الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

الأكلات السورية تغزو المائدة المصرية

أكلات سورية-أرشيفية
أكلات سورية-أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
 زوجات: أرخص من "الدليفري".. والبصارة والمسقعة موضة قديمة  
أستاذ عادات شعبية: الانصراف عن التقاليد يفكك الأسرة.. والتكنولوجيا أثرت سلبا على الصحة العامة

انصرفت الأسرة المصرية عن عادات مصرية قديمة واستبدلتها بعادات وتقاليد غريبة عن المجتمع المصرى ربما اقتبستها من دول أوروبية وأخرى عربية، ولجأت كثيرات من السيدات لمواكبة الموضة، حتى فى طهى الطعام بطريقة غريبة عن التراث المصري، وكان مردودها التفكك بين أفراد الأسرة المصرية.
أكلات مصرية عريقة عرفت فى المطبخ المصري، ونشأت عليها أجيال، كانت تطهى قديما بشكل شبه يومي، ذات فوائد صحية عظيمة، غير أنها تعد من إحدى وسائل التدبير المنزلي، لكن اندثر بعضها ولم يعد يسمع بها الأجيال الجديدة من الشباب، والبعض الآخر تطهوه السيدات بالمناسبات الشعبية، بينما انتشرت الأكلات السورية التى لاقت رواجا كبيرا، فى حين اتجهت السيدات لاتباع أنماط غربية سريعة فى الطهي، ربما لانشغالهن عن بيوتهن، أو لإرضاء أبنائهن فى توفير أطعمة مثيلة كالتى يعلن عنها بالتليفزيون والإنترنت.
وقالت «مريم أكرم» ربة منزل ٤٩ سنة: «زمان كان الأكل كله خير رغم بساطته، وما كانش فى أمراض زى اللى بنسمع عنها النهاردة، والناس صحتها كانت سليمة، وذكرت بعض الأطعمة التى تراجع طهيها فى المطبخ المصرى مثل: «البصارة، الكسكسى ،المفرومة، المخروطة، الشلولو، الفول النابت، كبيبة القمح، الخبيزة»، وغيرها أنواع كثيرة أصبحت السيدات تتهرب من طهيها الذى يستغرق وقتا طويلا بينما يجدن صعوبة فى ذلك، أو أن الأبناء اعتادوا على الطعام السريع واشتهوه، قائلة: «الأم يهمها راحة ولادها، وترضى ذوقهم فى الأكل».
وقالت «ريهام محمد» ٢٦ سنة: «أكل زمان تقليدي، ومن باب الاهتمام بزوجي، لازم أبتكر فى الأكل وأنوّع فيه، وبنفذ الأكلات اللى بتابعها فى قنوات الطهي، لكن لو حبيت أعرف أكتر، كل وصفات العالم على الإنترنت»، متابعة: «هو صحيح هيكون مكلف شوية لكن أفضل من شراء أطعمة جاهزة دليفري».
فى حين جاء رد بعض الفتيات كوميديا قائلة: «أمى زمان لما كانت تحب تعاقبنا كانت تطبخ لنا بصارة ومسقعة، مؤكدة على أنها تعرف مدى فائدتها وصحتها، إلا أنها تتطلع للطعام غير التقليدى لأنه أطعم، وأن الأكلات الشعبية القديمة يتم تناولها بالمناسبات، ولن تعيد هذه المأساة مجددا بطهى الأكلات التى عفا عليها الزمن على حد قولها، إلا لو مرة فى السنة».
وفى المقابل نفى «أسامة رجب» اختفاء هذه الأكلات من مائدة الأسرة المصرية، مضيفا: «أنا عايش خارج مصر وبحافظ على طهى الأطعمة المصرية اللى اتعودت عليها قدر الإمكان لأن طعمها حلو جدا وصحية، لكن اللى مانعنى ضيق الوقت وأكلات مبعرفش أعملها». 
بينما قال «محمد محمود - طالب جامعي»: «أنا طول النهار فى الكلية، وبعدها فى الشغل، اتعودت على أكل المحلات وبيكون ساندوتش «سريع» ومعظمه لحوم أو أكل نواشف، وهو بالنسبة لى أطعم من أكل البيت، وأنا مابحبش الرز والخضار والأكل التقليدي، وعلشان كدا ماما بتعمل لى الأكل اللى بحبه».
