الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

صورة الإسلام السياسي في الصحافة العربية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نوقشت الأحد الماضى بكلية الإعلام جامعة القاهرة رسالة الدكتوراة المقدمة من الباحث أسامة السعيد قرطام رئيس قسم التحقيقات بصحيفة «الأخبار»، وعنوانها: «صورة الإسلام السياسى فى الصحافة العربية وانعكاسها على اتجاهات الجمهور فى مرحلة الثورات العربية»، أشرف على الرسالة د. نجوى كامل عبدالرحيم ود. محمد حسام الدين إسماعيل الأستاذان بقسم الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، وناقشها د. ليلى عبدالمجيد عميد كلية الإعلام الأسبق، ود. محمد شومان عميد كلية الإعلام بالجامعة البريطانية، وحصل الباحث بها على درجة الدكتوراه فى الإعلام من قسم الصحافة بتقدير مرتبة الشرف الأولى مع التوصية بتبادل الرسالة مع الجامعات الأخرى.
سعت الدراسة إلى رصد وتحليل صورة الإسلام السياسى فى الصحافة العربية فى مرحلة الثورات التى انطلقت أواخر عام ٢٠١٠ وأوائل العام ٢٠١١، من خلال تحليل المحتوى الكمى والكيفى لمضامين صحف العينة التى شملت «الشروق» المصرية، «الصباح» التونسية، «عين ليبيا» الليبية «الشرق الأوسط» اللندنية، و«القدس العربي» اللندنية خلال الفترة بين عامى ٢٠١١-٢٠١٤.
خَلُصَت الدراسة إلى عديد من النتائج فيما يتعلق بتحليل المضامين الصحفية، وسوف نعرض فى هذا المقال ما توصل إليه الباحث فيما يتعلق بصورة الإسلام السياسى فى عينة الصحف المدروسة.
اتسمت الصور المنسوبة لتيار الإسلام السياسى فى صحف العينة بالسلبية الشديدة، ورغم تنوع الصور المنسوبة لتيار الإسلام السياسى فى معالجات صحف الدراسة، ووجود توازن بين الصور السلبية التى بلغ عددها ١٤ صورة، والصور الإيجابية التى بلغ عددها ١٢، إلا أن الصور السلبية احتلت مواقع متقدمة فى ترتيب الصور المقدمة فى المضامين الصحفية عن مثيلاتها الإيجابية، وهو ما يعنى تركيز هذه الصحف على الصور السلبية، كما كانت تلك الصور الأكثر كثافة فى التناول، بنسبة بلغت ٦٨.٦٪ من جملة الصفات الواردة حول الإسلام السياسي، مقابل ٣٤.٤٪ للصفات الإيجابية.
جاءت الصور المتعلقة بالرؤية الفكرية لقوى الإسلام السياسي، والموقف من الآخر، هى الأكثر سلبية حيث احتلت صفة «رجعيون ومتعصبون» على سبيل المثال المرتبة الأولى بين الصفات الواردة عن تلك القوى فى مضامين صحف العينة، بنسبة تجاوزت ٥٠٪ من جملة الصفات، إضافة إلى الصفات السلبية المتعلقة بالسلوك السياسى تجاه الآخر المختلف معهم فى الرأي، فجاءت صورة «يستخدمون العنف» فى المرتبة الثانية، و«يكرهون معارضيهم» فى المرتبة الثالثة، وجاءت الصور المتعلقة بـ «الخلط بين الدين والسياسة»، و«الفشل فى إدارة شئون البلاد» فى مرحلة ما بعد الثورات لتحتل كذلك مرتبة متقدمة بين الصور المقدمة عن تيار الإسلام السياسي، فجاءت صورة هذا التيار على أنه «يستخدم الدين لخدمة أهداف سياسية» فى المرتبة الخامسة، تلتها صورة قياداته وعناصره بوصفهم «متآمرين» و«فاشلين»، و«يسعون للسيطرة على مؤسسات الدولة»، و«يحاولون تقليص الحريات»، فى المراتب الخامسة والسابعة والثامنة والتاسعة على الترتيب، وهو ما يعزز الصورة السلبية المقدمة عن تيار الإسلام السياسى وقياداته فى الصحافة العربية.
