الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سكّين «الإرهاب» تمزق اليمن (ملف)

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إسلام محمد و محمد رجب سلامة ونهلة عبدالمنعم وآية عز

تحولت دولة اليمن بعد مرحلة ما عرف بـ«الربيع العربي» إلى ساحة للحرب الأهلية، خاصة مع انتشار الميليشيات المسلحة، والتنظيمات الإرهابية التى تصارعت على زعامة الإرهاب فى الأراضى اليمنية، خاصة منطقة الجنوب، التى كان يسيطر عليها تنظيم القاعدة الإرهابي، قبل أن ينازعه مناطقه تنظيم «داعش» الإرهابي، الذى استطاع أن يزرع عناصره فى 4 مناطق مهمة، هى محافظات: «عدن، وصنعاء، وحضرموت، وشبوة»، ومعها دخلت اليمن سلسلة من الصراعات ما بين التنظيم الوليد، والقاعدة، والحوثيين المتمردين، يسعى كل منهم لأن يكون من الاثنى عشر ألفًا التى تخرج من عدن لتنصر الله ورسوله، حسبما ورد فى حديث نبوى يقول فيه الرسول عليه الصلاة والسلام: (يخرج من عدن أبين اثنا عشر ألفا ينصرون الله ورسوله هم خير من بينى وبينهم)، وتحت هذه المظلة الدينية الشرعية استحل هؤلاء دماء اليمنيين، وحولوا يمن الإيمان والحكمة، إلى وطن الدماء والفرقة.

الحوثيون و«الدواعش» وجهان لعملة واحدة

استطاع تنظيم داعش الإرهابى منذ ظهوره فى اليمن عام ٢٠١٤ بقيادة جلال بلعيد المعروف بـ«أبو حمزة الزنجباري»، فرض سطوته ونفوذه الإرهابى فى الأراضى اليمنية، بعد أن تمكن من تنفيذ عدد من العمليات الانتحارية، خاصة فى أماكن تمكن من التمركز فيها كمنطقة البيضاء بوسط اليمن، وحضرموت جنوبًا، التى استقبلت المئات من مقاتلى داعش من عدة جنسيات أجنبية كالأمريكية، والكندية، والبريطانية، والفرنسية، والأسترالية، وبلدان شرق آسيا، وجنوب القارة الإفريقية، بالإضافة إلى عدة جنسيات عربية؛ حيث يسكنون فى أماكن تسمى «المأوى»، ويتخذون منها أوكارًا لنشر الفكر المتطرف عبر لقاءاتهم وعرض الأفلام المسجلة بمناطق يسيطر عليها التنظيم فى دول كالعراق وسوريا، وكذلك إعداد مقاتليهم، والتجهيز لعملياتهم.

ويستهدف تنظيم «داعش» الإرهابى جميع المكونات فى اليمن رغم ادعائه أنه ينتمى للطائفة السنية، إلا أنها ربما كانت الأكثر تضررًا منه، فبالرغم من العداء الظاهر بين داعش والحوثيين، فإنهما وجهان لعملة واحدة؛ حيث يشترك التنظيمان فى مواجهة عدو واحد هو استهداف السكان السنة فى اليمن، وقد نشر فرع تنظيم «داعش» فى اليمن ألبوم صور فوتوغرافية يوثق مشاركة عناصره رسميًا فى المعارك ضد الحوثيين والقوات الموالية لهم فى محافظة البيضاء وسط اليمن، ووصف مسلحيهم بـأنهم من «المشركين»، وأعلن استهداف عدد من مواقعهم بالأسلحة الثقيلة، إلا أن الخريطة العامة للعمليات توضح أن الحوثيين ربما كانوا الجهة الأكثر استفادة من الدواعش، إذ إنهم يوفرون لهم المبرر لوجودهم ويتضح ذلك من خطابات عبدالملك الحوثى الذى لا يكاد يفوت مناسبة، دون أن يذكر العالم بالدور المجيد الوهمى لحركته فى محاربة الإرهاب، رغم أن الجبهات المشتعلة فى شمال اليمن وجنوبه لا يقاتل فيها «داعش» الحوثيين، بل يقاتلون أبناء القبائل والتحالف العربى والفصائل الرافضة لهم.

كما يستهدف الدواعش قوات التحالف العربى من القوات السعودية والإماراتية والجيش اليمنى المؤيد للشرعية، والذى يقاتل ضد الحوثيين.

