السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

هوس التنقيب عن الآثار.. 25 ألف قضية خلال 12 عامًا.. وتصاعد الظاهرة بعد 25 يناير.. والكل يبحث عن الربح الحرام

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عشرات القضايا والضبطيات يتم تحريرها شهريًا ضد عصابات التنقيب عن الآثار في مصر، بالإضافة لمئات السرقات التي تُنفذها تلك العصابات لكنوز مصر المدفونة لتُباع لأياد أجنبية، حيث شهدت البلاد خلال الفترة الأخيرة تصاعد هوس التنقيب والبحث عن الأثار، باعتباره طريقًا سهلًا لحصد ملاييين الجنيهات عن طريق سرقة العديد من القطع الأثرية وتهريبها إلي الخارج.
ووفقًا لتقرير نشرته "وول ستريت جورنال" عن سرقات الآثار في مصر، فإن عمليات الحفر والتنقيب غير الشرعي، قُرب المعابد القديمة وفي المناطق المعزولة من الصحراء وفي مناطق أخري متعددة، عن الآثار الفرعونية، تضاعفت 100 مرة خلال الـ 16 شهرًا التي أعقبت ثورة 25 يناير، كنتيجة لتوقف الشرطة عن أداء وظيفتها، كما كشفت دراسة بحثية للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن هناك 25 ألف قضية تنقيب وإتجار في الآثار خلال الـ12 عامًا الأخيرة، بما يعادل 2000 قضية كل عام.
على جانب آخر، فإن آخر احصائية رسمية عن التنقيب وسرقة الآثار أعلنت عنها وزارة الداخلية، في منتصف عام 2012، أكدت ضبط 5697 حالة حفر وتنقيب غير شرعي عن الآثار بعد ثورة يناير، بالإضافة إلي ضبط 1467 حالة اتجار غير مشروع في الآثار، و130 محاولة لتهريب الآثار للخارج، ومقتل ما لا يقل عن 35 شخص في نزاعات تتعلق بالحفر غير الشرعي بما في ذلك 10 قد دفنوا أحياء بعد انهيار المنطقة التي كانوا يحفرون فيها فوقهم، وقتل آخرون نتيجة نزاعات أثناء تقسيم ما عثروا عليه، وكانت تلك الأرقام معبرة فقط عن جرائم التنقيب التي كشفت عنها الشرطة وما خفي كان أعظم وأكبر.
في البداية، يوضح الدكتور حجاج إبراهيم، رئيس قسم الآثار بكلية الآداب جامعة طنطا سابقًا، الفرق بين التنقيب والحفر المنظم الذي يتم بأيدي علماء ومتخصصين البعثات وخبراء الحفائر وتحت إشراف وبأمر من وزارة الآثار، وبين التنقيب خلسة أو "النبش" الذي تقوم به عصابات منتشرة علي مستوى الجمهورية، حيث أن الأخير يُلحق بالأثر أضرارًا جسيمة، لأن من يقومون به لا يهمهم القيمة التاريخية بقدر ما تهمهم القيمة المادية.
وعن تزايد هوس التنقيب عن الآثار في صعيد مصر عن غيره، أوضح "إبراهيم" أن ذلك يرجع إلي الجهل بالحضارة المصرية التي امتدت بطول وعرض ربوع مصر، بالإضافة إلي الموروث الاجتماعي والفراغ وعدم الدراية بقيمة الأثر التاريخية.
ويُتابع إبراهيم: "حضارة ما قبل التاريخ كانت ترتكز في صعيد مصر، ثم جاءت الأسرة 21 لينقسم الحكم بين الصعيد ووجه بحري، وحتى الأسرة 30 كانت قد تحولت عاصمة الحكم في أماكن مختلفة بوجه بحري، في الشرقية والبحيرة والإسكندرية في عصر البطالمة وغيرها".
محمد الحضري، باحث أثري والأمين العام للنقابة المستقلة للعاملين بالآثار، قال إن المنظومة الأمنية لحماية الآثار، المتمثلة في شرطة السياحة والآثار بمشاركة الوزارة، ضعيفة ولا تقوم بدورها المنشود بالشكل الكامل، خاصة بعد اندلاع ثورة يناير وما أعقبه من انفلات أمني نتج عنه هجوم وتعدي من قبل كثيرين علي المواقع الأثرية من متاحف ومخازن، وتنقيب غير مشروع وتعدي علي أراضي أثرية، ويُضيف: "يعني مينفعش تبقي منطقة أثرية علي مساحة 10 كيلو متر.. ويقوم بتأمينها 4 عساكر أو خفر".
وطالب "الحضري" بضرورة إعادة النظر في المنظومة الأمنية بالوزارة وإدارة شرطة الآثار والسياحة، وأنه لابد من استخدام أدوات أمنية حديثة لحماية المواقع، من سلاح وأسوار وزيادة عدد أفراد الأمن وتوفير نقاط مراقبة واستخدام الطائرات لعمل دوريات أمنية لاكتشاف أي حالة تعدي.
ويُكمل: "لابد أيضًا من إعادة الكشف علي الملفات الشخصية للعاملين بالآثار والمواقع الأثرية، نتيجة تورط البعض في مساعدة العصابات في تهريب الآثار أو التنقيب، مع ضرورة تغليظ عقوبة التعدي والاتجار في الآثار، لأن القانون الحالي يمنح قبلة حياة لعصابات السرقة والتنقيب والاتجار".