الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"إنستجرام".. "تطبيق" نشر الإرهاب بـ"الحب" (ملف)

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المتطرفون لجأوا إلى تطبيق الصور بعد إغلاق حساباتهم على «فيس بوك ويوتيوب وتويتر»
«الموقع» جذب بعد شهرين من إطلاقه مليون شخص
67 ٪ من الأمريكيين يستخدمون الإعلام الاجتماعى للحصول على الأخبار

2013 بدأ الإرهابيون نشر محتواهم وافكارهم على تويتر
700 مليون شخص يتداولون ٤٠ مليار صورة على إنسجرام في ٢٠١٧

رغم كثرة تطبيقات الهاتف الذكى، فإن القليل منها استطاع أن يحقق انتشارًا عالميًّا، وعلى رأسها تطبيق «إنستجرام» موقع التواصل الاجتماعى المختص بمشاركة الصور والفيديوهات، الذى يحمل ما يقرب من 40 مليار صورة من كل أنحاء العالم، مما جعل للتطبيق ثقلًا كبيرًا فى عالم الفضاء الإلكترونى ومواقع التواصل الاجتماعي، ليتم استخدامه سياسيًا، بغرض الدعم والتضامن، أو بهدف الدعاية السياسية والمعارك الانتخابية، ومؤخرًا تم استخدامه بغرض نشر الأفكار المتطرفة والإرهابية، خاصة بعد إغلاق العديد من حسابات التنظيمات المتطرفة على فيسبوك ويوتيوب وتويتر، مما ساهم فى لفت انتباه عناصر التنظيمات المتطرفة تجاه «إنستجرام»، وهو ما تحدثت عنه الدكتورة فاطمة الزهراء عبدالفتاح، فى دراسة لها بعنوان «تسييس الصورة.. استخدامات «إنستجرام» بين المنافسة الانتخابية والتسلل الإرهابي»، صادرة حديثًا عن مركز المستقبل للدراسات السياسية، التى قالت إنه رغم بساطة تطبيق «إنستجرام»، فإنه استطاع أن يحقق رواجًا هائلًا خلال فترة زمنية قليلة.

