الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

مأساة صحفية في مستشفى حكومية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ عقود نسمع عن الإهمال الطبي والاستهتار في المستشفيات الحكومية، والذى يؤدى في بعض الأحيان إلى الموت.
تقارير وتحقيقات عن القصور والإهمال تارة، وعن الاعتداءات على الأطباء تارة كلا منهم يحاول الظهور بأنه الأصح وأنه ضحية ظلم واقع عليه، الطبيب الذي يرى أن حقه مهضوم ولا يجد الإمكانيات اللازمة بالإضافة إلى المرتبات الهزيلة التي لا تسمن ولا تغني، ولا تستحق عناء سبع سنوات في كلية الطب وقبلهم تعب وسهر وإرهاق ثانوية عامة للحصول على مجموع يقترب من المائة في المائة حتى يتسنى له دخول أهم كلية في جامعات مصر.
لا أعرف أي قدر ساقني لأكون واحدة من هؤلاء المقهورين المجبورين للجوء للمستشفيات الحكومية، هؤلاء الذين لم تترك لهم الظروف رفاهية الحصول على خدمة طبية جيدة، قهرتهم الحياة ليذوقوا مرارة الحاجة ويتعرضوا لمهانة ما بعدها مهانة من أجل الحصول على علاج مجاني في واحدة من أهم المستشفيات الحكومية في مصر، قصر العيني. 
حادث بسيط تعرضت له، جعلني ألجأ في ساعة مبكرة من صباح اليوم التالي لقصر العيني طبقًا لنصيحة إحدى الصديقات فهو متاح طيلة الليل والنهار ومجانًا ويقدم خدمة جيدة "طبقًا لكلامها"، صدقتها وذهبت إليه قاصدة إجراء أشعة على كتفي وذراعي للتأكد من عدم وجود كسر بهما، مسافات طويلة قطعتها سيرًا على الأقدام حتى وصلت لواجهتي استقبال طوارئ عظام، ممر طويل به عدة غرف في كل غرفة يقف شخصًا واحدًا فقط.
العشوائية سيدة الموقف، المنوط به جمع أوارق الكشف للنداء على المرضى، يبدو عليه التنظيم ولكن أسوأ ما يكون لا يوجد نظام أو شيء يحكم من قبل من؟ وانتظرت ساعة كاملة حتى سمعت اسمي ودخلت للطبيب، غرفة صغيرة بها سرير أصغر عليه ملاءة تميل إلى الاصفرار طبيب شاب يجلس على كرسي حديدي خلف مكتب خشبي متهتك يسمع مني الأعراض ويوجهني لقسم الإشاعة للتأكد من عدم وجود كسر، في الطريق لها أسرة عليها حالات كثيرة أطفالا وكبارا ينتظرون توجيه الطبيب لغرفة الإشاعة بالوقوف سويعات كثيرة حتى تأتي رحمة الممرض ويمنحهم تأشيرة الدخول إلى اللجنة المسماة مجازًا حجرة الكشف.
بعد عمل الأشعة عبر جهاز أكل عليه الدهر وشرب توجهنا إلى الحجرة الأولى ليرى الطبيب الأشعة ويشخص الأمر، ثلاث ساعات نتنظر الطبيب الذي لا نعرف أين ذهب، صراخ لأطفال سقطوا أثناء لهوهم في مدراسهم، صبية صدمتهم سيارة، شيخ جاوز الستين ويبكي من الألم، على الجانب الآخر جلست ممرضة وممرض وطبيب يمزحون ويتبادلون أطراف الحديث، سألنا هل هناك طبيب سيأتي.. تجاهلونا تمامًا، وبعد مشادات عدة صرخة الممرضة "ملاك الرحمة" "لو سمعت صوت حد فيكم هقل أدبي عليكم كلكم ومفيش دخول للدكتور"، أحد الموجودين قال اذهبوا إلى إداري 9 حيث رئيس القسم والمسئول عن إيجاد طبيب، ذهبنا لنقابل بسخرية شديدة وعدنا بخفي حنين، نصف ساعة وجاء الطبيب ليتم التنكيل بالمجموعة التي ذهبت للشكوى، وتعنت شديد ضدنا وحاول الممرضون منعنا من الدخول وهنا بدأت مرحلة أخرى من رفع الصوت والتلويح "بكارنيه" الصحافة ليقف الجميع دقيقة ويقول أحدهم "وجاية هنا ليه يا أستاذة متروحي السلام الدولي هي ناقصكم انتم كمان".
ممرض يقف بالمصادفة يقول إنه لا يوجد سوى طبيب واحد في القسم بعد ذهاب زميله للتجنيد.
تجربة سيئة أثبتت أن الإهمال والتقصير جزء لا يتجزأ من المنظومة الطبية في مصر، وأن ما نتابعه بالقراءة أو السمع لا يتعدى جزء على عشرة أجزاء من الحقيقي على أرض الواقع، وأن أمام القطاع الطبي عشرات السنين ليقدم خدمة آدمية تليق بنا.