السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

جولة ماكرون الأفريقية ترسم ملامح السياسة الفرنسية تجاه القارة السمراء

الرئيس الفرنسي إيمانويل
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يبدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم /الاثنين/ جولة أفريقية تعد الأولى له تشمل بوركينا فاسو وساحل العاج وغانا، وتستمر لمدة أربعة أيام، مستهدفا تطوير العلاقات الفرنسية الأفريقية وإعادة توجيهها نحو ريادة الأعمال والشباب والتعليم.
وتعد بوركينا فاسو، المحطة الأولى لماكرون، وسيلقي خطابا مهما في جامعة واجادوجو أمام 800 طالب جامعي، يحدد خلاله معالم سياسات فرنسا تجاه أفريقيا، ورغبته في وضع خارطة طريق واضحة تشارك فيها مختلف الوزارات.
وفي محاولة منه لإبعاد فرنسا عن صورة "المستعمر التقليدي" في أفريقيا، ينتظر أن يركز ماكرون خلال جولته على الشراكة الاقتصادية والعمال والتعليم والرياضة والطاقات المتجددة، عوضا عن مساعدات التنمية.
ومن المقرر أن يزور ماكرون مع الرئيس البوركيني روش مارك كريستيان كابوري محطة طاقة شمسية في مدينة "زاجتولي" على مشارف العاصمة واجادوجو، وهي من أكبر محطات الطاقة الشمسية في غرب أفريقيا، وتم تمويلها بشكل مشترك من قبل الوكالة الفرنسية للتنمية والاتحاد الأوروبي.
ووفقا للإليزيه فإن اختيار بوركينا فاسو لتكون المحطة الأولى في جولة الرئيس ماكرون تحمل رسالة مفادها الرغبة في تحسين صورة فرنسا في أعين شباب هذا البلد الذي فيما يبدو ليس لديه صورة جيدة عنها، خاصة منذ سقوط الرئيس السابق بليز كومباوري بضغط من الشارع في 2014 ، ثم هروبه بمساعدة فرنسا إلى ساحل العاج.
ويتوجه الرئيس ماكرون بعد ذلك إلى أبيدجان لحضور فعاليات القمة الأفريقية الأوروبية، والتي سيسعى من خلالها إلى إعادة وضع العلاقة الفرنسية الأفريقية في إطار مشروع لإعادة تأسيس أوروبا من خلال الحصول على دعم الأوروبيين لقوة دول الساحل الخمس المشتركة لمحاربة الإرهاب، والتنسيق لمكافحة شبكات التهريب، لاسيما مع السلطات الليبية، حيث يباع بعض المهاجرين كالرقيق.
وخلال الزيارة سيضع الرئيس الفرنسي حجر الأساس لمترو أبيدجان، المشروع الرئيس الذي أسهمت فرنسا في تمويله بقرض كبير وصل إلى 1,4 مليار يورو، كما سيزور بعض الشركات الناشئة في أكرا.
أما المحطة الأخيرة في جولة ماكرون الأفريقية فستكون في غانا، وهي الزيارة الأولى من نوعها لرئيس فرنسي، وتتزامن مع مرور ستين سنة على استقلال غانا وإقامة العلاقات الدبلوماسية بين أكرا وباريس.
وجاء اختيار غانا لتكون المحطة الثالثة في جولة ماكرون لعدة أسباب من بينها : أنها دولة ناطقة بالإنجليزية وبالتالي فإنها تعزز مساعي ماكرون لإظهار "مقاربة قارية لأفريقيا" تتجاوز المستعمرات الفرنسية السابقة وتعكس رؤية مختلفة تحاول تحقيق الاندماج بين الدول الأفريقية الناطقة بالفرنسية والإنجليزية.
وتضع غانا الابتكار على رأس أولوياتها، وتعد نموذجا للاستقرار في منطقة غرب أفريقيا التي تبدو معظم الوقت على صفيح ساخن.
وكان الرئيس ماكرون قد أولى اهتماما خاصا للقارة الأفريقية منذ توليه حكم فرنسا في مايو 2017، وظهر ذلك في العديد من الأمور منها اختياره لمالي لتكون أول دولة يزورها رسميا خارج أوروبا بعد أقل من أسبوع على تسلمه مهامه كرئيس لفرنسا، كما برز اهتمامه بالقارة السمراء من خلال إنشاء مجلس رئاسي لأفريقيا يضم شباب رجال الأعمال الذين يحملون جنسيتين ولديهم علاقات وثيقة مع بلدانهم الأصلية.
ويهدف هذا المجلس إلى تقديم رؤية مختلفة عن أفريقيا بعيدا عما تتناقله القنوات الدبلوماسية التقليدية، فضلا عن فتح قنوات جديدة للنقاش والتحاور مع القارة الأفريقية وبلورة دبلوماسية اقتصادية معها.
وجاء تأسيس هذا المجلس تنفيذا للوعود الانتخابية التي أطلقها الرئيس ماكرون خلال حملته للانتخابات الرئاسية، وجدد من خلاله رغبته في أن تحتل القارة السمراء وضعا مميزا في قلب الدبلوماسية الفرنسية، حيث أعلن خلال خطابه في قمة السفراء بقصر الإليزيه في أغسطس الماضي أن مستقبل العالم يصنع إلى حد كبير في أفريقيا.
في ضوء ما سبق يتفق المراقبون على أن جولة ماكرون الأفريقية تحظى بأهمية خاصة للعديد من الأسباب أبرزها: أن الخطاب الذي من المنتظر أن يلقيه الرئيس الفرنسي في بوركينا فاسو هو محل ترقب وانتظار من قبل مختلف الأوساط الداخلية والخارجية، فهو الذي سيحدد الملامح العامة لسياسات ماكرون خلال فترته الرئاسية تجاه أفريقيا.
وقد ألقى ماكرون خطابا في الأمم المتحدة حدد خلاله ملامح رؤيته حول قضايا دولية كما وجه خطابا متعلقا بسياساته الأوروبية في جامعة السوربون، ويعد خطابه غدا في جامعة واجادوجو بذات أهمية الخطابين السابقين، حيث إنه سيمثل خطابه الرئيس تجاه القارة السمراء، الذي يأمل من خلاله إطلاق حقبة جديدة من العلاقات الفرنسية الأفريقية.
ويرى المراقبون أن ماكرون لن ينتهج نهجا مختلفا عن أسلافه تجاه أفريقيا، فهو لا يزال يعطي الأولوية للأمن في الساحل ويريد الاحتفاظ بنفوذ فرنسا في أفريقيا الفرنكوفونية مع الانفتاح على بلدان أخرى، لكن الفارق في أنه يدرك جيدا الثروات التي تحتويها هذه القارة والفرص الاقتصادية التي تقدمها، والتي يمكن أن تسهم في تنمية العلاقات الفرنسية الأفريقية.