الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"البوابة نيوز" تكشف بالمستندات: أزمة "البنسلين" مفتعلة.. والمتحدث باسم العاملين بقطاع الدواء: تعويم الجنيه وراء نقص العقار

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اختفى «البنسلين» من الأسواق، فارتفعت صرخات الآلاف من مرضى الحُمى الروماتيزمية وآلام المفاصل، يتألمون، فهجروا النوم واصطفوا فى طوابير أمام الصيدليات يطلبون جرعة واحدة أو «أمبول»، يسكن آلامهم التى لا تُطاق، إلا أن صرخاتهم لم يسمعها أحد، فى الوقت الذى تفاقمت فيه الأزمة ووصلت إلى كل المحافظات، واستغلها تجار السوق ورفعوا سعر الأمبول الواحد إلى 200 جنيه.

ظهرت وزارة الصحة فى الأزمة تشجب وتدين وتتوعد المتسببين فى الأزمة، لكن الحقيقة أن الوزارة التى ارتدت ثياب الواعظين، هي السبب في الأزمة بسبب سوء إدارتها.
«البوابة» حصلت على مُستندات تؤكد أن «الصحة السبب فى أزمة البنسلين الحالية بسبب سوء الإدارة، حيث أن عدد الشركات المسئولة عن مستحضرات البنسلين فى مصر لا يتوقف على ما تستورده شركة أكديما إنترناشيونال من خلال وكيلها التجارى، مُمثلًا فى شركة «تكنوفارما».
وزارة الصحة قالت، على لسان خالد مجاهد متحدثها الرسمى؛ إن سبب الأزمة أن أحد رؤساء مجلس إدارة شركة قطاع الأعمال التابعة للدولة وهى «أكديما إنترناشيونال»، حول نشاط الاستيراد من شركة «أكديما إنترناشيونال» إلى شركة خاصة به من الباطن هى شركة تكنوفارما، لكن المُستندات، التى حصلت عليها «البوابة»، تؤكد أنه توجد ٥ شركات أخرى مسئولة عن تصنيع مُستحضرات البنسلين فى مصر، وعلى رأسهم ٤ شركات تابعة للشركة القابضة، وهى؛ «النيل، والنصر، وسيد، ومصر»، بالإضافة إلى شركة المهن الطبية، وهى أيضًا تابعة للشركة العربية للصناعات والمُستلزمات الدوائية، كما أن شركة «أكتوبر فارم» أيضًا مسئولة عن استيراد جزء آخر من البنسلين مع «أكديما إنترناشيونال»، وهى شركات؛ تابعة للشركة العربية للصناعات والمستلزمات الدوائية «أكديما»، بإجمالى ٧ شركات يقع على عاتقها توفير «البنسلين» فى سوق الدواء المصرى.
ورغم تفاقم أزمة البنسلين خلال الأيام الماضية، والتى تتحمل وزارة الصحة الجزء الأكبر منها، بما يُهدد حياة مئات الآلاف من المرضى المصريين، فإن إدارة شركة «أكديما إنترناشيونال» الحالية، تتحمل أيضًا مسئولية استمرار الأزمة حتى الآن، فبحسب المستندات، التى حصلنا على نسختها، فإن «أكديما إنترناشيونال» لم تطلب من شركة «تكنوفارما» استمرار الاستيراد، كون «تكنوفارما» مُقيدة بعقد مع «أكديما إنترناشيونال» يحظر استيرادها للبنسلين دون طلب الأخيرة وتحويلها لقيمة الرسالة الاستيرادية المطلوبة بحساب الشركة.

وتؤكد المُستندات؛ أن شركة «أكديما إنترناشيونال» عَلَقت سداد المديونية بينها وبين شركة تكنوفارما، وهى المديونية المُستحقة للمورد الأجنبى، مما ترتب عليه توقف نشاط الاستيراد، والذى نتج عنه؛ تجميد ٤٠٪ من نشاط ومبيعات شركة أكديما إنترناشيونال للتجارة، وحدوث أزمة «البنسلين» الأخيرة، وهو أمر له بالغ الأثر فى تعطيش السوق، بما يُهدد حياة مئات الآلاف من المرضى.
مصدر بشركة «أكديما إنترناشيونال»، طلب عدم ذكر اسمه، قال لـ«البوابة» إن أصول أزمة «البنسلين» الحالية تعود إلى مُنتصف أبريل ٢٠١٧، وهو تاريخ قيام ألفت غراب، رئيس الشركة العربية للصناعات والمستلزمات الدوائية، بتغيير رئيس مجلس إدارة شركة أكديما إنترناشيونال، مدحت شعراوى، ووقف نشاط استيراد الأخيرة لحين الكشف عن العلاقة بين الشركات وتأخر سداد المديونيات، وذلك من خلال تشكيل لجنة لفحص تلك الأمور.
