الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

فرصة أمريكية جديدة لطهران

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الحشد الدعائى الذى قامت به الحكومة الإيرانية، أثناء مفاوضاتها على الاتفاق النووي قبل ثلاث سنوات تقريبًا لإقناع الرأى العام الغربى، ارتكز على الادعاء بأنه سيؤدى للسلام فى المنطقة وينهى الخلاف الطويل. وبخلاف المعروف عنها، أقدمت حكومة طهران أيضًا على توسيع دائرة دعايتها، فشملت الجاليات الإيرانية فى الخارج، ومعظم الإيرانيين فى الخارج ليسوا على وفاق مع النظام منذ قيام الثورة.
وكان مستغربًا أن نرى عددًا ممن دافعوا عن الاتفاق فى صف النظام هم من المعارضين لها. لفتتنى ظاهرة التصالح غير المألوفة بين الفريقين فسألت عنها، هناك من أثنى على نفوذ اللوبى الإيرانى، وفسرها آخر بأن التصالح بضغوط من الإدارة الأمريكية السابقة على القوى المعارضة، وبالطبع هناك من يرى أن المعارضة كانت مع الاتفاق وإن كانوا ضد النظام.
فى رأيى، بذلت حكومة حسن روحانى جهدًا كبيرًا، ونجحت فى رسم صورة إيجابية عن إيران المستقبل، واعدة بالمصالحة والتغيير الإيجابى الذى سينهى القطيعة مع نحو خمسة ملايين إيرانى فى المنافى معظمهم يعيش فى الغرب. وبالطبع ركزت رسالة روحانى، ووزيره ظريف، آنذاك، على الإيرانيين فى الخارج تطالبهم بأن يؤيدوا جميعًا، على اختلاف توجهاتهم السياسية، حق بلدهم إيران فى تملك السلاح النووى، وأن يفصلوه عن خلافهم مع النظام. وقد رددت هذا الطرح بعض النخب الإيرانية فى الولايات المتحدة مقتنعة بأن إيران ستتغير إلى الأفضل، بالانفتاح والتسامح.
لا أدرى ما رأى المعارضيين الذين دافعوا عن الاتفاق النووى، بعد توقيعه وتنفيذه؟ هل لمسوا أى علامات تحسن فى معاملة النظام تجاه المعارضين، والإيرانيين بشكل عام عما كان عليه قبل التوقيع؟
نحن لم نشهد أى تغيير فى سلوك النظام الذى زاد قمعه وشمل حتى المحسوبين على النظام، مثل أبناء الزعيم الإيرانى الراحل، هاشمى رفسنجانى، والمقربين من الرئيس الأسبق محمد خاتمى، وحديثًا جدًا اعتقال عدد من المحسوبين على الرئيس روحانى ضمن لعبة التوازنات التى لا تنتهى.
خلال الفترة الممتدة منذ توقيع الاتفاق JCPOA بين إيران والغرب فى يوليو ٢٠١٥ وحتى اليوم، لم نسمع من النخبة فى الداخل والخارج أى إطراء أو اعتراف بوجود تقدم من النظام حيال المجتمع المدنى المتسامح الموعود. وبالتالى لا نعرف ما اللعبة التى سيلجأ إليها الرئيس روحانى من جديد لحشد التأييد الذى نجح فى تحقيقه المرة الماضية.
ففى تلك المرة لعب على وتر الوطنية، قائلًا: إن المشروع لإيران كلها وليس للنظام وحده، وأقنعهم بأنه مفخرة علمية وحضارية، وزاد عليها بأن رفع الحظر نتيجة الاتفاق سيجعل حياة الإنسان الإيرانى أفضل من قبل.
لا شك أن للإيرانيين أن يفخروا بإنجازاتهم، لكن ليست عندما تكون مجرد وسيلة أخرى لمزيد من الحروب والتسلط. الاتفاق عزز وضع أجهزة قمعية مثل الحرس الثورى. واستمرت إيران، باختيار النظام وبسبب سياساته، فى حالة احتراب، فهو رغم الحظر والحصار الدولى لم يتوقف عن إنفاق مليارات الدولارات كل سنة للجماعات المسلحة فى غزة ولبنان وأفغانستان والعراق وسوريا واليمن، إلى جانب الإنفاق على شبكة كبيرة من الجماعات المتطرفة فى إفريقيا وجنوب شرقى آسيا وحتى فى أمريكا الجنوبية.
أتوقع أن تلجأ حكومة روحانى للتشويش على الشعب الإيرانى الذى يعيش تحت تأثير إعلام النظام، مثل كوريا الشمالية. ستصور قرار الولايات المتحدة على أنه عدوان على الشعب وتضييق على حياته، خصوصًا أنه سبق وفرضت منع منح التأشيرات للمواطنين الإيرانيين.
إنما يفترض أن توضح واشنطن موقفها للشعب الإيرانى بأن إعادة العقوبات على حكومة طهران ليست حتمية، بل أعطت حكومة طهران فرصة بأن تتعهد بالكف عن مغامراتها العسكرية وتمويل الجماعات المتطرفة فى الخارج. الشرط الأمريكى يفترض أن يجد هوى عند الغالبية الإيرانية التى ضاقت ذرعًا من سلوك النظام وتبديد أموالهم على ميليشيات فى أنحاء العالم.
نقلا عن العربية نت