الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"مدينة النور" تحارب "طيور الظلام" (ملف)

مدينة النور تحارب
مدينة النور تحارب طيور الظلام
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
التجربة الفرنسية فى مكافحة الإرهاب: الحل الأمنى لا يكفى.. واستراتيجيات لمحاربة التطرف من المنبع
مسجد ديزاند.. بؤرة لـ«الإسلام الراديكالى» تستقطب الجهاديين والتكفيريين
دراسة: 80% من الفرنسيين مستعدون للتخلى عن جزء من الحرية مقابل ضمان الأمن
7 يناير ٢٠١٥ وقعت هجمات شارلى إبدو وأسفرت عن وفاة ١٢ وإصابة ١١
13 نوفمبر ٢٠١٥ وقعت هجمات باريس شملت عمليات إطلاق نار جماعى وتفجيرات انتحارية واحتجاز رهائن
130 ضحية سقطت فى الهجمات منها ٤ توفوا فى المستشفى
30 نوفمبر ٢٠١٥ أعلنت فرنسا حالة الطوارئ
مقتل 240 شخصًا فى فرنسا خلال هجمات إرهابية فى 2015
14 يوليو ٢٠١٦ وقع هجوم بمركبة فى نيس جنوب فرنسا
85 ضحية توفيت فى الهجوم وأصيب ٢٠٢ منها ٥٢ فى حالة خطيرة
3 أكتوبر ٢٠١٧ أقرت الجمعية الوطنية الفرنسية قانون مكافحة الإرهاب بأغلبية ٤١٥ صوتا مقابل رفض ١٢٧

انتبهت الحكومة الفرنسية منذ سنوات إلى الخطر الذى يواجه المجتمع الفرنسى من الداخل والخارج، والذى تمثل فى الانحراف الفكرى لقطاع كبير من الشبان المهاجرين، إضافة إلى شباب الطبقات الفقيرة فى الأحياء والضواحى الفرنسية التى كانت مفرخة للإرهابيين منذ الثمانينيات.
واعتمد الأمن الفرنسى على حصار الأفكار الإرهابية فى المساجد، التى حادت عن وظائفها العبادية.

دور العبادة تحت أعين الأمن
منذ عامين دعا رئيس المجلس الفرنسى للديانة الإسلامية، دليل بوبكر، إلى مضاعفة عدد المساجد، وقال لدينا ٢٢٠٠ مسجد، ونحتاج إلى ضعف هذا العدد بعد عامين من دون تحديد كيفية تمويل ذلك، إلا أن السلطات الفرنسية أوجدت خططا ومشاريع لحماية المساجد من التطرف، واعتمدت استراتيجيات واضحة ومتماسكة فى مراقبة سير دور العبادة الإسلامية على أراضيها، لكنها تعترف بخروج الكثير من هذه المساجد عن السيطرة، إذ أصبحت بؤرا لصناعة وتفريخ التطرف، فحزمت الحكومة أمرها بالمزيد من العمل على مكافحة الإرهاب ومحاصرته فى عقر داره متسلحة بنصوص قانونية رغم تعرضها لانتقادات من منظمات حقوقية.
واستحوذ متطرفون على المساجد، وبدأوا بتوجيه المصلين نحو الفكر الداعشى عن طريق تمجيد أعمال الجماعات التكفيرية، مما دفع البرلمان الفرنسى لعرض مشروع قانون لمكافحة الإرهاب من شأنه أن يعزز صلاحيات الشرطة فى مجال المراقبة، ويسهل إغلاق المساجد التى يشتبه بأنها تحرض على الكراهية، وأقر المشرعون فى الجمعية الوطنية (المجلس الأدنى فى البرلمان)، المشروع بأغلبية ٤١٥ صوتا مقابل رفض ١٢٧.