ويُضيف: «كانت هناك بعض المديونيات على شركة أكديما إنترناشيونال قبل أن يترك رئيس مجلس الإدارة السابق منصبه فى أبريل الماضى، بسبب أزمة تدبير العملة، وأيضًا بسبب أن جزءًا كبيرًا من أموال الشركة، كان يتم توجيه لبناء مصنع «الهرمون» الذى أُفتتح مؤخرًا، كون أول إنتاج له يُغطى معظم مديونيات الشركة، فى حين أن المورد الأجنبى للبنسلين يُحول إليه جزء من قيمة الرسائل الاستيرادية المطلوبة وجزء آخر من المستحقات القديمة عن طريق شركة تكنوفارما، كونها الوكيل التجارى للشركة».
وتابع المصدر: «الكارثة الكُبرى أن الدكتورة ألفت غُراب أرسلت وفدًا من شركة أكديما إنترناشيونال إلى المورد الأجنبى فى الصين تبلغه أن رئيس مجلس إدارة الشركة السابق، وأنه تتم ملاحقته قضائيًا وإبلاغه أيضًا بأن مُستحقاته السابقة لدى شركة تكنوفارما، التى يرأسها أيضًا مدحت شعراوى، رئيس مجلس إدارة أكديما إنترناشيونال السابق، ليس لهم علاقة بها وعليه مطالبة «شعراوى» رئيس مجلس الإدارة السابق بها.
وأوضح أنه فى ٢٠١٣ تم نقل ٤٢ وكالة، من ضمنها البنسلين، من شركة أكديما إنترناشيونال إلى شركة تكنوفارما، بموافقة مجلس الإدارة والجمعية العامة العادية وغير العادية للشركة وبإجماع المساهمين، وتم الإشارة في الموافقة إلى أيلولة ملكية شركة تكنوفارما لرئيس مجلس إدارة شركة أكديما إنترناشيونال والعديد من العاملين بالشركة وكان من بينهم العضو المنتدب الحالى، وذلك تيسيرًا لإجراءات النقل مع المورد الأجنبى وحفاظًا على تلك الوكالات».
ويواصل: «تم نقل الوكالات لوجود أسهم أجنبية تقدر بـ٩٠٪ بأسهم أحد المساهمين بالشركة وهى؛ الشركة العربية للصناعات الدوائية «أكديما الأم» والمساهمة بنسبة ٦٠٪، الأمر الذى يحظر معه استمرار نشاط الاستيراد للشركة طبقًا للقوانين المنظمة لهذا الشأن، وحفاظًا على الوكالات، محل النقل، تم توقيع عقد اتفاق تجارى بين الطرفين، بعد عرضه على الجمعية العامة للشركة والموافقة عليه بإجماع المساهمين، لتكون شركة تكنوفارما بموجبه وكيلًا تجاريًا لشركة أكديما إنترناشيونال».
ويُكمل: «تضمن عقد الاتفاق حظر الاستيراد إلا لصالح شركة أكديما إنترناشيونال وتحويلها لقيمة الرسائل الاستيرادية المطلوبة وحظر التنازل إلا لها، وأحقيتها فى استرداد الوكالات مرة أخرى حال توفيق أوضاعها».

«البوابة» حصلت على صورة من «مُلحق» للعقد المُبرم بين أكديما إنترناشيونال وتكنوفارما بتاريخ ٢٦ نوفمبر ٢٠١٣، مُزيل بصحة توقيع رئيس مجلس إدارة تكنوفارما، مدحت شعراوى، فى ٨ مارس ٢٠١٧ يُفيد بأنه فى حالة أن يكون الشكل القانونى لشركة أكديما إنترناشيونال للتجارة يسمح لاستيراد مُستحضرات تامة الصُنع، فإن «تكنوفارما» ستعيد المُستحضرات محل العقد لشركة أكديما إنترناشيونال للتجارة مرة أخرى، لتُصبح ملكية المُستحضرات وإخطارات التسجيل وحق الاستيراد لشركة أكديما إنترناشيونال.
