السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

منظمات الإخوان في أمريكا.. بنك تمويل الإرهاب

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تنشر أيديولوجيتها عبر المؤتمرات والملصقات 
أخطبوط «الجماعة» يتوغل داخل المجتمع المدنى بالولايات المتحدة
مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية والجمعية الإسلامية والدائرة الإسلامية ترتبط بالجماعة 
يهيمنون على العديد من المنظمات الرائدة فى الحقوق المدنية المسلمة 

وتتوالى إصدارات الطبعة الدولية من مجلة «البوابة»، وقد صدر منها العدد الثانى فى نسخته بالإنجليزية، منذ أيام، وتضمن عدة ملفات، من بينها ملف «العلاقات القطرية- الإيرانية»، إلى جانب ملف شامل لوقائع مؤتمر «قطر.. كواليس الأزمات بالشرق الأوسط»، والذى كان باكورة أعمال مركز دراسات الشرق الأوسط الذى دشنه وافتتحه فى العاصمة الفرنسية، تحت رئاسة، عبدالرحيم على، رئيس مجلس الإدارة ورئيس تحرير «البوابة».

ونشرنا أمس، افتتاحية العدد بقلم عبدالرحيم على، إلى جانب ملف عن الإخوان فى بريطانيا، وننشر اليوم فى الحلقة الثانية ملف جماعة الإخوان فى أمريكا و39 منظمة تسيطر عليها فى واشنطن.
احتد النقاش بين مواطنى الولايات المتحدة، خاصة الساسة وصناع القرار منهم، حول مسألة حظر جماعة «الإخوان» وتصنيفها كجماعة إرهابية على قائمة الخارجية الأمريكية المعروفة بــ «FTO».
وتعد جماعة الإخوان، واحدة من أكبر وأخطر الحركات الإسلامية فى العالم، فالجماعة حركة دولية تأسست فى مصر ولها فروع فى جميع أنحاء العالم، بما فى ذلك الولايات المتحدة الأمريكية. ورغم أنها ليست حركة واحدة متجانسة، غير أن فصائلها المختلفة تتبنى نفس الأيديولوجية التأسيسية التقويضية.
الجماعة لا تمثل جميع أو حتى بعض المسلمين، رغم أنهم يزعمون أنهم ممثلون عن العالم الاسلامي، ولكنها فى الأساس حركة سياسية أكثر من كونها حركة دينية إصلاحية.
ويشير تقرير الحكومة البريطانية للأنشطة الخاصة بجماعة الإخوان المسلمين عام ٢٠١٥ إلى أن المؤسس والمرشد الأول (الزعيم الروحى للجماعة) حسن البنا دعا إلى إصلاح دينى للمسلمين، ثم تنقية أخلاقية تدريجية للمجتمعات الإسلامية، وأخيرًا توحيد المجتمعات الإسلامية سياسيًا فى شكل خلافة إسلامية تحت حكم الشريعة.
أهداف الجماعة
الجماعة هدفها تحرير البلدان الإسلامية من الحكم الأجنبي، هذا الهدف كان يبدو معقولًا فى عام ١٩٢٨، عندما تم تأسيس الجماعة، وعندما كانت مصر تحت الحكم البريطاني. إلا أن الجماعة لا تتوقف عند هذا الحد، فالهدف الأساسى للجماعة هو توحيد جميع البلدان الإسلامية، وإعادة تأسيس الخلافة وتطبيق الشريعة الإسلامية كنظام للحكم. كلها ذرائع سعت الجماعة لجعلها ستارًا تستتر به وتتكسب منه. 
المعتقدات الجوهرية للجماعة هي: أولًا: أنها لا تفصل بين الدين والدولة، فالجماعة ترى أن الإسلام هو النظام الشرعى الوحيد. والثاني: هو ارتباط قوى بالمثل العليا مثل العدالة الاجتماعية والقضاء على الفقر والفساد، والذى يستخدمه الإخوان لتجنيد تابعين لها من الطبقة الوسطى والدنيا.
«فن الموت» فى فكر الجماعة
رغم أن الإخوان قد تخلوا رسميًا عن العنف منذ السبعينيات، غير أن مزاعمهم بالتخلى عن الجهاد باطلة. فالمؤسس حسن البنا كتب على نطاق واسع عن أهمية الجهاد و«فن الموت». وهذا التركيز أكد أن الموت فى سبيل قضية الجهاد هو فضيلة، واستبدال حب الحياة بحب الموت.
مُنظر آخر من «الإخوان المسلمين»، «سيد قطب»، ألف نصا إسلاميا مؤثرا «معالم فى الطريق» أثناء وجوده فى السجن فى عام ١٩٦٤. النص يعتبر أساسا فى أصل الحركة الإسلامية، الذى أثر على شخصيات إرهابية معروفة مثل «عبدالله يوسف عزام»، مرشد أسامة بن لادن، وخالد الشيخ محمد، العقل المدبر لأحداث الحادى عشر من سبتمبر ٢٠٠١.
الكتاب خلق مفهوما سياسيا حديثا «للجاهلية». فى الخطاب الإسلامى التقليدي، الجاهلية تشير إلى «عصر الجهل» والذى كان سائدًا فى شبه الجزيرة العربية قبل النبى محمد وبداية عصر الإسلام.
عمل قطب على تحديث المفهوم ليصبح بمعنى أن أى حكومة لا تقوم بتطبيق الشريعة الإسلامية كنظام للحكم فهى حكومة تعيش فى حالة جاهلية، كتلك التى كانت قبل مجىء الإسلام. ومثل هذه الحكومات غير شرعية ويجب الانقلاب عليها باستخدام العنف والإرهاب إذا لزم الأمر.
فخطة جماعة الإخوان خطة شمولية (أى أنها تشمل العالم بأسره)، بما فى ذلك الولايات المتحدة.