وقبيل التصويت وصف وزير الداخلية الفرنسى، جيرار كولوم، فرنسا بأنها «لا تزال فى حالة حرب»، بينما تجد السلطات صعوبة فى التصدى للتهديد الذى يشكله المتشددون الأجانب والمحليون، خاصة أنه منذ أوائل عام ٢٠١٥ قتل أكثر من ٢٤٠ شخصا فى فرنسا، خلال هجمات نفذها مهاجمون بايعوا تنظيم داعش أو يستلهمون أفكاره بطرق مختلفة، ومنها خطب رجال الدين فى المساجد.
وأوضح وزير الداخلية الفرنسى، أن المشرعين يدركون أن التهديد اليوم خطير، وأنه يتعين علينا حماية أنفسنا من الإرهابيين، ولا بد من فعل ذلك بطريقة توازن بين الأمن والحرية، وأضاف أن هذا النص التشريعى من شأنه أن يساعد على حماية الشعب الفرنسى.
وتقول الحكومة إن إجراءات الطوارئ المفروضة منذ نوفمبر ٢٠١٥، عندما نفذ مهاجمون انتحاريون ومسلحون هجمات فى باريس أسفرت عن مقتل ١٣٠ شخصا، كان لها دور كبير فى تمكين أجهزة المخابرات من إحباط مؤامرات إرهابية.
كما عملت وزارة الداخلية الفرنسية على السماح لها بإقامة مناطق أمنية عندما تستشعر خطرا، دون الحصول على موافقة القضاة، ما يعنى تقييد حركة الناس والمركبات من هذه المناطق وإليها وامتلاك أحقية وسلطة التفتيش داخلها، بالإضافة إلى السماح بفرض الإقامة الجبرية على أشخاص دون أمر مسبق من القضاء، وهو من البنود التى أثارت جدلا فى الأوساط الحقوقية.

التيار التطرف
عملت السلطات الأمنية على إغلاق المساجد، فى حال استشعرت خطرا فى داخلها، مثل تحريض أئمة ورجال دين داخل محيطها أو تبريرهم للعنف والإرهاب فى فرنسا أو خارجها، إذ أغلقت السلطات الفرنسية مسجدا ومكانا لصلاة المسلمين فى ضاحية بباريس، بسبب خطب تحرّض على التطرف وتشيد بالإرهاب.
كما أغلق مسجد ديزاند، فى سارتروفيل (شمال غرب باريس) وهو المكان المرجعى المؤثر للتيار السلفى، والذى أفادت تقارير أمنية بأنه يشكل عبر الأحاديث والنقاشات التى تدار فيه من قبل مرتاديه، تأثيرا على المسلمين المحليين، مما يعنى تهديدا خطيرا للأمن والنظام العام.
ووصفت السلطة المحلية المسجد بأنه بؤرة قديمة لـ«لإسلام الراديكالى»، مؤكدة أن بعض مرتاديه من المصلين عام ٢٠١٣، توجهوا إلى القتال فى سوريا والعراق ودول أخرى، وشكل هذا المسجد مكان استقطاب للجهاديين والتكفيريين.
وتوالت عمليات إغلاق بعض المساجد بعد التأكد من أن متطرفين قد استحوذوا على منابرها، وبدأوا بتوجيه المصلين نحو الفكر الداعشى عن طريق مدح وتمجيد أعمال العصابات التكفيرية بطرق مباشرة أو غير مباشرة، تعتمد الإيحاء وكذلك إظهار الغضب والتذمر من السلطات الأمنية الفرنسية، كما حدث على سبيل المثال فى فونتونى أو روز، بجنوب غرب باريس، وقد أشاد مرتادوه بالأعمال الإرهابية.