وأثارت الدراسة عن غرابة استخدام السياسيين، والإرهابيين، حيث إن طبيعة التطبيق تتنافر مع النمط التقليدى للاتصال السياسى من حيث كونها أكثر جدية وصرامة، إلا أن هذا الطابع نفسه أتاح مزايا نوعية للتطبيق، جعلت منه أداة جيدة للتواصل مع فئات جديدة وبأساليب غير مألوفة، وهى المزايا التى تتركز فى ثلاثة عناصر؛ الأول الارتباط بالصورة والعناصر المرئية والتى تُعد الأكثر رواجًا وتشجيعًا على التفاعل، الثانى الطابع الحميمى الذى يتيح مساحات للاستمالات العاطفية والتواصل الإنسانى خاصة فى الحملات الانتخابية، أما الثالث فهو جمهور المستخدمين الذين تُظهر الإحصاءات أن النسبة الأكبر منهم من الإناث وصغار السن، وهى الفئات التى طالما كان من الصعب التوجه إليها، ففى الولايات المتحدة، أظهر استطلاع لمركز «بيو» للأبحاث فى أغسطس ٢٠١٧ أن ٦٠٪ من مستخدمى التطبيق من النساء، و٥١٪ منهم تتراوح أعمارهم بين ١٨ و٢٩ عامًا.
وعن المزايا التى وفرها إنستجرام للتواصل السياسى، أشارت الدراسة إلى تقرير تويبلوماسى Twiplomacy المتخصص فى استخدام القادة السياسيين للإعلام الاجتماعى، والصادر عن «مؤسسة بيرسون مارستيلرز للعلاقات العامة» حول «قادة العالم على إنستجرام للعام ٢٠١٧»، الذى رصد ١٤٤ دولة من ١٩٣ عضوًا بالأمم المتحدة (٧٢.٥٪) يمتلك رؤساؤها أو قادة حكوماتها ووزراء خارجيتها حسابات على التطبيق، وأن الطبيعة المصورة له تجعله قناة مثالية للزعماء من أجل مخاطبة الناخبين بمكونات مصورة تسمح لهم بالمشاركة والتفاعل، وكشف التقرير الذى تضمن تحليل ٣٢٥ حسابًا لشخصيات رسمية يتابعها نحو ٤٩ مليون شخص فى إبريل ٢٠١٧، أن حساب رئيس وزراء الهند ناردندرا مودى كان الأكثر متابعة بإجمالى ٦.٨ مليون متابع، يليه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بإجمالى ٦.٤ مليون، فيما ضمت قائمة العشرة الأوائل اسمين عربيين هما: الملكة رانيا العبدالله (عقيلة الملك عبدالله الثانى بن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية) التى يتابع حسابها ٣.١ مليون، الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس دولة الإمارات ورئيس وزرائها بإجمالى ٣.٤ مليون متابع، كما وُضع حساب وزير الخارجية البحرينى أحمد بن خالد آل خليفة ضمن قائمة الحسابات الجديرة بالمتابعة، والتى تنشر صورًا غير تقليدية وتتعامل بابتكار مع المتابعين.
وأشارت الشركة - فى تقريرها - إلى أن الحسابات الرسمية لا تنشر فقط رسومًا توضيحية أو بيانات أو صورًا لأحداث إرهابية على سبيل المثال، وإنما يميل الزعماء السياسيون إلى نشر صور شخصية لهم ولعائلاتهم، وأن صورة رئيس سلوفاكيا مع نجله كانت الأكثر استحواذًا على الإعجاب فى حسابه، فيما كان فيديو إيفانكا ترامب مع ابنها الأكثر مشاهدة على حساب والدها بإجمالى ١.٧ مليون مشاهدة.
وفى العام الماضي، أجرت شركة «نيوز ويب» لأبحاث التسويق دراسة على استخدام المرشحين الديمقراطيين والجمهوريين لانتخابات الرئاسة الأمريكية لإنستجرام فى الفترة من ديسمبر ٢٠١٥ إلى يناير ٢٠١٦، ووضعت ترامب على رأس قائمة المرشحين من حيث حجم التفاعل، كما أشارت إلى ثلاثة تكتيكات رئيسية يستخدمها المرشحون، هي: الطابع الشخصى بنشر صور العائلة، والوحدة والاحتواء بنشر صور الداعمين على اختلاف توجهاتهم، وأخيرًا استخدام الفيديو ذى الطابع الحاد استدلالًا بالفيديوهات الهجومية التى كان ينشرها ترامب، وهو ما حوَّل إنستجرام إلى ساحة للحرب الانتخابية.
وقد واصل ترامب هذه الحرب مع المراحل التالية للانتخابات؛ إذ شهد التطبيق حربًا بالصور بين دونالد ترامب ومنافسه الجمهورى جيب بوش، حيث عمد ترامب إلى نشر فيديوهات قصيرة مكثفة بشأن موقف الأخير من حرب العراق، وهى الحرب التى وصلت إلى حد نشر فيديو لوالدة بوش تحثه فيه على عدم خوض الانتخابات، وهو ما مثَّل تحولًا كبيرًا فى استخدام السياسيين للتطبيق، وهو الاستخدام الذى كان يغلب عليه الطابع الشخصى والإنساني، وهو ما دفع بوش للرد بفيديو هجومى مماثل بعنوان «دونالد ترامب الحقيقى».

