الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

"تجسيد العذراء".. يجدد صدام السينمائيين ورجال الدين "ملف"

شيرين رضا
شيرين رضا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إشراف: عزت البنا 
إعداد:  حسام البحيري و شادى أسعد و مروان شاهين




السينما والشخصيات الدينية.. أزمة لا تنتهى ولا حلول لها، فما بين الرفض والإجازة والتشدد فى دولة والمرونة فى أخرى، تبقى مشكلة تجسيد الأنبياء والشخصيات الدينية قائمة مؤخرا ظهرت أزمة تجسيد شخصية العذراء مريم والتى تحتل مكانة دينية فى المسيحية والإسلام، ومع ظهور السينما دأب العديد من شركات الإنتاج العالمية على تنفيذ أعمال فنية تظهر فيها شخصية العذراء مريم، وانتقل هذا الأمر بمرور الوقت إلى مصر، حيث ظهرت عدة أعمال دينية سواء سينمائية أو مسرحية تظهر فيها شخصية مريم، مؤخرًا تسبب كليب أغنية رواية «موسم صيد الغزلان» للكاتب أحمد مراد، التى قدمها فريق «مسار إجباري» وهانى الدقاق فى إثارة الجدل، خاصة بعد مشاركة الفنانة شيرين رضا التى تظهر فى الكليب مجسدة شخصية السيدة مريم العذراء، حيث ترتدى الملابس التى عرفت بها رسومات السيدة مريم فى الكنائس المختلفة.
هذا الأمر أثار استياء قطاع كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعى ممن يرفضون ظهور الشخصيات الدينية فى الأعمال الفنية، ليصبح كليب رواية «موسم صيد الغزلان» عودة لموسم صيد من يقترب من هذا الأمر.
«البوابة» تفتح فى هذا التحقيق ملف ظهور الشخصيات الدينية فى الأعمال الفنية، وتلقى الضوء على أهم الأعمال العالمية التى ظهرت فيها شخصية العذراء مريم.

«موسم صيد الغزلان» يفتح النار على شيرين رضا

انتقادات عنيفة للممثلة على شبكات التواصل بعد ظهورها فى زى العذراء

أثار ظهور الفنانة «شرين رضا» ترتدى ملابس السيدة العذراء، فى فيديو كليب أغنية موسم صيد الغزلان، موجة شديدة من الغضب بين بعض المسيحيين، وتعد الأغنية فريدة من نوعها حيث إنها أول أغنية مأخوذة عن رواية تحمل نفس الاسم للروائى أحمد مراد، خاصة أن هذه أول مرة تتحول فيها رواية لأغنية قام بغنائها هانى الدقاق أحد أعضاء فريق مسار إجباري، وظهرت الفنانة شيرين رضا خلالها لمدة لا تتعدى دقيقة واحدة ترتدى ملابس السيدة العذراء، وتغنى كلمات الأغنية وقد ظهرت فى إضاءة توحى بخروجها من النور.

ولم تكن الفنانة شيرين رضا أولى الفنانات اللاتى تعرضن للهجوم بسبب ارتدائهن لزى العذراء مريم، فقد تعرضت من قبل أيضا الفنانة حنان ترك عندما ارتدت زى الراهبات، والذى يشبه زى السيدة مريم العذراء خلال تجسيدها لشخصية «تريز» التى قدمتها فى أحداث مسلسلها «أخت تريز»، والذى تم عرضه خلال الماراثون الرمضانى لعام ٢٠١٢، وقام ببطولته معها أحمد عزمى وسميرة محسن وسامى العدل ومحمود الجندى ومجموعة كبيرة من الفنانين وكان من تأليف حمدى عبدالرحيم وإخراج حسام الجوهري.

أيضا كررت عارضة الأزياء اللبنانية الشهيرة بالإغراء ميريام كلينك، نفس الأمر عندما كتبت تدوينة لها عبر صفحتها على موقع التغريدات «تويتر» وقالت فيها: «مريم العذراء، مريم المجدلية، ميريام كلينك، لكل مريم قصة...».

وجاء الغضب على ميريام كلينك ليس بسبب تشببها فقط بالسيدة مريم العذراء، ولكن أيضا لتشبيه نفسها بمريم المجدلية، والتى تعتبر من أهم الشخصيات المسيحية فى العهد الجديد، حيث إنها واحدة من أهم تلاميذ المسيح.

