الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

مركز "بحوث قلابشو" بالدقهلية يتحول إلى "مقلب قمامة" (ملف)

أرض مركز بحوث قلابشو
أرض مركز بحوث قلابشو أثناء عملية تحويلها إلي مدفن صحي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اقتطاع 77 فدانًا من «أرض المركز» وتحويلها إلى مدفن صحي 
موجود وسط كتلة سكنية.. والمحافظة ترفض تنفيذ توصيات الوزارة
مدير المركز: الأرض لا تصلح لإقامة مناطق للقمامة 
فى مصر ٩٠ مركزًا بحثًيا و٢٨ وحدة إنتاج «داجني وحيواني» كلها تابعة لمركز البحوث الزراعية، التابع بدوره لوزارة الزراعة، مهمتها الأولى خدمة قطاعات الإنتاج الزراعي، من خلال تطوير واستنباط أصناف وسلالات وشتلات زراعية جديدة تدخل في الإنتاج الزراعي، كذلك الإشراف على تنفيذ الدورة الزراعية تحت إشراف متخصصين، ومن ثم يفترض أن تساعد الوزارة تلك المراكز والوحدات التابعة لأهم المراكز البحثية الخاضعة لإشرافها، هذا هو المفترض لكن الواقع مختلف تمامًا؛ حيث عادة يتم تجاهل القرارات الوزارية الصادرة بشأن تخصيص أراض لتلك المراكز والوحدات. 
مدفن صحي على أرض المركز 
الدليل ما حدث في فرع مركز البحوث الزراعية بمنطقة «قلابشو» بالدقهلية؛ حيث تم اقتطاع ٧٧ فدانًا من مساحته وتحويلها إلى مدفن صحي، رغم تخصيصها «أي الأرض» للمركز بقرارات وزارية، وصدور توصيات سابقة صادرة من متخصصين، شددت على خطورة إنشاء مدفن صحي في تلك المساحة المخصصة للمركز لإجراء البحوث والتجارب الزراعية، لوجودها وسط كتلة سكنية وسياحية، نظرًا لقربها من مصيف «جمصة» ومن مدينة المنصورة الجديدة. وفقًا للأوراق الرسمية والوثائق التي بحوزتنا؛ فإن تاريخ إنشاء مركز بحوث «قلابشو» يرجع إلى ٢١ عامًا، حينما صدر قرار من محافظة الدقهلية حمل رقم ١٣٦٩ لعام ١٩٩٦ بتخصيص قرابة ١٥٦ فدانًا من أملاك الدولة ناحية قرية «أبوماضي» لإنشاء المركز، واشترط القرار وقتها عدم وجود أي منشآت على تلك المساحة من الأرض إلا بموافقة وزارة الزراعة، تلى ذلك صدور قرار وزاري برقم ١٢٨٦ لسنة ٢٠٠٥، بإنشاء محطة بحوث زراعية ثلاثية الأغراض بـ«قلابشو» تتكون من «مبنى إداري، وسور على مساحة ٢٢ فدانًا مخصصة لإنشاء حظائر ومزارع للثروة الحيوانية»، ووقتها تم توصيل الكهرباء إلى محطة بمحول ٥٠٠ فولت، وكذلك توصيل المرافق والمياه النقية لها وفرشها بالأثاث اللازم، إضافة إلى بناء حجرات للخفراء وماكينات الري، فضلا عن شراء شقتين سكنيتين من مجلس مدينة بلقاس، تم تجهيزهما كاستراحة للعاملين والوافدين للمحطة، ووصلت تكلفة الإصلاحات الخاصة بالتمهيد للاستزراع إلى قرابة ٢ مليون جنيه.
مخطط للقضاء على المركز 
رغم كل ذلك ظلت الأراضي المخصصة للمركز مطمعًا للمحافظة، التي عملت على استقطاع بعض الأراضي المخصصة له، لتحويلها إلى مدفن صحي ومقلب للقمامة، كما يؤكد عتمان الدويك، قائلا: «عملت في المركز من ١٠ سنوات، خلالها كان يتم زراعة الأصناف الجيدة من بعض المحاصيل منها «اللوبيا، الذرة، العلف، الفواكه، النخيل»، وسبق صدور توصيات من وزارة الزراعة بعدم اقتطاع أى مساحات من أراضي المركز وتخصيصها لأغراض أخري، ومع ذلك تم تجاهل تلك التوصيات من قبل المحافظة؛ حيث استولت على مساحة ٧٧ فدانًا من أرضه، وتحويلها إلى مركز للنفايات ومقلب قمامة».
الغريب أن ذلك حدث، رغم أن وثائق المركز تؤكد نجاحه في زراعة ٣٣ فدانًا بالقمح والشعير، و٣٠ فدانًا أخرى ببنجر السكر، و٢٠ فدانًا «سيسال» وتخصيص ٢٢ فدانًا لإنشاء المبنى الإداري، و٣٢ فدانًا لعمل حظائر الإنتاج الحيواني، و٣٢ فدانًا لإنشاء شبكة ري بالتنقيط لزراعة أشجار فواكه بها، إضافة إلى زراعة ٢٥٠ شجرة خشبية يتم إكثارها، وتخصيص مساحة ١٠ أفدنة لإنشاء ترعة خاصة وطريق فاصل بين المزرعة وما حولها، كما تم فتح محجر بمساحة ٢٩ فدانًا لرفع الرمال الزائدة عن حاجة المزرعة البحثية، إضافة إلى ذلك نجح المركز فى زراعة مساحات بأصناف متعددة منها «الشعير، بنجر السكر، البرسيم الحجازي»، كما استقبل المركز بعثات بحثية من الهند واليابان وبعض الدول الإفريقية.
