السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

حسين الأعظمي سفير المقام العراقي في حواره لـ"البوابة نيوز": لا أستمع إلى هيفاء وأخواتها.. والنخبة يتم قتالها ومحاربتها

حسين الأعظمي سفير
حسين الأعظمي سفير المقام العراقى في حواره لـ" البوابة نيوز"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
التوزيع ليس حكرًا على الغرب ومن حقنا الاستفادة من جمالياته
التكنولوجيا قلبت موازين الموسيقى العربية وخلقت قاعدة جماهيرية ركيكة

يلقبه البعض بـ«سفير المقام العراقي»؛ يمتلك حضورًا طاغيًا، ووجهة نظر ثاقبة، يبهرك ببساطة أسلوبه وشخصيته الجذابة، يقرأ المقام العراقى بقلب شاعر، وروح فنان، وذوق أديب، وفكر مثقف.. إنه الفنان العراقى الشهير الدكتور حسين الأعظمى، الذى شارك فى فعاليات مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية السادس والعشرين.


وعلى هامش المؤتمر كان لـ «الأعظمي» هذا الحوار مع «البوابة» كشف خلاله عن وجهة نظره فى الكثير من القضايا الخاصة بالموسيقى العربية فى الوقت الحالي؛ وإلى نص الحوار..

■ كيف ترى واقع الموسيقى فى الوطن العربي؟
- الموسيقى الآن شأنها شأن العالم كله؛ لأن التكنولوجيا الحديثة قلبت كل الموازين وخلقت قاعدة جماهيرية ركيكة، والمشكلة أن هذه القاعدة الجماهيرية هى التى تخلق الفنانين؛ فإذا كانت القاعدة الجماهيرية مثقفة وواعية ومتقدمة؛ فإنه لا يمكن أن تستمع إلا إلى الأغانى الجيدة، ولكن ما دامت الجماهير تهوى الإسفاف فمن الطبيعى أن يسايرها عدد كبير من العاملين بالمجال الفني، ومن هنا يأتى مطربون يقدمون أغانى بلا وزن ولا قيمة ولا كلام ولا إرشاد؛ فى حين أن الموسيقى هى المرشد، وهى القائد وهى المربية التى تربى المجتمع كله.
■ وهل تقوم الموسيقى بمهمتها فى الوقت الحاضر؟
- للأسف تم تجريد الموسيقى من هذه المهمة الكبيرة وأعطوها للجماهير التى هبطت ثقافتها وذوقها، وللحقيقة فإن مؤتمر الموسيقى العربية الذى تنظمه وزارة الثقافة المصرية، يعد أكبر وأهم فعالية عربية تجمع علماء الموسيقى العرب، ونحن نواجه ونجابه ونتصدى لأى أفكار وافدة أو غير وافدة تحاول الحط من قيمة الموسيقى العربية، ولكن المشكلة الحقيقية أن النخبة يتم قتالها ومحاربتها الآن، ونحاول والمحاولة شيء جيد، وتأثير النخبة واضح فى هذا الصدد.


