأكيد اتجاه علاقة الحركة بالجماعة، حيث أصدرت «حسم» بيانا «عاطفيا» ينعى المرشد السابق، واصفة إياه بعبارات منها «البطل المجاهد أيقونة المقاومة ورمز الصمود»، فى تأكيد جديد على تبنى الطرفين الاتجاه نفسه، وعلى ولادة «حسم» من رحم الإخوان، وعملهما لتحقيق الأهداف ذاتها.

فيما أفردت قناة «وطن»، التى تبث من العاصمة التركية إسطنبول والمملوكة رسميا لجماعة الإخوان، فى نشراتها الإخبارية، مساحة لعرض بيانات صادرة عن حركة «حسم» تنشرها عقب تنفيذ عمليات استهداف الكمائن لتبنى تلك الهجمات. فوصفت «القناة الإخوانية» شهداء الشرطة بالقتلى، كما روج عدد من الإعلاميين العاملين بقنوات الإخوان بينهم خالد السرتى لمنشورات تبرر عملية استهداف ضباط الشرطة فى الأكمنة بزعم أنهم يتعقبون الملتحين، ووصف تلك العمليات بـ«العمل الثوري».

 

اعترافات

كما كشفت تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا مع عناصر إرهابية من حركة «لواء الثورة» عن تبعيتها لجماعة الإخوان، وأكدت اعترافات المتهمين أنهم تلقوا تدريبًا عسكريًا فى السودان وحصلوا على دعم استخباراتى من دول خارجية، وأنهم فروا من البلاد بعد ثورة ٣٠ يونيو التى أسقطت حكم الجماعة، إلى دول أخري، ثم عادو مرة أخرى بعد التدريب لتنفيذ العمليات الإرهابية. وبينت اعترافات المتورطين فى العمليات الإرهابية الأخيرة وتحريات الأمن الوطنى أن ٣ من القيادات الهاربين فى الخارج هم المعنيون بإحياء العمل المسلح فى مصر، من خلال حركتى «حسم» و«لواء الثورة». إذ وقع الاختيار على علاء السماحي، الإخوانى الهارب إلى تركيا، والمطلوب ضبطه وإحضاره فى عدد من القضايا المتعلقة بالعنف والعمل المسلح، واسمه الحقيقى علاء على السماحي، كان عضوًا بإحدى شُعب جماعة الإخوان، بمحافظة الغربية، وتم تكليفه بإعادة هيكلة حركة حسم بالكامل.

وأكدت اعترافات عناصر الخلايا الإرهابية التى يتم القبض عليها من الجهات الأمنية، أن أعضاء الحركة تلقوا تدريبات عسكرية بمناطق صحراوية، حيث سافروا إلى أسوان للتدريب على أنواع الأسلحة والكمائن والرصد، وتنفيذ أعمال إرهابية.

كما تم تكليف القيادى الإخوانى الهارب لتركيا، يحيى السيد إبراهيم موسى، بإعادة هيكلة جبهة لواء الثورة، بحيث يمكنها ذلك من الاضطلاع بدور أكبر، وسلم جهاز الإنتربول المصرى مذكرة عاجلة لنظيره الدولى للقبض على القيادى الهارب الذى كان متحدثًا رسميًّا باسم وزارة الصحة فى عهد الإخوان.

ويعمل «موسى» على إعادة تشكيل مجموعات مسلحة عنقودية من العناصر الإخوانية المتحركة على الساحة الداخلية، وإعدادهم نفسيًّا وعسكريًّا لتصعيد العمل المسلح واغتيال بعض رموز الدولة واستهداف مؤسساتها الحيوية بعمليات تفجيرية على فترات متباعدة؛ بهدف إحداث حالة من الفوضى وإنهاك الدولة اقتصاديًّا. يُشار إلى أن القيادى الهارب مطلوب فى العديد من القضايا المتعلقة بالتحريض على العنف والتظاهر ومهاجمة مؤسسات الدولة، إضافة إلى تورطه فى قضية اغتيال النائب العام السابق والإشراف والتخطيط لذلك وتكليف مجموعات من العمليات النوعية للجماعة بتنفيذ المهمة.

 

عمليات نوعية

كما اختير الإخوانى أيمن عبدالغني، صهر خيرت الشاطر، ومسئول قسم الطلاب المركزى السابق لجماعة الإخوان، للإشراف على جناحى الإخوان للعمليات النوعية المسلحة، وهما حسم، ولواء الثورة، على أن يكون دوره إرشاديًّا، وهو أحد القياديين المقيمين خارج مصر، فسافر إلى قطر منذ نجاح ثورة ٣٠ يونيو؛ هربًا من الأحكام القضائية الأمنية التى كانت تلاحقه بعد مشاركته فى اعتصام رابعة العدوية وعدد من العمليات الإرهابية داخل وخارج القاهرة.

قرار مزدوج

قال هشام النجار، الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، إن وضع بريطانيا حركتى «حسم» و«لواء الثورة» على قائمة المنظمات الإرهابية لن يكون له تأثير على أرض الواقع، لأن أنشطتهم امتدت لخارج مصر ولم تقتصر على الداخل فقط. ووصف قرار بريطانيا بالمزدوج، فهى لا تصنف جماعة الإخوان الأم كجماعة إرهابية، بينما يقتصر تصنيفها لأذراع الإخوان فى داخل مصر. وأشار إلى أن العلاقة بين بريطانيا والإخوان قائمة على المصلحة، ولن يؤثر هذا القرار على وضع الإخوان فى لندن، خاصةً أن الجماعة تستفيد من الرعاية البريطانية للضغط على الأنظمة الحاكمة المختلفة معها، موضحًا أن بريطانيا لن تستغنى عن الإخوان، خاصةً أن الجماعة تنظيم تستخدمه الأجهزة المخابراتية لخدمة المصالح الغربية وورقة مهمة لفرض هيمنتها على الأنظمة العربية، لافتًا إلى أن الدعم البريطانى للإخوان يشمل النواحى المادية واللوجيستية والإعلامية


من جانبه، قال سامح عيد الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، إن تنظيمى حسم ولواء الثورة مكملان وذراع عسكرية لجماعة الإخوان، التى تحرص على ازدياد العمليات الإرهابية فى البلاد للضغط على النظام الحاكم. وأضاف أن كلا من حسم ولواء الثورة يوجد تنسيق بينهما، حيث تتولى حركة حسم العمليات الإرهابية ضد الجيش والشرطة بالتنسيق مع القيادات الإخوانية الهاربة لخارج البلاد.

وأشار إلى أن الهدف من إبقاء الإخوان على هذه الحركات الإرهابية، يكمن فى رغبتها لزيادة نفوذها، وسيطرتها فيما يتعلق بقيادة حركة الجهاد المزعوم ضد الدولة المصرية، لافتًا إلى أن بريطانيا لا يمكن لها أن تفرط فى علاقتها مع الجماعة الإرهابية، مشيرًا إلى أنها تدفع بالشر عن بلادها باستضافة مثل هذه الجماعات ليتم تصدير العنف إلى خارج أراضيها.

واختتم حديثه قائلًا، إذا كانت إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب حتى اللحظة غير قادرة على إصدار قرار بتصنيف جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا، فهل ستفعلها بريطانيا، التى لها تجمعها علاقات تاريخية مع الجماعة الإرهابية؟