شملت موجة غضب الجمهور أيضا من قبل الفنانة أمل حجازي، بعدما نشرت صورة لها عبر موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» بالحجاب واتهمها بعض النشطاء المسلمين بأنها تسخر من الحجاب فردت: «أنا فخورة بارتدائى للحجاب ومقتنعة به ليس تعصبا أبدا لأننى بعيدة كل البعد عن التعصب الدينى والطائفي، ولكن الحجاب شيء جميل جدا للمرأة بنظرى فى كل الأديان، فالسيدة مريم عليها السلام والقديسات دائما نصورهن فى زى الحجاب».

وهو ما أثار الجميع ضدها لأنها وضعت نفسها محل مقارنة مع السيدة مريم العذراء أم المسيح.


«البوابة ستار» ترصد الأعمال الدينية التى جسدت «مريم»

ظهرت العذراء فى كليب «موسم صيد الغزلان» فوق أحد البنايات، وهو ما يرمز لعلو شأنها عن باقى شخوص الكليب، وبالرغم من هذا الظهور المميز الذى يخلو من أى إهانة أو تقليل من أم النور وسيدة نساء العالمين، إلا أن البعض رأى أن كلمات الأغنية لا تتسق مع ظهور العذراء وترديدها لهذه الكلمات، غير أن كلمات الأغنية ككل تخلو من أى إهانة أو تقليل، حيث بدأت كلمات الأغنية معبرة عن عدم الاستسلام أمام الأزمات أو فتور المشاعر «أنا مش من النوع اللى بستسلم وأدوب، ممكن أقرب حبة وأرجع تانى وأتوب، بهرب من الناس ومن نفسى ساعات، وأستحمل إحساس الضياع بين الدروب»، أى أن الأغنية تخبرنا منذ البداية أن هناك نوعا من فتور المشاعر التى تحدث للإنسان سواء على المستوى الدينى أو غيره، غير أن هذا لا يدفعنا للاستسلام بل لمحاربة هذه المشاعر التى شبهها الكليب بمشروب القهوة البارد الذى يفقد مذاقه وقيمته عندما يقدم ويبرد، وقد كان لهذا الجزء من الأغنية الذى تم ترديده على لسان العذراء فى الكليب الأثر الكبير فى إثارة هذه الضجة من قبل بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعى من المسيحيين، غير أنه بالنظر بشكل فنى ونقدى للكليب وكلماته ككل، نجد أن هذا يخلو من أى إهانة أو تقليل للعذراء مريم أو للديانة المسيحية، فهذه الكلمات وهذه الشخصيات ظهرت معبرة عن حالة الرواية «موسم صيد الغزلان»، وما تتناوله من موضوعات، وبتجنيب الرواية وتقييم الكليب بشكل منفصل، نجد أيضًا أنه يخلو من أى إهانة، بل جاء معبرًا عن حالة التوهان أو التردد الذى يقع فيه أى إنسان حتى يستطيع أن يصل لليقين من وجهة نظره.

وبالنظر لغضبة المسلمين من تجسيد العذراء، نجد أن هناك انقساما بين مشايخ الإسلام بين قبول ورفض تجسيد الشخصيات الدينية، بين معارض يرى أن هذا تقليل من شأن هذه الشخصيات المقدسة، ومؤيد يرى أنه لا يوجد إهانة ولا تقليل، بل إن هذه الأعمال تكون مفيدة للجمهور، لما للفن ومتعة المشاهدة من تأثير وجدانى ونفسى عال.

وعلى النقيض فى المسيحية لا يوجد أى غضاضة أو رفض لظهور الشخصيات الدينية المسيحية، بداية من السيد المسيح، الذى تم تقديم أعمال فنية كثيرة عن حياته وتجسيده، مرورًا بالعذراء مريم ووصولًا إلى كل قديسى المسيحية، خاصة أن فن التمثيل قد ظهر من داخل العبادات الدينية، بداية من العبادات الوثنية، ومرورا بالديانة المسيحية التى اعتادت منذ القدم على تقديم مسرحيات دينية داخل الكنائس، توضح حياة السيد المسيح منذ ولادته حتى صعوده، إلى جانب ظهور باقى الشخصيات الدينية دون أدنى مشكلة.

