الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

محمد سلطان موسيقار الزمن الجميل يفتح صندوق الأسرار لـ"البوابة نيوز":" نفسيتي زي الزفت ومش لاقي شغل".. وفايزة أحمد "ما صدقتش إني اتجوزتها.. ولسه عايشة معايا"

محمد سلطان موسيقار
محمد سلطان موسيقار الزمن الجميل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يوسف شاهين صاحب فضل علىَّ.. وسعاد حسنى ونادية لطفى وفطين عبدالوهاب أثروا فى حياتى
أنا فلاح والريف أثر فىَّ.. وأعيش بمفردى وأستأنس بالقطط والكلاب
أعشق السادات.. ومبارك ليست لديه نزعة فنية
لا أعلم شيئًا عن استخدام رجال الدولة للنجمات فى عصر عبدالناصر

«واحة من الفن والجمال».. هذا ما يمكن أن تطلقه على منزل الموسيقار الكبير «محمد سلطان» فور عبور الباب، حيث تشعر منذ الوهلة الأولى وكأنك فى زيارة لمتحف يحمل من ملامح الفن الكثير، من صور الرقى والجمال، حيث إنه أسلوب حياة تربى عليه سلطان، فهو صادق ولديه إحساس مرهف بالأشياء، يهتم بكل التفاصيل واللمسات فى مختلف الأركان، التى يعيش فيها، فيركز على انتقاء ديكوراته بإتقان شديد، بحيث تجمع بين الفخامة والرقى اللذين يعبران عن طبيعة شخصيته طوال رحلته الحياتية، ولذلك لا تجد فى بيت محمد سلطان ركنا خاليا من لوحة فنية وقطع أثاث راقية، فظل النجم الكبير طوال سنوات عمره السابقة ينفق أمواله على تلك المقتنيات، رافعا شعار أن المال يأتى ليصرف على هذه المقتنيات التى لديه، معتبرًا أنها جزء من حياته الشخصية التى لا يجب على أحد الاطلاع عليها.
«البوابة» استطاعت اختراق حاجزه الإنسانى بعد دعوتنا إلى منزله ببساطته المعهودة، ومنذ دخولنا منزله جلس الموسيقار الكبير على كرسيه المفضل، وهذا الكرسى كان بجانب الصورة المعلقة على الحائط، وهى صورة حب عمره وزوجته، الحبيبة الفنانة الكبيرة الراحلة «فايزة أحمد»، وهذا المقعد كان وما زال يفضل أن يمكث عليه دائما حتى بعد رحيلها، وبعد ترحابه بنا سكت رويدا رويدا، فنظرت إليه، ورغم أنه تم الاتفاق معه مسبقا على موعد لإجراء الحوار، إلا أننى وجدته فى حاله مزاجية لا تسمح له بالحديث غير ما اعتدت عليه فى كل مرة أحادثه فيها هاتفيا، للاطئنان على صحته من حين إلى آخر.
فوجدت نبرات صوته ووجهه يخيم عليهما الحزن، وربما حالته النفسية والمزاجية كانت سيئة للغاية، ويكاد لا يستطيع إجراء الحوار وقبل أن ألقى عليه أسئلتى قام هو بالتحدث من تلقاء نفسه، فقال: «بصراحة شديدة أنا غير سعيد إطلاقًا، فأنا أعيش فى حالة مزاجية ونفسية سيئة للغاية، ومثل ما يقال بالمعنى الدارج: فعلا نفسيتى زى الزفت، فلا أدرى لماذا أقص عليك هذا الكلام؟».
ثم استكمل: «أنا فنان صادق للغاية ولا أعرف أن أشعر بالسعادة وهى لم تكن داخلى ولم تكن أيضا مناسِبة، ودائما لدى تطلع إلى الأفضل والاتجاه نحو الأمام»، وقاطعته: ما الشىء الذى جعل موسيقارنا الكبير يعيش فى هذه الحالة ويصل إلى هذه الدرجة من الحزن ويجعله يتملك منه؟
- فأجاب بصراحته المعهودة: أنا ليس فى حالتى النفسية المعتاد عليها لسبب مهم للغاية ورئيسى، وهو أننى ببساطة شديدة ملحن ومبدع، وأريد دائما أن ألحن، وللأسف الشديد وبصراحة مطلقة «مفيش شغل» والرزق ليس بإيدى ولا بإيد أحد، وأنا لا أريد أن ألحن لأى شخص وأنتهي، فأنا لا أريد أن أضيع تاريخى الفنى الكبير والحافل مقابل أى مطرب متواجد الآن، فلا بد أن أجد صوتا يعيدنى إلى زمن الطرب الجميل، وبالنسبة فأنا لا ألهث وراء الفلوس قط، وأؤمن أنها أتت لكى تضيع، فعدوىّ هو المال، فأنا طوال عمرى لا أفخر بالفلوس وغير سعيد بها رغم أننى أعيش فى قصر ولدى سيارة فارهة للغاية، لكننى غير سعيد قط.

