الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

الوجه الآخر لـ"رجال الإكليروس".. البابا شنودة اشتهر بخفة الدم وإلقاء النكات خلال عظته الأسبوعية.. مباراة كرة قدم بين كهنة المنصورة خلال مهرجان الكرازة

الراحل البابا شنودة
الراحل البابا شنودة الثالث
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«زى أسود، وجه عابس، واعظ، موبخ، الشدة» هذه هى الصورة الذهنية المعروفة عن رجال «الإكليروس» فى أذهان الكثيرين، لا تعبر فى أغلب الأحيان عن الحياة التى يعيشها الأساقفة والكهنة، وربط البعض هذه الصورة الذهنية «بالوقار» الذى يفرض على رجال الدين طبيعة حياة بعينها.
لكن مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعى، ظهرت على السطح صور رجال دين يشاركون فى احتفالات ويلعبون كرة القدم، ويلقون النكات خلال العظات، وهو الأمر الذى ساهم فى تغيير صورة الكاهن والأسقف، من الشخص العابس إلى شخص ضاحك يلقى النكات، ويشارك ويشجع الأنشطة الرياضية.
البداية بالراحل البابا شنودة الثالث، الذى عرفت عنه الشدة والصلابة فى مواقفه، لكن كان دائم المزاح وإلقاء النكات خلال عظاته الأسبوعية، ودائما ما كانت تضج الكنيسة الكبرى بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية ب«التصفيق والضحك» بعد القائه النكات بأسلوبه الشيق.
«تكتب شيك للكنيسة وتبقى اتجوزت شكك، ويمكن لما القسيس يستريح من الناحية يصلى الإكليل بضمير»، هكذا رد البابا شنودة الثالث على شكوى أحد الحضور بارتفاع تكلفة حجز الكنائس لإقامة الإكليل- صلاة الزواج-، مستطردا: «هى فلوس الإكليل على مين؟ لمؤاخذة إحنا ماعندناش خبرة فى الموضوع ده»، رد البابا الراحل جعل الحضور يضحكون ويصفقون لمدة طويلة.
ردود البابا الضاحكة جمعها محبوه فى عدة فيديوهات، وتم وضعها على اليوتيوب وحملت عنوان «اضحك مع البابا شنودة»، وبها تم وضع النكات والردود الضاحكة التى كان يقولها البابا فى إجابته على أسئلة الحضور باجتماعه الأسبوعى كل أربعاء بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية.
الأنبا رافائيل يصفق
أما «الأنبا رافائيل»، سكرتير المجمع المقدس وأسقف عام كنائس وسط البلد، والمعروف بالتشدد فى مواقفه الدينية، فقد ظهر فى فيديو وهو يشارك بالتصفيق خلال فرح لعروسين من «إثيوبيا» داخل الكنيسة المرقسية القديمة بمنطقة الفجالة.
«الوجه الضاحك والاجتماعى» لسكرتير المجمع المقدس، ظهر فى الفيديو المصور وهو محاط بعدد من «الإثيوبيين»، الذين يطلقون الزغاريد ويدقون الطبول، ويرتلون على أصوات هذه الموسيقى الصاخبة محتفلين بالعرس، ومشاركة سكرتير المجمع المقدس فرحتهم، مختتمين عزفهم الموسيقى بالتقاط الصور معه، أما الأنبا أنجليوس، أسقف لندن، فقد ظهر فى فيديو يركض محاولًا الاستحواذ على الكرة، خلال مشاركته لعدد من الشباب فى مباراة لكرة القدم، الفيديو الذى نال إعجاب الكثيرين ظهر فيه شعب الكنيسة، وهم يشجعون أسقفهم على أرض الملعب.
مهرجان الكرازة 
وخلال مهرجان الكرازة من كل عام، تنظم الكنيسة مسابقات رياضية مختلفة، يشرف عليها كهنة كل كنيسة، وبعضهم يشارك الفرق اللعب لتشجيعها وتحفيزها، فخلال مسابقات مهرجان الكرازة فى المنصورة، شارك عدد من القساوسة فى اللعب، خلال التدريبات التى يجريها الفريق قبيل المباراة النهائية.
ولعب فى المباراة الافتتاحية كل من القس صموئيل، راعى كنيسة مارجرجس بالمنصورة، والقس هدرا، راعى كنيسة مارجرجس بمركز أجا، وأظهر القسيسان اللذان شاركا الشباب تدريبهم، مهارات كبيرة فى تمرير الكرة، وسط جو من الفرحة بين الشباب، الذين شجعوا القسيسين بحفاوة كبيرة، فلأول مرة يشاركهم القساوسة اللعب.