وبحسب المُستندات أيضًا؛ فإن رئيس مجلس إدارة شركة «تكنوفارما» خاطب رئيس الإدارة المركزية لشئون الصيادلة فى ١٩ نوفمبر ٢٠١٧، بموافقته على استيراد شركة «أكديما إنترناشيونال» لـ٩٠٠ ألف «فيال» بنسلين من المورد الأجنبى مباشرة دون أدنى مسئولية من الإدارة المركزية للشئون الصيدلية، كون «تكنوفارما» الوكيل الحصرى لهذا المُستحضر ولا يحق لغيرها الاستيراد.
وفى مُستند آخر، بتاريخ ٥ ديسمبر الماضى، من شركة تكنوفارما مُرسل إلى مدير إدارة التفتيش بإدارة الصيدلة بوزارة الصحة، حصلنا على نسخة منه، فإن تكنوفارما سمحت بالتداول لأى دُفعات يتم استيرادها عن طريق شركة أكديما إنترناشيونال دون الرجوع للأولى، وذلك لحين توفيق أوضاع شركة أكديما إنترناشيونال بالشكل الذى يُمكنها من الاستيراد المُباشر، بالإضافة لتقديم تنازل عن جميع المُستحضرات المستوردة من قِبل تكنوفارما إلى شركة أكديما إنترناشيونال.
وتُشير المُستندات إلى المديونية المُستحقة لشركة «دونج باو»، المورد الأجنبى للبنسلين، تُقدر بحوالى ٤ ملايين دولار، شاملة البنسلين وداء الكلب ومُستحضرات أخرى، وحصلت «البوابة» على نُسخ إيميلات مُرسلة من «دونج باو» إلى رئيس مجلس إدارة أكديما إنترناشيونال الحال، يُخبره بأن «تكنوفارما» أبلغته بأنها عرضت على مجلس إدارة أكديما ضمها إلى الشركة بدون مُقابل، بحكم أن غرض إنشائها خدمى.
وبحسب المعلومات التى حصلنا عليها؛ فإن مدحت شعراوى، رئيس تكنوفارما، استدعته مباحث الأموال العامة، مُنذ أسبوعين، وتم تحويله إلى النيابة، حتى قامت النيابة بإخلاء سبيله لعدم وجود تهمة ولحين دراسة الأوراق، كما أن تكنوفارما تنازلت فى الوقت ذاته بشكل رسمى، فى الشهر العقارى، لشركة أكديما إنترناشيونال عن الوكالات، بالإضافة لعمل توكيل لممثلها القانونى للاستيراد باسمها دون أى مُطالبات قانونية أو عمولة لحين انتهاء الأزمة.
بينما أكد مصدر بشركة الحصان، التى تمتلك ٤٠٪ من أسهم أكديما إنترناشيونال، طلب عدم ذكر اسمه، أن «الحصان» اعترضت على تغيير رئيس مجلس إدارة «أكديما» السابق، بدون إبداء أسباب حقيقية، فى حين أن «شعراوى» طور رأس مال الشركة من ٢.٥ مليون جنيه إلى ٢.٥ مليار جنيه خلال ١٢ عامًا، بالإضافة لبناء عدة مصانع أهمها مصنع الهرمون الذي يعد الأول من نوعه بمصر والشرق الأوسط.
ويُضيف: «اعترضنا أيضًا فى عدة جلسات لمجلس إدارة أكديما إنترناشيونال على وقف نشاط الاستيراد، وضرورة تفادى أى أزمة من خلال حل الخلافات بين الشركات وسداد المديونيات، والاعتراضات كررناها أكثر من مرة على عدم تسوية الحسابات بين شركة أكديما إنترناشيونال وشركة تكنوفارما والمورد الأجنبى، والتى هي ثابتة بالميزانيات والمستندات، حيث لم يتم سدادها بالجدولة والتوازى مع استمرار الاستيراد، لكن دون جدوى، حيث تقدر مديونية المورد الأجنبى بنحو ٤ ملايين دولار، وهى مديونيات مستحقة بالتبعية عن توريدات تمت بالفعل لشركة أكديما إنترناشيونال وشركة فاكسيرا وكلاهما تابع لوزارة الصحة».
ويُتابع:«عندما تفاقمت الأزمة خلال الأيام الماضية وطالبنا بصور محاضر مجلس الإدارة التى أشرنا فيها إلى ضرورة استمرار الاستيراد، برفض الإدارة وامتناعها السلبي فى عرض تلك المحاضر لنا، فحررنا محضرًا بقسم شرطة العجوزة بالواقعة، وأثبتنا فيه أن مجلس إدارة أكديما إنترناشيونال يمتنع عن ضم الوكالات أو ضم شركة تكنوفارما أو تسديد المديونية، بتعليمات من أُلفت غريب، رئيس الشركة العربية للصناعات والمستلزمات الدوائية».

