الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عن الديمقراطية ومتطلباتها!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
• لمن لا يعلم، ويريد أن يعلم فالديمقراطية «بذرة» برسم الزرع، وليست أبدا ولن تكون «ثمرة» برسم القطف، فهى بذرة (تغرس) وليست ثمرة (تقطف) أبدًا، وهذا ما يجب إدراكه. 
• الديمقراطية لا بد وأن توجد فى المجتمع قبل أن توجد فى السياسة؛ حيث لا ديمقراطية، ولا نظام ديمقراطى دون ديمقراطيين. 
• وللديمقراطية صندوقان، الأول صندوق الرأس، والثانى صندوق التصويت والاختيار، ولا بد من إعداد الصندوق الأول أولا وقبلا عن طريق تعليم حداثى يجعل الفرد مواطنا متجاوزا لكل انتماءاته الأولى، ويدخل به إلى رحابة الانتماء الوطنى الوهاج، والانتماء الإنسانى العالمى الرحب، يغرس فيه قيم الحداثة والعقلانية، ويزوده بثقافة مدنية تجعله قابلا للتعايش والاندماج والتفاعل، والتفريق بين المجالين العام والخاص. 
• وبحيث يجعله ذلك التعليم يختار يوم الانتخاب على أساس معيار واحد فقط، وحصرى هو «الكفاءة» منحيا ما دونه من معايير غير انتخابية أصلا، كالاشتراك الجغرافى مع المرشح (ابن البلد أولى من الغريب!!!!) والتشابه الدينى (مسلم مثلى) أو (مسيحى مثلى) أو التشابه الطائفى (سنى أو شيعى أرثوذكسى أو كاثوليكى أو...) أو التطابق الجنسى (رجل مثلى) أو (امرأة مثلها) أو التشابه العرقى (أصول واحدة) أو الاشتراك الطبقى مع المرشحين (غنى أو فقير) وتنحية كل ذلك عند الاختيار والتصويت والمفاضلة والترجيح. 
• وتتطلب الديمقراطية أغلبية (سياسية) (مؤقتة) و(متغيرة) طوال الوقت وتبادل للأدوار والمهام فالحزب الحاكم لن يظل حاكما.
• التفويض الديمقراطى مؤقت أصلا ومحدود، وأحزاب المعارضة لن تعيش طول عمرها فى مقاعد المعارضة!!
• والديمقراطية لا تعرف أغلبيات غير سياسية. 
فهى لا تعترف بأى أغلبيات دينية فى العدد أو أى أغلبيات طائفية عددية كل ذلك لا يعنى شيئا فى النظام الديمقراطي، الجميع مواطنون والأغلبية هى أغلبية سياسية حصرا. 
• والديمقراطية تقوم على (حكم الأغلبية مقرونا بحماية حقوق الأقلية والفرد)، كما تتأسس على (المشروعية) التى تعنى (اتساق قرارات الحاكم المنتخب مع الدستور والقانون)، فلا شرعية بلا مشروعية هذا هو مبدأها المهم والأكبر؛ حيث يؤدى غياب المشروعية إلى سقوط الشرعية فورا وتلاشيها. 
• وتوأم الديمقراطية هو «العلمانية» والتى تتأسس على (حياد الدولة الإيجابى فى الشأن الدينى للمواطنين واحترام حرية الضمير)، والمساواة أى «المواطنة» وعدم التمييز بين المواطنين لأى سبب كان فى الحقوق والواجبات، عدم التمييز بسبب الدين أو الطائفة أو الجنس أو العرق أو الطبقة أو اللون أو...
• وتتأسس الديمقراطية الدستورية على عقد بين الحاكم والمحكوم، تضعه جمعية تأسيسية منتخبة وفقا لشروط محددة سلفا، وتقوم على احترام الوثيقة الدستورية ومبدأ سيادة القانون. 
• والديمقراطية رغم كونها عملية إجرائية، لكنها رغم ذلك لا تخلو من قيم، وتربتنا المصرية لا تألف قيمها، فنحن لا نقبل الهزيمة ولا نقر بالنتيجة ونخون المختلف ونكفره ولا نؤمن بالتعدد ونعتبره فتنة ونقول بالتوحد والاصطفاف، ولا نحترم حقوق الأقلية السياسية والفرد حالة فوزنا بالأغلبية، ولا نحترم قانونا أو دستورا وثقافتنا طائفية قبيحة، وثقافتنا المدنية منعدمة، واجتماعنا مشوه، وقيمنا تأبى الغيرية وتقتل المختلف أو قل توئد المختلف فى المهد صبيا، وتنظر للمعارض على أنه خائن وعميل وكافر!!
• ورغم أن الديمقراطية تقوم على النقد والتشكيك فى سياسات الحزب الحاكم ومحاولة إقناع الناخبين بفشله وبعيوب حلوله وطرقه وإقناع الناخبين بضرورة انتخاب الحزب المعارض، كى يتحول إلى أغلبية ويتولى القيادة، إلا أننا أمة لا نعرف قيمة النقد أصلا، بل نجهلها تماما ونعتبر النقد هدما ونأبى المراجعة والتفنيد وتكوين وعى علمى، ونرفض الحساب ودفع الفواتير وتحمل التبعات ودفع الثمن، ونقتل الشواذ الفكريين ولا نسمح لهم بالنمو أو بالوجود أصلا ونغفل قيمتهم لحياتنا وتطورها، ونحن نطلب الديمقراطية فى السياسة ونرفضها فى المجتمع وهذا عجيب وغريب وشاذ!!
• والديمقراطية «الدستورية» تتطلب عقدا «دستورا» وسلطات ثلاث، وفصلا تاما بينهما وتوازنا تاما وتكاملا تاما بينهما أيضا، ومحكمة دستورية هى الحكم بين السلطات، وهى المحتكر الوحيد لتفسير النص الدستورى عند الاختلاف، وتتطلب هيئة مستقلة محايدة لا تتبع أى سلطة لإجراء العمليات الانتخابية، ومؤسسات مجتمع مدنى فاعلة ونشطة وأحزابا حقيقية لها برامج معروفة لدى الهيئة الناخبة، وتتطلب الديمقراطية مواطنا يقظا ومتابعا ومشاركا ومراقبا، ومرشحا يملك رؤية تشريعية وثقافة دستورية تمكنه من أداء دوره، وبرلمانا محترفا وقادرا على إصدار التشريعات اللازمة لتطوير وتحديث وبناء المجتمع، والدولة دولة المؤسسات لا دولة الحاكم الفرد، وإنهاء عذابات مواطنيه أو محاولة تخفيفها، وتتطلب الديمقراطية جيشا يضمن التداول السلمى للسلطة، ويؤمنه ويحمى الشرعية الدستورية ويصونها وشرطة تحتكر العنف القانوني، وأخيرا تتطلب الديمقراطية كائنا مدنيا قابلا للتعايش، لا كائنا طائفيا جاهزا ومتأهبا وساعيا إلى الصدام!!.