وبعد الإجراءات الفرنسية تلك، بادرت منظمة هيومان رايتس ووتش، بالتنديد بالقرارات الأخيرة، معتبرة الأمر تضييقا على الحريات الدينية، إذ قالت فى بيان لها، إن فرنسا أدمنت حالة الطوارئ بشدة، إلى درجة أنها تضم عددا من هذه الإجراءات التى تنطوى على انتهاكات حقوقية واضحة، وأضافت أن أعضاء البرلمان الفرنسى فضلوا سياسات الخوف على حماية الحريات المدنية التى انتزعت بشق الأنفس، وحثت البرلمان والسلطة القضائية على المراقبة الشديدة لاستخدام الحكومة لسلطتها الجديدة، كما اتهم بعض الخصوم المحافظين، الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، بالتراخى.
وانضم إليهم بعض الإسلاميين الذين أدانوا الإجراءات، وتوعدوا بالانتقام عبر مواقعهم الإلكترونية بالمزيد من العمليات، ويضاف إلى هؤلاء مدّعو الوسطية والاعتدال من أئمة المساجد فى فرنسا، والذين يمسكون بالعصا من الوسط ومعهم مريدوهم والمتعاطفون مع خطابهم التحريضى التعبوى فى السر، والمتكئون على المنظومة القانونية من جهة أخرى، إلا أن فرنسا ما زالت ماضية فى قراراتها دون تراجع.

كيف تعد فرنسا أئمتها؟
أصدر مجلس الشيوخ الفرنسى تقريرا فى نهاية العام المنصرم، حول وضعية الديانة الإسلامية فى فرنسا من شأنه أن يعيد أجواء الخلاف بين الرباط وباريس، خصوصا أنه اعتبر أن التكوين الذى يتلقاه الأئمة الفرنسيون فى المغرب لا يتلاءم مع طبيعة المجتمع الفرنسى.
وقال التقرير، الذى أعدته لجنة مكونة من ٢٣ عضوا، إن المسلمين فى فرنسا يتميزون بارتباطهم الشديد بدولهم الأصل، خصوصا المغاربة والجزائريين والأتراك، مضيفا أنه لا توجد مؤسسة واحدة تشرف على تدبير شئون الإسلام كما هو الحال بالنسبة للكينسة، بل إن كل إمام يمكن أن يسيّر مسجده حسب مذهبه ويجمع حوله الأنصار.
اللجنة اعتبرت أن قضية الإمام المستقل تعد «أسطورة»، فبمجرد أن يتم اختيار إمام ليكون على رأس مسجد معين، فإنه يصبح تابعا للمصلين فى ذلك المسجد، وعليه ألاّ يعارضهم إن هو أراد الحفاظ على مكانته، ويمكن لأى مسلم أن يصبح إماما، ولكن لا يمكن أن يكون هناك إمام بدون دعم ومساندة المصلين، يقول التقرير الذى شدد على أن اختيار الناس للإمام يكون حسب ولائه لهم وليس حسب درجة علمه.
وكشف التقرير وجود نوعين من الأئمة فى فرنسا؛ أئمة يتم تعيينهم من طرف الدول الأصل، وأئمة يتطوعون لتسيير بعض المساجد وتكون رواتبهم من تبرعات المصلين، وبالنسبة للفئة الأولى، فإن المغرب يتوفر على ٣٠ إماما مغربيا تابعا لوزارة الأوقاف التى تؤدى له أجره، ويرتفع هذا العدد إلى ١٢٠ إماما بالنسبة للجزائر، و١٥١ إماما بالنسبة للأتراك.
وأوردت اللجنة أن «هؤلاء الأئمة لا يتقنون اللغة الفرنسية ولا يعرفون الوضع السياسى والاجتماعى والثقافى الفرنسى»، وأوصت بمواصلة الاعتماد على الأئمة الذين تبعثهم الدول الثلاث، ومواصلة تكوين الأئمة الفرنسيين فى الخارج، ومع ذلك «يبقى هذا الحل كمسكن قبل أن يتم تكوين الأئمة فى فرنسا على أساس برنامج موحد يتماشى مع السياق الفرنسى»، بلغة المستند الرسمى.
