الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

الشهيد أحمد حمدي.. مهندس المعابر

الشهيد أحمد حمدي
الشهيد أحمد حمدي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يعد اللواء المهندس الشهيد أحمد حمدي، أحد أبطال وحدات الكباري بسلاح المهندسين وقائدها فى حرب أكتوبر 1973، أعطى لمعركة العبور كل حياته أنشأ المعابر التي عبر عليها الجيش المصري من الغرب إلى الشرق وكانت حياته واستشهاده رمزا لنضال شعبنا العظيم. 
ولد الشهيد أحمد حمدى، في 20 مايو1929 بالمنصورة وتخرج فى كلية الهندسة جامعة القاهرة عام 1951فى قسم الميكانيكا، والتحق بالخدمة بالقوات الجوية في 18أغسطس 1951، ثم نقل إلى سلاح ثم نقل إلى سلاح المهندسين عام 1954، وحصل على دبلوم الدراسات الميكانيكية من جامعة القاهرة عام 1957، ثم حصل على دورة القادة والأركان من أكاديمية فرونز العسكرية بالاتحاد السوفيتى بتقدير امتياز عام 1961 ثم دورة الأركان الكاملة بدرجة امتياز، ودورة الاستراتيجية التعبوية بأكاديمية ناصر العسكرية العليا بدرجة امتياز، وتدرج في الرتب العسكرية المختلفة حتى وصل إلى لواء، وتولى عدة مناصب قيادية أهمها كبير معلمي مدرسة المهندسين ونائب رئيس، الفرع الهندسى بقيادة المنطقة الشرقية، وقائد أحد ألوية الكبارى وقائد وحدات الكبارى ونائب مدير سلاح المهندسين.
وشارك البطل فى حروب 1956 والاستنزاف وأكتوبر وشهد له جميع زملائه وقادته بنبوغه وعبقريته، حيث كان موسوعة علمية هندسية عسكرية فى الميكانيكا والمعمار والتكتيك وكافة العلوم العسكرية، ويتميز بعقلية صافية وذهن حاضر.
وأسهم بجهد كبير فى التخطيط والتجهيز الهندسى لمنطقة سيناء حرب يونيو 1967، كان وقتها نائبًا لرئيس الفرع الهندسى بالمنطقة الشرقية، وبعد صدور الأمر بالانسحاب في 6 يونيو 1967، كلف الفريق صلاح محسن قائد الجيش الميدانى بنسف المستودع الرئيسي للقوات المسلحة بسيناء الذى كان يضم كبيرة من الذخيرة والوقود والأسلحة والمهمات والطعام ونسف خط أنابيب المياه الممتد من الإسماعيلية شرقًا إلى عمق سيناء كى لا يستفيد منه العدو،كما تمكن من سحب بعض المهمات الهندسية من أحد المستودعات بالشاطئ الشرقى للقناة ونقلها إلى غرب القناة، أعاد تنظيم وتجهيز الدفاعات، وهو صاحب فكرة نقط المراقبة على الأبراج الحديدية العالية على الشاطىء الغربى للقناة بين الأشجار،حيث نفذ معظمها بيده واختار مواقعها بنفسه.
وفى عام 1971 كلف بإعداد لواء كبار جديد كامل وتشكيل وحداته وتدريبها لتأمين عبور الجيش الثالث الميدانى، واستكمال معدات وبراطيم العبور بها وتجهيز مناطق تمركزها على طول قناة السويس، وكان له فضل كبير فى تحويل ساحات ومنازل إسقاط مهمات العبور التى يستغرق إنشاؤها يومًا كاملًا إلى كبارى اقتحام لا يستغرق بناؤها أكثر من بضع ساعات.
خلال ساعتين من انطلاق الشرارة الأولى عبر 15000 من قوات المهندسين العسكريين إلى القناة وأخذت تعمل فوق سطح الساتر الترابى وفوق ضفة القناة.
وفى الموجة الثانية عبرت 80 وحدة هندسية فى قواربها الخشبية المحملة بالأفراد والطلمبات والخراطيم وخلافها من مهمات فتح الممرات فى الساتر الترابى، وكان البطل أحمد حمدى على رأس رجاله فى الخطوط الأمامية، فأمضى ليلة 6 أكتوبر بلا طعام ولا راحة، ينتقل من معبر لآخر ليطمئن على تشغيل معظم المعابر والكبارى التى استغرق إنشاؤها وتجهيزها من ست إلى تسع ساعات كما كان يخطط لها تمامًا، اللحظة الأولى للعبور بدأت أرتال وحدات العبور تتقدم على الطرق المحددة لها وفى التوقيتات المخططة أيضًا، رغم محاولات العدو منع إنشاء وتشغيل الكبارى والمعديات، ومنع فتح الممرات فى الساتر الترابى، بالقصف المستمر أرضًا وجوًا لمناطق تمركز وحدات العبور وطرق تحركها ومناطق الإسقاط والممرات لكن مخططنا العظيم تم تحت قيادة البطل أحمد حمدى.
