الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

إعلام واقع الحال!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا مفر من ربط تداعيات الأزمة السياسية فى الحال الليبى بأوضاع الإعلام والإعلاميين بمختلف أوجه حراكهم فى يومنا هذا، فلا إعلام دون استقرار، نحن اليوم نعيش من جهة أزمة سياسية أدت إلى تقسيم البلاد، ومن جهة أخرى حربًا ضد التطرف والإرهاب لها مُعقباتها وآثارها على نسيج مجتمعنا، ومما لا شك فيه أن إعلام اليوم إعلام مُعبر عن حالة وطن خاض ثورة عصيبة وعسيرة بفعل وجود السلاح كواجهة للمشهد، حين قرر النظام السابق مواجهة شعبه به أوان الثورة، وما نتج عن ذلك بعدها إذ أتيح السلاح فى كل يد، لدينا أيضا إعلام يجتهد ويُصارع وسط مجتمع جرى تنميطه ومنهجته فكريا واجتماعيا عبر عقود مظلمة لم يَسُد فيها غير صوت واحد، لذلك حتى ما نراه اليوم من تعددية وتنوع وكثرة فإن أغلب ما يُبث فيه يُروج لزعامات مُسلحة، وينقل صراعات الأطراف السياسية مُعلنة وحادة (إلا ما ندر)، ولنا أيضا أن نرى ونرصد ما يتعرض له إعلاميو اليوم من مخاطر أثناء مراسلاتهم الإخبارية من عين المكان، إعلام حرب يواجه به طرف طرفا آخر يعتبره خصما فى امتلاك الوطن والتنازع حوله، طبعا التعدد والتنوع ليس عيبا إذا ما سلك طريقا يعبر فيه عن التوجهات السياسية والوطنية بطرق أخلاقية سِلمية.
ومن باب الإنصاف ومع كل ما يدور وما يموج به مشهدنا الليبى فهناك جهود بُذلت وأصوات تزاحمت وتعالت منذ التحرير مباشرة (٢٠١١) وإن خانتها النوايا لتنظيم القطاع، رغم أنها عادت تتمثل شكلا ساد لعقود اجتماعات المؤتمرات الشعبية وملتقيات التصعيد وتزوير الأصوات!!، لستُ ضد التقاء نخب أو جماعات ترى أن مشهدا إعلاميا مُخلخلا يجب أن يجرى تنظيمه وفق نظم ولوائح يتم تداولها ونقاشها والتوافق حولها بتشكيل رابطة أو اتحاد أو جمعية، لتُلملم وتُنظم مؤسسات إعلام الحكومة (العام)، والتى بها ما يقارب الستة آلاف موظف!، جزء كبير منهم وعلى مستوى البلاد لا علاقة له بالمهنة وتم تعيينه لدور أمنى ليس إلا، أو لنقل حاز وظيفته لعلاقته القرابية بمدير تلك المؤسسة، وبالنسبة لدور وزارة الإعلام، حقيقة فيما جرى عبر سنوات قاربت السبع، لم يكن فيها للوزارة من دور يُقارب أو يتعاطى مع مشاكل وعوائق من يعملون بالقطاع ولنا أن نتسائل عن أى دور سيقدمه الإعلام الحكومى (ممثلته الوزارة) وتلك هى نداءاته وبرامجه الإقصائية، وأن نُضيف أنه وسط التطور التقنى وبما فيه من تسارع انتشار الخبر عبر الوسائط، وتعدد المواقع والفضائيات المنافسة، عدا صحافة المواطن التى صارت تسبق المؤسسات حين يكون شاهد عيان للخبر لحظة وقوع الخبر قد بث الخبر، فليس هناك من مفر بإقرار أن هكذا مؤسسة قد عفى عليها الزمن ولا نجاعة لدورها!. 
وعلى ذلك ما لم ينطلق أو يتبنى الإعلامى القضايا التى تُؤمن باحترام الرأى الآخر وسماع الأصوات مهما تعددت ما دامت تنتهج أخلاقيات المهنة أومدونة السلوك المهنية، والتى فى أُسها ذاتية، فلن يُجدى أن نضع مواد وبنودًا لا تأصيل أو تأسيس لها فى ذواتنا كممتهنين فى المجال، ولنا أن نُراجع بروباجندا قوانين «تعزيز الحرية» التى أصدرها القذافى، ومنذ سنوات الثورة وأنا أسمع نداءات وخطابات تُجزم أن تقنين دور المؤسسات الإعلامية هو ما سيُخرجها من فشلها المتراكم والموروث، فليكن ذلك، لكن العلاج سيكون صعبا لواقع نشهد فيه صوت السلاح الملعلع فوق كل صوت، وقد انساق بعضهم وراء خطاب وصار إعلامهُ مثله، سيبقى الدستور هو الحل المفصلى فيما يتعلق بمبادئ حرية الرأى والتعبير، بالإضافة إلى ما أقره اليونسكو مؤخرا وعلى رأسها مبدأ «حماية حرية الرأى والتعبير، وناقل ومصدر الخبر، وحق منح المعلومة»، وبالطبع تبنى كل المواثيق والمعاهدات والعهود الدولية التى تُدرج إلزام الحُريات ضمن بنودها.
والحال هكذا، نرجو ان تُؤتى الحوارات الوطنية «السياسية منها والمدنية الأهلية» وجهود المصالحة ثمارها، وتؤدى إلى تعافى جسد البلاد، ليشرع الإعلام فى ممارسة دوره الهام ومن على أرضه.