المحافظة ترفض تنفيذ توصيات الوزارة
تعليقًا على ما سبق، يقول المهندس حسام عثمان صقر مدير مركز البحوث الزراعية بقلابشو: قام الدكتور أحمد الشعراوي محافظ الدقهلية، بإرسال خطاب ردًا على استفسار وزارة الزراعة، بشأن تخصيص ٥٠ فدانًا من أراضي المركز لإنشاء مدفن صحي، وكان نص الخطاب المرسل في يوليو الماضي كالتالي، «أنه بعد مراجعة الخرائط والمستندات المتاحة، تبين عدم وجود أراضي أملاك دولة فضاء ناحية قلابشو بالمساحات المطلوبة لإقامة المدفن الصحي، كما أن الأراضي الموجودة تقع وسط كتل سكانية مما يصعب إقامة المدفن الصحي بها». 
وزارة الزراعة من جهتها ردت في خطاب في أغسطس الماضي، حصلنا على نسخة منه، أن الأرض بمركز بحوث قلابشو «لا تصلح لإجراء مدفن صحي أو مناطق للقمامة»، وعلل خطاب الزراعة الأسباب بأن تلك المساحة مخصصة لتنفيذ وإقامة البرامج البحثية طبقًا لخطة التنمية الزراعية المستدامة، لتوفير الأصناف الهجين والسلالات الثابتة، وتنفيذ خطة الإرشاد الزراعي بالمنطقة، كما أن إقامة مدفن صحي بالمنطقة سوف يؤثر بالسلب فى المزرعة البحثية، ويتسبب في فشل إقامة أية تجارب بحثية تخدم المنطقة لما لها من أضرار بيئية خطيرة، خاصة أن محافظة الدقهلية لا يوجد بها سوى محطة بحوث «قلابشو».
ويصف صقر خطاب المحافظ وادعائه عدم وجود مساحات غير مستغلة في «قلابشو» بأنه عار عن الصحة، مشيرًا إلى وجود عشرات الأفدنة على الناحية التالية من الطريق الدولي في منطقة المنصورة الجديدة، تصلح لأن يتم فيها عمل مدفن صحي، مضيفًا أن تربص المحافظة وبعض المصالح وراء الإصرار على اقتطاع ٧٧ فدانًا من أراضي المركز، وتحويلها إلى مقلب قمامة، رغم أنه صرف حوالي ٢ مليون جنيه لتمهيد واستصلاح الأرض وعمل ماكينات ري فيها، وبالفعل تمت زراعتها بنجر، وكان من المستهدف أن يتم تشجيرها في أكتوبر الجاري، مشيرًا إلى استغرابه من تصميم المحافظة، على استقطاع أراضي مركز البحوث الزراعية بقلابشو، وضربها بخطاب وتوصيات وزير الزراعة عرض الحائط، مضيفًا أن المحافظ أرسل في اليوم التالي من وصول خطاب وزارة الزراعة وفي ٢٩ أغسطس الماضي، رئيس مركز مدينة «بلقاس» ومعه فريق من الفنيين والعمال بهدف تجريف الزراعات، تمهيدًا لتسليمها لشركة خاصة في مقالب القمامة تسمى «إيكارو».
هدم الترعة الوحيدة 
ويضيف قائلا: «وجهنا خطابا إلى رئيس مركز البحوث الزراعية الدكتور محمود مدني، أوضحنا فيه أننا فوجئنا في المركز، بمجيء رئيس مركز مدينة بلقاس ومعه فريق عمل؛ حيث تم هدم الترعة الوحيدة التي تروي المزرعة بطول ٢٠٠ متر، معللين ذلك أنه تنفيذًا لقرار المحافظة رقم ٦٠٩ لسنة ٢٠١٠ بشأن تعديل قرار التخصيص وتقليص المساحة، لتصبح ٦٩ فدانًا فقط بدلًا من ١٦٥ فدانًا. 
ما سبق يؤكد أنه وطبقًا للمعلومات المتداولة في أروقة وزارة الزراعة، استقطاع ٧٧ فدانًا من الأراضي البحثية وتحويلها إلى مدفن صحي، رغم محاولات بعض الباحثين وأساتذة الجامعة، إلا أنها باءت بالفشل؛ حيث رفض مسئولو المحافظة مقابلة وفد الباحثين، الذي طرح حلولا بديلة بدلًا من هدر مئات الآلاف على تجهيز الأرض، وأوكل المحافظ المقابلة إلى رئيس مجلس مدينة بلقاس، الذي قابل الوفد بشكل سيئ ورفض الاستماع لهم.