أيديولوجية الجماعة
أيديولوجية جماعة «الإخوان» يتم الترويج لها فى المؤتمرات وفى المواد المطبوعة والجماعات التابعة لها حول العالم. خاصة فى الولايات المتحدة، منظمات مثل مجلس «العلاقات الأمريكية الإسلامية»، والجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية والدائرة الإسلامية لأمريكا الشمالية لها علاقة بالحركة الدولية «لجماعة الإخوان المسلمين».
وإذا تمكنت جماعة الإخوان، فإنها سوف تنشئ خلافة إسلامية وتنفذ نظام حكم الشريعة الإسلامية، بما فى ذلك العقوبات الوحشية مثل رجم الزناة حتى الموت وقطع الأيدى لإيقاف اللصوص.
أنشطة الإخوان
المجموعات المرتبطة بالإخوان فتقوم بمجموعة متنوعة من الأنشطة؛ من ضمنها العمل التبشيرى (الدعوة)، وأنشطة تهدف لتحقيق العدالة الاجتماعية، والقيام بحملات سياسية، وتنظيم مؤتمرات لنشر أيديولوجيتهم، وحتى إدارة أحزاب سياسية مؤهلة. وكان الأكثر شهرة من بين هذه الأحزاب هو حزب الحرية والعدالة فى مصر، والذى تم حله بحكم قضائى.
وشكلت «جماعة الإخوان» فى المناطق الأكثر عنفًا، مثل سوريا وقطاع غزة، جماعات إرهابية وشنت الجهاد فى عام ١٩٨٢، انتفاضة فى مدينة حماة تم سحقها بوحشية من قبل «الجيش العربى السوري» بقيادة حافظ الأسد، والد بشار الأسد.
من المهم أن نتذكر أن الجماعة لا تسيطر عليها منظمة مركزية واحدة، رغم أن المجموعات المختلفة داخل الحركة تحتفظ بعلاقات واسعة وتتشارك فى الأيديولوجيات والأهداف، غير أنه على ما يبدو أنهم لا يعملون تحت قيادة مركزية منسقة. كما أنهم ليسوا ملزمين باتخاذ نفس المواقف حول القضايا، أو حتى تنسيق الموارد المالية والسياسية أو العمل من أجل تحقيق نفس الأهداف.
وينفذ «الإخوان» فى كل بلد ما يريدونه، مما يؤدى إلى نمو تيارات أيديولوجية مختلفة جدًا. على سبيل المثال، فإن حزب «الإخوان» فى تونس، حزب النهضة، تنحى طواعيةً بعد أن خسر الانتخابات. ثم تحول بعد ذلك للاعتدال وأصبح يعارض الدمج بين الدين والدولة. يعتبر هذا التحول- إذا كان حقيقيا وليس مؤقتا أو مجرد وسيلة - انحرافًا جذريا عن أيديولوجية «جماعة الإخوان» التقليدية التى تسعى لإقامة الخلافة الإسلامية العالمية.

