الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

في الفرق بين المشكلة والإشكالية؟!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
• المشكلة والإشكالية لفظان مختلفا الدلالة تمامًا، ومختلفا الطبيعة، لكنهما مرتبكان فى لغتنا وعقلنا شأنهم شأن ألفاظ عديدة فى العربية. 
• فنحن نتعامل مع العربية دون دقة أو تحديد.
ودون فصل بين معانى أو مدلولات الألفاظ، يدمرنا الترادف ويعصف بثقافتنا وبعقولنا، يفخخ التواصل بيننا طوال الوقت ويعوقه ويجعله صعب المرامى مشوشاً تغلفه الضبابية التى تحجب الرؤية غالبًا وتحول بيننا وبين الفهم الدقيق والرشيد وفى محاولة للفصل بين معنى وطبيعة وغرض اللفظين «المشكلة والإشكالية» سنحاول الوصف والتحديد بينهما لنتعرف عليهما عن قرب وعن إدراك. 
• أولًا «المشكلة»: هى بنية دائرية تتضمن حالة من التذبذب والتشوش والاضطراب ينبثق عنها مجموعة من المثالب والعيوب والنقص ويمكن بممارسة عملية الاستقصاء والتحرى توضيح تلك النقائض والعيوب فى قنوات واضحة المعالم، وبالتالى من الممكن علاجها ويمكن إغلاقها وتحديد مساراتها مهما بلغت درجة تعقيدها وتشظيها.
• المشكلة هى (شجرة) لها جذور بعيدة الشأو ضاربة فى الأعماق، ولها جذع عريض وطويل (والانشغال به غالبا ما يفضى إلى العجز عن حل المشكلة)!!
• ثم يتفرع عن الجذع العريض السامق فروع كثيرة ومتعددة ومتشعبة، (والانشغال بالفروع يفضى إلى عدم التعرف على المشكلة أصلا)!!
• وبعد رسم وتحديد ملامح ومواضعات المشكلة يصبح من السهل وضع تصور وصياغة رؤية لعلاجها. 
• والمشكلة قد تواجه بالعديد من الحلول ويمكن مجابهتها بأكثر من رؤية ورؤية.
• والمشكلة آنية وراهنة بطبعها والبحث بصددها غرضه الوحيد والحصرى هو الحل طبعا. 
• والسؤال (المشكلة) مثل: لماذا تعثرت تجارب التنمية لدينا؟! 
• الجذور: التى هى بعيدة الشأو وضاربة فى الأعماق فى هذه المشكلة محل المثال الذى ضربناه هو (عدم تحديد هوية اقتصادية لعملية التنمية المطلوبة أصلا) و(غياب المشاركة الشعبية) و(تكلس منظومة القيم) و...
• أما الجذع: العريض السامق فهو (محدودية الموارد) و(عدم صياغة برامج تتلاءم مع تلك الموارد) فالموارد كانت لدينا كلها زراعية بينما نحن أردنا أن نكون دولة صناعية مثلا!! 
• أما الفروع: التى هى عديدة بطبيعتها ومتشعبة فهى مثلا (انهيار مؤشرات الأداء الاقتصادى وازدياد حالات الفقر) و(سوء آليات التوزيع) و(انهيار قيمة العملة) و(الفساد) و(البطالة) و(الاعتماد على الاستيراد) و(الاقتصاد الموازى) و(ضعف الأنظمة الضريبية) و(ضعف الأنظمة الجمركية) وهكذا...
---------- 
• ثانيًا «الإشكالية»: فهى مختلفة الطبيعة عن المشكلة ومختلفة الدلالة. 
• الإشكالية هى سيرورة من المتعذر موضعتها ضمن بنية نسقية محددة، ولا تكف عن إثارة الأسئلة والشكوك. 
• الإشكالية هى حالة سهمية دائمة التطور والتمدد والنمو ولا يمكن تحديد ملامح ثابتة لها، حالة (عشبية) بلا جذور وبلا فروع وبلا سيقان وبلا جذوع. 
• والعشب أصلا ضد النسقية دائم التشعب والتلون لا يتوقف عن الإفصاح بملامح متغيرة. 
• والإشكالية هى حالة قيد البحث والتحرى المستمر وغرضها تأملى محض، ولا يمكن وضع رؤى أو صياغة استراتيجيات لعلاج الإشكالية. 
• والبحث فى الإشكالية بحث بغرض الفهم وليس بغرض الحل كالمشكلة.
• الإشكالية تطرح أسئلة، وغرضها الفهم وليس الحل. 
• مثال للسؤال (الإشكالية) أو لما يمكن اعتباره سؤالا إشكاليا: لماذا تقدم الغرب وتأخرنا؟! 
• هذا السؤال موضوع مسار بحث دائم فى شتى المجالات والمناحى وخلافى جدا حسب مرجعية وخلفية المجيب عليه. 
• فالمتدين المحافظ سيقول (البعد عن الدين) وسيكون الحل وقتها لديه طبعا العودة الفورية للدين!!
• والإصلاحى عندما يُجيب (سيقول لم يحدث إصلاح دينى بعد) وسيكون الحل الشافى والناجز الذى يتصوره هو الإصلاح الدينى الآن وفورا. 
• والعلمانى سيقول (لم يحدث أصلا فصل للدين عن الدولة وتحديد لدور الدولة ودور الله) وسيكون الحل الناجز فى نظره طبعا هو الفصل الكامل بين الدين والدولة طبعا وتحديد مجال كل منهما على حدة والفصل بين الجريمة والخطيئة فى قانون العقوبات. 
• والديمقراطى سيقول (لغياب الديمقراطية طبعا) وبالتالى سيكون الحل الخلاصى الفورى والناجز، هو تطبيق الديمقراطية فورا!! 
• والتوفيقى التلفيقى سيقول طبعا (لم يحدث مواءمة بين التراث والمعاصرة بين المأثور ومكتسبات الحداثة)، وسيكون الحل الناجز والفورى فى رأيه أن نوفق بين الماضى والقديم ونوصله بكل ماهو حديث.
• أما دعاة الحداثة وانصارها فسيؤكدون بشدة على ضرورة القطيعة مع التراث والماضى بشكل جذرى وهكذا...