ويظهر التقرير أن المغرب تقوم بمجهود كبير على مستوى تمويل حاجيات الديانة الإسلامية فى فرنسا، ففى العام الحالى خصص ما قيمته ٦٠ مليون درهم، تشمل أجور الأئمة الذين بعثت بهم المغرب لإمامة المصلين بمساجدها هناك. ويبتعد المغرب كثيرا عن الجزائر، حيث تنفق ما قيمته ٢٠ مليون درهم مغربى على تسيير المسجد الكبير فى باريس، دون احتساب الأجور، وتبقى تركيا الأقل إنفاقا؛ إذ لم تتعد ما يعادل ٣٨ مليون درهم مغربى منذ سنة ٢٠١١.

«المعهد الأوروبى الإسلامى»
يدرب المعهد الأوروبى الإسلامى، الشباب على العلوم الإسلامية، ورغم التوتر الحاصل بين السلطات الفرنسية والمسلمين، الذين هم فى غالبيتهم من المهاجرين من الجيل الثانى أو الثالث، خصوصا من إفريقيا الشمالية، إلا أن هذه المبادرة انطلقت قبل ٢٠ سنة، عندما حول اتحاد المنظمات الإسلامية فى فرنسا مركزا ترفيهيا سابقا للأطفال إلى معهد لتدريب الأئمة الذين يملكون «معرفة جيدة بالإسلام والوقائع الاجتماعية الثقافية فى أوروبا».
وكان الهدف من هذا المشروع توفير بديل عن استخدام الأئمة الأجانب الذين لا يتكلم معظمهم الفرنسية، ولا يملك دراية كافية بالثقافة الفرنسية، حيث يؤمن المعهد، الذى مولته دول الخليج فى بداية انطلاقته، معظم مصاريفه من رسومه التى تبلغ قرابة ٤٤٠٠ دولار سنويا، وتشمل المسكن والمأكل.
ويضم قرابة ٢٠٠ تلميذ من كل أنحاء البلاد المعهد الأوروبى للعلوم الإنسانية فى سان ليجيه دو فوجوريه، حيث يتعلمون تلاوة القرآن الكريم، ويدرسون الدين الإسلامى، والأدب العربى، وبعد سبع سنوات من الدراسة المكثفة، يتخرج نحو عشرة طلاب منهم فقط كل سنة للإمامة والخطابة فى الجوامع.
وقال مدير المعهد، زهير محمود، إن تدريب الأئمة الآتين من صلب المجتمع الفرنسى ضرورى، لأن ٧٠٪ من المسلمين بأوروبا لا يتكلمون العربية، ويصل أجر الأئمة فى الجوامع الكبيرة إلى ١٩٥٠ يورو شهريًا، لكنهم يصنفون على أنهم معلمون أو أساتذة وليسوا أئمة.

التجربة الفرنسية بدأت بـ«الشرطة الجوارية»
فى إبريل ٢٠٠٨، وافقت الحكومة الفرنسية على أن تقوم دوريات أمنية يطلق عليها «الشرطة الجوارية»، بحفظ الأمن فى المناطق الفرنسية التى شهدت أعمال عنف أو شغب فى السابق، إضافة إلى مكافحة الانحراف فى أوساط المراهقين والشباب وأيضا محاولة خلق علاقات ثقة بين الشرطة وسكان هذه الأحياء التى تشكل شريحة الذين تقل أعمارهم فيها عن ٣٠ سنة نسبة ٤٠ بالمائة من السكان.
وانتشرت هذه الوحدات فى بعض فى الضواحى، تمثلت مهمتهم فى جمع المعلومات الميدانية عن تعاطى وبيع المخدرات وعن الإجرام شبه المنظم، الذى تشرف عليه مجموعات شبابية منتظَمة فى شكل جماعات متنافسة أحيانا ومتناحرة أحيانا أخرى إلى حد الدخول فى عراك جماعى أمام الملأ، يشارك فيه المئات فى وضح النهار ويصل فى بعض الحالات إلى درجة الاقتتال.
