الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

الموصل.. إعلان "خلافة الدم" ونهايتها "ملف"

داعش
داعش
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

 5  يونيو ٢٠١٤ بدأ تنظيم «داعش» الإرهابى يتوغل تدريجيًا فى مدينة الموصل شمال العراق

6  يونيو ٢٠١٤ سيطر التنظيم على أطراف المدينة، وشن العديد من العمليات الإرهابية داخلها

7  يونيو ٢٠١٤، استطاع التنظيم أن يُسيطر على ١٠٪ من المدينة وهجر المئات من الأهالي

8 يونيو ٢٠١٤ سيطر التنظيم على بعض القرى فى المدينة ودخل فى اشتباكات دامية مع قوات الأمن العراقية

9  يونيو ٢٠١٤  انسحبت الشرطة الاتحادية من مدينة الموصل بالكامل وأخذ التنظيم مقارها

 10  يونيو ٢٠١٤ سيطر التنظيم على مدينة الموصل بالكامل


تشكل تنظيم داعش فى إبريل 2013، وعرف نفسه فى البدء على أنه اندماج بين ما يسمى «دولة العراق الإسلامية» التابع لتنظيم «القاعدة» الذى تشكل فى 2006 و«جبهة النصرة» فى سوريا، إلا أن هذا الاندماج الذي أعلن عنه أبوبكر البغدادي، رفضته النصرة على الفور، وبعد هذا الإعلان بشهرين، أمر زعيم القاعدة أيمن الظواهري بإلغاء الاندماج، غير أن البغدادي خالف هذا الرأي، وأكمل العملية لتصبح داعش «الدولة الإسلامية فى العراق والشام» واحدة من أكبر الجماعات المتطرفة المسلحة التي تقوم بالقتل والدمار فى العراق وسوريا، يتبنى هذا التنظيم الفكر السلفى الجهادى التكفيري، ويهدف المنظمون إليه لإعادة ما يسمونه «الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة». 
ولدت الظروف التي مر بها العراق خلال السنوات العشر الأخيرة كثيرًا من عدم الاستقرار السياسى والأمنى والركود الاقتصادي، الذي واكب جميع مراحل الحكومات المتعاقبة بعد 2003، بالإضافة إلى ما اعتبره السُنة تهميشا لهم من قبل الحكومة الشيعية مع عدم كفاءة القيادات العسكرية العراقية، والخلاف الذي ظهر بينهم وبين محافظ الموصل أثيل النجيفي، كلها ساهمت فى لحظة غير متوقعة سقوط مدينة الموصل بجميع مؤسساتها ومعسكر الغزلاني الذي كان من أكبر القواعد العسكرية الأمريكية قبل خروجها من العراق، سقط بيد داعش وهرب جميع المسئولين وخرج سكان المدينة مرحبين ومؤيدين باحتلال داعش لمدينتهم لعدم قناعاتهم بالقيادات السابقة.


كيف سقط "داعش" في الموصل؟

أطماع «البغدادى» عجلت بسقوطه.. ودخل فى صراع مع الجولانى

«أبو مصعب» استهدف الشيعة كخيار استراتيجى باعتبارهم مساندين للمحتل

«أبوبكر» قاد حروبًا ضد الفصائل السنية متبعًا نهجًا انتقاميًا متشددًا

 بسقوط الموصل ومعسكرها الذى كان يضم عددا كبيرا من الأسلحة المختلفة مهد الطريق أمام داعش بعد أن انضم إليه الآلاف من سكان الموصل بالتوجه جنوبا وشرقا، ولم يتوقفوا إلا بعد السيطرة على القضية والنواحى العربية، لينجح «داعش» بالتحرك فى هذه المناطق حتى الحدود السورية، ما أدى لإعلان الخلافة من قبل أميرها أبوبكر البغدادى؛ إذ حضر إلى المسجد الكبير (الحدباء) فى الموصل معلنا فى خطبة الجمعة بقيام الخلافة الإسلامية، وكانت هذه نقطة تحول كبيرة بالنسبة لهذا التنظيم المتشدد فى العراق بعد سيطرته على أجزاء كبيرة من العراق، وكان من ضمن ممارسات «داعش» فى البداية، أنه كان يحاول فى بادئ الأمر استمالة أهل السنة فى المناطق الخاضعة لنفوذه، بهدف كسب المزيد من العناصر أو حتى إسكات الأهالى عن أفعاله تجاه مؤسسات الدولة وتراث العراق.

