الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

"البابا فرنسيس" يتناول الغداء مع الفقراء ويرفض ارتداء الصليب الذهبي والإقامة في القصر الرسولي.. يحرص على مد جسور التواصل والمحبة مع الأزهر

البابا فرنسيس
البابا فرنسيس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

وصف بأنه البابا القادر على إحداث التغيير، كما اختارته مجلة «التايم» رجل العام فى ٢٠١٣، إنه البابا فرنسيس الذى أطل لأول مرة عقب انتخابه بابا للفاتيكان، واختياره اسم «فرنسيس»، على جمع الكاثوليك المحتدشين فى ساحة القديس بطرس فى ١٣ مارس ٢٠١٣، ليكون أول بابا من الأرجنتين، منذ عام ٧٤١م، وهو أول بابا من خارج أوروبا منذ عهد البابا غوريغوريوس الثالث.

اعتبرت الصحافة الإيطالية انتخابه «ثورة فى تاريخ الكنيسة»، وخلال حبريته أعلن قداسة حوالى ٣٦ قديسًا وقديسة، من بينهم البابا يوحنا الـ٢٣، والبابا يوحنا بولس الثانى، والقديسة السورية مريم ليسوع المصلوب، والقديسة الهندية الأم تريزا.


ولد «خورخى» عام ١٩٣٦، وتقلد عدة مناصب منها رئيس أساقفة بيونس آيرس، ومسئول الكنائس الكاثوليكية الشرقية فى الأرجنتين، ورئيس مجلس الأساقفة الكاثوليك فى الأرجنتين، وأسقف مساعد فى بيونس آيرس، والرئيس الإقليمى للرهبنة اليسوعية فى الأرجنتين، وتم انتخابه بابا للفاتيكان، عند انعقاد مجمع يُعتبر الأقصر فى تاريخ المجامع المُغلقة بعد استقالة قداسة البابا بندكتوس السادس عشر.

وصفه كثيرون بـ«البابا المتواضع»، حيث يفضل فى العادة، التنقل على متن سيارات متواضعة، وبالرغم من أنه تلقى سيارة فاخرة من نوع «لامبورجينى» يصل سعرها إلى ٢١١ ألف دولار، ليعلن الفاتيكان أن السيارة سيجرى طرحها فى مزاد علنى، وسيذهب ثمنها إلى ثلاث جمعيات خيرية مرتبطة بالكنيسة، لإعادة بناء بيوت وكنائس للمسيحيين الذين هجّرهم تنظيم داعش الإرهابى فى العراق، بعد سيطرته على مدينة الموصل سنة ٢٠١٤.

وانتقد البابا تكلفة ملابس الكاردينال والتى تصل إلى ما يقارب ٢٠ ألف دولار، مطالبًا إياهم بثياب أكثر تواضعًا وعدم إهدار هذه الأموال، وطالب أسقف ألمانى بشرح كيفية صرفه ٣ ملايين دولار على فناء من الرخام.

فرنسيس الذى تناول الغداء خلال نوفمبر الماضى مع ١٥٠٠ فقير خلال اليوم العالمى الأول للفقراء، احتفظ بالصليب الحديدى الذى كان يرتديه كرئيس أساقفة، ولم يرتد الصليب الذهبى الذى ارتداه سابقوه، وخلال الأيام الأولى من حبريته أطلّ ببطرشيل عادى أبيض اللون، بدلًا من الأحمر الذى يفرضه التقليد.

بعد انتخابه حبرًا أعظم، ألغى الكثير من التقاليد البابوية، فرفض الإقامة فى القصر الرسولى المقابل لساحة القديس بطرس بالفاتيكان، وفضَّل الإقامة فى بيت القديسة مرثا، وهو بيت صغير لاستقبال ضيوف الفاتيكان، ليكون بذلك أول بابا منذ بيوس العاشر لا يتخذ من القصر الرسولى مقرًا دائمًا لسكناه، وهو لا يستخدم القصر الرسولى إلا للإطلالة على الحشود يومى الأحد والأربعاء كما هى العادة.