وفى العصر الحديث ومع انتشار السينما والتليفزيون تم تقديم الكثير من الأعمال الفنية التى جسدت العذراء مريم من خلال الأعمال التى تناولت حياة السيد المسيح، بل والأعمال التى قدمت حياة السيدة العذراء نفسها منذ ولادتها حتى رفع جسدها إلى السماء، حسب المعتقد المسيحي، ومن هذه الأعمال فيلم «يسوع، ١٢ ساعة المسيح، حياة وآلام السيد المسيح، قصة حياة العذراء مريم» إلى جانب بعض الأعمال التى تناولت حياة القديسين الذين ظهرت لهم العذراء مريم فى حياتهم، وتم تجسيد ذلك وتقديمه فى هذه الأعمال.

كما قامت مجموعة من الفنانين المصريين بعمل شريط دوبلاج «نسخة صوت» لفيلم «آلام المسيح»، وتم عرضه داخل مصر فى ثلاثينيات القرن الماضى بعد أن قام الدكتور طه حسين بمراجعة المادة الحوارية التى قام بكتابتها الأب أنطون عبيد، وشارك فيه من الفنانين «توفيق الدقن، سعد أردش، إستفان روستى»، كما قامت الفنانة عزيزة حلمى بدور السيدة العذراء. كما قامت الكنيسة المصرية بتقديم عملين عن حياة السيدة العذراء، وهما «حياة العذراء مريم، أم النور» وكما قدمت فيلم «القديسين يواقيم وحنة»، وهما والدى السيدة العذراء، وقد ظهرت أيضًا العذراء من خلال هذا العمل، إلى جانب الأفلام التى قدمت حياة مريم المجدلية، وحياة تلاميذ السيد المسيح «الحوارين»، وهى جميعها جسدت العذراء بطبيعة وجودها فى حياة وواقع هذه الشخصيات الدينية.

ومن هذا يتضح أن هذه الضجة الإعلامية غير مبررة لعدم وجود إهانة لأى من الرموز الدينية، وعليه فلنترك الإبداع الفنى يُقدم ما يريد، ونرد عليه بإبداع فنى آخر دون العودة لمحاكم التفتيش أو البحث فى نوايا البشر، حيث إن المجتمع سيرفض أى إهانة لأى رموز سواء دينية أو سياسية أو تاريخية، لكن فى حالة أن تكون هناك إهانة فعلية وليست إهانة متخيلة.


أفلام أجنبية مختلفة.. ومسلسل إيرانى.. جسدت «أم النور»

سلطت السينما العالمية الضوء على شخصية أطهر نساء العالمين العذراء مريم، التى ستظل على مر العصور منبع للحياة ومثالا للخير والنقاء، لأنها كانت تأخذ بيد الضعيف وتستعمل البسطاء لنشر رسائل الله إلى البشر، ورغم أنه ليس من السهل إنجاز فيلم عن العذراء مريم، باعتراف كل من يتعاطى صناعة السينما، لأن العذراء تجمع فى شخصيتها بين الإنسان والرمز والكائن الفائق للطبيعة، وبالتالى فأى صورة من هذه الصور يجب دراسة أسلوب تجسيدها فى السينما بدقة، نظرا إلى التيارات والعصبيات التى تسيطر على المجتمعات، والتى قد تؤدى إلى فهم خاطئ لرسالة الفيلم ولحضور مريم فيه.

حيث تنقسم الأفلام حول حياة مريم إلى قسمين، الأول يبرز مريم فائقة الطبيعة، والثانى يصورها كرمز للسلام، فى القسم الأول يندرج حوالى ٧٢ فيلمًا بينها ٦٢ فيلمًا ضمن حياة المسيح وتؤدى فيها مريم دورًا ثانويًا، و٩ أفلام حول سيرة مريم من بينها «مريم أم اليسوع» «ومريم من الناصرة» و«مريم ويوسف: قصة إيمان».

ومن الأفلام التى تبرز مريم فائقة الطبيعة فأبرزها فيلم حياة برناديت» وأعجوبة سيدة فاتيماوسيدة غوادلوبيوسيدة فاتيما.

