«عكس اللى
شايفينها».. هذه الجملة أو الأغنية التى قامت بغنائها ملكة الإحساس المطربة «إليسا» تنطبق على صاحبة الأغنية الشهيرة «متحسبوش يا
بنات إن الجواز راحة» الفنانة القديرة «إيمان يونس» بسبب ما مرت به من صعوبات
وتحديات منذ صغرها وكان أشدها فجاعة عليها هو موت ابنها الذي مات يوم ميلاده، بعد عمر 23 عاما، الذي أبلغها الأطباء منذ أن كان عمره 3 سنوات أنه سيموت، فكان سببا فى انكسارها
وحسرتها، إلا أنها رغم كل ذلك تحدت كل القيود وأبهرت الجميع بشخصيتها القوية
الصامدة فاعتزلت الفن فى قمة توهجها دون أن يعلم أحد أى أسباب، وظلت بعيدة ومصرة
على العزلة، وليس على الفن فقط، وإنما من الحياة فالناظر إليها لا يكاد يصدق مدى
الألم الذي تعيشه بداخلها إلا أن الجميع يرونها قوية
وعنيدة، فالتقت «البوابة» لأول مرة فى تاريخها بتلك المرأة القوية النادرة من
نوعها فكانت معها هذه المعايشة:
فترة نقاهة
بعد هذه الفترة العصيبة، حدثت لإيمان العديد من الأحداث، إلى أن عادت
إلى الأضواء والغناء من جديد، وعن كواليس تلك المرحلة، وسبب عودتها، ومن أقنعها
قالت:
«بعد موت ابنى كنت فى حالة توهان، ولم أكن أعرف ماذا أريد، حتى قام ابنى
عمر برمى حجر فى المياه الراكدة، عندما قال لي: شكرا يا مامي، إنك قعدت كله ده
معاه، فكفاية بقى ويلا انزلى اشتغلي، ومن هنا قررت العودة وترك البيت لأعود للفن».
فقاطعتها قائلة: هل انفصلت عن زوجك ولماذا تركت البيت؟.
فأجابت: «بصراحة، انفصلت عن زوجي، وتركت البيت، وابنى عمر كان
مقتنعًا بقراري، لأنه تأكد أنه ليس بيننا تواصل أو روح، وبعد موت ابنى محمود
الحياة توقفت بيننا، وكنت لا أستطيع العيش معه، ففى البداية انفصلت عنه شفهيا، ثم
بعد فترة كبيرة انفصلت رسميا».
رعب بعد العودة
لا تعد عودة الفنان سهلة بعد غياب سنوات عديدة عن جمهوره ومحبيه،
وهذا الشعور انتاب الفنانة إيمان يونس، بعد أن قررت العودة من جديد، وعن كواليس
هذه المرحلة قالت:
«عندما قررت أن أعود إلى الأضواء من جديد، لم يعرف أحد بقرار عودتي، حتى شقيقتى إسعاد يونس وأحلام يونس، وابنى عمر لم يعرفوا بذلك، واتصل بى الفنان هانى شنودة، وقال لي: نريد أن نسترجع فرقة المصريين من جديد، فقلت له: إنه لدى اثنان من التلامذة سوف أدربهما ونأخذهما معنا فى الفرقة، فوافق على الفور وبعدها اتصلت بأخواتي، وفاجأتهم بأننى سوف أعود وأننى أحضر لأولى حفلاتى فى مكتبة الإسكندرية، فردت إسعاد علىّ فى الهاتف: «هو أنت دلوقتى هتعرفى تغنى وتقفى على المسرح، وعندك القوة لكده؟»، وكان ينتابها الخوف، وسألت شقيقتى الأخرى أحلام: «تفتكرى إيمان هتنجح؟» فردت عليها: «نجحت نحن معها، سقطت نحن معها أيضا».
الصحافة والإعلام
قلت لها أعلم أنك شخصية قوية للغاية، ولا تثقين فى الناس بسهولة،
فلماذا تقاطعين الصحافة والإعلام، وهل هناك صفة سيئة كانت تلازمك فى مرحلة الشباب
وتخلصت منها عندما كبرت، فأجابت: «بصراحة آه، فأنا كنت ساذجة للغاية لدرجة العبط،
وكنت أصدق الأشخاص بسهولة، وأتفاجأ بعدها أنهم كان يضحكون عليّ، ولكن بعد ما كبرت
تخلصت منها الحمدلله، أما الصحافة والإعلام أشعر بضيق عندما أظهر فى التليفزيون،
ولم أجد إعدادا بشكل جيد، أو أكرر كلامى، فظهورى كان من خلال برنامج صاحبة
السعادة، ومع خيرى رمضان فقط.
