السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

3 سيناريوهات محتملة في لعبة "القط والفأر" بين واشنطن وطهران

 ترامب و خامنئي
ترامب و خامنئي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إعداد: 
إيمان محمد سيد
ماري ماهر ملاك
بعد وصول الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، والجدل متواصل حول الاتفاق النووى الإيراني، خاصة أن ترامب هدد أكثر من مرة فى حملته الانتخابية، وبعد وصوله للبيت الأبيض، بخروج واشنطن من الاتفاق، مبررا ذلك بخطره على الأمن القومى الأمريكي، وبعدم التزام طهران ببنود الاتفاق وتدخلها فى الشئون الداخلية لجيرانها.
وهناك عدة سيناريوهات لمستقبل الاتفاق الذى أبرمته طهران مع الدول الست الكبرى، ويتمثل أولها فى اتخاذ الإدارة الأمريكية قرارًا بالانسحاب من الاتفاق وإبلاغها للكونجرس، ليتخذ قراره فى هذا الشأن وهو ما تعارضه عدة أطراف وأولهم وزير الدفاع جيمس ماتيس، والثانى أن يطلب الرئيس الأمريكى تعديل الاتفاق بما يتماشى مع المخاوف الأمريكية، وهو ما تؤيده ألمانيا وفرنسا، والاحتمال الثالث أن يستمر ترامب فى الالتزام بالاتفاق، وهو ما تضغط باقى الدول الست من أجله.
فبعد مفاوضات شاقة بين إيران والدول الست الكبرى، والتى تتضمن الدول الخمس الدائمة فى الأمم المتحدة إلى جانب ألمانيا، توصل الجانبان فى يوليو ٢٠١٥ إلى اتفاق من شأنه أن يضمن الطابع السلمى للبرنامج النووى الإيراني، فى مقابل الرفع التدريجى للعقوبات التى فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا على طهران، ويعد هذا الاتفاق أهم إنجاز للسياسة الخارجية للرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما. 
وقد كان هذا الاتفاق حاضرًا بقوة فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة، والتى تنافس فيها المرشح الجمهورى دونالد ترامب والمرشحة الديمقراطية هيلارى كلينتون، فقد هاجم ترامب الاتفاق وتعهد فى حالة فوزه فى الانتخابات، فإنه سوف يقوم بإلغائه. ومنذ أن تولى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الرئاسة رسميًا فى يناير الماضي، فإنه لم يتوقف عن مهاجمة الاتفاق، وجاء آخرها فى كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فى دورتها الثانية والسبعين، حيث وصفه بأنه أسوأ اتفاق وقعته أمريكا فى تاريخها وبأنه اتفاق مخجل، وصرح بأن كل الخيارات مطروحة للتعامل مع طهران، متهمًا إياها بنشر الدمار فى الشرق الأوسط وتهديد إسرائيل، وتستمر واشنطن فى التصعيد ضد إيران حيث هددت بتصنيف الحرس الثورى الإيرانى كمنظمة إرهابية.
وانطلاقًا من هذه المعطيات، فإنه من غير المعروف ما إذا كان ترامب سينهى الاتفاق فعلًا، أو سيقوم بإعادة التفاوض عليه. ومن هنا نستطيع أن نقول إن شكل السياسة التى سيتم اتباعها تجاه إيران لم يحدد بعد بشكل واضح. إلا أن المرجح أن سياسة ترامب تجاه إيران لن تكون كالسياسة الأمريكية السابقة فى عهد باراك أوباما.
وهناك عدة أطراف تأخذ مواقف مختلفة من الاتفاق النووى الإيرانى داخل الولايات المتحدة، إضافة إلى مواقف الأطراف الأخرى فى الاتفاق، وهو ما يضع عدة سناريوهات متوقعة لمصير الاتفاق النووى فى الفترة المقبلة.

