الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

القدس عروس عروبتكم!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قرار الرئيس الأمريكى بالاعتراف رسميًا بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس هو الثمرة المرة للحالة العربية المتردية، كما أن هذا القرار هو نتيجة ضرورية لهوان الوضع العربي. لا شك أن من يزرع الشوك يجنى الجراح. الصراع «العربى – العربي» الدائر فى المنطقة منذ احتلال العراق للكويت وانضواء العرب تحت راية راعى البقر الأمريكى لتحرير الكويت وإسقاط صدام حسين، وقبل ذلك منذ أن أعلن الرئيس المصرى أنور السادات أن أكثر من ٩٠ فى المئة من أوراق اللعبة السياسية المتعلقة بقضايا المنطقة العربية فى يد أمريكا، وما أعقب ذلك من أحداث، منذ ذلك الحين كانت كل المؤشرات تكشف عن انزواء الدور العربى فى مسار السياسات الدولية، فضلًا عن تعاظم الهيمنة الإسرائيلية وسيطرتها على الأوضاع فى المنطقة.
إن ضحايا الصراع «العربى – العربي» والخسائر الناجمة عن هذا الصراع فاقت الخيال، إذا ألقينا نظرة سريعة على بؤر الصراع فى المنطقة، وأنهار الدماء التى تجري، فسوف ندرك هول ما نعيشه من تردٍ وانهيار!! إن خسائرنا التى نجمت عن الصراع «العربى – العربي» لا يمكن مقارنتها بما نجم عن الصراع العربى الإسرائيلى من خسائر، إن خسائرنا فى العدد والعتاد مع العدو الصهيونى تُعَد هينة إذا ما قيست بخسائرنا جراء الاقتتال العربى العربي، والأمثلة على ذلك تفوق الحصر.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن التنظيمات الإرهابية وجماعات العنف الدينى كتنظيم القاعدة وأنصار بيت المقدس وداعش كانت جميعها ترتدى عباءة الدين، وترفع راية تحرير فلسطين والدفاع عن القدس الشريف فى الوقت الذى لم تطلق فيه رصاصة واحدة تجاه العدو الصهيوني!! وكان هو الأولى بكراهيتها وعدائها إذا كانت صادقة ومخلصة لخطابها المعلن، إنها بدلًا من أن تصوب سلاحها نحو العدو الاستراتيجى للإسلام والمسلمين، صوبت سلاحها نحو الشقيق لا العدو، وتفجير مسجد الروضة بالعريش الذى راح ضحيته أكثر من ٣٠٠ شهيد ليس ببعيد، ومن قبله تفجير الكنائس، وكذلك قتل الجنود المصريين سواء من قوات الشرطة أو الجيش، إن هذا لو كان موجهًا إلى العدو الصهيونى لكان الحال غير الحال، ولذاقت إسرائيل مرارة اغتصابها لفلسطين العربية وعاصمتها القدس، لكن مثل هذه التنظيمات والجماعات الإرهابية خلخلت الوضع العربى وأضعفته وساهمت بقوة فى تعميق الجرح العربي، ورسمت صورة شوهاء للإنسان العربى المسلم!!
«القدس» بما لها من دلالات تاريخية وسياسية ودينية كانت الأولى باهتمام الجماعات الدينية المسلحة، لكن كأن أعضاء وقيادات هذه الجماعات قد أصابها «حول» فى الرؤية، فبدلًا من أن يصوبوا نيران أسلحتهم تجاه العدو الصهيوني، صوبوها إلى أشقائهم من العرب والمسلمين!!.. ثم يتعالى النحيب والصراخ على ضياع القدس، ونلوم راعى البقر «ترامب» والعيب فينا!!
إن الأحداث فى وقوعها إنما تخضع لمبدأ السببية، بمعنى أن كل حادثة معينة تسبقها وتمهد لها أحداث ووقائع أخرى تكون بالنسبة لها بمثابة المقدمات أو الأسباب التى أدت إليها. فإذا كان الرئيس الأمريكى «ترامب» قد أعلن البدء فى اتخاذ إجراءات نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، معلنًا بذلك اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالقدس عاصمة لإسرائيل، فإن هذا القرار لم يأت من فراغ، وإنما مهدت له وأدت إليه الأوضاع العربية المتهرئة. فحين وقف العرب يشاهدون سقوط «بغداد» وكأنهم يتفرجون على فيلم سينمائى لا يمت لهم بصلة، فى تلك اللحظة، كانوا فى حقيقة الأمر يفسحون الطريق لمرور قرار الرئيس الأمريكى المتعلق بالقدس.
من جانب آخر، فإن استيراد الأنظمة العربية للأسلحة من الولايات المتحدة الأمريكية بمليارات الدولارات، لا يتم من أجل محاربة إسرائيل، وإنما يتم دفاعًا عن عروش الملوك والرؤساء، وليس من أجل صون الأرض والعرض العربيين وحمايتهما من أى اعتداء، كما أن الدافع وراء تكدس الأسلحة فى الأقطار العربية لم يكن من أجل ردع إسرائيل، عملًا بالآية القرآنية الكريمة التى تقول: «وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ» الأسلحة تتكدس فى المخازن، ليس من أجل إدخال الرعب فى قلب عدو العرب والمسلمين، بل توجسًا من الشقيق العربي، وإرهابًا للشعوب العربية نفسها. إن تلك الصفقات كانت وما زالت تصب فى خزانة الولايات المتحدة الأمريكية الراعى الرسمى لإسرائيل فى المنطقة.
الأسلحة تتكدس فى المخازن، ولا تطلق منها رصاصة واحدة تجاه إسرائيل، ومليارات الدولارات تدخل خزانة العم سام، ثم يعلو الصراخ والنحيب على ضياع القدس عروس عروبتنا!!
الأموال العربية المودعة فى خزائن أمريكا، لو أن هذه الأموال وُجِهًت من أجل الاستثمار فى مصر وغيرها من الدول العربية ذات الكثافة السكانية، وحدث نمو وازدهار لمجمل الأقطار العربية، لما جرؤ راعى البقر الأمريكى على اتخاذ مثل هذا القرار المتعلق بالقدس خشية رد فعل العرب والمسلمين.
إن أمريكا وإسرائيل والغرب بأكمله يدرك هشاشة الموقف العربى وضعفه، وإن العرب لا يملكون سوى «العنتريات التى ما قتلت ذبابة»!!
لكِ الله يا قدس !!