«أبونا جرجس أول مرة يعرف أن الكورة مدورة»، هكذا قال المعلق خلال مباراة لكرة القدم شارك فيها كهنة كنيسة مارمرقس مصر الجديدة، فيما وقف المشجعون من الشعب وهم يهتفون لكهنة كنيستهم ويلتقطون الصور للمباراة، الجلباب الأسود الواسع والعمة لم تمنع الكهنة من الركض داخل الملعب، وبعضهم قام بخلع العمة السوداء، حتى يستطيع الركض.
البابا والرياضة 
كان البابا شنودة محبًا للرياضة، حيث قال فى أول حوار رياضى له بمجلة «الأهرام الرياضى» عام ١٩٩٥: «الرياضة لغة عالمية لكل الشعوب ولكل الناس بما فيهم رجال الدين»، مشيرا إلى أن للرياضة وظيفتين، خاصة الشباب، الأولى تتعلق بالجسد ورعايته.. والأخرى تخص النفس والروح، وأضاف قائلا: «الرياضة ليست حرامًا، وكرة القدم أيضا ليست حرامًا، إلا إذا كانت ضد الروح أو تدعو للعنف، وأرفض حرمان الفتاة من ممارسة الرياضة».
فى بعض الأحيان يكون لدينا نية للمزاح أو قول شىء لطيف نكسر به رتابة الوقت أو تخفيفا للتوتر، فنتفوه بكلمات يكون وقعها وتأثيرها عكس ما كنا نرجوه تماما.
من الجائز أن نمر بهذا الموقف مرة أو عدة مرات فى أوقات متفرقة متباعدة، لكن أن يكون مثل هذا السلوك هو السمة الغالبة للشخصية، فهذا يشير لأحد احتمالين:
الأول التعمد رغبة فى الظهور وتسليط الأضواء عليه كشخص خارج عن المعتاد، والبعض يعرف المقولة الشهيرة «خالف تعرف».
والاحتمال الثانى هو قصور فى مهارات التواصل الاجتماعى نتيجة انخفاض فى الذكاء الوجدانى المسئول عن التعبير عن الانفعالات والمشاعر، فلا يستطيع الفرد ضبط أقواله وردود أفعاله تجاه المواقف المختلفة، فتصدر منه زلات لسان، أو سلوكيات اندفاعية غير منضبطة.
للذكاء الوجدانى مهارات تتيح للشخص القدرة على تحديد مشاعره، والتعبير عنها بكلمات مقبولة اجتماعيا، تمكنه من تأكيد حقوقه ووضع حدود للآخرين، بدون أن يخطئ فى حق نفسه أو يتجاوز بالقول أو الفعل، حيث يمتلك القدرة لإدارة انفعالاته ومشاعره.
مراعاة مشاعر الآخرين مهارة أخرى للذكاء الوجدانى، وتقدير المشاعر فلا استهين بها، وأقدر انفعال الآخر سواء كان نتيجة غضب أو حزن أو حتى اندهاش، أن أضع نفسى مكانه فيما يشعر ويحس به.
امتلاك مثل هذه المهارات يؤهل للنجاح، سواء كان على مستوى العلاقات أو النجاح المهنى، العديد من الأشخاص الماهرين مهنيا فشلوا بسبب عدم امتلاكهم للمهارات الاجتماعية التى تمكنهم من إمساك لسانهم عن زلات قد تنقص من رصيد محبة الناس لهم وإقبالهم على التعامل معهم.
الشىء الجيد أن هذه المهارات يمكن التدرب عليها، لتزيد من معدل الذكاء الوجدانى وتخلق موصلات عصبية تربط بين الفص الوجدانى الأيمن للمخ، والفص العقلانى المنطقى الأيسر للمخ، فيتمكن الشخص من تقييم ما يمكن أن يقوله منطقيا قبل أن يتخذ الفص الوجدانى قرارا سريعا فى الرد بناء على الانفعال والتأثر من شدة الموقف أو رغبة فى الظهور أو الاستعراض.
تواضروس يكره كرة القدم 
أما البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريريك الكرازة المرقسية، فقد كشف عن سبب كرهه للعبة كرة القدم، خلال حلقة برنامج «البابا وأسئلة الشعب»، التى أذيعت، على القنوات المسيحية، استضاف خلالها فتيات وفتيان إبارشية وسط الجيزة، وقال: «حينما كنت فى المرحلة الإعدادية، كنت فى مدرسة بدمنهور اسمها أحمد محرم، وفى أول مباراة لعبت فيها كرة قدم تحطمت ساعة اليد التى كنت أرتديها، ومن وقتها توقفت عن لعب كرة القدم». 