الموقف من الاتفاق النووى الإيراني
يرى ترامب أن الاتفاق النووى الموقع مع إيران فى يوليو ٢٠١٥ لا يأتى فى مصلحة الولايات المتحدة، وأنه من الأفضل الانسحاب من هذا الاتفاق. ويلقى هذا التوجه اعتراضًا شديدًا على الصعيد الأمريكى من جانب بعض المسئولين الحاليين فى الإدارة الأمريكية، وكذلك من بعض المسئولين السابقين، فبالرغم من أن ترامب يرى أن الاتفاق النووى الإيرانى ليس فى مصلحة الولايات المتحدة، يرى مسئولون أمريكيون آخرون أن التخلى عن هذا الاتفاق لن يكون فى مصلحة الولايات المتحدة. كما أنه يلقى معارضة على الصعيد الدولى من جانب الدول الأخرى الموقعة على هذا الاتفاق.
فعلى الصعيد الأمريكى، نجد أنه من ضمن المسئولين الحاليين فى الإدارة الأمريكية الرافضين لهذا المسار، جيمس ماتيس، وزير الدفاع الأمريكى والذى يرى أن من مصلحة الأمن القومى الأمريكى الاستمرار فى الاتفاق النووى مع إيران، وفى جلسة استماع أمام لجنة الخدمات المسلحة فى مجلس الشيوخ، أكد ماتيس أنه يؤمن بضرورة المحافظة على الاتفاقية النووية مع إيران، كما يرى السيناتور الديمقراطي، كريس ميرفى، أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووى الإيرانى سوف يؤذى الولايات المتحدة ويفيد إيران، حيث إن إيران سوف تعود إلى مسار تطوير السلاح النووى، وفى الوقت نفسه سوف تستفيد من تخفيف العقوبات من قٍبل الدول الأخرى الأطراف فى الاتفاق، وهذا سوف يجعل إيران تبدو وكأنها ضحية، ويتفق موقف الديمقراطيين بشكل عام مع موقف ميرفى، فى ضرورة الإبقاء على الاتفاق النووي، بعكس الجمهوريين الذين يتفقون مع موقف ترامب فى الانسحاب من الاتفاق. 
ومن بين المسئولين السابقين الرافضين لهذا المسار، جو بايدن، نائب الرئيس الأمريكى السابق، والذى حذر من أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووى سيؤدى إلى عزل الولايات المتحدة، وقال بايدن، أمام مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، إن الصفقة مع إيران ليست اتفاقية مع الولايات المتحدة، ففيها اشتركت أيضًا دول «السداسية»، وبالتالى فإن الانسحاب الانفرادى من هذه الصفقة لن يؤدى إلى عزل إيران، وإنما سيؤدى إلى عزل الولايات المتحدة، ويتفق مع هذا الرأي، جون كيري، وزير الخارجية السابق، حيث إنه رأى أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووى سيجعلها هى المعزولة عن العالم وليست إيران. 
أما على الصعيد الدولى، فإن الدول الخمس الأخرى الموقعة على الاتفاق ترفض فكرة الانسحاب من الاتفاقية، فقد أكدت روسيا ضرورة الالتزام بالاتفاق النووى الإيراني، وعبرت عن أملها فى أن يتخذ ترامب موقفًا متوازنًا من اتفاق الحد من برنامج إيران النووي، واعتبر الرئيس الفرنسى ماكرون أن نقض واشنطن للاتفاق دون تقديم بديل سيكون بمثابة غلطة كبرى، وعمل غير مسئول لأنه اتفاق مفيد وضرورى من أجل السلام، وشددت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى على أهمية الاتفاق النووى الإيرانى لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية.

السيناريوهات المتوقعة لمصير الاتفاق النووى الإيراني
يلزم القانون الرئيس الأمريكى بأن يُبلغ الكونجرس كل تسعين يومًا بمدى التزام إيران بالاتفاق، وهل رفع العقوبات عنها سيكون فى صالح الولايات المتحدة أم لا، وبناءً على ذلك فإن هناك ثلاثة سيناريوهات متوقعة لمصير الاتفاق النووى فى الفترة القادمة.
