السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الدوحة والأزمات في الشرق الأوسط

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من المتعارف عليه، أن قطر صنعت لنفسها سُمعة فى مجال التفاوض وحل بعض القضايا الحساسة، مثل قضية الرهائن، حيث ساهمت بقوة فى دفع الفدية وبصور متكررة.
ويجب القول: إن معالجة هذه المسألة أمر فى غاية الحساسية، نظرا لربطها بجانب إنسانى واكتسائها بُعدا سياسيا. وتكفى العودة إلى آخر واقعة حصلت بهذا الشأن، وكانت بمثابة القطرة التى أفاضت الكأس، حيث تمكنت السلطات القطرية من تحرير عشرين مواطنا قطريا تم اختطافهم لمدة خمسة عشر شهرا فى العراق.
هؤلاء المختطفون كانوا فى جولة صيد بالصحراء -إذن فى مناطق حساسة من وجهة نظر أمنية- وجدير بالذكر أن من بين المختطفين اثنين من العائلة الحاكمة، ما يعتبر غنيمة حرب ثمينة بالنسبة للخاطفين المنتمين إلى كتيبة شيعية تخدم مصالح إيرانية. 
وامتدت عواقب هذه المفاوضات التى دامت خمسة عشر شهرا نحو سوريا، حيث احتمل البعض أن الإيرانيين - فى كواليس المفاوضات طبعا - اشترطوا مقابل تحرير الرهائن القطريين إطلاق سراح سجناء شيعيين لدى جماعات إسلامية متطرفة بسوريا، وحصل بالفعل التوافق فى هذه القضية، لكن يبدو أن قطر دفعت كذلك فدية وصلت حسب بعض التقديرات إلى أكثر من ٥٠٠ مليون دولار، وهو الأمر الذى أثار غضب الإمارات المتحدة، برؤية هذا المال يرسل لحساب حراس الثورة الإيرانية وإلى الكتائب الشيعية بالعراق وجماعات أخرى. وتعتبر هذه الحادثة من أحد الأسباب التى أدت إلى أزمة ٥ يونيو المنصرم، مع فرض الحصار ضد دولة قطر.
وعلى غرار ذلك، ساهمت قطر وعلى مدار عشرات السنين وفى عشرات الحالات، فى دفع فاتورة الاختطاف لصالح قناصى الرهائن، حيث يمكن تقدير القيمة المالية لما دفعته قطر خلال هذه الفترة لتلك الجماعات الناشطة خصوصا فى سوريا، وبالتحديد لجناح تنظيم القاعدة وجبهة النصرة، بحوالى ١٥٠ مليون دولار، وذلك رغم قرار تم اتخاذه فى عام ٢٠١٤ من قبل منظمة الأمم المتحدة وجماعة الثمانية، وكذلك المنظمة الدولية للأمن والتعاون الأوروبى التى تقضى بمنع الدول من دفع الفدية للإرهابيين.
لكن سنكتشف فيما بعد أن هذه الدول وجدت وسيلة للمراوغة، باللجوء إلى قطر فى حل هذه القضايا، وتوجد أمثلة عديدة من بينها الدور المهم الذى لعبته قطر فى تحرير رعايا أجانب باسم دول أوروبية عديدة، من بينهم نمساويون وفنلنديون باليمن، بقيمة قدرها ٢٠.٤ مليون دولار لجناح القاعدة بشبه الجزيرة العربية. الأمر الذى أثار استياء المسئولين اليمنيين، لأن المال سمح بتمويل القاعدة، وبالتالى تمكينها من شراء الأسلحة وشراء بعض المبايعات كذلك. هذا التمويل سيسمح على وجه الخصوص بتجنيد عناصر من الشعب اليمنى.
ومن الملاحظ أن حصة الأسد للتمويل القطرى ذهبت نحو سوريا والعراق، حيث تمول قطر خزائن القاعدة هناك. ففى أكتوبر ٢٠١٣ قام مسئول قطرى كبير بالتفاوض شخصيا مع متمردين سوريين تابعين لجماعة النصرة، بهدف تحرير تسعة حجاج شيعة لبنانيين تم اختطافهم فى نواحى حلب. وتقدر قيمة الفدية التى قدمتها قطر آنذاك لجماعة النصرة بين ٨٠ إلى ١٠٠ مليون دولار، وفقا لعناوين صحفية عديدة فى لبنان وتركيا.
جدير بالذكر كذلك، القضية التى أثارت ضجة إعلامية واسعة فى مارس ٢٠١٤، والمتعلقة بتحرير ١٣ راهبة سورية اختطفن فى يبرود قرب حمص. وهنا كذلك تدخلت قطر لصرف ما يقارب مليون دولار عن كل رهينة، أى ما يعادل حوالى الـ١٥ مليون دولار ذهبت لذراع القاعدة هناك. وساطة أخرى قامت بها قطر فى أغسطس ٢٠١٤ لتحرير رهينة أمريكية، ثيو بادنوس، ورغم تكذيب الأمريكيين بخصوص دفع أى فدية، تناقلت صحف ووسائل إعلام أميركية عديدة أن المختطفين اشترطوا مبلغ ٢٥ مليون دولار مقابل تحرير الرهينة.
كذلك قضية الجنود اللبنانيين الأسرى عام ٢٠١٤، وعددهم ثلاثون جنديا، من قبل خلايا القاعدة وداعش بسوريا. حيث ساهمت الواسطة القطرية على مدار شهور طويلة فى المفاوضات، وتمكن المبعوثون القطريون من تحرير العسكريين مقابل إطلاق سراح خمسة عناصر تابعة لهذه الجماعات الإرهابية من بينهم الزوجة العراقية لزعيم داعش أبوبكر البغدادى، والتى كانت حبيسة بأحد السجون قرب بيروت. وتم بالمقابل إذن تحرير بعض الجنود اللبنانيين كما تم دفع قيمة ثلاثين مليون دولار من قطر لعناصر القاعدة وداعش فى سوريا.