أما فى قطاع الجيش الثالث واجهت عملية فتح الممرات فى الساتر الترابى وإنشاء الكبارى جميع العوامل المعوقة من قصف مركز من طائرات ومدفعية العدو وصلابة تربة الساتر مما أدى إلى إنشاء الكبارى فى نطاق الجيش الثالث فى نحو 16 ساعة، بخسارة زمنية تبلغ سبع ساعات عن التخطيط الموضوع، وأشرف اللواء أحمد حمدى على إنشاء عشرة كبار ثقيلة وعشرة كباري مشاة وعدد كبير من المعديات، مما أتاح لدبابتنا ومعداتنا وأسلحتنا الثقيلة أن تعبر صفحة القناة وتصل إلى رءوس الكبارى فى الوقت المناسب.
وأثناء مشاركة البطل فى إصلاح أحد الكباري فى نطاق الجيش الثالث فى 24 أكتوبر 1973 استشهد ليضرب أعظم مثل في الفداء والتضحية، وجاء فى التقرير العسكري الذى وضعته القيادة العليا عن معركته واستشهاده: "واتته الفرصة التى انتظرها طويلًا واللحظة التى طالما أعد نفسه لها وأحسن الإعداد، عندما بدأت طلائع الزحف المقدس تعبر من الهزيمة إلى النصر على جسد من أشرف أجساد الشهداء، ورأت روحه الطاهرة أبناء الوطن يعبرون القناة ويتسابقون من أجل النصر أو الشهادة، وأدرك البطل قيمة تخطيطه السابق لعمليات المهندسين العسكريين المقاتلين، وكان إدراكه السليم لأهمية عمليات وحدات الكبارى باعثًا أكبر لبذل المزيد من الجهد وتذليل كل ما يعترض طريق القوات العابرة من مصاعب، غير عابىء بما تتعرض له حياته من خطر تحت غارات الطائرات الإسرائيلية وقذف مدفعية العدو المكثفة، ويشهد الرجال الذين كان لهم شرف العمل تحت قيادته بأنه كان دائمًا بينهم فقد أشرف على كل صغيرة فى عملية كبارى العبور، وأسهم بجهده في إعادة إنشاء الكبارى التى تحطم بعض أجزائها نتيجة قصف قنابل الطائرات منذ الساعة صفر فى معركة التحرير يوم 10 رمضان الخالد، وبقى طوال ثمانية أيام حول الكبارى لا يفارقها".
وفى يوم 18 رمضان الموافق 14 أكتوبر 1973 قام مع رجاله بإعادة إنشاء كوبرى كان قد سبق فكه، تقديرًا منه لمدى أهمية عمليات الإنشاء، وظهرت مجموعة براطيم غارقة متجهة بفعل تيار المياه إلى الجزء الذى تمت إقامته من الكوبرى، مما يعرض هذا الجزء لخطر التدمير، وهنا قفز البطل أحمد حمدى إلى ناقلة برمائية من ناقلات السلاح قادها بنفسه واتجه إلى مجموعة البراطيم وأمسك بها وسحبها بعيدًا عن منطقة العمل، ثم عاود مباشرة استكمال بناء الكوبرى بجوار جنوده وبينهم، قائدًا وزميلًا وجنديًا رغم استمرار القصف الجوى فوقهم وكثافة النيران الإسرائيلية دون أن يبتعد عن منطقة العمل والخطر مدركًا أنه إن فاضت روحه فإنها تفتدى ألوف الأرواح التى لابد وأن تصنع النصر للوطن فأصابته إحدى الشظايا المتطايرة وكانت إصابة قاتلة واستشهد البطل أحمد حمدي بجانب الكوبرى فداء للمعركة.
وكرمت القيادة العليا للقوات المسلحة الشهيد، فأطلقت اسمه على أول دفعة تخرجت فى الكلية الحربية بعد معارك أكتوبر 1973 فى يوم 2 يناير 1974، وأعلن وزير الحربية والقائد العام إهداء القائد الأعلى للقوات المسلحة سيف الشرف العسكرى لأسرة الشهيد أحمد حمدى ومنح سيرته العسكرية نجمة سيناء من الطبقة الأولى تقديرًا لبطولاته وعظمة تضحيته، كما أطلق اسمه على أول نفق يربط بين سيناء والوادي الجديد، وعلى مدرسة فى مسقط رأسه بالمنصورة، وعلى أحد شوارع مدينة العاشر من رمضان أحد شوارع مدينة السويس الباسلة، واعتبرت نقابة المهندسين يوم استشهاده يومًا للمهندسين.