وأشرفت وزيرة الداخلية آنذاك، ميشال آليو مارى، على إطلاق الشرطة الجوارية الجديدة التى سمّى أعوانها بالملائكة الحراس، مؤكدة عزمها نشر نحو ١٠٠ وحدة من هذه القوة العمومية فى نحو ١٠٠ حى من الأحياء الصعبة عبر مختلف مناطق البلاد، وأن هذه القوة الردعية الجديدة ستكون الأداة الأساسية للوزيرة لاستعادة هيبة الدولة فى الضواحى المشاغبة وهى عادة تجمعات سكنية متواضعة الحال تكثر فيها الجاليات المهاجرة والمنحدرة من الهجرة.
وكانت المهمة الرئيسية لتلك الوحدات، منع انخراط الشباب فى العنف والوقوع فريسة للجماعات المتطرفة، التى تستغلهم فى تنفيذ هجمات إرهابية ضد الدولة، وبعد إلغاء الشرطة الجوارية فى عهد الرئيس الفرنسى الأسبق نيكولا ساركوزى، عادت مرة أخرى فى أغسطس الماضى، تحت مسمى جديد وهو «شرطة الأمن اليومى»؛ لمراقبة نشاط المهاجرين فى الأحياء الفرنسية ومعرفة ما يدور بالمساجد.

قوانين مكافحة الإرهاب
بعد هجمات باريس الإرهابية فى ٢٠١٥، اتخذت فرنسا أبعادا جديدة فى مكافحة الإرهاب، حيث طرح الرئيس السابق فرانسوا أولاند العديد من القوانين الجديدة، إضافة إلى زيادة الميزانية الخاصة بالأمن العام، بينما تغيرت العديد من القواعد المُطَبقة على رجال الشرطة من عدة نواح؛ فيسمح لجميع رجال الشرطة بحمل أسلحتهم طوال اليوم، حتى بعد انتهاء الدوام، ويحق لرجال المرور تفتيش الركاب وأمتعتهم، إذا ما أثار شخص ما ريبتهم؛ فأصبح من الممكن منع الإرهابيين المشتبه بهم من السفر خارج البلاد.
كما عملت فرنسا على تغيير نظام السجون، عن طريق فصل السجناء المتطرفين، فى أجنحة منفصلة عن بقية السجناء، لمنع أى فرصة تسمح بتجنيد أى منهم من قبل السجناء المتطرفين، خصوصًا بعد أن لوحظ أن معظم من شنوا الهجمات الإرهابية على فرنسا، كانوا مجرد سجناء عاديين، وتم تجنيدهم من قبل المتطرفين داخل السجون.
ولم تكتف الحكومة بهذه الإجراءات فقط، إنما اتخذت العديد من الإجراءات العسكرية فى الخارج، تباعًا للهجمات التى وقعت فى كل من باريس ونيس، بتوعد فرنسا بزيادة الهجمات الجوية على سوريا والعراق، كما دخل إلى حيز التنفيذ قانون فرنسى جديد لمكافحة الإرهاب، ويجيز القانون الجديد ملاحقة الفرنسيين الذين يقومون بأعمال إرهابية فى الخارج أو يتدربون فى معسكرات خارجية للقيام بأعمال جهادية، ونشر القانون فى الجريدة الرسمية بعد أن صادق عليه الرئيس الفرنسى السابق فرانسوا أولاند وفق تقرير لفرانس ٢٤.
ويجيز هذا القانون ملاحقة فرنسيين يقومون بأعمال إرهابية فى الخارج أو يتدربون فى الخارج للقيام بعمليات إرهابية، وينص القانون على إمكان ملاحقة أى فرنسى يسافر للتدرب فى معسكر حتى لو لم يرتكب أى عمل مسىء فى فرنسا، وحتى لو لم يمض شبابه على الأراضى الفرنسية، وذلك بتهمة تشكيل عصابة إجرامية بهدف ارتكاب عمل إرهابى وهى جريمة تعاقب بالسجن عشر سنوات وغرامة تبلغ ٢٢٥ ألف يورو.