مطربو زمان.. والجدد
قلت له: تحدثت أنك لا تريد أن تضيع تاريخك الفنى الكبير مقابل أى مطرب متواجد الآن على الساحة الغنائية، فهل لديك تحفظات على الجيل الحالي؟ فأجاب مندهشا رافعا حاجبيه:
- وأين الجيل الحالى الذى تتحدثين عنه هذا؟ فبالنسبة لى لا يلفت انتباهى إلا كل ما هو جميل ولن أعيش لآخر العمر، فأتمنى فى مصر أن توجد بها القمم، لأن الاستمرارية الخاصة بالفنان الآن غير متواجدة إطلاقا، وأنا لا أعتبر هناك جيل مطربين حقيقيين غير الذين قدمتهم مثل هانى شاكر، سميرة سعيد، نادية مصطفي.
الإنسان.. والذكريات 
بالطبع يمتلك الموسيقار الكبير رصيدا فنيا كبيرا، فهو غنى عن التعريف بألحانه الفنية الكبيرة، لذلك أردنا أن نبحر داخله عنه كإنسان، فتركنا له العنان كى يتحدث، فيقول بأسلوبه الرقيق وصوته الهادئ المعتاد عليه متنهدا: «ياااااه أنتِ تعودين بى إلى الوراء، وتضعين يديك على أماكن انغلقت داخلى منذ زمن بعيد ولم يفتحها أحد من قبل» ثم قال: بالنسبة لى أنتمى إلى عروس البحر المتوسط، الإسكندرية، لكنى من مواليد البحيرة، فأنا رجل فلاح وأفخر بذلك، وهذه البيئة الريفية أثرت فى كثيرا وظللت فى هذه البلدة إلى أن تخرجت فى الجامعة، فأنا خريج «كلية الحقوق» ولم أعمل فى المحاماة قط، رغم أننى عضو فى نقابة المحامين، وأنا متشرف بأننى عضو فيها، وكل ما فعلته وأنا طالب فى كلية الحقوق أننى عملت كمتدرب فى مكتب محاماة، لكنى لم أمارسها، ثم بعد ذلك دخلت الكلية الحربية وتركتها من أجل عيون التمثيل، والدى كان ضابطا عسكريا ويمتلك قطعة من الأرض فى البحيرة تزرع فيها القطن، وكان يريدنى أن أكون ضابطا مثله، ورغم عشقى له لكنى رفضت أن أحقق أمنيته، وفضلت التمثيل لأننى فنان وليس ملك والدى أو ملك أحد، ورغم حبى الشديد لوالدى إلا أننى خرجت عن طوعه، فأنا لدى ميول خاصة وأسلوب خاص فى التفكير والتعامل مع الآخرين والحياة، وإحساسى فى كل شىء متدفق للغاية، وهذا يقتلنى لأنى إنسان صادق وسريع الانفعال، بس لدى تحكم فى ذاتى وأراعى شعور الآخرين، وآنذاك لم تكن لى علاقة بأرض والدي، فأنا كنت أقطن فى شقة بالإسكندرية تطل على البحر مباشرة، وكنت أفضل الجلوس فيها دائما لعشقى للبحر والطبيعة، ومنذ فترة كبيرة لم أذهب إلى الإسكندرية، ولدى منزلان هناك، أحدهما ملك والدى رحمه الله، والآخر ملكى وقمت بتسجيله فى الشهر العقارى لأبنائي، فلدى ولدان من زوجتى الراحلة الفنانة الكبيرة والاثنان طبيبان، يعيشان بفرنسا، ودرسا الطب هناك، فأنا بطبعى لست أنانيا ولا أحب جلوسهما بجانبى دون فائدة، ففضلت أن أترك لهما المجال كى ينطلقا. ولدى شقيق مهاجر فى سويسرا، وشقيقة صغرى تدعى «سعاد» توفيت منذ أشهر قليلة. وأنا أمكث فى مصر بمفردي، فى هذا المنزل الكبير، وأستأنس بالقطط والكلاب التى أربيها فى المنزل، فأنا أعشق الحيوانات الأليفة، فأشعر أثناء تعاملى معها أننى أتعامل مع بشر.