وكشف البابا تواضروس الثانى خلال مشاركته بلقاء حوارى مع مجموعة من شباب مصر على مسرح وزارة الشباب ضمن فعاليات المرحلة الثانية من البرنامج التدريبى التثقيفى، عن فريقه المفضل، قائلا: «بحب الأهلى والزمالك»، محذرا من آفة التعصب التى قد تدمر الرياضة المصرية، وتضربها فى مقتل.
فرنسيس.. عشق خاص للكرة 
أما البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان فله اهتمامات كروية، بالرغم من أن دولة الفاتيكان هى واحدة من تسع ليست عضوا فى الفيفا، إلا أن هذا لم يمنع الفاتيكان من تشكيل منتخب خاص باسمه يشارك فى مباريات ودية، فالبابا فرانسيس من عشاق كرة القدم، وبعد جلوسه على الكرسى البابوى قبل أربع سنوات أصبح هناك حارس سويسرى من حرس البابا، مهمته إبلاغه أولًا بأول بنتائج النادى الأرجنتينى سان لورانزو، الذى يشجعه البابا منذ كان صبيًا فى العاصمة بوينس آيريس.
وحرص البابا فرانسيس على لقاء جياتى إينفانتينو بعد انتخابه العام الماضى رئيسًا للفيفا، الذى بدوره أهدى بابا الفاتيكان تى شيرت لنادى ريال مدريد، وكتب إينفانتينو على ظهر التى شيرت اسم البابا فرانسيس وأعطاه له مع ميدالية بطولة دورى الأبطال الأوروبى.
البابا فرنسيس الذى عرف بحبه لنجم الكرة «ليونيل ميسى» التقى بمجموعة من القساوسة أعطته هدية كانت عبارة عن تى شيرت النجم الأرجنتينى «ميسى»، وقبله مارادونا الذى التقى بالبابا فرانسيس أكثر من مرة، وشارك مارادونا فى أكثر من مباراة للسلام، دعا إليها البابا فرانسيس وبمشاركة نجوم العالم فى الرياضة.
بابا الفاتيكان الذى توقف عن مشاهدة مباريات كرة القدم، بالرغم من دعمه للرياضة، كان دوما يحث على استخدام كرة القدم من أجل سلام العالم، وفى الحوار الذى جمع بين البابا فرانسيس وإينفانتينو، طلب البابا من رئيس الفيفا تطهير المؤسسة الكروية الكبرى من كل وأى فساد وأخطاء.
اهتمام الفاتيكان بالرياضة حديث العهد، فأول مباراة تحتفظ بها سجلات الفاتيكان الكروية هى مباراة جمعت بين الفاتيكان وسان مارينو عام ١٩٩٤، كان أكبر فوز لمنتخب الفاتيكان فى فبراير عام ٢٠٠٦ حين فاز على نادى إس فى فولموند السويسرى بتسعة أهداف مقابل هدف واحد، وضم هذا المنتخب لاعبين هم فى الأصل من جنود الحرس السويسرى، إلى جانب بعض أعضاء المجلس البابوى الكاثوليكى من قديسين وكرادلة وأيضًا حراس متاحف الفاتيكان من الإيطاليين.
يرجع الفضل لاهتمام الفاتيكان الحقيقى والدائم بكرة القدم والرياضة كلها للبابا يوحنا بولس لثانى، الذى جلس على الكرسى البابوى عام ١٩٧٨، والذى لم ينسَ سنوات صباه، حين كان كارول فويتيلا البولندى يعشق كرة القدم ويلعبها ويتابع مبارياتها ونجومها، وفى عام ٢٠٠٢ قرر البابا يوحنا تأسيس إدارة للرياضة داخل الفاتيكان، ويتحدث عن كرة القدم، ولم يتردد فى نشر صور له مع كرة القدم وهو يلعبها أيضًا، وبالرغم من هذا الاهتمام، إلا أنه رفض اقتراحًا للكاردينال برتونى بتشكيل فريق كرة باسم الفاتيكان لا يلعب له إلا اللاعبون الكاثوليك، وبدلًا من ذلك أسّس البابا بطولة كروية داخلية فى الفاتيكان هى الكليريكوس كاب، ويشارك فيها فرق من القساوسة وطلبة المدارس الإكليريكية،الذين يأتون من مختلف بلدان العالم للدراسة فى الفاتيكان.
وخلفه على كرسى البابوية البابا بنديكتس السادس عشر، وكان فى الأصل ألمانيًا أيضًا من متابعى كرة القدم ومن مشجعى فريق ميونيخ، واعتاد مثل البابا يوحنا بولس الثانى استقبال نجوم وأندية منتخبات كرة القدم فى الفاتيكان.