مواقف البابا الإنسانية لا تختلف عن مواقفه السياسية فى قوتها وجرأتها فالبابا «خورخى» ساعد فى «ذوبان الثلج» بين كوبا وأمريكا، وكان لأمريكا اللاتينية نصيب؛ حيث بدأت ملامح للمصالحة بين الحكومة فى كولومبيا والجماعة الثورية، وأخيرًا إعلان التهدئة بين تشيلى وبوليفيا، كما احتل مسيحيو الشرق الأوسط مساحة كبيرة من قلب وتفكير البابا؛ فنجده يصلى من أجل السلام فى سوريا والعراق، ويتذكر دائمًا شهداء المسيحية فى كل مكان.

بالرغم من أن الشوائب التى شابت العلاقة بين الفاتيكان والأزهر، نجد البابا فرنسيس حريصًا منذ توليه على مد جسور التواصل والمحبة، ونجده فى خدمة الأسبوع المقدس يغسل ويقبل أرجل بعض السجناء منهم نساء وأشخاص مسلمون، وفى هذا العمل حطم التقاليد عن طريق غسل أقدام النساء والمسلمين.


منذ سبتمبر ٢٠٠٦، تم تجميد الحوار بين مؤسسة الأزهر الشريف ومؤسسة الفاتيكان، بعد محاضرة ألقاها البابا السابق بنديكت السادس عشر، بابا الفاتيكان السابق، ذكر خلالها لطلبة كلية دينية فى جامعة ألمانية، قول أحد الفلاسفة، والذى يربط فيه بين الإسلام والعنف، وهى المحاضرة التى أثارت استياءً واسعًا فى العالم الإسلامى، وجاء العام ٢٠١١، ليقرر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، تجميد الحوار مرة أخرى بعد تصريحات للبابا بنديكتوس السادس عشر السابق، طالب فيها بحماية المسيحيين فى مصر عقب حادثة كنيسة القديسين فى الإسكندرية، واعتبر الطيب تصريحات بابا الفاتيكان «تدخلا فى الشئون المصرية».

وظلت القطيعة ممتدة حتى تقلد البابا فرنسيس سدة مار بطرس، وحرص منذ توليه مهامه على فتح أبواب الحوار مرة أخرى مع الأزهر، موجهًا الدعوة إلى الإمام الكبير لزيارة البابا فى روما، والتى لباها فى مايو الماضى فى زيارة وصفت بـ«التاريخية»، واتفق فيها الطرفان على استعادة الحوار بعد تجمده سنوات عدة، واتفقا على إذكاء روح التسامح، والتعاون على نبذ الإرهاب. ودعا إلى التعاون بين المسيحيين والمسلمين خلال خطابه فى نهاية شهر رمضان، وذكر أن كلا من المسيحيين والمسلمين يعبدون الإله نفسه، معربًا عن أمله بأن المسيحيين والمسلمين يجب أن يعملوا معا لتعزيز الاحترام المتبادل، ويظهر دائمًا كصديق للمجتمع الإسلامي، ويتخذ موقف «الداعم للحوار». وعاد الحوار مع الأزهر عقب زيارات عدة متبادلة بين وفود من الأزهر والفاتيكان، كانت آخرها فى مارس من العام الجارى؛ حيث شارك وفد فاتيكانى رفيع المستوى.

يُعرَف عن البابا رغبته فى التقارب مع الكنائس المسيحية الأخرى، فخلال زيارته إلى مصر، التقى البابا تواضروس بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، ووقّعوا بيانًا مشتركًا يتضمن دعوة للحوار حول عدم إعادة المعمودية بين الكنيستين، وإلى مزيد من الوحدة بين جميع المؤمنين بالمسيح.