للإرهاب وجوه عدة

يحاول الحوثيون فى اليمن توثيق عملياتهم قرب الحدود السعودية فى محاولة لتحقيق انتصار، ولو وهمي، يغطى على خسائرهم فى الميدان، ويعتمدون على زرع عبوات متفجرة عن بُعد تلائم شكل الطبيعة التضاريسية للمناطق، فى محاولة منهم لتقليد الطريقة الإعلامية التى تتبعها الميليشيات فى عملياتها من توثيق لعملياتها الإرهابية، فمعظم هذه التنظيمات، وبخاصة «داعش»، تحاول البحث عن الشهرة والصدى الإعلامى من خلال عملياتها، ويتضح ذلك فى الفيديوهات التى يتم تصويرها منذ التخطيط للعمليات وحتى تنفيذها، كما أن جزءًا كبيرًا من العمليات التى تحاول هذه التنظيمات تسويقها إعلاميًا هو عبارة عن هجمات انتحارية تنفذها عناصر تابعة لتلك التنظيمات.

مؤخرا كشفت السعودية عن قائمة تضم ٤٠ اسمًا لقيادات وعناصر مسئولة عن تخطيط وتنفيذ ودعم الأنشطة الإرهابية المختلفة فى جماعة الحوثى الإرهابية، معلنة عن مكافآت مالية لمن يدلى بأية معلومات تُفضى إلى القبض عليهم أو تحديد أماكن تواجدهم، إذ إن الجماعة الحوثية تخفى هوية الكثير من عناصرها مثل تنظيم «داعش» الإرهابي، وضمت القائمة كلا من عبدالملك الحوثي، وصالح الصماد ومحمد الحوثى وزكريا الشامى وعبدالله أبو الحاكم وعبدالخالق الحوثى ومحمد العاطفى ويوسف المدانى وعبدالقادر الشامى وعبدالرب جرفان ويحيى الشامي، وعبدالكريم الحوثي، ويحيى الحوثى وحسن زيد وسفر الصوفى ومحمد الغمارى وعبدالرزاق المرونى وعامر المرانى وإبراهيم الشامى وفضل المطاع ومحسن الحمزى وأحمد دغسان ويوسف الفيشي.


أئمة المساجد فى مرمى نيران «التنظيم»

عاد شبح الاغتيالات من جديد يدق أبواب اليمن مرة أخرى، خاصة مدينة عدن، ومدن أخرى فى الجنوب، الأمر الذى كثر فى الآونة الأخيرة، وطال هذه المرة العديد من دعاة التيار السلفي، وخطباء المساجد، وذلك بالتزامن مع عودة الحوادث الأمنية فى مدينة عدن بشكل كبير.

وعلى الرغم من ابتعاد السلفيين بجناحهم المحافظ عن الأدوار السياسية، ولكنهم أدوا دورًا كبيرًا فى العديد من جبهات القتال إلى جانب «المقاومة الشعبية»، التى واجهت بقوة ميليشيات الحوثي، والموالين للرئيس المخلوع على عبدالله صالح بالمحافظات الجنوبية، والسبب فى عودتهم للمشاركة فى الصراع مع الحوثيين، إغلاق المعهد الخاص بالسلفيين ونزوح الآلاف من المنطقة.

وكان تنظيم داعش الإرهابى تبنى العديد من العمليات الإرهابية، فى اليمن، تأتى على رأسها العديد من دعاة السلفيين، نظرًا إلى ما يسميه وفق عقيدته بأن هؤلاء الدعاة لا يكفرون الحكام ويقفون مع التحالف العربي، ولا يدعون إلى ممارسة الجهاد مع تنظيم الدولة، الأمر الذى دفع داعش إلى إرسال العديد من الرسائل عبر مواقع التواصل الاجتماعى ومنافذه الإعلامية ومنابره «التليجرام» و«تويتر»، لعناصره لاغتيال الدعاة، بالإضافة إلى البيانات المتعددة التى قام بإرسالها وأطلق عليها «دعاء السوء».

ومن أبرز الشخصيات التى تعرضت لمحاولة اغتيال فى الآونة الأخيرة، إمام مسجد الحسنى فى محافظة لحج، شمال عدن، الشيخ بشار السلفي، والذى أُصيب بجروح بين المتوسطة إلى خطيرة، نُقل على أثرها إلى عدن للعلاج.