قانون الاستخبارات
عرضت الحكومة الفرنسية فى ١٨ مارس ٢٠١٥ مشروع قانون لتعزيز الوسائل المتاحة لأجهزة الاستخبارات للتصدى للمخاطر الجهادية، وفق تقرير للمركز الأوروبى لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، بعد اعتداءات باريس الإرهابية فى يناير ٢٠١٥.
ويسمح هذا القانون لأجهزة الاستخبارات باختراق الإرهابيين المحتملين ومراقبتهم من خلال أذونات إدارية بدون الموافقة المسبقة من قاض، واستبقت السلطات الانتقادات فى مجال الحريات العامة والحياة الخاصة، مؤكدة أن كل هذه التدابير ستخضع للإشراف وأن المراقبة ستقتصر حصرا على الحالات المتعلقة بالإرهاب، وأوضح مكتب رئيس الوزراء أن فرنسا هى إحدى الديمقراطيات الغربية الأخيرة التى لا تملك إطارا قانونيا متماسكا ومتكاملا يضبط عمل أجهزة الاستخبارات الستة.
وأوضح مستشارو الوزارات المعنية (الداخلية والعدل والدفاع) أن مشروع القانون يهدف إلى منح الأجهزة الوسائل المناسبة فى مواجهة التقنيات الجديدة وإدراجها ضمن إطار قانونى، ما كان يتم خارج مراقبة القضاء وخارج أى إطار بصورة عامة، وسيكون بالإمكان بموجب القانون الجديد القيام بعمليات اعتراض امنى لمحتوى الرسائل الإلكترونية والاتصالات الهاتفية، ولكن فقط إذا كانت على ارتباط مباشر بالتحقيق.
كما ينص القانون على اللجوء إلى أجهزة لتسجيل أحاديث أشخاص وصورهم، أو لبرامج معلوماتية تلتقط البيانات المعلوماتية، ما سيسمح لعناصر الاستخبارات بوضع ميكروفونات وكاميرات تجسس وغيرها أينما يرون ذلك ضروريا، بما فى ذلك إقامة مراكز تتبع هواتف المشتركين التى تسمح باعتراض الاتصالات فى مربع معين، سواء اتصالات مشتبه بهم أو المقربين منهم.
كما يلزم القانون مشغلى خطوط الهاتف ومزودى الإنترنت بتسليم السلطات كل ما يمكن أن يجمعوه من بيانات. وأكدت السلطات الفرنسية أن الإجراءات ستحدد بشكل دقيق، وأن أى طلب سيكون مبررا، والقرارات تبقى من صلاحية رئيس الوزراء نفسه وستكون محدودة فى الزمن.

الحريات والأمن
مع الإصرار على استهداف فرنسا من قبل التنظيمات المتطرفة وعلى رأسها «داعش»، كشفت دراسة عن أن هناك حوالى ٨٠٪ من الفرنسيين مستعدون للتخلى عن جزء من حرياتهم مقابل ضمان أمنهم، ولكن حالة الطوارئ التى ما زالت تطبق فى فرنسا لم تعط النتيجة المرجوة منها، حيث وجدت الحكومة نفسها على المحك ومجبرة باتخاذ إجراء ما، والإجراء الوحيد الذى وجدته هو إصدار قانون مكافحة الإرهاب، الذى يحد من الحريات العامة.
وأكد متابعون للشأن الفرنسى على وجوب أن تكون الإجراءات الأمنية أكثر حزما تجاه من يدخل إلى فرنسا وتجاه الجمعيات العاملة فى فرنسا التى يمكن أن تروج إلى أفكار لها علاقة من قريب أو من بعيد بالفكر الإرهابى، من خلال تطبيق القوانين الموجودة، لأن قوانين الجمهورية الفرنسية تحرم الترويج لأفكار إرهابية بشكل عام.