الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

محمد بن سلمان.. ثوري في شبه الجزيرة العربية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إنها لصدمة حقيقية ما يقوم به ولى العهد الأمير محمد بن سلمان من إخضاع المملكة، حتى الآن، لإصلاحات لم تكن ترغب فيها أو تتوق إليها. وفى هذا السياق، يقول رجل أعمال سعودى شاب من الرياض: «إن هذا ما كنا نرغب فيه». كما أضاف «أننا لم نكن بحاجة إلى مدير، بل إلى زعيم يدفع بقوة عاداتنا».
استفاد السعوديون من هذه الإصلاحات، فقد سمح محمد بن سلمان للنساء بالقيادة اعتبارًا من يونيو الماضى، كما قام بتقليص سلطات الشرطة الدينية (هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر) فى شوارع المدن السعودية، وأطلق تحولًا ضخمًا في الاقتصاد السعودى يتمثل فى التحول من الاعتماد الكلى للمملكة على النفط وتحضيرها لحقبة ما بعد النفط. ناهيك عن الإجراء الأخير – الأكثر إثارة - الذى بمقتضاه اعتقل عشرات الأمراء وعشرات من رجال الأعمال بتهم فساد. ويعتقد بعض المحللين أن الأمير الشاب، البالغ من العمر اثنين وثلاثين عامًا فقط، يسير بسرعة كبيرة فى طريق الإصلاحات. كما قال مسئول سعودى أن هذا الأمير «لديه جميع الصلاحيات». 
إن الإصلاحات الأخيرة التى قام بها وسمحت له بتهميش ولى العهد محمد بن نايف، ذى الخبرة الواسعة، لم تترجم ببرونكا (استهزاء) داخل وزارة الداخلية، ولكنها أداة فى طليعة مكافحة الإرهاب. 
وهنا يجب التساؤل حول مصير الحرس الوطنى، «جيش القبائل» الذى قام محمد بن سلمان بإخضاعه لسلطته من خلال إطاحة زعيمه الأمير متعب بن الملك عبدالله الذى توفى فى يناير ٢٠١٥ وأعقب الملك سلمان والد الأمير محمد بن سلمان. أن المستقبل سيكشف لنا إجابة هذا السؤال، ولكن لا يجب المبالغة فى قدرات متعب المؤذية، مثل أمراء آخرين محتجزين اليوم فى فندق ريتز كارلتون بالرياض، حتى لو تم إبعاد هؤلاء بشكل واضح. 
استطاع محمد بن سلمان إن يفكك نموذج حكم العائلة المالكة المبنى على التوافق التقليدى، والذى يسمح بتسكين وإضعاف الصدمات فى حالة وصم الأمير، وهو ما جعل لمحمد بن سلمان العديد من الأعداء داخل الأسرة الحاكمة. كشف أحد أقاربه أن «محمد بن سلمان يستغل شبابه فى التصدى للأمراء الفاسدين».
تبدو المعادلة بسيطة بالنسبة لهذا الرجل القوى الجديد للمملكة السعودية، إذ أن ٦٥٪ بل ٧٠٪ من المواطنين السعوديين لديهم أقل من ثلاثين عامًا، وهم من يدعمونه اليوم من شباب ونساء وأفراد الطبقة الوسطى، لهذا وجب عليه منح الأولوية لهذه الشريحة من الشعب فهم من سيحكمون على قدرته فى توفير عمل لهم وحد أدنى من وسائل الترفيه فى المجتمع الذى لا يزال يضيق بشبابه مللًا. 
قد يؤدى هذا الهجوم واسع النطاق على رجال الأعمال الفاسدين إلى الحد من قدرة القطاع الخاص السعودى من الأخذ بحصته فى التحديث الاقتصادى الذى يرغبه محمد بن سلمان لبلاده.
وفى النهاية لابد من الاعتراف بأن حملة التطهير الذى شنها لمكافحة الفساد هى عمل مألوف له. ألم يقل محمد بن سلمان أن لا أحد أيّا كان من الأمراء أو من عامة الشعب سيكون فوق القانون؟ وعلاوة على ذلك فقد قال أحد أعضاء البلاط الملكى إن «فساد بعض الأمراء كان سرًا مكشوفًا فى المملكة السعودية».