ويضم القسم الثانى مريم الرمز ودورها فى حياة الأشخاص حوالى ٢٠٩ أفلام تبرز فيها المسبحة الوردية وتمثال مريم وموسيقى وصلاة وغيرها، ومن أبرز هذه الأفلام: «أسطورة الأخت بياتريس» لبارونشيللى و«يوميات كاهن فى الريف» لبريسون، وأيضا تم تناول قصة حياة السيدة مريم العذراء فى عدة أفلام وثائقية منها: «مريم ابنة الناصرة» لجاك سيليف و«رسالة سلام» لستانالى كارمينسكى و«سيدة ميديوجورييه» لجون بيرد.

وظهر فى ٢٠٠٤ مسلسل مريم المقدسة وهو عمل إيرانى مدبلج يعررض قصة السيدة مريم على الشاشات العربية.


مجدى صابر: الكليب أثار غضب المسلمين والمسيحيين

لم تقتصر حالة الغضب التى أثارتها الفنانة شيرين رضا بظهورها بزى العذراء مريم فى لقطة بكليب أغنية «موسم صيد الغزلان» على الجمهور فقط، بل أثارت غضب بعض الفنانين، من بينهم السيناريست مجدى صابر الذى عبر لـ «البوابة» عن استيائه الشديد من مشاهدته شيرين رضا خلال الأغنية، وذلك ليس لتشبهها بالسيدة العذراء فحسب، بل لأن الكلمات التى قالتها غير مناسبة لصورة العذراء مريم.

وقال: «أعترض على ظهور الفنانة شيرين رضا بشدة فى كليب غنائى يصورها بالعذراء، حيث إن الكلمات لا تليق ولا تطابق ظهور أم المسيح السيدة مريم المقدسة، ومن الطبيعى أن يثير ذلك غضب الجمهور سواء المسيحيين أو المسلمين، فهى أطهر نساء الأرض كما تصورها المسيحية ويصورها الإسلام، فلماذا نضعها فى كليب غنائي؟.

 وأضاف صابر: «صناع الكليب خانهم التوفيق فى ظهور العذراء داخل الكليب، وكان من الممكن أن يجدوا فكرة أخرى بديلا من ظهورها بالكليب حيث إن ذلك سيجعلهم محل اتهام بإهانة السيدة العذراء. وتابع: «أنا ضد الرقابة بكل صورها، وليس من الضرورى أن تتدخل الكنيسة، وأن يحتاج كل فنان يتعرض للدين المسيحى للرأى الكنسي، ولكن عليه أن يراعى ضميره.


«المسيح».. فيلم مصرى «قيد التنفيذ» عن رحلة العائلة المقدسة

رحل السيناريست فايز غالى قبل تنفيذ حلمه بظهور فيلم «المسيح» إلى النور، خاصة أن الفيلم يروى قصة رحلة العائلة المقدسة فى مصر، حيث تبدأ الأحداث فعليًا عام ٢ ميلادية، وكان الراحل قد حصل على موافقة الكنيسة متمثلة فى شخص الراحل البابا شنودة الثالث، والذى رحب أيضًا على أن يقدم المقدمة الافتتاحية للفيلم بصوته.

وكان فايز غالى قد انتهى من كتابة الفيلم عام ٢٠٠٩، ولم يمهله القدر من إتمام تنفيذه بمشاركة الماكيير محمد عشوب والفنان سمير صبري، وكان الثلاثى قد اتفقوا حينذاك على اختيار من يجسد شخصية العذراء مريم بطريقتين، إما اللجوء لممثلة أجنبية أو ترشيح الكنيسة المصرية لإحدى الفتيات لتجسيد الشخصية، على أن يحصلوا منها على تعهد مكتوب بعدم التمثيل مرة أخرى.

كما كانت هناك مفاوضات جادة مع النجم العالمى مورجان فيرمان، على تجسيد شخصية يوسف النجار، ولكن توقف المشروع بعد رحيل غالي، وعاد مرة أخرى للظهور من جديد عقب زيارة بابا الفاتيكان الأخيرة لمصر، وبعد أن تم اعتماد مسار العائلة المقدسة من قبل الفاتيكان، وبدأ الإعلامى فادى غالي، نجل السيناريست الراحل فايز غالى، رحلة البحث عن طريقة لإخراج هذا المشروع للنور.