الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

القدس.. أسئلة بلا إجابات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى السادس من ديسمبر، أعلن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أن الولايات المتحدة تعتبر القدس عاصمة لإسرائيل، وأنه يعتزم نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس. وأدان العرب والمسلمون إعلان ترامب بشدة كما أدانه أمريكيون وأصدقاء لأمريكا وحلفاء فى أوروبا ومناطق أخرى. فلا يوجد دولة أخرى لها سفارة فى القدس. ويعتقد البعض أن الإجراء يقضى على احتمالات التوصل إلى اتفاق سلام عربى إسرائيلي. وتزعم إسرائيل أن لها حقوقًا تاريخية خاصة فى المدينة؛ لأن القدس كانت يهودية قبل ثلاثة آلاف عام، وبها مواقع مقدسة لليهود. لكن المسلمين والمسيحيين يدعون حقوقًا فى المدينة لأسباب لا تقل وجاهة. ويتفق معظم العالم على وجوب التوصل إلى طريقة يتم من خلالها المشاركة فى المدينة، وألا «تمتلكها» إسرائيل وحدها. لكن الرئيس ترامب تحيز بإعلانه بشكل واضح مع إسرائيل وضد الجميع تقريبًا. والرئيس ترامب اتخذ هذه الخطوة على الأرجح لأسباب تتعلق بشدة بالسياسة الداخلية. ورضخ ترامب فيما يبدو للمليادير ورجل الأعمال الأمريكى «شيلدون آدلسون»، الذى يريد نقل السفارة إلى القدس. وآدلسون قدم لحملة ترامب الرئاسية ٢٥ مليون دولار مما جعله أكبر مانح لترامب. وهو على اتصال منتظم به.
وهناك حجج كثيرة ضد ما فعله ترامب وما زال يتعين علينا الانتظار حتى نرى ما الذى سيحدث فيما بعد. 
حين كان الأمر يتعلق بالقدس كان بوسعى أن أدفع بأن الولايات المتحدة تتمسك بشدة بموقف ضد الموقف الإسرائيلى الرسمى وتدعم الرؤية العربية والإسلامية. وكان هذا النهج الأمريكى يمثل سياسة متسقة. فقد دعمت الولايات المتحدة فى عام ١٩٤٧ قرار الأمم المتحدة الذى دعا إلى جعل القدس مدينة دولية أو «هيئة مستقلة». وواشنطن تعلم أن المسلمين والمسيحيين واليهود لديهم أماكن مقدسة فى المدينة، وتعتقد نتيجة لهذا أنه يجب ألا تنتقل السيطرة فيها إلى أى جماعة دينية بعينها. ثم احتلت إسرائيل، فى حرب ١٩٤٨، القدس الغربية ثم ضمتها إليها لاحقا وأعلنت أنها جزء من إسرائيل. لكن الولايات المتحدة رفضت هذا الادعاء. وفى حرب ١٩٦٧، استولت إسرائيل على ما تبقى من القدس وأقرت قانونا أساسيا فى عام ١٩٨٠، أكد أن كل القدس هى العاصمة الموحدة لإسرائيل. وعارضت الولايات المتحدة بوضوح هذا التحرك ووافقت على قرار للأمم المتحدة أدان التحرك الإسرائيلى، ورفضت قبول سيطرة إسرائيل على القدس.
لكن الأغلبية فى الكونجرس أيدت على مدار أعوام الموقف الإسرائيلى الرسمى، وضغطت على البيت الأبيض لينقل السفارة الأمريكية إلى القدس والآن، وبعد إعلان الرئيس ترامب، يسعدنى أننى لست دبلوماسيا فى الشرق الأوسط يحاول الدفاع عن هذا الإعلان لأنه خطأ ولا يمكن الدفاع عنه. لكن هناك بعض الجوانب الناقصة فى الإعلان لا يمكن تفسيرها بعد. أولًا، لم يحدد ترامب ما يعتبره حدودًا جغرافية للقدس، وإذا كان يقبل ادعاء إسرائيل بأن المدينة بكاملها عاصمة لإسرائيل. ونجد فى مقابل هذا، أعلنت الحكومة الروسية فى إبريل من العام الجارى أن روسيا تعتبر القدس الغربية عاصمة لإسرائيل والقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين المستقبلية. لكن ترامب لم يحدد. ولم يستعمل أيضا المصطلح الإسرائيلى «عاصمة موحدة». والسؤال هو: هل ترك ترامب الباب مفتوحًا لاحتمال أن يقبل الصيغة الروسية؟ والإجابة غير واضحة.
وثانيًا، حين صرح ترامب بإعلانه وقد وقّع على تنازل عن حق نقل السفارة إلى القدس، وهذا قد يعنى إما أنه يعتزم إرجاء النقل إلى أجل غير مسمى كما فعل الرؤساء السابقون، أو أنه ينتظر فحسب ليرى رد فعل العرب والمسلمين على إعلانه. وصرح مسئولون من البيت الأبيض أن فتح سفارة فى القدس قد يستغرق «سنوات»، محتجين بإعداد مبنى جديد للسفارة. لكن ترامب يستطيع فى الواقع وضع لافتة مكتوب عليها «سفارة الولايات المتحدة» على مبنى ما فى القدس، ويعلن أن عملية النقل قد تمت. وترك بعض الأسئلة دون إجابة قد يكون طريقة ماهرة للرئيس توفر له بعض الخيارات. أو قد يكون إغفالا غير متعمد من فريق عمل مهمل. وسنعرف هذا قريبا.
نقلا عن «الاتحاد» الإماراتية