الجماعة فى الغرب
فى الولايات المتحدة، مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) والمجتمع الإسلامى لأمريكا الشمالية (إسنا) والدائرة الإسلامية لأمريكا الشمالية (ICNA) تربطهم علاقات بالشبكة الدولية لجماعة الإخوان. هذه المنظمات تقدم نفسها على أنها الممثل الشرعى الوحيد للإسلام فى الولايات المتحدة. «كير» خاصة تدير حملات عامة مثل محاولة إقناع المسلمين بعدم التحدث إلى مكتب التحقيقات الفيدرالى أو محاولة إيقاف مشروع فيلم كلاريون المسمى «يوميات الشرف»، الذى يتحدث عن انتهاكات حقوق المرأة المرتكبة باسم الشرف.
الإخوان فى أمريكا
مثل «جماعة الإخوان» فى أوروبا والمملكة المتحدة، «جماعة الإخوان المسلمين» فى أمريكا تدير مجموعات أمامية، وقادتها معظمهم تلقى تعليمه فى الولايات المتحدة يتبادلون الأدوار فى إدارة الجماعات لتجنب الكشف والتقاضي.
العديد من المنظمات الرائدة فى الحقوق المدنية المسلمة فى الواقع يهيمن عليها «الإخوان». وهذا لا يعنى أنهم بالضرورة جزء من هيكل قيادة مركزية منسقة، ولكن هذا ليس نهاية القصة.
ويكشف تحقيق من بيتر سكيرى فى مجلة الشئون الخارجية أنه على الرغم من عدم وجود إدارة مركزية لجماعة الإخوان، «منذ الخمسينيات والستينيات، عندما بدأ المسلمون يتوافدون كطلاب لجامعات الولايات المتحدة، فإن الإخوان فرادى وجماعة الإخوان نفسها مثلوا عنصرا حاسما فى إنشاء المؤسسات الإسلامية والمنظمات المختلفة فى أمريكا. وهذه تشمل تقريبا جميع الكيانات الرئيسية التى تمثل المسلمين فى السياسة الأمريكية المعاصرة؛ أمثال: المجتمع الإسلامى فى أمريكا الشمالية (إسنا)، رابطة الطلاب المسلمين (MSA)، ومجلس الشئون العامة الإسلامية (MPAC)، (الجمعية الأمريكية المسلمة ماس)، ومجلس العلاقات الأمريكية-الإسلامية (كير)».
ويستشهد بموقع المجتمع الأمريكى المسلم (ماس) الذى يعترف بأن «العديد من منظمات المهاجرة التى أنشئت فى وقت مبكر يرجح أن بعض مؤسسيها السابقين كانت لهم علاقة أو حتى كانوا أعضاء فى جماعة الإخوان المسلمين.
فى يناير ٢٠١٢، أدين عبدالرحمن العمودي، عضو معترف به فى جماعة الإخوان من قبل الولايات المتحدة بتهم تتعلق بالإرهاب فى عام ٢٠٠٤، وقال إن «الجميع يعرف أن ماس هى جماعة الإخوان». ردد بيان ٢٠٠٨ له نفس الأثر والغرض على لسان الدكتور ممدوح محمد، مستشار للتربية فى الجامعة الأمريكية المفتوحة.
فى عام ٢٠١١ بعد وفاة مؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، علقت جماعة الإخوان واصفة إياه بأنه «شخص حالم كان يؤمن بإمكانية إقامة دولة إسلامية فى أفغانستان، واحتمالية أن هذا الحلم سوف يتحقق يومًا ما» على الرغم من أنهم أدانوا اعتداءات ١١/٩ فى بيان، ولكنها فى وقت لاحق تراجعت عن تصريحاتها الصحفية. 

الجماعة والإرهاب
الشخصيات المرتبطة بجماعة الإخوان فى الولايات المتحدة كانوا على صلات مباشرة بتمويل الإرهاب. ففى عام ٢٠٠٨، أغلقت مؤسسة الأرض المقدسة (حلف) لتحويل المال لحركة حماس الفلسطينية المرتبطة بالإخوان.
وكانت هذه المحاكمة هى الأكبر فى تمويل الإرهاب فى تاريخ أمريكا. خمسة من كبار المسئولين التنفيذيين من «مؤسسة الأرض المقدسة»، فى ذلك الوقت أكبر منظمة خيرية إسلامية فى الولايات المتحدة، أدينوا بتهمة تحويل ملايين الدولارات إلى حركة حماس. محاكمة سابقة عام ٢٠٠٧ أعُلن فيها بطلان الدعوى، وأيدت محكمة الاستئناف الأحكام الصادرة فى عام ٢٠١١.
وتم إدراج عدد من الأفراد والمنظمات الأخرى، بما فى ذلك مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير)، كمتآمرين، غير مدانين، فى محاكمة «مؤسسة الأرض المقدسة». وقد انبثقت كير عن «الرابطة الإسلامية» لفلسطين، وهى مجموعة أسسها عضو فى حركة حماس كوسيلة لدعم الحركة فى الولايات المتحدة. وقد أيد الحكم القاضي، على الرغم من رفع الاستئناف القانونى بواسطة كير من أجل إزالته، وذلك بسبب وجود أدلة أكثر كافية تؤكد علاقة حماس بمؤسسة كير.
وفى نفس السياق، حظرت الإمارات العربية المتحدة كلًا من مؤسستى كير وماس جنبا إلى جنب مع ما يقرب من ٨٠ منظمة أخرى، بما فى ذلك جماعة الإخوان نفسها.
وقدمت عددا كبيرا من الوثائق كدليل فى المحاكمة، بما فى ذلك وثيقة رسمية من اجتماع عام ١٩٩١ يبرز أهداف جماعة الإخوان الاستراتيجية لأمريكا الشمالية.
ووفقا لهذه المذكرة التفسيرية، هذه الأهداف تشمل «إنشاء حركة إسلامية مستقرة وفعالة، يقودها الإخوان تتبنى قضايا المسلمين محليًا وعالميًا، والتى تعمل على توسيع القاعدة الإسلامية، بهدف توحيد وتوجيه جهود المسلمين وتقدم الاسلام كبديل الحضارة وتدعم الدولة الإسلامية العالمية أينما وجدت.