وقالت «هيام» طالبة: «إنها تفضل الأكل السورى فى حالة تناولها الطعام خارج المنزل، ووصفته بأنه «نظيف ولذيذ وشكله يجذب العين، إضافة إلى وجبات كنتاكى وماكدونالدز الشهية»، ووافقتها الرأى صديقتها «مني» قائلة: «فعلا هو لذيذ وكرهنا فى أكل البيت، ويا ريت نتعلم الأكل دا ونعمله بنفسنا ونوفر فلوس الأكل الجاهز».
بينما قالت «سامية» ٣٧ عاما ربة منزل: «وأنا طفلة كنت بشوف العيلة ملمومة على طبلية واحدة بياكلوا نفس الأكل ومن نفس الطبق، والمسافرين لازم يتجمعوا يوما فى الأسبوع، كانوا كلهم إيد واحدة وبيحبوا بعض» وتابعت: «من ساعة ما اتطلعنا لغيرنا وقلدناهم حتى فى الأكل، ابتلينا بعدم الرضا ونسينا القناعة، كانت بترضينا حتة جبنة قديمة من على سطوح البيت، وكباية شاى على الشالية، دلوقتى ما بيعجبناش العجب، ولا الأكل المصرى القديم». وكان رأى الدكتور «سميح شعلان» أستاذ العادات والتقاليد الشعبية، حول تحول الأسرة المصرية وربات البيوت من اتباع الطهى النمطى والتقليدى المعروف لدى الأسرة المصرية منذ عشرات السنين، قائلا: «إن التكنولوجيا الحديثة لها دور كبير فى انصراف السيدات عن طهى الأطعمة التراثية، والتى كانت أكثر فائدة للصحة العامة، وأثرت سلبا على ثقتنا فى ذاتنا المصرية الحضارية، حيث أصابت المجتمع بالانبهار بالآخر والشغف لتجربته وتنفيذه، كما أن آليات التصوير وطريقة العرض لها أثر جليل فى ترويج تلك الأطعمة بعرضها عبر الإنترنت والتليفزيون، مؤكدا أن اتباع مثل هذه العادات يكلف الأسرة ماديا أضعافا، وذلك يؤثر سلبا على وضعنا الاقتصادى فى ظل الظروف الاقتصادية الراهنة وغلاء الأسعار، كما أنها تؤكد على فردية الأسرة».
وأضاف أن السيدات فى العصر القريب خاصة المتعلمات، واللاتى يرتدن مواقع الإنترنت ويشاهدن التلفاز، أصبحن فى حاجة لتقليد ما يرينه ولكنهن دائما يتسعين لما هو سريع، فالبعض منهن مشغول فى العمل، والأخريات انشغلن بالفيس بوك وزيارات الأصدقاء، غير السيدات الكسولات.
وأشار إلى أن الأسرة قديما كانت تتحايل على الفقر والعوز المادى بالابتكار فى الأطعمة، فكانت السيدات يصنعن من المنتج الواحد أصنافا عديدة، وذكر على سبيل المثال الفول فيتم عمل أطباق الفول المدمس والفول بطماطم كما الفول بالزبدة وأيضا البصارة، والبطاطس والباذنجان، وهى أبسط الموارد، واستخدامها فى تعدد أصناف الأطعمة وتنوع الأطباق المقدمة على المائدة.
وأكد «سميح شعلان» على أن «ست البيت» لا تعلم مدى خطورة انصرافها عن الطهى واتباعها الأنماط الغربية على عاداتنا المصرية، كأن ترفض طهى ما يشتهيه أبناؤها لصعوبته عليها أو أنها مشغولة، وتلجأ لطهى أسهل المأكولات، فيلجأ أفراد أسرتها لشراء الطعام جاهزا أو أن يطهو كل فرد فى العائلة لنفسه، ويتناول كل شخص وجبته خارج المنزل أو يتناولها وحيدا وسط أسرته، ومن هنا تضيع الألفة وتتلاشى الوحدة بين أفراد الأسرة الواحدة، لأن كل واحد اهتمامه أصبح لنفسه وانصرف عن مشاركة باقى أفراد أسرته.
وقال إن كل هذ الأمور أثرت على إيجابية العلاقة بين أفراد الأسرة الواحدة، وأصبحت سببا فى غياب الحميمية عن الأسرة، لابتعادنا عن ثقافتنا الحضارية المصرية، واتباع أنماط الآخرين المستوردة.