الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

اليوم العالمي للفتاة.. "زواج القاصرات" أطفال في قفص الزوجية "ملف"

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
50 ألف زيجة غير موثقة سنويًا في مصر
24 قيادة دينية اعتبرت الفتاة فى سن الـ٢٤ كبيرة للغاية على الزواج
بالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للفتاة، 11 أكتوبر من كل عام، تطفو على السطح مُشكلات وأزمات عدة تتعرض لها الفتاة فى المجتمع المصرى تحت لافتة العادات الاجتماعية، بداية من الختان، مرورًا بالحرمان من التعليم، وصولًا إلى الطامة الكُبرى وهى زواج القاصرات، فوفقًا لتقرير التعداد السكانى الصادر مؤخرًا من الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فإن عدد المتزوجات عن عُمر 12 عاما يمثلن حوالى 18% من إجمالى السيدات المتزوجات، وأن 5% منهن أرامل، وهو الأمر ذاته الذى دفع الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ أيام قليلة إلى الحديث عن تلك الأزمة، كجرس إنذار لخطورة المُشكلة، وأيضًا وجه توجيهًا غير مباشر لكل الأجهزة المعنية والتنفيذية لاتخاذ اللازم تجاهها.


تجريم زواج دون الـ18 عامًا.. الحل للقضاء على الظاهرة
تُرجح رانيا يحيى، عضو المجلس القومى للمرأة، أن أعداد زيجات القاصرات فى مصر تفوق ما أعلن عنه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء مؤخرًا، بأنها ١١٨ ألف حالة فقط، بسبب صعوبة الوصول إلى النسب الحقيقية، وترى أن زواج القاصرات يُعد ثقافة مُجتمعية خاطئة، فبالإضافة إلى انتشار زواج الأطفال فى الأرياف والمناطق الفقيرة نتيجة العوز المادى، واعتقاداتهم بأن تلك الممارسات تُساعد الأسرة فى تخفيف الأعباء المادية عليها، وأيضًا اعتقاد الكثيرين أن وصول الفتاة إلى سن ١٦ عاما دون زواج يُصنفها كـ«عانس»؛ ويُساهم كل هذا بشكل كبير فى انتشار زواج القاصرات.
مئات الشكاوى والاستغاثات
وتؤكد أن المجلس القومى للمرأة يتلقى مئات الشكاوى والاستغاثات التى يكون فحوى أغلبها عدم قدرة الفتيات المتزوجات على إثبات نسب أطفالهن بعد أن تركهن الأب، حيث إن غياب ثبوت عقد القران الكتابى تنتج عنه مُشكلات عدة إذا ما انفصل الزوج عن زوجته القاصر قبل بلوغها السن القانونية لإثبات الزواج.
وتُضيف: «من المُفترض أن تأخذ الفتاة فرصتها فى التعليم والعمل، وأن تمارس حياتها بشكل طبيعى دون أن نقتل براءتها، فعدم وجود رقابة كافية على المأذونين، خصوصا فى المناطق الريفية، يُساهم فى انتشار مثل تلك الزيجات، خصوصًا أن العقوبات الواردة فى قانون الطفل غير رادعة لمنع حدوث تلك الظواهر».
استطلاع رأى
من ناحية أُخرى، بسؤال الآباء والأمهات عن رأيهم بشأن زواج الأطفال، جاء رأى الغالبية منهم، فى استطلاع المجلس القومى للأمومة والطفولة و«يونيسيف»، أنه خطأ تماما أن يتم الزواج قبل سن الثامنة عشرة، حيث وصلت النسبة فى محافظة أسيوط إلى ٧٣٪، تليها القاهرة بنسبة ٧٠٪، ثم الإسكندرية بنسبة ٦٤٪، إلا أن قلة من الآباء والأمهات رأت أن زواج الأطفال يعتمد على أحوال الفتاة، وكانت النسبة على الترتيب فى محافظات القاهرة والإسكندرية وأسيوط ١٦٪ و١٧٪ و١٢٪، كما أن نسبة الآباء والأمهات ممن يرون زواج الأطفال جريمة، بمحافظة الإسكندرية، وصلت لنحو ٩٪، أما القاهرة وأسيوط فكانت النسبة ٥٪ و٦٪ على الترتيب.