فى المقابل، كانت هناك مجموعة من الصور الإيجابية عن القوى الإسلامية، وقد ارتبطت تلك الصور بالمرحلة المبكرة التى أعقبت اندلاع الثورات العربية، وقبل وصول تلك القوى إلى الحكم فى عدد من دول المنطقة فى مقدمتها مصر وتونس، وخوضها عديدًا من الصراعات السياسية فى عديدٍ من البلدان الأخرى. وقد امتزجت تلك الصورة الإيجابية بالرغبة العميقة فى التغيير التى أعقبت الثورات العربية، وطرح الإسلام السياسى كبديل للأنظمة القائمة قبل الثورات، وبالرهان على القدرات التنظيمية لتلك الجماعات فى إدارة المرحلة الانتقالية، جاءت صفة قيادات هذا التيار بوصفهم «إصلاحيين» فى المرتبة الرابعة بين الصفات المنسوبة لرموز الإسلام السياسى، كما جاءت صورتهم كـ«منظمين وناجحين»، فى المرتبة السادسة، إلا أن تلك الصورة شهدت تحولًا جوهريًا، مع تصاعد حدة الانتقادات لأداء الإسلاميين فى السلطة، وفى مرحلة ما بعد الإطاحة بحكم «جماعة الإخوان» من الحكم فى مصر، فى أعقاب ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، وهو ما يعكس حجم التحدى الذى فرضته تجربة الحكم على القوى الإسلامية، والتى أعادت تلك القوى إلى مواقع أكثر تراجعًا مما كانت عليه قبل الثورات.
وتتفق هذه النتائج فى مجملها مع ما انتهى إليه عديدٌ من الدراسات السابقة فى هذا الشأن، والتى توصلت إلى أن من أبرز الصور الإعلامية التى يتم تقديم القوى الإسلامية من خلالها هى أنها «مضادة للديمقراطية»، «تمارس العنف»، و«تستغل الدين»، و«تتآمر مع جهات خارجية ضد مصلحة مصر»، و«تهدد الهوية المصرية» و«تسعى إلى الاستيلاء على كل مفاصل الدولة وإقصاء الآخرين»، كما تتفق نتائج الدراسة مع ما خلصت إليه دراسة آمال كمال (٢٠١٤)، والتى توصلت إلى أن خطاب الصحف المصرية قدم صورة شديدة السلبية لتيار الإسلام السياسي، وبخاصة التيار السلفي، الذى تم وصفه بالتشدد والتطرف والمتاجرة بالدين، كما تتفق كذلك مع ما انتهت إليه دراسة ريهام سامى (٢٠١٥)، والتى أشارت إلى أن أطر السمات التى تقدم من خلالها القنوات التليفزيونية المصرية «جماعة الإخوان»، ركزت على «التظاهر بالقوة»، و«التغييب عن الواقع»، و«الصدام وتكفير المجتمع»، و«التواطؤ مع جماعات إرهابية فى سيناء»، و«الفشل فى إدارة البلاد»، و«التحالف مع الغرب»، و«عدم الوفاء بالعهد». كما تتفق تلك النتائج مع ما توصلت إليه دراسة حنان بدر (٢٠٠٥)، والتى انتهت إلى وجود مجموعة من التصورات الإيجابية والسلبية عن الجماعات الإسلامية المصرية فى الصحف الألمانية، وأشارت الدراسة إلى غلبة التصورات السلبية، والتى جاء فى مقدمتها عدم تقبلهم للقيم الغربية، وعدم قبولهم بالرأى الآخر، وكراهيتهم وعداؤهم لمن يختلفون عنهم فى الدين، إضافة إلى لجوئهم للعنف، وأنهم يستخدمون الدين وسيلة للوصول إلى الحكم، فضلًا عن أنهم يمثلون خطرًا ليس فقط على الأنظمة العربية الحاكمة، بل على استقرار العالم أجمع.
وساد الاتجاه المعارض نحو الإسلام السياسى المضامين التى قدمتها صحف الدراسة، واحتل هذا الاتجاه الترتيب الأول بنسبة (٥٦٪)، بينما جاء الاتجاه غير الواضح فى المرتبة الثانية بنسبة (٢٦.٥٪)، يليه الاتجاه المؤيد فى الترتيب الثالث والأخير بنسبة (١٧.٥٪). وجاءت معظم تلك المضامين المؤيدة فى صحيفة «القدس العربي»، كما تتفق هذه النتائج مع دراسة أحمد متولى (٢٠١٣)، التى أشارت إلى أن اتجاه مضمون المواد الصحفية التى تناولت «جماعة الإخوان» جاء سلبيًا، كما تتفق مع نتائج دراسة سحر أحمد غريب (٢٠١٤)، والتى أكدت وجود مناخ إعلامى عام معارض لجماعة «الإخوان» فى مواقع الصحف عينة الدراسة، رغم اختلاف نمط ملكيتها وإيديولوجياتها، وبخاصة فيما بعد ٣٠ يونيو ٢٠١٣، وأن الصور الإيجابية التى قدمتها الصحف عن الجماعة جاءت فى فترة ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ والمرحلة الانتقالية.
صورة سلبية بشكل عام فى الصحف العربية للإسلام السياسى عدا عبدالبارى عطوان، الذى لا أقول يغرد منفردًا، بل ينعق كالبومة العجوز على شجرة، بلا أوراق عراها الخريف مؤيدًا تيارات الإسلام السياسى، وبخاصةً جماعة الإخوان من أجل حفنة دولارات..!!