الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

"الأنبا أرسانيوس".. معلم أولاد الملوك

  الأنبا أرسانيوس
الأنبا أرسانيوس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بدأ حياة الرهبنة فى صحراء «شهيت».. واشتهر بالذكاء وسرعة التعلم
اشتهر بلقب «معلم أولاد الملوك» بعدما عهد له ملوك وأباطرة بتربية وتهذيب وتعليم أبنائهم.. هو «الأنبا أرسانيوس» الذى ولد لعائلة ثرية فى روما عام ٣٥٠ ميلادية، واهتمت أسرته منذ صغره بتعليمه العلوم اللاهوتية وتلك المرتبطة بالثقافة اليونانية.
لقب «معلم أولاد الملوك» التصق به، حينما كان الملك «ثاؤدوسيوس» يبحث عن رجل حكيم وصالح، ليعلم ولديه «أنوريوس» و«أركاديوس»، فلم يجد أفضل منه، فعلَّمهما وأدَّبهُما. وحينما بلغ الأربعين من عمره قرر ترك روما تاركا وراءه ممتلكاته، وجاء إلى الإسكندرية، ومنها اتجه الى برية «شيهيت»، حيث بدأ حياة الرهبنة، وعرف عنه الذكاء الشديد وسرعة التعلم.
الزهد فى الدنيا 
«تأمل يا أرسانى فيما خرجت لأجله» كان هذا مبدأه فى الرهبنة، ولذلك بدأ القديس «أرسانيوس» حياته الرهبانية، بنسك عظيم وصلاة وقداسة وزهد حتى فاق كثيرين، وانتشرت سيرته بين أمراء القسطنطينية، وابتدأ كثيرون منهم يتزهدون ويسافرون إلى مصر ويترهبون فيها. ويحكى عنه أنه منذ أخذ الاسكيم، لم يبق فى قلايته أكثر من حاجته، بل كان يتصدق بالباقى على الجميع، وكان قد تعلم ضفر الخوص من الرهبان، وكان يضفر القفف والمراوح وغيرها ويبيعها ويأكل من عائدها، ويشترى خوص الضفائر ويتصدق بما يبقي.
عاشق الصمت والوحدة 
كان «أرسانى» متوحدًا يفضل الصمت دائما والوحدة، وسأله أحد الرهبان «لماذا تهرب منا يا أبتاه؟»، فأجابه قائلًا: «الله يعلم أنى أحبكم، ولكنى لا أستطيع أن أكون مع الله ومع الناس، لأن ألوف الملائكة والربوات العلوية لهم إرادة واحدة، أما الناس فلهم إرادات كثيرة، وهكذا لا أستطيع أن أترك الله وأصير مع الناس». يوما ما زاره البابا ثاؤفيلس البطريرك وانطلق معه إلى البلاد، وسألوه كلمة، فسكت قليلاُ ثم قال لهم: «إن قلت لكم شيئًا فهل تحفظونه؟» فلما ضمن له البابا البطريرك أمر حفظه قال لهم: «أينما سمعتم بأرسانى فلا تدنوا منه».
الراعى الصالح 
وعندما طلب البابا البطريرك أن يراه، فأرسل إليه يستأذنه إن كان يفتح له فأجابه: «إن جئت فتحت لك، وإن فتحت لك فلن أستطيع أن أغلق فى وجه أحد، وإن أنا فتحت لكل الناس فلن أستطيع الإقامة هنا»، فلما سمع الأب البطريرك هذا الكلام، قال: «إن مضينا إليه فكأننا نطرده، فالأفضل ألا نمضى إليه». وصفه أحد تلميذه بأنه «كان كاملا فى الشيخوخة وصحيح الجسم، مبتسمًا وكانت لحيته تصل إلى بطنه، وكان طويل القامة، لكنه انحنى أخيرًا من الشيخوخة، وبلغ من العمر سبعا أو خمسا وتسعين سنة، أربعون سنة منها حتى خروجه من بلاط الملك، وباقيها فى الرهبنة والوحدة، وكان رجلا صالحًا مملوءًا من الروح القدس والإيمان، وقد ترك لى ثوبًا من الجلد وقميصًا من الشعر، وبهذه الأشياء كنت أنا غير المستحق أتبارك».