السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ترافولتا في الرياض والحويني في القاهرة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا تندهش.. نعم النجم الكبير جون ترافولتا وصل بالفعل إلى العاصمة السعودية الرياض، فى ساعة متأخرة من يوم الخميس، بعد أن أعلنت هيئة الترفيه السعودية الأربعاء الماضى عن تنظيم أمسية حوارية بعنوان «ليلة مع ترافولتا»، ليتحدث من خلالها نجم هوليوود عن تجربته الثرية ومسيرته الفنية فى جلسة حوارية تمتد ٣ ساعات مع الجمهور السعودى الذى تم دعوته لهذا اللقاء مجانًا.
ورصد الإعلام السعودى الصور الأولى لوصول النجم الكبير إلى الرياض، وشغل هذا الحدث كل وسائل التواصل الاجتماعى هناك، وكانت موجة ترحيب كبيرة من الشباب السعودى بهذه الزيارة ذات الدلالة، والتى تجيب بوضوح عن سؤال، إلى أين تتجه السعودية مع ولى عهدها المتصادم مع العديد من الجبهات؟
فى الأسبوع الماضى لم يكن خبر وصول ترافولتا إلى العاصمة السعودية الرياض هو وحده اللافت للانتباه، ولكن تزامن الزيارة مع القرار السعودى بمنح تراخيص لأكثر من ٣٠٠ دار عرض سينمائية فى السعودية.
علينا أن نرصد تلك التحولات المهمة، والتى لا شك سيكون لها انعكاساتها على الذين احتكروا التطرف وقاموا بتصديره للبلدان المجاورة، ولعل أكبر مستورد للفكر الوهابى كانت أم الدنيا، مصرنا التى ذهب أبناؤها فى سبعينيات القرن الماضى للعمل هناك وعادوا إلينا محملين بكل صور التخلف الفكرى، مصر التى استراح بعض من أبنائها للتمويل السخى المقبل من هناك وأطلقوا اللحى فتوهبنوا وتسلفوا وقصروا جلابيبهم كمجاهدين أفغان.
وبينما تنفض السعودية غبار السنوات العجاف التى عاشتها لمدة أربعين عامًا، يصدمنا فى القاهرة مشايخ كالحوينى وبرهامى وعمرو خالد وغيرهم بإصرارهم على السير فى مسيرة جمود الفكر الدينى وغلقه على مقاس مفاهيمهم، التى ترى كل شىء حراما، إلا الدولار وأرصدتهم البنكية فهى حلال حلال حلال.
المتابع للرحلة السعودية والمصرية فى نشر التطرف والتعصب سوف يُصدق الإجراءات السعودية الأخيرة، سواء فى مواجهة الفساد، كما حدث فى واقعة احتجاز العشرات من رجال الأعمال، أو كما يحدث فى مقاومة الوهابية التكفيرية بالعديد من الإجراءات، والتى يصفها البعض، بأنها زلزال له توابع، وعلى العكس سوف يقف المُتابع مرتبكًا أمام التجربة المصرية التى ما زالت حتى هذه اللحظة يرتع فى ريفها وحضرها مشايخ جاهلون ويتقدم فى إعلامها منافقون سطحيون، وهو ما يصنع الفجوة الواسعة بين الطموح والواقع.
وهنا بالتحديد يمكن القول بأن التطور والتقدم يرتبطان فى الأساس بإرادة سياسية حاسمة، تلك الإرادة التى حلمنا بها مع رياح التغيير الجذرى التى هبت على مصر مع ثورة ٣٠ يونيه، التى غيرت الخريطة من قمتها، ولكنها تركت السوس ينخر فى عظام المؤسسات الحكومية والوزارات، تركت جيوشا من الإرهابيين الصغار فى المدارس ودور العبادة يهدمون بصبر كل طموح جاد نحو التغيير الجذرى.
لا أفهم سلطة الشيخ الحوينى ولا أعرف نفوذ التكفيرى ياسر برهامى وهما مجرد عناوين لآلاف من مريديهم، وهم الذين كانوا وقود اعتصام رابعة المسلح وأبطال التظاهر الأسبوعى كل جمعة بعد ٣٠ يونيه، تلك الازدواجية هى الخطر بعينه، دافعنا وما زلنا عن ٣٠ يونيه، ولكننا لا نستطيع فهم تلك السلطة المختفية عن الأنظار مؤقتًا والمتسترة باللحى والجلابيب البيض.
نقول بكل وضوح خطوات السعودية الجادة سوف تنجح فى خلق واقع جديد للخريطة فى المنطقة، أما نحن فخطواتنا المتعثرة سوف ندفع ثمنها غاليًا، طالما نعيش الازدواجية فى أوضح صورها، مرحبًا بترافولتا فى الرياض ولا عزاء لنا فى القاهرة.