أنصار «البغدادى» و«الظواهرى».. حرب التكفير

تحول تنظيم «داعش» الإرهابى إلى منافس شرس فى مواجهة تنظيم القاعدة المسيطر على الجنوب اليمنى منذ عقود، على حساب أمن واستقرار اليمن ورخاء اليمنيين، وعلى الرغم من اشتراك التنظيمين فى الإيديولوجية التى تتبنى القتل والتخريب والتكفير واستغلال الدين للوصول إلى سدة الحكم، إلا أنهما يتصارعان على السلطة والنفوذ الذى أصبح مكمن الخلاف بين الطرفين، فكلًا منهما يسعى إلى بسط نفوذه على اليمن التى تتمزق ما بين الاضطراب الأمنى ومطالبات الانفصال وميليشيات الحوثيين وعلى عبدالله صالح.

الغريب أن قادة «داعش» مع قادة «القاعدة» اختلفا على السؤال الأهم بالنسبة لهم وهو: لمن الولاء؟ فأتباع البغدادى فى اليمن طلبوا من تنظيم القاعدة، مبايعة زعيم «داعش»، بدلًا من أيمن الظواهري، وقد استجاب لدعوتهم بعض العناصر، مما تسبب فى انشقاقات فى صفوف تنظيم القاعدة، مما دفع القيادى فى التنظيم، خالد باطرفى، بالقول إن «خلافة البغدادى خلافة باطلة شرعًا، ومنهجه بُنى على خليط من الجهل والانحراف والأهواء».

بينما اتهم المتحدث الرسمى السابق لـ«داعش»، أبو محمد العدناني، تنظيم القاعدة بأنهم خائنون ويشقون صف المجاهدين، فى حين وصف التنظيم فى اليمن الدواعش بـ«الجماعة المنحرفة»، وذلك ردًا على الهجوم الإرهابى لـ«داعش» على الجيش اليمنى، بعد قيام التنظيم بعملية إرهابية قرب معسكر الصولبان فى عدن بالجنوب اليمنى، والتى أسفرت عن مقتل ٤٨ جنديًا وعشرات الجرحى؛ حيث قام انتحارى من «داعش» بالانغماس بين الجنود وتفجير نفسه فيهم خلال حصولهم على رواتبهم.

كما يتنافس التنظيمان الإرهابيان على تجنيد العناصر للانضمام إلى صفوفهما، وتجلى ذلك فى خلافهم على انتماءات جلال بالعيدى الذى قتل فى ٢٠١٦م؛ حيث نعاه تنظيم القاعدة بعد مقتله وزعم «داعش» أنه من عناصره.

وفى إطار قيام التنظيمين الإرهابيين بمعاقبة كل من ينشق عن صفوفهما، قام تنظيم القاعدة بإعدام اثنين من عناصره فى يونيو ٢٠١٥م، وهما فارس المطيرى ومساعد الخويطر، عن طريق إطلاق النار عليهما وتعليق جثتيهما على جسر، على خلفية اتهامهما بالعمالة للولايات المتحدة، ولكن تفيد التقارير بأنهما كانا ينويان الانشقاق عن التنظيم.

معسكرات داعش فى اليمن

يتخذ التنظيم الإرهابى من منطقة ولد ربيع ملاذًا آمنًا لأحد معسكراته المهمة، ويقع المعسكر فى المنطقة الرابطة بين محافظتى مأرب والبيضاء، وهو متاخم لمعسكر خاص بتنظيم القاعدة فى منطقة المكلا اليمنية، معقل «قاعدة اليمن» هناك.

وإلى جانب وجود «داعش» فى البيضاء؛ فإن معاقله تتعدد داخل اليمن لتأخذ مكانًا فى العاصمة صنعاء شمالًا وحضرموت فى منطقة «قف الكثيري»؛ حيث يسيطر على منطقة مهمة فى اليمن بعد إنشائه معسكرًا بالقرب من مواقع الثروة النفطية فى محافظتى «شبوة» الواقعة فى جنوب الجمهورية اليمنية، ومأرب.

وإلى جانب معسكر «الشيخ أبى محمد الفرقان» ومعسكر التدريب «أبو محمد العدناني»، أظهر التنظيم صورًا من تخرج دفعة أطلق عليها اسم دفعة «الشيخ أبى بلال الحربي»، وكانت الدفعة قد تلقت تدريبات على القتال الميدانى والرماية.

ونشر التنظيم الإرهابى صورًا عن نشاط عناصره داخل اليمن، تم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وغرف التليجرام، فى شهر أكتوبر الماضي، وكانت لأحد التدريبات الغريبة لعناصره؛ حيث أظهرتهم وهم يصطفون فى طابور واحد ويقوم المدرب بركلهم فى مناطق حساسة من جسدهم لإظهار مدى قوتهم على تحمل الألم، وذلك فى بث دعائى للتنظيم والتقطت الصور من داخل معسكر التدريب «أبو محمد العدناني» فى اليمن.

