الأسطى سعيد: مهنتنا عمرها ما تنقرض لأن شيخها كان «سيدنا داود»
«حديد على حديد.. يفعل الله ما يريد.. فيهب مهنة داود للأسطى سعيد».. من حارة ضيقة تسلمك لحارة أخرى، تجد أبوابا من الحديد مرصوصة أمامك، فى تلك المساحة الضيقة، فتظن أن هناك مخزنا لأحد المصانع الكبيرة فى هذا المكان الصغير، لكن ما أن ترفع عينيك تجد شابا فى أواخر عقده الثالث، يضرب على الحديد فيلين له، ورشة حدادة داخل حارة، مشهد يعود بالذاكرة للوراء لأفلام الأبيض والأسود، لرائحة عرق الشقيانين قبل اختراع المكاتب والتكييف.
الأسطى سعيد واحد من أبناء منطقة ميت عقبة، يقول: «بشتغل الشغلانة دى من ٢٥ سنة، جبتها درجات كده من أصغر صبى لصبى لحد ما بقيت أسطى، المهنة دى أول الحرف فى الدنيا كلها وكفاية إن شيخ المهنة سيدنا داود عليه السلام دى حاجة تخليك فخور وانت شغال، ومتأكد أنها طالما حرفة نبى ما تنقرضش».
ويتابع الأسطى سعيد: «أنت شايف الورشة متستحملش رجل جوه بس دى أشهر ورشة فى ميدان لبنان وميت عقبة، وهى بتغذى المهندسين وكل المناطق اللى جنبنا، ده العادي، بس روح أكتوبر والتجمع الخامس واسأل كل باب كده جى منين، هيقولك أنا خريج ورشة الأسطى سعيد بتاع ميت عقبة وبفخر كمان، الرزق مبيقفش على المكان ولا الزمان، والزمان ليه بقا لأن دلوقتى معظم الناس اللى بتعمل فيلات فى التجمع بتيجى تطلب سراير حديد ليه؟ لأن الشغل فيها والفن أكتر من الخشب بكتير، السرير الحديد بيبقى سيمفونية بتتكلم وتعرف صاحب السرير من طلبه، والناس دلوقتى بدأت ترجع تطلب السراير بتاعت زمان، وسراير النموسية دى بدأت تنتشر جدا، وبيتطلب مننا كتير منها وفى ورش كبيرة بتجبلنا عمال يدربوا هنا عشان يعرفوا الشغل على أصله، مش قولتلك يا أستاذ الورشة متر بس الرزق واسع».
