السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

هزيمة مصر في معركة اليونيسكو :على من تقع المسئولية ؟

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لأستاذي الراحل الكبير توفيق الحكيم عبارة مشهورة يقول فيها: "باريس هي فاترينة العالم" . إذا كانت عاصمة النور والتنوير هي فاترينة العالم فإن من الواجب علينا ألا نعرض فيها إلا أفضل ما أنتجه الوجدان الحضاري المصري. و لكن بما أن الأمر يتعلق "بفاترينة" فإنه من الواجب أن تعرف أفضل الطرق لعرض هذا الإنتاج وخدمته إعلامياً وثقافياً ودبلوماسياً. إن خسارة مصر بثقلها الحضاري وموقعها السياسي هذه المرة – بعد خسارة الوزير فاروق حسني عام 2009 – لها طعم العلقم لأن هذا يعني ببساطة أننا لم نستفد من التجربة السابقة وأننا قد أصبحنا غير قادرين على انتهاز فرصة احتلال منصب دولي مرموق كمنصب المدير العام لليونيسكو. على من تقع المسئولية ؟ هل هو سوء اختيار للمرشح ؟ هل هو سوء إدارة للحملة الإعلامية ؟ هل هو سوء إدارة "تربيطات" تتم عادةً في الدهاليز السرية للدبلوماسية الدولية ؟ . فيما يتعلق بشخص المرشحة المصرية لن تجد اثنان في مصر يختلفان على شخصية السيدة مشيرة خطاب ولا على كفاءتها الدبلوماسية ولا خبرتها الطويلة في الساحة الدولية. لقد دفعنا بقيمة كبيرة كالسيدة مشيرة خطاب إلى أرض معركة لم تكن لديها فيها الأسلحة المناسبة. لقد أصرت جهات معينة على استبعاد الرجل الذي كان من الممكن أن يصول و يجول في هذه المعركة و تكون حظوظه فيها أكبر، خاصة أنه كان يرأس المجلس التنفيذي لليونسكو وهو المجلس الذي يقوم أعضاؤه باختيار المدير العام لليونسكو . أقصد هنا أستاذ القانون الدولي المرموق و التلميذ النجيب للعلامة القانوني د.مفيد شهاب وهو سفيرنا السابق في اليونسكو د. محمد سامح عمرو. لقد استطاع الرجل أن يحوز على احترام جميع من في المنظمة وعرك خفاياها وأصبح اسمه كمرشح لمصر في انتخابات رئاسة اليونسكو يكاد يكون بديهياً . إلا أن هناك – في المسافة الواقعة بين السفارة في باريس والخارجية في القاهرة – من أراد إقصاء الرجل وإقناع مؤسسة الرئاسة في مصر بأن السيدة خطاب أفضل منه. و لم يكتف القائمون على الأمر بذلك بل وفور عودة د.سامح إلى القاهرة إلى تكليف سفيرنا في باريس بشغل موقع سفيرنا في اليونيسكو أيضاً وكأن مشاغل ومهام السفارة الثقيلة لا تكفي سفيرنا هناك فها نحن نكلفه أيضاً بمشاغل و مهام سفيرنا في اليونسكو لتصبح النتيجة هو عدم القدرة على القيام بالحملة ولا بتربيطاتها بالشكل اللائق. إن الأمر هنا يتعلق بسمعة وطن و تاريخ شعب أثرى الثقافة الإنسانية ولا يصح أن نتركه لهوى هنا أو مزاج هناك . لقد كانت في تجربة الوزير الكبير فاروق حسني – وقد عايشتها لحظة بلحظة – دروساً كثيرة. وكان يمكن الإفادة من خبرة الرجل وعلاقاته والإمساك بالمفاتيح التي جعلت منه أفضل المرشحين العرب لهذا المنصب الثقافي الرفيع لأنه – ببساطة – كان رجل ثقافة بامتياز و كانت لديه رؤية حضارية لعلاقات الشرق بالغرب لم تكن واضحة لدى مرشحة مصر لهذا العام. إن أول الدروس التي يجب الإمساك بها في هذه التجربة المريرة هي معرفة المسئول عن الاختيار ومحاسبته ومعرفة المسئول عن الحملة و محاسبته. في معارك الوطن ليست هناك حسابات مشخصنة وإنما حسابات من أجل استنباط الدروس حتى لا تتكرر الهزيمة. ولنا في شهر أكتوبر ومعاركه دروس وعظات تستحق التأمل.