فى انتظار قانون
عدد زيجات الفتيات القاصرات فى مصر يُقدر بـ٢٠٪ من عدد الزيجات الإجمالى، ينتُج عنها ما يزيد على ٣٠٠ ألف طفل مولود سنويًا، وهى أرقام كارثية، كون أن زواج الفتيات ما دون السن القانونية يخلق عدة مُشكلات أخرى، سكانية واجتماعية وأخلاقية، حسبما أكد الدكتور طارق توفيق، مُقرر المجلس القومى للسكان. 
ويوضح توفيق: «زواج الأطفال يُعد انتهاكًا لحقوقهم وعنفًا فى حقهم، لأنه ينقلهم فجأة من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرشد والإدراك، ما يتسبب فى خلق مُشكلات عدة، لها علاقة بالحمل والولادة ثم الفقر، كما أن حقوق الفتاة المتزوجة بشكل غير موثق يجعلها أكثر عرضة لضياع حقوقها الاجتماعية والقانونية، خصوصا فى حالة ما إذا توفى أو طلقها زوجها قبل بلوغها سن الـ١٨ عاما».
ويعيب «توفيق» على القانون الحالى الذى يحكم عملية توثيق الزواج، متمثلًا فى المادة رقم ٢٢٧/١ من قانون العقوبات، التى نصت على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين أو بغرامة لا تزيد على ثلاثمائة جنيه كل من أبدى أمام السلطة المختصة بقصد إثبات بلوغ أحد الزوجين السن المحددة قانونًا لضبط عقد الزواج أقوالًا يعلم أنها غير صحيحة أو حرر أو قدم لها أوراقًا.
تجريم الزواج
تجريم الزواج ما دون الـ١٨ عاما بقانون هو الحل الأمثل للقضاء على زواج القاصرات، بحسب «توفيق»، مؤكدًا أن قانون تجريم زواج الأطفال الجديد تم عرضه على وزير العدل ثم مجلس الوزراء، وأنه من المُقرر عرضه على لجنة الإصلاح التشريعى بمجلس النواب لتحدد العقوبة بناءً على مدى الجرم، وهو يُقر عقوبة رادعة بالحبس والغرامة على كل من يشارك فى زواج القاصرات.
استغاثات لخط نجدة الطفل
أحمد حنفى، المدير السابق لخط نجدة الطفل بالمجلس القومى للأمومة والطفولة، قال: «إن أغلب البلاغات والاستغاثات المُتعلقة بزواج القاصرات التى تصل إلى خط نجدة الطفل لا تأتى من أصحاب الشأن، كالفتاة أو أحد الوالدين، ولكن من المحيطين، ممن يبلغون عن إقامة حفل زواج لطفلة، وأنه عندما يبدأ المجلس بالتحرك لتقصى الاستغاثة، تتحايل أسرة الفتاة أو أسرة الزوج بأن ما يحدث هو فقط إعلان خطوبة». ويوضح: «فى مثل تلك الحالة يتم تحرير محضر بعد الاستعانة بأقرب مركز شرطة من الواقعة، ونُرغم الأب على كتابة إقرار بعدم إتمام الزيجة قبل بلوغ الفتاة سن ١٨ سنة، وبالرغم من ذلك إلا أن المجلس لا يتسلم بلاغات واستغاثات بالقدر الكافى لإحكام السيطرة على انتشار تلك الظاهرة، بسبب تستر أهل الزوج والزوجة والجيران على تلك الزيجات».
تطعيم دون أوراق
ويلفّت «حنفى» إلى أنواع أخرى من الاستغاثات التى تصل إلى خط نجدة الطفل بالجملة، كعدم قدرة الفتاة القاصر المتزوجة من تطعيم ابنها لعدم وجود إثبات رسمى للزيجة أو شهادة ميلاد للمولود، وهو ما دفع القومى للأمومة والطفولة بمناشدة وزارة الصحة بتوزيع تطعيمات الأطفال دون أوراق رسمية، طالما كان المولود أو الطفل فى سن التطعيم، حرصًا على صحته، وهو ما تم تنفيذه خلال الفترة الأخيرة، لكن يظل يواجه المولود مُشكلات عديدة أخرى تحول بينه وبين الالتحاق بالمدرسة أو الحصول على أى خدمة تُقدمها وزارة التضامن الاجتماعى والوزارات المعنية بقضايا الطفولة.