التنظيم من «الزرقاوى» إلى «البغدادى»

نشأ تنظيم داعش الإرهابي، فى بداياته عقب سقوط بغداد ٢٠٠٣، فهو امتداد لـ «دولة العراق الإسلامية»، والذى أعلن عنه أبو عمر البغدادي، بعد اتحاد عدد من الفصائل الجهادية فى العراق، على رأسهم تنظيم القاعدة فى بلاد الرافدين، الذى كان تحت مسمى «جماعة التوحيد والجهاد»، التى أسسها الزرقاوى لمواجهة القوات الأمريكية، ولكنه اعتمد فى قتاله على استهداف الشيعة كخيار استراتيجى باعتبارهم مساندين للمحتل محاربين لأهل السنة، وتمكن هذا التنظيم الصغير من احتلال مساحات كبيرة فى العراق، نظرًا لوجود الفرقة هناك فى ذلك الوقت، واستطاع أن يكون قاعدة استراتيجية إرهابية فى المنطقة، وكوّن العديد من القيادات التى طورت من تلك الجماعة وبرزت واستمرت حتى وقتنا هذا.

«الزرقاوي» كان غرضه الأساسى توحيد كافة الفصائل السنية المسلحة فى العراق فى ذلك الوقت، إلا أنه لم ينعم بحياة مديدة ليكمل مسيرته التى بدأها؛ حيث قتل على يد القوات الأمريكية، وحلّ «أبو عمر البغدادي» مكانه، وأعلن تغيير اسم «مجلس شورى المجاهدين»، إلى ما عرف بـ«دولة العراق الإسلامية»، وقام بشن حروب ضد الفصائل السنية التى لم توالى التنظيم بعد توجيه دعوات الانضمام لها لمبايعة الكيان الجديد، متبعًا نهجًا انتقاميًا متشددًا.

استخدم «أبو عمر البغدادي»، استراتيجية جديدة فى شن الهجمات والحروب ضد كل من ينتسب إلى الجيش والشرطة، والقيام بعمليات انتحارية تستهدف المدنيين فى الأسواق، واستمر البغدادى فى قتال الفصائل الأخرى فى محاولة منه لإرغامها على مبايعة «دولة العراق الإسلامية»، الأمر الذى أدى إلى إضعاف التنظيم نتيجة الاشتباكات المتكررة.

أما فيما يتعلق بالمصرى أبو حمزة المهاجر قائد كتيبة «عائشة أم المؤمنين»، عقب مقتل الزرقاوي، سياساته كانت أشد حدة من سياسة سلفه، فبعد إنشاء دولة العراق الإسلامية بإمرة أبو عمر البغدادي، عمد المهاجر إلى إجبار الرافضين لمشروع الدولة من الفصائل الأخرى على بيعة البغدادى حتى وصل إلى قتال المنشقين عنه من تنظيم القاعدة ومن الجماعات الأخرى؛ حيث تسبب نهج «المهاجر» إلى ظهور ما يعرف بـ«مجالس الصحوات» بمساعدة أمريكية وإقليمية عربية، لطرد تنظيم دولة العراق الإسلامية من مناطق الوسط والشمال السنية خاصة محافظة الأنبار.

وشهدت فترة تولى «المهاجر» تصاعدًا فى العمليات ضد الحكومة العراقية، ولم يلبث حتى قتل المهاجر فى غارة أمريكية على محافظة صلاح الدين، وفقد التنظيم حاضنته الشعبية ولجأ إلى الصحارى والمناطق النائية وقلت عملياته بنسبة كبيرة فى مواجهة المحتل والقوات العراقية المساندة له واستمر على هذا الحال.

تولى بعدها القيادة لداعش «أبو بكر البغدادي»، وفى عهده حصلت الثورة السورية التى كانت متنفسًا لتنظيمه فتدخلت الدولة تحت مسمى «جبهة النصرة»، وظهرت بنهج مغاير تمامًا للدولة حتى حصل الخلاف بينها وبين قيادة الدولة فى العراق بعد إعلان البغدادى عن حل «جبهة النصرة» وإعلان الدولة الإسلامية فى العراق والشام.

ومع تحول الأزمة السورية إلى حرب أهلية، انشق «أبو محمد الجولاني»، أحد مساعدى أبو بكر البغدادي، عن ما سمى بـ«الدولة الإسلامية فى العراق»، مع مجموعة من السوريين الآخرين، وأسس ما يعرف بـ«جبهة النصرة»، داخل الأراضى السورية، لتنخرط فى العمليات المسلحة مع الفصائل الأخرى ضد قوات النظام؛ حيث تمكنت الجبهة من إحراز مكاسب عسكرية ضد قوات النظام السوري، خلال مرحلته القتالية الأولى.