جدير بالذكر، أن حجم احتياج السوق الدوائى فى مصر من جرعات البنسلين يبلغ نحو ٦ ملايين جرعة، يتم توفيرها من قبل ٧ شركات أدوية، ما بين الإنتاج والتصنيع المحلى، من بينهم ٦ شركات تابعة لقطاع الأعمال وهى عاملة فى تصنيعه محليًا بعد استيراد المادة الخام وهى؛ شركة النيل وشركة مصر والنصر وسيد التابعين للشركة القابضة للأدوية، بالإضافة لشركة تصنيع أخرى، وهى شركة المهن الطبية التى تتبع شركة أكديما، فضلًا عن وجود شركتين تتبعان نفس الشركة، قائمتين على الاستيراد من الخارج وهما؛ أكديما إنترناشونال وأكتوبر فارما التابعتين للشركة العربية للصناعات الدوائية والمستلزمات الدوائية.
وبالبحث فى خيوط الأزمة، قال الدكتور على عوف، رئيس شعبة الأدوية بالغرفة التجارية، إن زيادة الدواء التى جاءت بقرارات وزارة الصحة مرتين على التوالى بدعوى الحفاظ على صناعة الدواء تقليل حجم الخسائر، لم تتضمن زيادة أسعار للبنسلين خاصة أن أسعاره ظلت تتراوح ما بين ٧ و٩ جنيهات، الأمر الذى سبب خسارة كبيرة للشركات والمصنعين، ما تسبب بدوره فى وجود سوق سوداء نتيجة قلة أو توقف بعض الشركات الـ٦ التى تُصنعه محليًا.
وتابع «عوف»: جزء كبير من الأزمة يكمن في عدم رفع أسعار البنسلين بعد عملية تعويم الجنيه، الأمر الذى دفع لتوقف الشركات الوطنية التى كانت تنتج البنسلين طويل المفعول، وتوقفت لأن أسعارها كانت لا تتعدى ٥ أو ٧ جنيهات، كما أن هامش الربح لها بسيط ما نتج عنه توقف الشركات الوطنية عن تصنيعه وإنتاجه، علاوة على سيطرة البنسلين المستورد على السوق الذى كان يسيطر على أكثر من ٥٠٪ من احتياجات السوق، ما دفع المريض للبحث عن حقنه بأكثر من عشرة أضعاف سعرها وقد يدفع ذلك في حقنه مغشوشة.
وأشار «عوف» إلى أن مسألة عدم رفع أسعار البنسلين تتحمل جزءًا منها الشركات التى لم تدرجه ضمن أصناف الدواء الـ ١٥٪ زيادة نظرًا لأن هامش ربحه سيكون بسيط، ولكن فى نفس التوقيت الأمر لا يعفى مسئولية وزارة الصحة فى مراقبتها على إدراج الأصناف الحيوية ضمن الزيادة.

فيما يقول محمود المليجى، المتحدث باسم العاملين بقطاع الدواء، إن شركة مصر للمستحضرات كانت تنتج البنسلين طويل المفعول، لكنها توقفت بسبب عدم توافر المادة الخام فى الأساس، والتى ترجع لتعويم الجنيه، فى الوقت الذى لم يتم تحريك الأسعار، حيث كانت تنتج الشركة البنسلين بـ٩٥ قرشًا وقت تسعير الدولار بـ٣ جنيهات و١٠ قروش، ومع تجاوز الدولار نحو ١٨ جنيهًا لا تستطيع الشركة الإنتاج لأنها ستحقق خسارة.
وبسؤاله عن عدم إدراج الشركة ذاتها «البنسلين» ضمن الأصناف الـ١٥٪ المطلوب زيادة أسعارها، أوضح: «الوزارة صرحت بأنه لا يجوز رفع أسعار جميع المنتجات فى توقيت واحد، وكان وقتها لدينا مخزون من البنسلين فى الشركة المصرية، كما نستورد جزءًا كبيرًا من احتياجات السوق الدوائى، ووقتها أيضًا لم تكن هناك بوادر أزمة حقيقية بين الشركات المستوردة.
وتابع المليجى: «كنا نستطع تغطية كل احتياجات مستشفيات القطاع العام والتأمين الصحى الذى يمثل الجزء الأكبر فى استخدام البنسلين طويل المفعول من نسبة الأطفال التى تعانى من الحمى الروماتزمية، التى تنتشر فى سن المدارس، وكانت لدينا أرصدة لدرجة أننا ننتجه بأسعار ٤ جنيهات ونصف، فى حين أن المستورد كانت أسعار تصل إلى ٤ أضعاف أسعار المُنتج المحلى».