«المأذون والشيخ».. أدوات الجريمة
إطلاع الإمام على «القسيمة» وبلوغ الزوجين السن القانونية شرطا الإشهار
«عقود عُرفية مكتوبة أو إيصالات أمانة على الطرفين» هى الطريقة التى يتم بها إتمام زيجات القاصرات بمباركة مُحام أو مُقرئ جنائز أو إمام مسجد أو شخص عادى أحيانًا، على أن يتم الاتفاق على توثيق العقد فى المحكمة فى حالة وصول القاصر إلى السن القانونية، بحسب ما أكده إسلام عامر، نقيب المأذونين، نافيًا تورط المأذون الشرعى فى توثيق عقد زواج أقل من ١٨ سنة، لأنه يعلم جيدًا أن ذلك يُعرضه للسجن أو العزل من الوظيفة.
ويُشير «عامر» إلى انتشار أشخاص ينتحلون صفة مأذون يتورطون فى إتمام زيجات الأطفال بالقُرى والأرياف، وأيضًا بعض المأذونين ممن قدموا استقالاتهم من العمل بشكل رسمى، رغم أنهم يمارسونه بشكل عُرفى فى قُراهم ونجوعهم، وهو الأمر الذى تم اكتشافه مؤخرًا فى عدد من المحافظات، كالدقهلية، عندما تم ثبوت تورط مأذون سابق فى تحرير قسيمة زواج مختومة بشعار جمهورية مزور.
وبالرغم من ذلك إلا أن «عامر» لا ينفى انتشار زواج القاصرات بشكل كارثى فى محافظات مصر، حيث يُقدر عدد الزيجات غير الموثقة التى تتم سنويًا بما يزيد على ٥٠ ألف حالة، منوهًا بأن من يُخالف من المأذونين شروط عمله فى التوثيق، يتعرض إلى العقاب بالغرامة والحبس كما نصت المادة ٢٢٧ من قانون العقوبات لدرجة تصل إلى العزل النهائى من الوظيفة.
وزارة الأوقاف
وزارة الأوقاف، كان لديها رصد مُسبق بزيجات عُرفية لمن هم دون السن القانونية يتم إشهارها فى المساجد، بحسب ما أكده جابر طايع، رئيس القطاع الدينى بوزارة الأوقاف، مؤكدًا أنه بناءً على الرصد المُسبق لعدة مُخالفات أصدرت الأوقاف تعميمًا منذ ما يُقارب ٢٠ يومًا إلى جميع مساجد الجمهورية، تحذر فيها الأئمة والعاملين بها بعدم التورط فى مثل تلك الزيجات وإلا التعرض للمُساءلة، وهو ما حدث مع أحد الأئمة بمحافظة الغربية، بعدما تبين إقحام نفسه فى أكثر من زيجة لقاصرات، حيث تمت إحالته إلى لجنة القيم للتحقيق واتخاذ العقاب المناسب.
ونوّه «طايع» بأن هناك تعليمات مُشددة على أئمة المساجد بعدم إشهار الزيجة فى المسجد، إلا بعدما يطلع الإمام على قسيمة الزواج للتأكد من صحتها، والتأكد من أن الطرفين وصلا إلى سن ١٨ عاما، وذلك لضبط عملية الزواج، على حد قوله.
على جانب آخر، فإن استطلاع المجلس القومى للأمومة والطفولة، أكد أن القيادات الدينية بمحافظات مصر اعتبرت أن أفضل سن للزواج يقع ما بين ١٨ و٢٢ عاما، وأن الفتاة فى سن الرابعة والعشرين تعتبر كبيرة للغاية على الزواج، فيما اقتصر رأى أغلب المدرسين على أن السن المناسبة للزواج هى الثامنة عشرة فما فوق، لكن قلة منهم، خصوصا فى ريف أسيوط، قالوا إنه من الأفضل تزويج الفتيات فى أصغر سن ممكن بداية من الثانية عشرة.
