الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

محافظات

بالصور.. "الكتاتيب" تراث يتجدد.. عبدالباسط عبدالصمد تخرج من بين صفوفها

كتاتيب تحفيظ القرآن
كتاتيب تحفيظ القرآن الكريم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
 إسنا والشيخ سلطان والعشى والمراعزة أبرز القرى
 «مُحفظ»: «الفلكة» اختفت وحلت «العصا» مكانها

تحظى «الكتاتيب» بمحافظة الأقصر باهتمام خاص بين مواطنى المحافظة حيث تضم قراها مئات الكتاتيب لتحفيظ القرآن الكريم، أما المدن فيتم استبدال الكتاتيب باللفظ الحديث وهو «المقرأة» التى تقدم دروسًا مسائية داخل المساجد المختلفة بالمدن.
وتنتشر كتاتيب تحفيظ القرآن الكريم بمختلف القرى بالأقصر التى استطاعت رغم مرور الأعوام وتحديات الزمن، الحفاظ على هويتها، وساهمت فى خروج عدد من القراء المشهورين الذين يشار لهم بالبنان وأشهر تلك القرى هى قرية المراعزة بأرمنت، والتى أخرجت قيثارة السماء وصوت مكة الشيخ عبدالباسط عبدالصمد، وقرية الرزيقات التى أنجبت الشيخ أحمد الرزيقى أمين عام نقابة القراء الأسبق، وقرية الضبعية التى أخرجت الشيخ محمد عبدالعليم الضبعاوي، كما فاز أبناء قرى أخرى فى مسابقات عالمية ومسابقات الأوقاف على مستوى الجمهورية، بفضل حفظهم للقرآن فى كتاتيب قراهم على مدار العقود الماضية، وما زالت الكتاتيب تقوم بدورها فى إخراج جيل مميز من حفظة القرآن الكريم.
وتمثل كتاتيب تحفيظ القرآن الكريم، علامة بارزة فى تاريخ الأقصر التى تحوى ثلث آثار العالم، وما زالت تنتشر حتى الآن فى جميع القرى والنجوع، بمختلف أنحاء الأقصر كغيرها من محافظات مصر وجميع المدن فى البلدان وتضم محافظة الأقصر مئات الكتاتيب التى يرجع تاريخ تأسيس بعضها إلى قرنين ماضيين، وما زالت تحتفظ بخصوصيتها وثوابتها حتى الآن، برغم بعض التغييرات التى لم تؤثر على هذه الخصوصيات ويشرف عليها لفيف من الدعاة والأئمة بمديرية أوقاف الأقصر، لتكون بمثابة مراكز لتعليم اللغة العربية بجانب تحفيظ القرآن للصغار مقابل أجور رمزية تصل إلى ١٠ أو ٢٠ جنيها، حيث يقوم مجموعة من أفضل المشايخ ومحفظي القرآن على مدار السنوات الماضية وما زال عدد منهم يقومون بدورهم فى تحفيظ القرآن، وهم على سبيل المثال الشيخ الصادق والشيخ الدرديرى بالطود والشيخ البطيخى والشيخ الطوبى والشيخ أحمد بهجت والشيخ أحمد أبوالمكارم بمدينة إسنا، بخلاف مشايخ القرنة وأرمنت من المشاهير فى القرى والنجوع، والذين ما زالت أسماؤهم راسخة فى أذهان طلابهم.
ويقول الشيخ سعيد عبدالناصر، وهو من محفظى القرآن بقرية العشى منذ ١٥ عاما، إن الأقصر من أكثر المحافظات المصرية اهتمامًا بالكتاتيب حيث يحرص غالبية الآباء على إلحاق أبنائهم بهذه الكتاتيب ويعتبرونها الخطوة الأولى لطلاب العلم، لذلك فإن محفظى القرآن يحظون بمكانة مرموقة بالمجتمع الأقصري، مشيرًا إلى أن الكتاتيب فى قرى ونجوع الأقصر لا تزال تتمتع بالكثير من طابعها القديم حتى الآن، برغم اختفاء بعض وسائل التعليم التى كانت مرتبطة بالكتاتيب منذ عشرات السنين، مثل الأحبار والألواح المعدنية التى كان يكتب عليها بالحبر الأسود وتساعد فى تحسين الخط العربى للطلاب، وكذلك اختفت «الفلكة»، وهى إحدي أدوات العقاب والتى كانت تمثل رعبًا وعقابًا شديدًا للمتخاذلين من الأطفال، واستبدل بها عصا تقليدية لتهذيب المشاغبين، كما اختفى دور «العريف» تمامًا وهو مساعد الشيخ الذى كان ينوب عنه فى غيابـه، ويقـوم بإدارة الكُتاب ويجمع الأجرة من التلاميذ التى كانت تسمى «الجراية» وتدفع شهريًا أو سنويًا، حسب الاتفاق الشفهى المبرم بين ولى أمر الطفل والشيخ، وكانت عبارة عن حبوب وغلال وأرطال من اللحم، إلا أن أجرة محفظ القرآن الكريم خلال الأعوام الماضية أصبحت نقودًا تدفع شهريًا، وغالبًا تكون أجورًا رمزية للغاية، حيث إن تحفيظ القرآن يكون ابتغاء مرضاة الله فى المقام الأول.
وقال محمود الشافعي، أحد مرتادى الكتاتيب وخريج كلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر، إن كتاتيب الأقصر كانت سببًا مباشرًا فى نجاح عدد كبير من مشاهير التلاوة القرآنية فى مصر، مشيرًا إلى أن حبه للقرآن ولمشاهير القراء منذ صغره جعله يقوم بتقليدهم، حتى تحولت هذه الهواية إلى مهنة، تمنى أن يتفرغ لها بجوار تحفيظ القرآن حيث يساعد أصحاب الفضل عليه من مشايخه الذين قاموا بتحفيظه فيقوم بتحفيظ الأطفال والمراجعة لهم والإشراف عليهم، موضحًا أنه يقوم بإحياء الحفلات القرآنية فى المناسبات الدينية، وهو مثل الكثير من أبناء القرية حفظ القرآن فى سن صغيرة، وبالتحديد قبل أن يبلغ الحادية عشرة ونجح فى ختمه مرات عديدة.
وأوضح الباحث محمد عبداللطيف الصغير، مؤلف كتاب «دولة التلاوة القرآنية فى مصر»، أن قرية «الشيخ سلطان» تعد من أهم قرى «الكتاتيب» بالأقصر، وأطلق عليها القرية المباركة أو «قرية أهل القرآن»، نظرًا لوجود عدد هائل من أبنائها يحفظون القرآن ويحظون بمكانة مرموقة بين أبناء المحافظة، كما أن القرية بها عدد كبير من الكتاتيب التى تتمتع بالكثير من طابعها القديم حتى الآن، ولكن بعض الكتاتيب تغيرت نسبيًا خلال السنوات الماضية، إذ حرص شيوخ الكتاتيب على تطوير أساليب التلقين والتعليم فيها، مع المحافظة فى نفس الوقت على خصوصيتها وثوابتها.