وارتبط انتشار الهواتف الذكية بالتقاط الصور السيلفى واستخدام كاميرات المحمول لتوثيق الأحداث ومشاركتها، وهو ما يتناغم مع تعاظم ثقافة الصورة وتأثيرها، وهى أمور وفرت مناخًا ملائمًا لانطلاق الشبكات الاجتماعية التى تعتمد على نشر الصور ومشاركتها، وعلى الرغم من الظهور المبكر لمواقع مشاركة الصور مثل فليكر، إلا أن ابتكار تطبيق مخصص لالتقاط الصور ومشاركتها عبر الهواتف الذكية، أتاح منصة ذات مزايا نوعية سرعان ما تلقفها ملايين البشر عبر العالم، ليسارعوا بنشر مليارات الصور عن تفاصيل حياتهم اليومية عبر منصة إنستجرام التى بادر عملاق التكنولوجيا فيسبوك للاستحواذ عليها، ليصبح الأخير أكبر بنك معلومات لنحو ربع سكان الأرض.
وقالت الدراسة إن هذا الحجم الضخم من البيانات يثير مخاوف مشروعة بشأن استخدام فيسبوك لهذه البيانات، والصورة الأكبر التى توفرها للمجتمعات حال إخضاعها لعمليات الفرز وتقنيات تحليل البيانات الضخمة، وهى المعلومات التى تتزايد بشكل لا نهائي، ونتشارك جميعًا فى توفيرها، ونوافق على امتلاكه لها وتصرفه فيها، مضيفة أن مصدرا آخر للقلق فى هذا الشأن، يتصل باستخدام الجماعات الإرهابية له والاستفادة من تلك المزايا التى يوفرها للاتصال السياسي، فمع الانتشار المضطرد له أجرى معهد الشرق الأوسط للبحوث الإعلامية دراسة عام ٢٠١٣ أظهرت تسلل المحتوى الإرهابى للتطبيق، واستخدام عناصر إرهابية حساباتهم لنشر صور داعمة للتطرف، وهو ما تكرر فى دراسة أخرى أجرتها جامعة جورج واشنطن عام ٢٠١٥ على استخدام داعش لوسائل التواصل الاجتماعى توصلت فيها إلى اتجاه التنظيم لاستخدام منصات أكثر حميمية مثل إنستجرام، وأنه بمقارنة تواجد التنظيم على تويتر يبدو المحتوى المنسوب إليه على إنستجرام «غير رسمي»، سواء بنشر صور توضح التعاطف، أو بنشر تفاصيل الحياة اليومية فى ظل التنظيم بسوريا، بما يصب فى النهاية لصالح إظهار الإرهاب كأنه أمر طبيعي.
وإضافة إلى ما سبق تطفو أيضًا بعض المخاوف بشأن استخدام إنستجرام مصدرًا للأخبار واستقاء المعلومات، فقد أظهر استطلاع لمركز «بيو» للأبحاث فى أغسطس ٢٠١٧ أن ٦٧٪ من الأمريكيين يستخدمون الإعلام الاجتماعى للحصول على الأخبار، وأن ٢٧٪ يستخدمون إنستجرام لهذا الغرض، وهى الأخبار التى أظهر استطلاع فى العام السابق، أن ثلثيهم يحصلون عليها بطريقة غير مقصودة، أى ضمن أنشطة أخرى يجرونها، وهو ما يعنى عدم السعى للتحقق منها، وإنما استهلاكها بشكل ضمنى يسمح - إلى حدٍّ كبير - بتسلل الشائعات والأخبار الزائفة، وهى المعضلة التى باتت تؤرق صناع التكنولوجيا والتشبيك الاجتماعي.
يذكر أن التطبيق بلغ عدد مستخدميه بعد شهرين فقط من إطلاقه مليون شخص حول العالم، وقبيل نهاية العام الأول بلغ عدد مستخدميه ١٠ ملايين شخص يتداولون ١٥٠ مليون صورة، وهو التطبيق الذى أطلقه المبرمجان الأمريكيان «كيفن سيستروم» و«مايك كريجر» على متجر «آبل» فى أكتوبر ٢٠١٠ كأول منصة اجتماعية لالتقاط الصور ومشاركتها، وفى إبريل ٢٠١٢، تم طرح التطبيق على متجر أندرويد، وبعد ستة أيام تم الإعلان عن شرائه من قبل فيسبوك، وتضاعف عدد مستخدميه إلى ٨٠ مليون مستخدم فى يوليو من العام نفسه، وهو الرقم الذى ارتفع إلى ١٠٠ مليون فى فبراير ٢٠١٣، ثم ١٥٠ مليون مستخدم نشط شهريًّا فى سبتمبر من العام نفسه، يتداولون ١٦ مليار صورة بمعدل ٥٥ مليون صورة يوميًّا. وقد ساهم إطلاق التطبيق لخدمة الفيديو فى يونيو ٢٠١٣ فى تدعيم هذا الرواج، وهى الخدمة التى شهدت رفع ٥ ملايين مقطع فيديو فى أول أربع وعشرين ساعة من إطلاقها.
وعقب خمس سنوات، وصل عدد المستخدمين النشطين شهريًّا إلى ٧٠٠ مليون فى إبريل ٢٠١٧، يتداولون ٤٠ مليار صورة، مقارنة بنحو ٦٠٠ مليون فى ديسمبر الماضي، ليسجل أعلى معدل نمو له منذ إطلاقه بإضافة ١٠٠ مليون مستخدم جديد خلال أربعة شهور فقط.
ويبلغ معدل استخدامه ٣٢٪ بين مستخدمى الإنترنت، ليصبح ثانى أكبر شبكة اجتماعية انتشارًا بعد فيسبوك، ويقدر تقرير الإعلام الاجتماعى العربى لعام ٢٠١٧ الصادر عن كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، عدد مستخدمى إنستجرام فى الدول العربية بنحو ٧.١ مليون مستخدم نشط، تستحوذ المملكة العربية السعودية على ٣٠٪ منهم.