«أبوكى وافق على جوازك».. من هنا تبدأ الحكاية
شهادات مأساوية لفتيات تزوجن فى سن صغيرة.. «شيماء» تزوجت بابن عمها وهى ابنة 13 عامًا.. وبعد 6 أشهر عادت للمنزل مطلقة
ما هى إلا ساعات قليلة من عودة شيماء إسماعيل، التى لم يتخط عمرها بعد ١٣ عاما، إلى منزلها بقرية الشرابلة، مركز دشنا بقنا، بعد يوم دراسى حافل بسنتها الأولى من المرحلة الإعدادية، حتى دَخَلت والدتها، صاحبة الثلاثين من العمر، عليها الغرفة، أثناء استكمالها للواجبات الدراسية اليومية، بوجه تعلوه ابتسامة عريضة لتقول لها: «أبوكى وافق على جوازك من ابن عمه الصغير بعد ٧ أشهر»، وأنه حان الوقت لتُكرس تلك الفترة فى تعلم «الخبيز والطبيخ».
وبعد ٦ أشهُر فقط، عادت «شيماء» إلى منزل والدها، لكن هذه المرة وهى تقُص على أُذن والدتها الكلمتين اللاتى خرجا من فىم زوجها قبل أن تغادر منزله، أنتِ طالق، وأيضًا جنين فى بطنها لم يتعد عمره الخمسة أشهُر.
يَصف شقيق شيماء، الذى اشترط عدم نشر القصة إلا بعد استبدال الأسماء بأُخرى مُستعارة، ما حدث بأن «الحكاية بسيطة»، وأن زواج الأطفال فى قريته لا يتطلب غير ورقة لإثبات المنقولات، من عَفش وخشب مطبخ وذَهب، من حق الزوجة، مُزيلة بإمضاء شاهدين مع إيصال أمانة بمبلغ يتفق عليه الطرفان، وورقة أُخرى تُسمى «عقد تصادق»، مُنتشرة بمكتبات القرية، مُزيلة بإمضاء العريس ووكيل العروسة وشاهديّن، تضمن إثبات الزيجة بعد بلوغ الزوجة السن القانونى، خصوصا أن مُعظم الفتيات فى قريته ومُعظم القُرى المحيطة بها لا تمتلك «رفاهية» رفض قرارات ولى الأمر ومنها الزواج، على حد قوله، لدرجة أن والدته واحدة ممن تزوجن قبل بلوغ ١٦ عاما ولديها ٥ أبناء حتى الآن.
أما فيما يخُص الإجراءات التى تم اتخاذها بعد طلاق شيماء، فيقول الشاب العشرينى: «والدى تَسلم جميع المنقولات من زوجها، واتفقا على إثبات الزواج والطلاق بعد بلوغها ١٨ سنة»، مضيفًا أن شيماء وضعت طفلها فى مايو الماضى، دون استخراج شهادة ميلاد لعدم وجود وثيقة تثبت الزواج، وأنهم اكتفوا فقط بتسجيل اسم المولود بالوحدة الصحية بالقرية للحصول على تطعيماته اللازمة ضد الأمراض، واختتم قائلًا: «البنت ١٨ سنة هنا بيتقال عليها فاتها القطر.. معظم البنات بتتجوز وهى فى إعدادى، وبتحصل المشاكل فى حالة لو العريس طلق ومفيش إيصال أمانة متاخد عليه».
العنف ضد الأطفال
والد «شيماء» ليس وحده من الآباء والأمهات الذين يرغبون فى زواج بناتهم قبل بلوغ ١٨ عاما، فوفقًا لدراسة أصدرها المجلس القومى للأمومة والطفولة ومنظمة يونيسف نتيجة جهد مُشترك عام ٢٠١٥ تحت عنوان «العنف ضد الأطفال فى مصر»، فإن نحو ١٠٪ من الآباء والأمهات فى محافظات القاهرة والإسكندرية وأسيوط كان لديهم فتيات تزوجن قبل بلوغ سن ١٨ سنة، حيث ذكر بعض الآباء أن سن ١٤ عاما هى العمر المناسب لزواج الفتيات، وأن الفتاة التى تبقى غير متزوجة حتى سن العشرين سوف يُنظر إليها باعتبارها «عقيمة». 