حبيبة العمر.. فايزة أحمد
لم يكن فراق زوجة الموسيقار الكبير محمد سلطان الفنانة الراحلة «فايزة أحمد» فراق موت، ولكن رحيلها بالنسبة له فراق توهة لأن فراق الموت يأخذ بعضا من الوقت والآلام، وتأثيره يضيع مع تلاهى الأيام، أما فراق التوهة، وجعه لايضيع قط، وعندما ذكرت له اسم الفنانة الراحلة وحكايته وذكرياته معها بدأت الدموع تجرى فى عينيه، وكأن سؤالى وقع عليه كالصاعقة، وكأنها توفت منذ قليل، فقال متأثرا: فايزة لم تكن بالنسبة لى فنانة كنت أقوم بالتلحين لها، أو زوجة، فهى كانت ابنتى وحبيبتى وأختى وزوجتى، فهى التى كنت أحضن العالم من خلالها، وبرحيلها فقدت الحياة.
وقاطعته قائلة: كيف كل هذا الحب الجارف والوافى؟ وما حقيقة ما تردد أنك تزوجت بعدها؟ وهل استطاع محمد سلطان كرجل أن يمكث بمفرده كل هذا العمر؟
- فأجاب باندهاش ونبرات صوت محتدة رافعا أصابع يده: من المحال أن أتزوج بعد فايزة، فهى نصفى الآخر التى لا أستطيع أن أعيش دونها، وهى بالنسبة لى لم تمت، فالذى عشته مع فايزة لا يتكرر مرة ثانية مع أى إنسانة أخرى غيرها، فهى كانت سريعة الدموع والانهيار وتنفعل بسرعة وتفرح سريعا، فكانت إنسانة بسيطة للغاية وغير مغرورة وفنانة راقية بكل ما تحمله الكلمة من معني. 
وقبل زواجنا كانت تتعرض للكثير من الضغوط والحروب، فلذلك عندما قابلتها وتزوجنا، وبعدها بالمعنى الدارج «لم تصدق أنى تزوجتها، فهى كانت تشعر أننى سندها وأمانها، وأنا أجزم أن صوتها كان خطرا على الجميع، ولا أعلم من الأشخاص تحديدا الذين كانوا يحاربونها؟، ونحن أيضا كنا متشابهين تماما فى كل شىء، فنحن كنا ثنائيا لا يتكرر سواء فنيا أو إنسانيا.

أشخاص أثروا فى الموسيقار
بعد كل هذا العمر، ومع مرور التجارب والمواقف والبشر، هناك عدد من الأشخاص أثروا فى حياة الموسيقار الكبير محمد سلطان، سواء على المستوى المهنى أو الإنساني، وعن ذلك سرح وفكر قليلا ثم أجاب: بالطبع مع مرور العمر هناك عدد من الأشخاص أثروا فى حياتى سواء عمليا أو إنسانيا، أهمها هو والدي، ومن وأنا صغير نشأت معه فهو رجل عسكري، وكان منضبطا للغاية فى كل شىء، وعندما يتحدث كان لا يخرج الكلمة من فمه إلا وكان يفكر فيها، وإذا أخذ موقفا ما لا يتراجع عنه قط، وهكذا أنا تعلمت منه أيضا أن الذى ينجح مع الحياة لا بد أن يتفهمها جيدا، فهى لا تؤخذ بـ«الدراع»، ومن الأشخاص الذين أثروا فىّ وبشدة المخرج العملاق الراحل يوسف شاهين، فهو صاحب فضل علىّ على المستوى المهني، وقدمنى فى السينما، واقتنع بى تماما وأحبنى كثيرا وأنا أحببته أيضا، وقد تبنانى على المستوى الإنسانى كثيرا، وأيضا سعاد حسنى ونادية لطفى وفطين عبدالوهاب من الأشخاص الذين أثروا فىّ كثيرا وشرفت بالعمل معهم، وأنا أعتبر مشوارى فى السينما مشرفا للغاية ولا يمكن أن أنساه.
خطوط سلطان الحمراء
يعتبر سلطان شخصية ذات حس مرهف، وله أسلوب خاص لكل من يحاول أن يعرفه أو يتقرب منه، لذا سألناه عن خطوطه الحمراء مهنيًا أو إنسانيًا؟ فأجاب وعيناه بهما نظرة حدة شديدة: بالنسبة لى لا أعرف أن أكذب قط ولا أحب أن يكذب علىّ أحد، سواء على مستوى المهنى أو الإنساني، وإذ اكتشفت أن هناك شخصا يكذب علىّ فيخسرنى على الفور، فليس لدى مرونة فى الكذب، فأنا إنسان من النوع السهل التعلق بالشخصيات، وأحب أى فرد سواء كان رجلا أو امرأة، وأنا بطبعى لا أحب التعامل مع الأشخاص على أنهم أصدقاء مصالح أو مرحلة فأنا رجل ليس «مصلحجيا».