وعقب صعود نجم الجبهة فى سوريا، دفعت أطماع البغدادى لتبنى إنجازاتها وقائدها الجولانى فى سوريا، الذى كان من منتسبى «الدولة الإسلامية فى العراق» سابقًا؛ حيث أعلن البغدادى فى ٢٠١٣، قيام ما يسمى بـ«دولة الإسلام فى العراق والشام» من طرف واحد، فى محاولة منه لضم «جبهة النصرة» إلى صفوف التنظيم، داعيًا الجولانى إلى مبايعته، غير أن الأخير رفض مبايعة البغدادي، رغم انفصال مجموعة عنه وانضمامها إلى صفوف «داعش»، الأمر الذى أدى إلى إكساب التنظيم تسارعًا فى امتداده داخل سوريا.

وانخرط تنظيم داعش فى العمليات القتالية فى سوريا، إلا أنه بدل محاربة قوات النظام، فضل الاستيلاء على المناطق التى تسيطر عليها المعارضة شمال البلاد، وبذلك تبنى التنظيم دورًا فى إضعاف المعارضة وتعزيز قبضة نظام الأسد فى المناطق الخارجة عن سيطرته.


 «قادمون يا عتيق».. كتاب يفضح جرائم التنظيم الإرهابى

جلد ثلاثة عازفين.. وقطع رأس شاب صغير قُبض عليه متلبسًا بسماع الأغانى

يعتبر كتاب «قادمون يا عتيق» لمؤلفه «نوزت شمدين»، من أهم الكتب التى دافعت عن مدينة الموصل العراقية، معقل تنظيم «داعش» الإرهابي؛ حيث كشف أكذوبة «دولة العراق الإسلامية» التى يعتبرها التنظيم دولة «الخلافة» المزعومة، موضحًا حقيقة هذه العصابة التى قامت على أخذ إتاوات من قيادات أمنية فى عدد من المناطق، لا سيما الغربية منها ثمنا لعدم التعرض لوحداتها، وكان القادة يستعيدون ما يدفعونه من التجار بالاعتقال وإطلاق السراح، أو التهديد بالاعتقال.

كما أنهم كانوا يتقاضون نصف رواتب المنتسبين لديهم مقابل عدم التحاقهم بالخدمة، فضلًا عن تكتمهم على نسب الغياب، حتى وصلت نسبته إلى ٨٠٪، بالإضافة إلى حصولهم على نسبة لا تقل عن ٢٠٪ من كل مقاولة من أعمال المقاولات فى أى دائرة من الدوائر الحكومية، حتى قررت عدم تنفيذ أى مشروع فى «نينوى»، باستثناء المؤسسات الصحية والمدارس.

واستعرض الكتاب عددًا من الجرائم التى ارتكبها التنظيم فى الموصل، مثل تفجير المنازل، وتصفية أصحابها، خاصة بين أوقات صلاتى الفجر والمغرب، وعلى مقربة من نقاط التفتيش، وكان من بين الفئات التى استهدفها التنظيم التجار والقضاة والمحامين والصحفيين والعناصر الأمنية، والمواطنين الذين لا يملكون سوى شهادات ميلادهم، وكانوا يعتذرون عن ذلك بأن القتل تم عن طريق الخطأ، ثم تقيد كل جرائمهم ضد مجهول.

وأجاب فى مطلع كتابه عن سبب عدم تعاون أهل الموصل مع الأجهزة الأمنية؛ حيث قال إن القوات الأمنية عمدت إلى اتباع سياسة سحب الأسلحة الشخصية والمنزلية منذ العاشر من مارس ٢٠٠٨، واعتبروا من يحوز سلاحًا إرهابيًا، ويزج به فى السجن بحكم لا يحضره محام، بعد أن يتم انتزاع اعتراف تليفزيونى منه، مؤكدًا أن هذه الأجهزة كانت مخترقة، مما أدى إلى استهداف عناصرها وضباطها بشكل دائم.

ونقل عن الموسيقى أسعد عزيز -٦٠عامًا- أن الدواعش بدأوا حكمهم بحرب ضد الفن وتحريمه بمختلف أشكاله، فدمروا تمثال أشهر موسيقى عرفته الموصل، وهو الملا عثمان الموصلى، الذى كان منتصبًا منذ سنوات بعيدة أمام محطة القطار فى جانب المدينة الأيمن، وهو تمثال برونزى ضخم، بملامح مبتسمة بارزة، يقبض فى يده اليمنى على عصاه، وفى الأخرى على أسطوانة موسيقية، كما ألغوا دراسة الفنون الجميلة موسيقى وغنًاء ومسرحًا وتشكيلًا ونحتًا، مبقين على رسم الخط، وأقفلوا مكاتب الموسيقى والاستوديوهات والتسجيلات، ومنعوا إذاعة الأغانى والموسيقى فى المقاهى والسيارات والمنازل.