كما أنه ما يُقارب ٥٪ من الأطفال المشاركين فى الاستطلاع ذكروا أن فردًا واحدًا على الأقل فى أسرتهم تزوج قبل بلوغ سن الثامنة عشرة، وأن تلك النسبة ارتفعت إلى ١٠٪ فى محافظة أسيوط، فى حين أشارت الإحصاءات إلى أن ٧٧٪ من الأطفال بالقاهرة يرون أن الزواج قبل بلوغ سن ١٨ عاما أمر خاطئ، بينما كانت النسبة فى محافظة الإسكندرية ٧٤٪، و٦٦٪ فى محافظة أسيوط، غير أن الأطفال ممن يرون أن الزواج قبل السن القانونية ضرورى للعفة وصلت نسبتهم فقط إلى ٩٪ فى أسيوط، ثم تقلصت تلك النسبة فى محافظتى الإسكندرية وأسيوط إلى ٤٪ و٢٪ على الترتيب.



«التقزُم» و«سموم الحمل».. أبرز مآسى الزواج المبكر 
«حسن»: يولد طفل معاق بين كل أربع سيدات تزوجن فى سن صغيرة 
قال الدكتور عمرو حسن، استشارى النساء والتوليد: إن أغلب زيجات الأطفال تكون فى الطبقة التى تُعانى من العجز المادى والفقر، وهو ما ينتج عنه سوء تغذية لقلة البروتينات التى يحصل عليها جسم الفتاة، ما يتسبب فى انتشار ما يُسمى مرض «التقزُم»، وهو أن أبناء تلك الزيجات يكون نضوجهم الجسمانى أقل كثيرًا من النضج العُمرى. 
ويُضيف: «فى حالة أن حملت الفتاة المتزوجة فى سن صغيرة، فإن نموها يقف، فكل البناء يذهب إلى تكوين الجنين، ما يتسبب لها فى عدة مُشكلات، بداية من أن جسمها يظل صغيرًا، مرورًا بحوض صغير تزداد معه احتمالات الولادة القيصرية لها، وصولًا بالتعرض لما يُسمى سموم حمل، كما أن المدارك الذهنية للفتاة تظل غير مُكتملة بعد زواجها».
ومن خلال تجربتين فى قوافل طبية لـ«حسن» بالفيوم والخصوص، يؤكد أن بين كل ثلاث أو أربع سيدات تزوجن فى سن صغيرة، يوجد معاق من أبنائهن، وذلك نتيجة نقص أكسجين أو ضمور فى المُخ، سببه أن أغلب تلك السيدات لا يلتزمن بالتردد على أطباء أثناء فترة الحمل للمُتابعة، وأن بعضهن يضطر إلى الولادة فى المنزل أو فى بعض الأماكن غير المؤهلة.
ويوضح حسن: «زواج مبكر يعنى ولادة مُتكررة، لأن الخصوبة لدى الفتاة تكون مُرتفعة جدًا، ومع وجود إهمال فى استخدام وسائل منع الحمل بسبب الظروف المادية الصعبة أحيانًا، وعدم وجود قدر كاف من التعليم يُساهم فى تكرار الحمل لمرات عديدة».


شروط الزواج
الدكتور جمال فرويز، استشارى الطب النفسى، قال إن النضوج الجسمانى والنفسى شرطان أساسيان لزواج الفتيات، لكن بعض الأهل عندما يرون أن ابنتهم نضجت جسديًا يعتقدون أنه حان وقتها للزواج، غير مراعين أنها ما زالت بعقل طفلة، لا تُجيد المعاملات الاجتماعية والنفسية والجنسية مع زوجها، وهو ما يولد الخوف لديها، خصوصا إذا كان الفرق بين العمرين كبيرًا، ما يؤثر أيضًا على تربية أطفالها وتدهور صحتها وإصابتها بشيخوخة مُبكرة.
ويُشير استشارى الطب النفسى إلى كارثة اجتماعية أخرى مُترتبة فى الغالب على زواج القاصرات، وهى زنى المحارم، فوصول الفتاة إلى سن المراهقة بعد زواجها يجعلها أكثر عرضة لتكوين علاقات غير شرعية مع رجال آخرين، نتيجة خوفها من زوجها، لدرجة تصل إلى أن بعض الفتيات تخوض فى تجارب مُحرمة مع شقيق الزوج أو والده أحيانًا، ويُساهم فى حدوث ذلك بشكل كبير عدم حصول الفتاة على قدر كاف من التعليم.