إسعاد وأحلام
مرت الشقيقات الثلاث إسعاد وأحلام وإيمان يونس منذ وفاة والدهن، بعدد من التحديات والظروف، وعن كواليس ظروفهن التى لا يعرفها أحد وعلاقتهن ببعض قالت لنا: «سعاد قبل تقديمها برنامج «صاحبة السعادة»، قمت بتدريبها على تمارين النفس وغيرها من التمارين، لأنها كانت منقطعة عن التمثيل قبلها، فكان لى دور فى تدريبها، وكنا نتدرب على السرير حيث كانت كسولة للغاية، وهى لا تحتاجنى، فهى كانت متدربة منذ زمن، ولكن قبل بدء برنامجها قمت بإنعاشها قبل ظهور برنامجها، وبالنسبة لي، إسعاد وأحلام وابنى عمر هم كل دنياي، وهم من أجمل الأشياء التى حدثت لى فى حياتي، ووالدى كان له دور كبير فى حياة إسعاد أكثر مني، لأنه رحل وأنا كنت لا أعى شيئًا، أما والدتى فكان لها دور جبار فى حياتنا نحن الثلاث وهى كانت أرملة، لديها ٣٣ عاما، ووالدتى كانت مغنية فى الإذاعة اسمها «كوكب صادق» وكانت زميلة فى الإذاعة للراحل العظيم عبد الحليم حافظ، وشقيقة والدتى كانت مغنية كبيرة اسمها بديعة صادق، فنحن عائلة فنية، وأنا وإسعاد وأحلام ووالدتى مررنا بظروف قاسية بعد رحيل والدي، وعانينا كثيرا وتعرضنا لظروف مادية صعبة بعد رحيله، حيث وزع ميراثه على كل العائلة، لأننا كنا ثلاث بنات، وليس لنا شقيق، فعانينا ماديا جدا، فمثلا كنت أمتلك طقم ملابس واحدًا فقط، أذهب به إلى المدرسة، وإذا انقطع الحذاء لا يتم استبداله بحذاء جديد، إلى أن قرر الرئيس الراحل أنور السادات إعطاءنا معاش والدى لأنه من الضباط الأحرار، فحياتى أنا كانت مليئة بالحفر، وكنت أعمل بكلمة والدتى وهى «إنى عندما أقع فى حفرة، أدب قدمىّ من الداخل وأخرج مخرجة لسانى وأقول للناس أنا جيت أهو».
حكايتى مع صلاح جاهين
يقول الشاعر الكبير سيد حجاب: «من اختمار الحلم بيجى النهار»، وقمنا
بتوجيه هذا بسؤالها لنعرف منها إلى مدى يمكن تطبيق هذه العبارة على مشوار حياتها؟
فسرحت قليلا ثم أجابت: «بصراحة شديدة، أنا كنت أكثر حظا من أشخاص كثيرين ظهروا فى
تلك الحقبة، أولا تعلمت جيدا فى أكاديمية الفنون ومعهد الكونسرفاتوار، وأقوم
بالغناء الكلاسيكي، والمواد الكثيرة التى درستها جعلتنى مثقفة أكثر وفى إطار
أكاديمي، ثم بعد تخرجى من المعهد تم تعيينى مباشرة، وعملت ماستر «الفونتكس» لكى
أعمل به.
وتواصل «إيمان»: «ثم التحقت بفرقة المصريين، وكان الراحل صلاح جاهين صديقًا مقربًا من والدي، وبعد رحيل والدى كان يقوم بالاتصال بى أنا وأخواتى للاطمئنان علينا، وهو كان على علم بجمال صوتي، وأننى أريد أن أصبح مغنية، وكان مقتنعًا بصوتى للغاية، وأيضا كان له تأثير كبير علىّ فى حياتى، وهو الذى ألحقنى بفرقة المصريين، ومن خلال الفرقة كان أول تعارف بينى وبين الجمهور، ثم ذهبت مع الراحل صلاح جاهين، للمنتج عاطف منتصر فى الاستوديو، ومنذ سماعهم صوتى تم قبولى على الفور، فصلاح جاهين وضع قدمىّ على الطريق ودلنى على السكة، وقدمت أغنية «متحسبوش يا بنات أن الجواز راحة» والحمدلله حققت الأغنية نجاحا كبيرا، وقدمت بعدها مجموعة من الأغنيات، وشاركت فى أكثر من تجربة للتمثيل، ثم توقفت لفترة، ثم عدت وغنيت من جديد، وأنشأت أكاديمية لتعليم فنون الإلقاء والصوت وإخراج الألفاظ.