الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

مُصاب بالإيدز يروي معاناته لـ"البوابة نيوز: جميع الشركات ترفُض تشغلينا.. و"فضيحة البحث الاجتماعي" تحرمنا من الحصول على معاش.. والنساء الحوامل الأكثر معاناة

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لكل منهم حكايته الخاصة، التي نسجها بالألم وحكاها لنا بالدموع، يصفون بها كيف كانت حياتهم قبل الإصابة بالفيروس وكيف أصبحت بعدها، ويكشفون من خلالها عما يواجههم في الشارع المصري من مصاعب في التعامل مع الآخرين، كما يشكون بها مشاكلهم التي يتعرضون لها مع وزارة الصحة والمستشفيات الحكومية التي تتولى صرف جرعة العلاج الخاصة بالفيروس."HIV".

وتحدثوا مع "البوابة نيوز" وهم على أمل أن يعي المجتمع بطبيعة مرضهم غير المعدية إلا بطرق بعينها، وهي؛ نقل الدم الملوث بالفيروس أو الاتصال الجنسي المباشر مع شخص حامل للفيروس أو استخدام إبر الحقن الملوثة بالفيروس.. أنهم مرضى "الإيدز".
خلال السطور التالية، نرصد معاناة "حسن"، أسم مُستعار للمدمن الذي نال منه فيروس الإيدز بسبب الحقن، قصة تكشف لنا عن مدى المعاناة التي يواجهها المصابون بالإيدز فى الشارع المصري، الذى يرفض التعامل معهم ولا يقبلهم، فهم يدورون فى "معجنة" يومية من النظرات الخبيثة والمهينة التى توجه لهم على أنهم أصحاب سكك شيطانية ويستحقون الموت.
اكتشف (حسن.م) إصابته بفيروس (HIV)، الإيدز، عندما كان بمصحة لعلاج الإدمان وأجرت وزارة الصحة مسحًا كاملًا لـ61 فردًا بها، فكانت الصدمة له بعدها بخمسة عشر يومًا، (النتيجة إيجابية)، ليستيقظ على مطالبته بالخروج منها بعد أن اعتصم باقى أفراد المصحة أمام مكتب المدير ليتخذ إجراءً ضده.
"حسن" فى العقد الرابع من عمره، بوجه أبيض وجسم ممتلئ، تلقى حكمًا بـ6 سنوات سجنًا بعد القبض عليه وبحوزته 47 جرام بودرة، وكان الحكم كفيلًا بأن يغير حاله من مدمن وتاجر بودرة إلى متعافٍ يعمل مندوب وصول بمركز للعلاج من الإدمان والإيدز.
ويردف حسن: "اتسجنت فى ليمان 440 فى وادى النطرون بعنبر مخصص لمرضى (HIV)، وهو الوحيد فى السجون المصرية المخصص لمرضى الإيدز، بحكم ست سنوات فى قضية حيازة وتعاطى هيروين، وبعدها فى أكتوبر2010 تم نقلى مع 7 آخرين إلى عنبر عادى، وكانت مرحلة معاناة أخرى لنا مع المساجين، الذين يفرون عند رؤيتنا وكأن الإيدز ينتقل فى الهواء وبإلقاء السلام".

وتابع: "الإدمان إتسبب فى أكبر مصيبة حصلت لى فى حياتى.. جاب لى الإيدز اللى بسببه ماتجوزتش لدلوقتى وناس كتير قطعت علاقتها بيا.. الإيدز خلانى أسيب المكان اللى اتولدت وكبرت فيه وأروح مكان تانى بعيد علشان الناس متبصش لأهلى بطريقة وحشة أو تؤذيهم.. انتشار الخبر ومجموعة الناس اللى عرفت بالموضوع كان أكبر مصيبة حصلت لى أنا وأهلى بس دايما بتلاقى حد تتنفس معاه وتحكى، وشغلى فى المركز عمل لى ده".
وأضاف: "اليوم اللى سمعت فيه عن جهاز الجيش لعلاج الإيدز كان أول يوم أبتسم فيه من قلبى بعد كل اللى حصل معايا.. فرحت جدا لكن أول ما ابتدت الحواديت اللى حواليه تظهر اتصدمت.. اتصدمت لأن الرجل دا ضحك عليهم مش علينا إحنا بس".
ويشير (حسن) إلى أهم المشكلات التى تواجهه كمصاب بالإيدز، وعلى رأسها أن الإيدز يندرج تحت تخصص (الباطنة)، وأن مستشفيى العباسية وإمبابة للحميات فقط من يتعاملان مع المصابين بالفيروس وبـ16 سريرًا مقسمة بينهما، وأن المرض لا يدرّس بشكل وافِ لطلبة كلية الطب فى مصر، ومعظم الأطباء المعالجين للفيروس إما تمرسوا تحت أيدى أطباء أجانب أو من خلال كورسات عنه، وأن لدينا أطباء لا يخافون التعامل مع مرضى فيروس (سى)، ولكنهم يتجنبون التعامل مع مرضى الإيدز، بالرغم من أن فيروس الإيدز ضعيف مقارنةً بفيروس (سى)، كما أنه لا يتم حجز مريض الإيدز داخل المستشفيين إلا فى حالات معينة، مثل السخونة والتقيؤ، مؤكدًا أن فيروس الإيدز لا يميت المتعايشين معه لكن الأمراض الانتهازية الأخرى التى تصيب المتعايش هى التى تودى به.
ويذكر (حسن) أن النساء الحوامل من أكثر الحالات التى تعانى نتيجة عدم الحصول على الخدمات الطبية فى المستشفيات الحكومية والعيادات الخاصة، فيحكى أن سيدة عندما حان وقت ولادتها وذهبت لمستشفى (أم المصريين) وأبلغوهم بأنها حاملة لفيروس الإيدز تركها الأطباء والممرضات إلى أن خرجت ووضعت طفلها بولادة طبيعية، وأن الفيروس انتقل للطفل بسبب ذلك، لأن الولادة القيصرية أكثر حماية للطفل المولود من الطبيعية حتى لا يصاب.
ويشكي أنه عندما نوى الحصول على (معاش) لإصابته بالإيدز لكى يكفل له حياة كريمة، لرفض جميع الشركات ومجالات العمل المختلفة إلحاقهم للعمل بها، تراجع سريعًا عن تلك الخطوة لأنه علم بضرورة إجراء (بحث اجتماعى) للتحقق من إصابته بالفيروس، وأن الأوراق التى تفيد بالإصابة بالفيروس غير كافية لروتين وزارة التضامن الاجتماعى، حيث إن من يقوم بالبحث يكشف سره أمام جيرانه وأقاربه بالسؤال عنه، ويفضحه بالفضفضة مع الجيران، وانتشار الخبر أكثر مصيبة له ولأهله من الفيروس نفسه على حد قوله.