■ وما سر هذه الحرب على الموسيقى العربية من وجهة نظرك؟
- هناك حرب على كل التيارات الموسيقية الراسخة تأتى من عدد كبير من التيارات الوافدة ليس فى الدول العربية فقط وإنما فى كل العالم، منبعها من التكنولوجيا والسرعة الهائلة والفضائيات، وهناك زخم إعلامى هائل من المواد الإعلامية الفاسدة، كما أن استمرار المؤتمر حتى دورته السادسة والعشرين، أمر يعكس الإصرار على مواجهة الفن الهابط من قبل النخبة.
■ هل ترى أن التوزيع الموسيقى الغربى للألحان العربية يثرى الموسيقى العربية؟
- بالفعل فأنا أتفق مع هذا الرأي، من ناحية أن التوزيع الموسيقى إضافة ذوقية وجمالية للموسيقى بشكل عام والتوزيع ليس حكرا على الغرب، فالهارمونى موجود فى الطبيعة منذ بدء الخليقة فى كل شىء، وأنت عندما تلبس ملابس متناسقة فهذا نوع من أنواع «الهارموني»، وعندما يتم توزيع الألحان بشكل صحيح ستخرج بنتيجة جيدة، والأمر هنا نسبى حسب كل حالة على حدة، ونحن لسنا ضد التوزيع والتطوير ونحن نخلق أصالة نابعة من أصالتنا الحقيقية ولا نخلق شيئا جديدا ليس له جذور.
■ إذن ما الفيصل فى الحكم على عربية الموسيقى من غيرها؟
- الموسيقى العربية هى سلالمنا العربية المعروفة، وتقسيمات الديوانين العربيين المعروفين، والأربعة وعشرون ربعًا، هذه هى موسيقانا يجب أن نطورها انطلاقا من أصولها العلمية هذه أولا ومن أصول تعبيرية، فالعراقى يغنى مقام الراست مثلا بشكل يختلف عما يغنيه المغربى أو التونسي، ولكن كتابة مقام الراست لا يختلف بين الدول، وإنما الاختلاف يكون فى الأداء، فالموسيقى موحدة بالأساس من الناحية العلمية ومختلفة نسبيا من الناحية التعبيرية، بمعنى أن التعبير عنها أداء يخضع للبيئات؛ لأن الإنسان هو ابن بيئته، فلا المصرى يغنى مثل العراقى ولا العراقى يغنى مثل المصري.
■ أصوات المطربين فى الوقت الحالي، هل تؤثر سلبا فى أداء الموسيقيين؟
- بالعكس؛ أرى أن المطربين الحاليين لديهم ثقافة موسيقية أكثر من مطربى الماضي، وعموما فهم يعتمدون على الموسيقيين بشكل كبير باعتبارهم الأكثر اطلاعا، المطرب يأخذ المسار اللحنى مع العازفين ويؤديه كما يقال له، ودائما العازف أقرب للتذكر لكل أعماق وتفاصيل وأجناس السلالم الموسيقية على عكس المطرب.
■ وهل اختلفت ثقافة المطربين فى الوقت الحالى عن السابق؟
- حاليا أفضل بكثير؛ وأقصد المغنين من خريجى المعاهد، أما المطربين خريجى الكباريهات والملاهى وكثيرا منهم موجود بالساحة ويفرض نفسه، فإنهم لا يعنون لنا شيئا ولديهم أخطاء كثيرة جدا فى اللفظ والنطق والكلمات ومخارج الحروف وكثير من الأشياء تنقصهم، ونسبيا حتى هذه المسألة أفضل من السابق بكثير لأن غالبية المطربين فى السابق كانوا على الفطرة ولم يدرسوا وإنما اعتمدوا على موهبتهم فقط، ولكن الآن كل الدول العربية أسست بها كليات ومعاهد الموسيقى وكثير من المطربين درسوا بها.


■ وما رأيك فى أداء هيفاء وهبى وغيرها من المطربات الجديدات؟
- أنا لا أستمع إلى هيفاء وهبى وأخواتها.. فهيفاء وأمثالها من المطربات يعتمدن على الأغانى المصورة والإغراءات، وهذه الأغانى لا تطيق سماعها دون تصوير لأنهن يقمن بتسويقها من خلال الملابس والحركات والإيماءات والجماليات والإبهار وغير ذلك، ولهذا فإننى لا أشاهد مثل هذه الأغانى لأنها غش للمواطنين وهى غير ناجحة بمفردها، ولكنهم ينجحونها بالتصوير، ولا أشاهد إلا الكليبات المحترمة التى ليس بها أى خروج على العادات.
■ هل هناك صعوبة لدى الموسيقيين فى استخدام المقامات العربية؟
- ليس هناك أية صعوبة فى استخدام المقامات العربية فى الموسيقى؛ لأنها الأصل والأصل تتبعه الفروع، وأغلب الموسيقيين الآن درسوا المقامات العربية بشكل جيد وهى ليست معجزة فى الاستخدام، وإذا كان المقصود من سؤالك لماذا يتجه أغلب الموسيقيين الآن إلى الألحان والآلات الغربية؛ فإن هذا الأمر يرجع إلى حب بعض الموسيقيين إلى الآلات الغربية مثل الأورج، ولهذا يقوم بدراستها أو أنه يجرى وراء الموضة الحديثة للغناء، ولكنى أوصى الموسيقيين بفهم الموسيقى العربية قبل الجرى وراء الفنون الغربية.
■ تحدثت فى كلمتك للمؤتمر عن الغزو الثقافى للموسيقى العربية بعد غزو التتار.. ألا ترى أن ما يحدث الآن من غزو ثقافة يعد أشد فتكا مما حدث فى الفترات الماضية؟
- نعانى حاليا عولمة هائلة، وإذا كان الغزو القديم يقتصر على محيط جغرافى معين، فالعالم الآن يعيش كله فى هيمنة من قوى خفية غير ظاهرة ولكنها تسعى لقتل وسحق وتدمير كل الحدود الجغرافية والثقافية من خلال التكنولوجيا الحديثة، والآن تسمع أغنية حديثة يسمعها فى الوقت نفسه من هو موجود فى أقصى بلاد الأرض، بلا أى رابط بين الاثنين، لا لغة واحدة ولا ثقافة مشتركة ولا ذوق واحد، والسؤال الذى يفرض نفسه ماذا تريد هذه القوى الخفية من هذه الهيمنة وتأسيس بيئة واحدة؟ لا أحد يعلم هل يوحدونا لنحارب كوكبًا آخر أم ماذا لا نعلم، ولكنها مسائل خفية تحتاج مزيدًا من الوقت للكشف عما يدور فى الكواليس.