كما حدد التنظيم عقوبات للمدخنين والمتهمين بالزنى والسرقة والتجسس وغيرها من القضايا التى تنظرها محاكمه الشرعية، محددًا لكل منها عقوبة منصوص عليها، لكنه ترك أمر عقوبة الموسيقيين بيد القاضى الشرعي، فهو من يحدد عدد الجلدات تزيد أو تقل عن ١٠٠ حسب قناعته، وقد يتمادى ليصل بالعقوبة إلى أبعد من ذلك.

ورصد «عزيز» ٤ حالات من بينهم عازفان وصاحب تسجيلات صوتية وشاب صغير؛ حيث تم جلد الثلاثة أمام الناس فى أوقات متباعدة ومناطق مختلفة من الموصل بحجة قيامهم بأفعال الكفار، بينما تم قطع رأس شاب صغير بسبب القبض عليه متلبسًا بسماع الأغاني، وهذه التهمة ذاتها التى أدت إلى اعتقال خمسة آخرين خلال العام المنصرم لا يعرف عن مصيرهم شيء، بالإضافة إلى تدمير الآلاف من الآلات الموسيقية الوترية.

أما الاعتداء على الآثار فقد دمروها بالتفجيرات، وسرقوها من مئات المواقع الأثرية بدءًا من سور نينوى حتى تلة ريمة شمالًا، وسرقوا آلاف القطع وباعوها حول العالم.

وفضح المؤلف فى إحدى مقالات كتابه منهج «داعش» فى خيانة الأمانة، بعد أن تعهد أحد العناصر بتهريب شاب من حدود مناطق سيطرة التنظيم مقابل مبلغ من الدولارات لإنقاذ حياته، إلا أنه نقض وعده وسلم الشاب لتنظيمه، ليسجن ويجبر على الاعتراف بجرائم لم يرتكبها، بعد أن ارتدى الزى البرتقالى الخاص بالتنظيم.

وتحدث عن الموصل التى فى خاطره؛ حيث كانت فى مقدمة المدن العراقية عقودًا طويلة لتتحول على يد «داعش» وبفعل الحروب العبثية المتلاحقة لنظام البعث إلى مدينة خنقها الإرهاب بوحشيته، فتراجع التعليم وتوقفت حركة الاقتصاد، وأحيلت دور السينما والمسارح إلى التقاعد، واعتقلت المرأة فى سجن المنزل، وصار الموت عقوبةً لأبسط مخالفة أو مجرد فكرة تغيير تخطر فى البال.

وهذا ما دعا لطرح سؤال فى مقال مستقل «هل ستعود إلى الموصل إن حل فيها السلام ذات يوم؟»، ليطرح العديد من السيناريوهات المتوقعة للموصل فى مرحلة «ما بعد داعش»، والتى كان من بينها دعوات انفصالها عن العراق بعد تجاهل بغداد للملفات الأمنية والاقتصادية فيها، ويتم التخطيط لمحافظة «نينوى» التاريخية لتنقسم إلى محافظات عدة على أساس عرقى وطائفي، إلا أنه عاد ليؤكد أنه سيعود إلى «الموصل» إن حل السلام بها.


كُتب سيد قطب.. مرجع أفكار التنظيم

هناك العديد من الأفكار التى ارتكز عليها التنظيم، واتخذها سببا فى تكوين أفكاره ومناهجه، وكان من أبرزها كتابات سيد قطب، والتى أصبحت مرتكزًا أساسيًا للجهاد وفق رؤيته، فكتاباته وأفكاره التكفيرية، هى المرتكز الأساسى للجهاد، فهو صاحب مقولة «إنه بسبب عدم تطبيق الشريعة فى العالم الإسلامي؛ فإنه لم يعد إسلاميًّا، وعاد إلى الجاهلية، ولكى يعود الإسلام، فالمسلمون بحاجة إلى إقامة دولة إسلامية حقيقية»، «تطبيق الشريعة الإسلامية، تخليص العالم الإسلامى من أى تأثيرات لغير المسلمين، مثل مفاهيم الاشتراكية أو القومية».

ويرى التنظيم منذ نشأته أن المرتكزات الفكرية تقوم على نظرية الجهاد الإسلامى العالمي نفسها، التى تتمثل فى «مساعدة المقاومة العراقية لمحاربة القوات الأمريكية، وإقامة دولة تحكم بالشريعة الإسلامية فى العراق، والجهاد الإسلامى عالمي، وأساس قوة الإسلام تتركز فى أرض إسلامية واحدة، بالجهاد يمكن الانتصار على الكافرين المعتدين، وإقامة الخلافة الإسلامية، والتى تبدأ من إندونيسيا فى الشرق حتى المغرب، وإسبانيا فى الغرب، وصولًا إلى تحرير جميع الأراضى الإسلامية، الجهاد يبدأ بالعدو القريب وليس العدو البعيد».