السيناريو الأول:
أن يعلن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، أن إيران غير ملتزمة بالاتفاق النووى وأنه ليس فى صالح الولايات المتحدة، وهذا ما لوح به مؤخرًا، فقد صرح بعد اجتماع له مع كبار القادة العسكريين فى البيت الأبيض بأنه لا يجب السماح لإيران بحيازة أسلحة نووية، كما صرح بأن النظام الإيرانى يدعم الإرهاب ويصدر العنف والدم والفوضى فى أنحاء الشرق الأوسط لهذا يجب وضع حد لإيران وبرنامجها النووي، وصرح بأنه سوف يعلن عن موقفه من الاتفاق النووى الإيرانى قريبًا جدًا. 
وفى هذه الحالة سوف ينتقل الأمر إلى الكونجرس، ذى الأغلبية الجمهورية الرافضة للاتفاق، والذى سيكون أمامه ستون يومًا لاتخاذ القرار بشأن كيفية التعامل مع إيران، وهنا سوف يكون أمام الكونجرس خياران. 
الخيار الأول:
أن يقر الكونجرس بعدم التزام إيران بالاتفاق، وبالتالى يقوم بإعادة فرض العقوبات عليها، وفى هذه الحالة من المتوقع أن يكون لإيران رد فعل تصعيدى على هذه الخطوة. فقد هدد الرئيس الإيراني، حسن روحاني، بأن إيران يمكنها ترك الاتفاق النووى خلال ساعات إذا قامت الولايات المتحدة بفرض عقوبات عليها. كما اعتبر روحانى أن خروج الولايات المتحدة من اتفاق متعدد الأطراف، يحظى بدعم من مجلس الأمن وموضوعه متعلق بالانتشار النووى، سوف يكلفها ثمنًا باهظًا حيث لن يثق أحد بها ثانية، وهدد، محمد على الجافري، قائد الحرس الثورى الإيرانى بأن إيران سوف تعزز قدراتها الدفاعية ومن بينها برنامجها الصاروخى إذا ما قوضت واشنطن الاتفاق.
الخيار الثانى:
أن يقرر الكونجرس بقاء الولايات المتحدة فى الاتفاقية، واستمرار رفع العقوبات عن إيران، وبالتالى يكون قد قطع الطريق أمام التصعيد الإيرانى المحتمل فى حالة أخذ الكونجرس قرارًا بفرض العقوبات على إيران.
السيناريو الثانى:
أن يكتفى ترامب بطلب تعديل الاتفاقية لمنع إيران من إقامة تجارب بصواريخها البالستية، وبإضافة بعض البنود لها، مثال السماح بشكل تام لخبراء الأسلحة النووية التابعين للوكالة الدولية للطاقة الذرية، للدخول إلى جميع المناطق العسكرية السرية الإيرانية التى تم رصد أنشطة نووية فيها، وليس فقط المنشآت النووية الإيرانية الرسمية. 
وفى هذه الحالة، من الممكن أن تتفق معه الأطراف الدولية الأخرى الموقعة على الاتفاقية، فعلى سبيل المثال، بالرغم من أن فرنسا لا تتفق مع موقف ترامب، إلا أنها تطالب باتفاق تكميلى للاتفاق الأساسى فى مرحلة ما بعد عام ٢٠٢٥. كما أن ألمانيا تتخوف من تصاعد نشاط إيران فى المنطقة، ولكن هذا التخوف لا يصل أبدًا إلى حد إلغاء الاتفاق.
السيناريو الثالث:
أن يستمع ترامب إلى الصوت المنادى بضرورة الإبقاء على هذا الاتفاق، ويعلن أن إيران ملتزمة ببنود الاتفاق، وبالتالى يستمر الكونجرس فى رفع العقوبات عنها، ويستمر الوضع على ما هو عليه الآن.
وفى النهاية، فإن مصير الاتفاق النووى الإيراني، سواء بالإبقاء عليه أو تعديله أو الغائه، سوف يتحدد خلال الفترة المقبلة. كما أنه من الواضح أيضًا أن هناك أصواتًا كثيرة داخل الإدارة الأمريكية وخارجها ترى ضرورة الإبقاء على الاتفاق، بالإضافة إلى أن الدول الأخرى الأطراف فى الاتفاق ترى ضرورة الحفاظ عليه لمنع إيران من تطوير برنامجها النووى.