لحظات قاتلة فى الحياة
رغم أن قلب الموسيقار الكبير محمد سلطان يتصف بالنقاء وذات شخصية مسامحة، إلا أن هناك العديد من اللحظات الصعبة فى حياته لا تمر عليه كمرور الكرام، وعن تلك الحظات أجاب وعيناه ممتلئتان بالدموع، وعاد بظهره إلى الوراء متنهدا:
- بالطبع مع مرور كل هذا العمر، ورغم أننى لا أقف عند أى موقف فى حياتي، إلا أن هناك العديد من اللحظات فى عمرى كانت قاسية للغاية عليّ، وأصعب هذه اللحظات رحيل «فايزة»، وأيضا تعرضت للعديد من الطعنات من أشخاص قريبين لي، ورغم ذلك سامحتهم، فأنا شخصية متسامحة للغاية، ولا أتعمد قط التخلص من المواقف عمدا بسرعة، فأتركها تأخذ وقتها وتنساب مشاعرى نحوها، وكل لحظة ضعف مررت بها أخذت حقها من الحزن لدي، ولكن إذا أخطأ فى حقى شخص خطأ كبيرا أتجنبه تماما، ولا أرد له الإساءة بإساءة، وبالنسبة لى ورغم ما مررت به من أحداث فى حياتى من المحال أن أكره أحدا ولا يعرف اليأس أو الإحباط طريقا لي، فأنا طوال الوقت لدى إرادة ولا أتصرف فى أى موقف ما إلا بعد التفكير جيدا، وإذ تعسرت معى الظروف فى أمر ما لا أحزن قط، ودائما أعتمد على أحضان حب الناس لى، والحمدلله سعيد للغاية بحب الناس، فهذا رأس مالى الحقيقى فى الدنيا.

وقاطعته قائلة: فى لحظات غضبك هل تفضل أن تجلس منفردا بعيدا عن الزحام أم تشارك معك أحدا لحظات ضعفك وحزنك؟
أجاب بسرعة فائقة:
لا.. فى لحظات حزنى لا أفضل الجلوس مع أحد، وأختلى بنفسى بعيدا عن الأشخاص، فلا أحب أن يرانى أحد حزينًا أو باكيًا، فأنا أتحمل كل شىء بمفردي، وفى النهاية قلبى أبيض وينسى كل شىء بسرعة.
رؤساء مصر.. فى عيون الموسيقار
عاصر الموسيقار الكبير محمد سلطان عددا من الرؤساء، بداية من جمال عبدالناصر إلى الرئيس الحالى عبدالفتاح السيسي، وهو ما دفعنا لسؤاله عن رأيه فى تلك الحقبة الزمنية الذى عاصرها؟، فأجاب بصراحته المعهودة:
- عاصرت أكثر من رئيس لمصر، ومرت علىّ العديد من الأحداث الفارقة فى تاريخ مصر، ولكن بصراحة شديدة أكثر رئيس أحببته وأحببت عصره هو القائد العظيم الرئيس الراحل محمد أنور السادات، فكان دائما فاتح قلبه لي، ويسأل على باستمرار، ولا يتأخر عنى قط، فأنا أعشقه بجنون. وذات مرة قد مررت بوعكة صحية بسيطة، فقرينته السيدة العظيمة جيهان السادات سألت عليّ، وهى إنسانة عظيمة.
أما الرئيس مبارك فأعتقد أنه ليس لديه نزعة فنية إطلاقا، ولم يحدث بينى وبينه أى احتكاك أو تعامل، ورغم ذلك أنا ضد الذى حدث معه، فأنا لا أشمت فى أحد إطلاقا، ورغم عدم معرفتى به حزنت عليه، لأننى ضد الإساءة أو الإيذاء لأى شخص كان.
قاطعته.. ولاحظت خلال حديثك أنك لا تذكر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بشىء فهل كان لديك تحفظات على عهده؟ 
- فقال: أنا لم أختلط بالرئيس جمال عبدالناصر قط، فأنا أعشق السادات، وبالطبع عبدالناصر رجل عظيم، فأنا بطبعى لا أحب اقتحام حياة السياسيين.
قاطعته كنت على علاقة جيدة وقرب من الراحلة سندريلا الشاشة العربية سعاد حسنى وغيرها من فتيات هذا الجيل؟ وتردد أن عصر عبدالناصر كان تتعرض له العديد من النجمات لضغوط شديدة من رجال الدولة، فهل هذا صحيح بحكم قربك من النجمات؟
- أجاب وعيناه ترجف ومتفأجئ من السؤال:
لا.. لا لا أعلم شيئا عن هذا الكلام، لا أعرف إذا كان هناك احتكاك بهن من رجال المخابرات أم لا.