على الرغم من التكلفة الإنتاجية الضخمة لأفلام الخيال العلمي، فإنها تمثل تحديًا كبيرًا لشركات الإنتاج السينمائى فى شباك التذاكر العالمي، فهى تعد سلاحا ذا حدين من شأنه أن يضاعف أرباح هذه الشركات ومن شأنه أيضًا أن يشكل عبئا عليها فى حالة عدم قدرته على جنى الأرباح، لذا كان لزامًا على هوليوود أن تحتفظ بحصانها الأسود للدفع به فى الوقت المناسب وهو أفلام الرعب.
فمع بداية تسعينيات القرن الماضى بدأ الاتجاه فى المسرح الأوروبى نحو الاقتصاد فى الوسائل والأدوات المسرحية أو حتى الاستغناء عنها بشكل كامل والاعتماد على القدرات الفنية لعنصر الممثل، وهو ما أدى إلى تأسيس المسرح الفقير أو ما يعرف أيضًا بالمسرح النقى فيما بعد على يد المخرج البولندى غروتوفسكي، وسرعان ما أتى ثماره بين شريحة عريضة من المسرحيين نجحوا خلالها فى التخلى عن الديكور والإضاءة والملابس والمكياج والموسيقى والتركيز على جسد ونفس الممثل، نفس الأمر نراه يتكرر حاليًا فى صناعة أفلام الرعب بهوليوود فيمكن لشركات الإنتاج السينمائى وبأقل العناصر خلق حالة فنية مميزة تستحوذ على اهتمام المشاهد على عكس نظيرتها من الأفلام ذات الإنتاج المرتفع، ويرجع السبب هنا إلى أنك لست فى حاجة للتعاقد مع ممثل مشهور للقيام ببطولة الفيلم أو استئجار استوديوهات باهظة الثمن، فالبطل هنا ليس كل ما سبق ولكنه الفكرة.
فعلى سبيل المثال بفيلم «It» فإن الفكرة بسيطة للغاية تدور حول مجموعة من الأطفال تتم مطاردتهم من جانب شخصية مهرج يُدعى «بينى وايز» والذى يقوم بخطف الأطفال واحدًا تلو الآخر ويثير الرعب والفزع فى ربوع المدينة، وهو مأخوذ عن رواية للكاتب الأمريكى ستيفن كينج، وتم تصويره بمواقع واستوديوهات غير مكلفة على الإطلاق، وكذلك أبطال العمل معظمهم من الأطفال، والبالغ الذى يؤدى شخصية المهرج هو ممثل شاب يسعى لإثبات ذاته فى بداية مسيرته الفنية، فخرج الفيلم بتكلفة إنتاجية بلغت ٣٥ مليون دولار تقريبًا وفور طرحه بالبوكس أوفيس العالمى نجح فى حصد ٦٥٤ مليون دولار ليضاعف إجمالى تكلفته بنحو ١٩ مرة تقريبًا، كما كسر عددًا من الأرقام القياسية كان أبرزها كسر الرقم القياسى لفيلم «the exorcist» ١٩٧٣ الذى ظل متربعًا على صدارة إيرادات أفلام الرعب طيلة ٤٤ عاما.
الأمر ذاته تكرر مع عدد من أفلام الرعب التى طرحتها هوليوود مؤخرًا كان أبرزها فيلم «split» للنجم جايمس ماكفوى والذى بلغت تكلفته الإنتاجية ٩ ملايين دولار، فيما نجح فى حصد ٢٧٩ مليون دولار تقريبًا، ودارت أحداثه حول شخصية كيفين المضطرب نفسيًا ويعانى من انفصام فى الشخصية يجعله يتخيل أن هناك ٢٣ شخصية داخله، وهو ما يجعله يختطف ٣ فتيات ويحتجزهن لديه، بينما يحاولن الهروب خوفًا من ظهور الشخصية المخيفة رقم ٢٤، أيضا فيلم «Get Out» كان الأقل من حيث التكلفة الإنتاجية بنحو ٤.٥ مليون دولار ولكنه نجح فى حصد ٢٥٤ مليون دولار بشباك التذاكر العالمي.
واستثمرت شركة نيولاين سينما النجاح الذى حققه فيلم «Annabelle» بإجمالى إيرادات بلغت ٢٥٧ مليون دولار فى حين بلغت تكلفته ٦.٥ مليون دولار فقط، وتنجح فى الرهان على حصانها الرابح مجددًا وأصدرت قبل ٣ أشهر الجزء الثانى من السلسلة بعنوان «Annabelle:Creation» بإجمالى تكلفة بلغت ١٥ مليون دولار نجح فى ترجمتها لأرباح بشباك التذاكر بقيمة ٣٠٣ ملايين دولار، وتدور أحداثه بعد مرور عدة سنوات على أحداث الجزء الأول، حيث يقوم صانع العرائس وزوجته باستضافة عدد من الفتيات من أحد الملاجئ فى بيتهن لتبدأ العروس الشريرة «أنابيل» ممارسة أعمالها المرعبة عليهم، فيما نجح الوافد الجديد «Happy Death Day» حتى الآن فى حصد ٥٦ مليون دولار فى أقل من أسبوعين بإجمالى تكلفة إنتاجية بلغت ٤.٨ مليون دولار، وتدور أحداثه حول طالبة جامعية تسترجع تفاصيل يوم مقتلها، وذلك للوصول إلى هوية القاتل، فهو أقرب فى شكله للفيلم المصرى «ألف مبروك» للفنان أحمد حلمى ولكن فى قالب رعب.
ويعود جيغسكو المنشار لشباك التذاكر مجددًا عقب غياب دام لأكثر من ٧ سنوات على آخر أجزاء السلسلة الشهيرة «Saw»، والتى نجحت على مدار ٦ سنوات فى جمع ٨٧٥ مليون دولار تقريبًا بالبوكس أوفيس العالمي، وأسرت قلوب الملايين حول العالم فهى تحمل فى طياتها حبكة قوية لا يمكنك توقع أحداثها أو خطواتها القادمة بين مجموعة من الأشخاص الغرباء الذين تجمعهم ببعضهم علاقات متشابهة وسط أحداث تعتمد على التشويق والمفاجأة يتحكم بخيوطها جيغكسو، تدور أحداث الجزء الجديد حول بدء ظهور عدد كبير من الجثث فى المدينة بشكل مروع ومخيف وتبدأ أصابع الاتهام فى الإشارة إلى جون كرامر، «جيغكسو» من بطولة النجوم: توبين بيل، لورا فاندر، مات باسمور، ومن إخراج الإخوة سبيرج، ومن المقرر أن يستكمل هذا العمل مسيرة أفلام الرعب ليكسر حاجز المليار و٥٤٤ مليون دولار الذى حققته الأفلام الـ ٥ التى سبق ذكرها.