وفى السياق ذاته، يقول محمود فؤاد، المدير التنفيذى للحق فى الدواء، إن أزمة البنسلين ترجع إلى أن وزارة الصحة بها قصور خطير وتراخٍ، خاصة أن أُلفت غراب، رئيس شركة أكديما الأم هى التى فجرت الأزمة وأبلغت عن الموضوع، وهنا سؤال يطرح نفسه؛ أين رقابة وزارة الصحة فى صنف حيوى مثل «البنسلين» لم ترفع سعره إلى ١٠ أو ١٥ جنيهًا، بحيث تكون كل الشركات حريصة على إنتاجه وبالتالى يتم تجنب حدوث أى أزمة.
ويُكمل فؤاد؛ «لكن عدم وجود البنسلين ضمن قوائم رفع الأسعار يكشف أن هناك فوضى فى عمليات رفع الأسعار، بدليل أن هناك أصنافًا دوائية تم رفعها مرتين رغم كونها مكملات غذائية وفيتامينات، زادت مرتين؛ فى مايو ٢٠١٦ ومرة أخرى فى يناير ٢٠١٧، مما يكشف أن الزيادة كانت بدون دراسة، بالإضافة إلى أن هناك أصنافًا رفعت أسعارها فى مايو ويناير ٢٠١٧ وحتى الآن لم يتم إنتاجها لأن الشركات ما زالت تشتكى من كونها تُسبب خسارة، وعمليات الرفع مرتين على الورق، وبالتالى فإن الأزمة لم تحل وقائمة كما هى».

ومن جهة أخرى، قال الدكتور حاتم البدوى، السكرتير العام للشعبة العامة للصيدليات باتحاد الغرف التجارية، إن أزمة البنسلين ليست الوحيدة في نواقص الأدوية بل أن سوق الدواء المصرى يُعانى مُنذ عامين من أزمات نواقص الأدوية، ولأول مرة منذ ٢٠ عامًا من وقت مزاولتى لمهنة الصيدلة تنشأ السوق السوداء فى عمليات بيع الأدوية في مصر، فى عهد الوزير الحالى، وإن كان هذا يدل على شىء إنما يدل على الفشل فى إدارة ملف الدواء في مصر».
ويواصل البدوى: «نجد أن البنسلين والمحاليل والسيليمنت لمرضى الرعاش وهرمونات الحقن المجهرى غير متوافرة فى السوق، وهى أصناف حيوية وفى غاية الخطورة، ومع ذلك يخرج علينا الوزير بتصريحات أن النواقص لا تتعدى ٢٠ صنف، وبالعودة لأزمة البنسلين؛ فإن الأزمة ترجع إلى السعر غير العادل الناتج من عشوائية رفع الأسعار لأنه من المفترض أن تكون هناك دراسة معينة على الأصناف التى تحتاج الشركات لرفعها وبنسبة محددة والتركيز على الأصناف الحيوية».
وأوضح البدوى: «ما قام به الوزير؛ هو اتصاله بالشركات وطلب منهم رفع من ١٥ إلى ٢٠ ٪ من الأصناف التى تحتاج هذه الشركات لرفع أسعارها، لتقوم الأخيرة بإرسال الأصناف الأكثر رواجًا وقاموا برفع أسعار مثل الفياجرا والفيتامينات، الأكثر مبيعًا، لتحقيق أرباح أكثر، ولم تضع الشركات فى الاعتبار الأصناف الحيوية، لتكون ورقة ضغط لرفع أسعار الأدوية للمرة الثالثة».
واختتم البدوى: «لا مانع من رفع الأسعار بعقلانية وبقرارات مدروسة ولكن ما جرى على أرض الواقع غياب الرؤية، والسوق السوداء أشعلت أسعار البنسلين من ٧ جنيهات إلى ٢٠٠ جنيه للعلبة»، نافيًا قيام الصيادلة ببيع الأدوية؛ سوق سوداء، موضحًا أن الصيادلة ليسوا ملائكة، لكن فى نفس الوقت؛٩٠٪ منهم يملك من النزاهة والشرف ما يحول له أن يقع فى فخ هذه التجارة الرخيصة.
وحرصت «البوابة» على التواصل مع الدكتور خالد مجاهد، المتحدث الرسمى لوزارة الصحة، أكثر من مرة، للرد على ما ورد فى التحقيق وما أكدته المستندات التى بحوزتنا إلا «مجاهد» لم يستجب للتواصل معنا وأصر على رفض التواصل.