كما نشر التنظيم الإرهابى فى أغسطس ٢٠١٧، ألبوم صور آخر، يوضح نشاط عناصره الإرهابية فى معارك ضد الجيش اليمنى فى إحدى مناطق «قيفة» بمحافظة البيضاء، ووصف داعش قوات الجيش اليمنى بالمشركين.

وأظهرت صور أخرى تم نشرها على الشبكة العنكبوتية، عناصر التنظيم وهم يرتدون الزى العسكرى ويتدربون على القنص والرماية خلال دورة سماها التنظيم «دورة القناصة لجنود الخلافة».

وفى سياق ترويج تنظيم داعش لوجوده فى اليمن، بث التنظيم صورًا من تدريباته فى إحدى مناطق محافظة البيضاء، من داخل معسكر أطلق عليه اسم «الشيخ أبى محمد الفرقان».

وعلى الرغم من ذلك يبقى تواجد التنظيم فى اليمن محدودًا بالمقارنة بتنظيم القاعدة، ويظهر ذلك من حجم إصداراته المرئية لما يعرف بـ«ولايات اليمن»، والتى لم تتخط ١٦ إصدارًا فى الولايات الأربع «عدن، صنعاء، حضرموت، شبوة».


«جنوب اليمن».. كتلة نار

تعددت جرائم تنظيم «داعش» الإرهابى منذ ظهوره فى اليمن عام ٢٠١٤، ومع مطلع عام ٢٠١٥م، توغل التنظيم فى جنوب اليمن بعملياته الإرهابية سواء بالاغتيال أو الحرق أو التفجير؛ حيث شن عددًا من الهجمات الإرهابية خلال السنتين والنصف السابقتين، كان أبرزها على النحو التالي..

حادث مبنى البحث الجنائي

تبنى تنظيم «داعش» الإرهابى عملية استهدفت مبنى البحث الجنائى فى محافظة «عدن» الواقعة فى جنوب اليمن، وتسبب التفجير فى سقوط العشرات وإصابة عدد كبير من المواطنين.

تفجيرات عدن

لم تكن هذه العملية هى الأولى من نوعها فى «عدن»، وأسفرت تلك العمليات الإرهابية عن استشهاد ٢٦ شرطيًا يمنيًا، وإصابة العشرات من الجنود اليمنيين، وعشرات المصابين.

تفجيرات البريقة

أما مدينة البريقة المتواجدة فى شمال غرب مدينة عدن جنوب اليمن، فتعرضت هى الأخرى لسلسلة من الهجمات الإرهابية، كان أبرزها تفجير هائل استهدف المنطقة العسكرية المتواجدة فى المدينة بالكامل، وتسبب فى مقتل عدد كبير من العساكر.

اغتيال مسئول أمنى فى عدن

فى ٥ مارس ٢٠١٦، اغتال تنظيم «داعش» الإرهابى العميد سالم ملقاط، مدير قسم شرطة التواهي، بحى المنصورة فى عدن.

تفجيرات ميناء عدن

فى بداية شهر فبراير، أطلقت عناصر تابعة للتنظيم الإرهابى النار على قوات الأمن المتواجدة فى البوابة الغربية لميناء الحاويات فى مديرية المنصورة وسط عدن، مما أسفر عن مقتل عدد كبير من الجنود.

هجوم انتحارى استهدف منطقة عسكرية

كما استهدف تنظيم «داعش» الإرهابى فى ١٩ ديسمبر٢٠١٦، مدينة عدن جنوب اليمن، وذلك من خلال هجوم انتحارى على منطقة عسكرية، وأسفر عن سقوط ٥٣ قتيلًا و٨٤ جريحًا.

تفجيرات العجزة

فى العجزة لم يترك التنظيم الفرصة وقام فى ٤ مارس ٢٠١٦، بقتل نحو ١٦ مواطنًا من دار العجزة، التى تقع فى حى الشهيد عبدالقوى بالشيخ عثمان بعدن جنوب اليمن.

تفجيرات مدينة المعلا والمنصورة

فى مطلع عام ٢٠١٥، تعرضت كل من مدينتى المعلا والمنصورة فى عدن بجنوب اليمن، لحادث إرهابى أليم من قبل «داعش»؛ حيث هاجمت عناصر من التنظيم المدينتين وقاموا بإطلاق نار كثيف استهدف قوات الأمن المركزى المتواجدة فى مدينة المنصورة، وأسفر عن مقتل عدد كبير من الجنود.