الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

اعتراف ماكرون ضربة قوية لـ"داعش"

 الرئيس الفرنسي إيمانويل
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعد إخفاقات متتالية في الحد من الهجمات الإرهابية، التي تعصف بالغرب، خرج الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، باعتراف نادر يكشف فيه السبب الحقيقي لظاهرة التطرف، وأنها ليست مرتبطة فقط بعوامل خارجية، وإنما أيضا بسياسات خاطئة داخل المجتمعات الأوروبية نفسها.
فمعروف أن الغرب طالما ركز على محاربة التطرف خارج حدوده، وشن العديد من الحروب ضد دول عربية ومسلمة، إلا أن هجمات "الذئاب المنفردة"، لم تتوقف، سواء داخل أوروبا، أو أمريكا.
ورغم تسويف الغرب كثيرا في الاعتراف بالخلل داخله، وقيامه فقط بالتركيز على تشديد القيود على دخول المسلمين إلى دوله، إلا أنه سرعان ما اكتشف أن هذا النهج لم يعد يجدي نفعا، وأنه لا بديل عن الوقوف على جذور المشكلة، لمواجهتها.
وكان الرئيس الفرنسي أقر في 14 نوفمبر، بأن "تهميش وتخلي فرنسا عن الأحياء الشعبية الفقيرة، وراء تنامي موجات التطرف فيها".
ونقلت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية، عن ماكرون، قوله:"إن التطرف في فرنسا، تم إرساء جذوره، بسبب انسحاب الدولة من العديد من المناطق والمجتمعات وتخليها عن مسئولياتها".
وتابع أنّ "الحكومة الفرنسية ستتقدم بنحو 15 إجراء جديدا للدخول حيز العمل بحلول عام 2018، من أجل محاربة المتطرفين".
وجاءت تصريحات ماكرون، بالتزامن مع إطلاقه، خطه تُقدر بمليارات الدولارات، تركز على مشروعات الإسكان في ضواحي العاصمة الفرنسية، التي يعيش فيها المهاجرون العرب والمسلمون، وتعاني من الجرائم والبطالة.
وعزا مراقبون، نجاح تنظيم "داعش" في استهداف فرنسا تحديدا، إلا أنها تضم أكبر جالية مسلمة في أوروبا، لكنها تعاني حالة من الاضطهاد، ما يساعد التنظيم في تجنيد بعض الشباب الغاضبين.
وقال الخبير الألماني في الجماعات الإرهابية "غونتر ماير"، في تصريحات لإذاعة صوت ألمانيا "دويتشه فيله"، في أعقاب هجمات باريس 2015، إنه "يجب الاعتراف أولا أن سكان ضواحي باريس يعانون أوضاعا اجتماعية صعبة. حيث يعيش هناك أغلبية من المسلمين والمهاجرين، ولهم أحوال اقتصادية مزرية. البطالة منتشرة بكثافة والشباب ليس لهم آفاق كبيرة، وهذا هو المناخ المثالي لنمو الإرهاب وتزايد عدد المتطرفين".
وتابع الخبير الألماني "الصحافة الفرنسية قامت بتقييم نقدي وموضوعي لأعمال العنف، التي اندلعت في ضواحي باريس في خريف 2005، والتي تم خلالها حرق سيارات وممتلكات، وتخللها اشتباكات مع الشرطة، وخلصت حينها إلى أن هناك تهميشا للجالية العربية والمسلمة، وأن هناك بالفعل مشاكل في الاندماج داخل المجتمع الفرنسي".
ورغم أن هناك عددا من الأسباب الأخرى، التي يبرر بها الإرهابيون، استهداف فرنسا تحديدا، أبرزها استعمارها في السابق دولا عربية ومسلمة، ومشاركتها في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم "داعش" في سوريا والعراق، إلا أن عدم دمج المهاجرين العرب والمسلمين في المجتمع الفرنسي، يبدو السبب الرئيس، الذي ساعد التنظيمات الإرهابية في اختراق هذه الدولة الأوروبية بشكل متكرر.
ففي 13 نوفمبر 2015، عاشت باريس وضواحيها عمليات إرهابية، هي الأكثر دموية في تاريخها، أودت بحياة 130 شخصا، واستهدفت حينها ستة أماكن حيوية، بما فيها ملعب "ستاد دو فرانس" لكرة القدم، ومسرح الباتاكلان.
وفى 14 يوليو ٢٠١٦، نفذ أحد عناصر تنظيم داعش عملية دهس فى مدينة نيس الفرنسية مستغلا التواجد الكثيف للمواطنين فى الشوارع للاحتفال بالعيد الوطنى، ما أسفر عن مقتل ٨٦، وإصابة ٣٠٠ شخص.
وقام تنظيم داعش أيضا بمحاولة لاستهداف بطولة أمم أوروبا، التى أقيمت فى فرنسا عام ٢٠١٦، إلا أن السلطات أجهضت هذا المخطط.
وتمكن الأمن الفرنسى أيضا من إحباط عملية إرهابية استهدفت ملعب حديقة الأمراء أثناء مواجهة بين فريق باريس سان جيرمان وبوردو، حضرها حوالى ٥٠ ألف مشجع.
وقبل ذلك، وتحديدا فى فبراير ٢٠١٥، بث تنظيم "داعش" فيديو بعنوان "رسالة إلى فرنسا"، توعد فيها بمزيد من العمليات الإرهابية هناك.
وفى نوفمبر ٢٠١٥، بث التنظيم فيديو آخر يهدد فيه الدولة الفرنسية باستهداف برج إيفل أحد معالم العاصمة الفرنسية باريس.
وفى مايو ٢٠١٧، قام تنظيم داعش بالتهديد بحرق لجان الانتخابات، وكان ذلك أثناء الانتخابات الرئاسية الفرنسية.
وفي أعقاب هجمات باريس في 2015، شددت باريس الإجراءات الأمنية، وفرضت أيضا حالة الطوارىء، وذكرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، أن قانون "الإرهاب" الفرنسى، الأشد فى أوروبا، ورغم ذلك، لم تتوقف الهجمات في فرنسا، بل زادت وتيرتها بشكل مخيف، ما جعل الرئيس الفرنسي يعترف صراحة، بأن هناك مشكلة حقيقية في بلاده، تزيد من "التطرف".
ولعل ما يضاعف من قلق ماكرون، أن فرنسا تعد الدولة الأوروبية، التى يوجد لها أكبر عدد من المقاتلين فى صفوف "داعش"، حيث يقدر بحوالي 900 مقاتل، ولذا فإن الإسراع في التصدي لظاهرة عدم الاندماج داخل المجتمع الفرنسي، سيكون بمثابة الضربة القاصمة للتنظيمات الإرهابية.