الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

رئيس مشروع ربط النيل بـ"نهر الكونغو" لـ"البوابة نيوز": سد النهضة يبنى بأموال عربية.. والمفاوض الإثيوبي مجرد واجهة للموساد.. الحل الوحيد أن تلجأ مصر لـ"محكمة العدل الدولية"

المهندس إبراهيم الفيومى،
المهندس إبراهيم الفيومى، رئيس مشروع تنمية إفريقيا وربط نهر ا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قال المهندس إبراهيم الفيومى، رئيس مشروع تنمية أفريقيا وربط نهر النيل بنهر الكونغو: إن "الحل الوحيد فى أزمة سد النهضة، هو القانون، وأن تلجأ مصر إلى محكمة العدل الدولية، وليس التحكيم الدولي، لأن الأخير يشترط فيه موافقة الأطراف المتنازعة، وإثيوبيا لن تلجأ أو توافق على ذلك، لأنها ليست متضررة أما محكمة العدل الدولية، فيتم رفع دعوى قضائية أسوة بقضايا أخرى تم رفعها، والحكم فيها لصالح الدولة المتضررة، مثل "هنغاريا وسلوفاكيا"، والتنازع كان على نهر الدانوب، وكانت نفس مشكلة سد النهضة، وحكمت المحكمة الدولية بإيقاف البناء فورًا نظرًا للضرر.

وأضاف الفيومى فى حواره مع «البوابة نيوز»، أن هناك سيناريوهين لمستقبل سد النهضة، أولًا الملء، وتحمل السد لهذا الكم الهائل من المياه، وعدد سنين الملء، وفى هذه الحالة ستعطش مصر فعلًا وتبور الأراضى، وتكون إسرائيل حققت أيديولوجيتها التى تؤمن بها منذ آلاف السنين، وتعمل عليها جاهدة، والسيناريو الآخر سقوط السد وعدم تحمله لضغط المياه، لأنه مبنى على فالق أرضى وتربة ركامية، كما صرح الكثير من الجيولوجيين، هنا ستغرق الخرطوم تمامًا، ويسقط السد العالى، وتغرق أراضٍ كثيرة فى مصر.. وإلى نص الحوار.

> بداية.. ماذا تفعل إثيوبيا وهل يعتبر سد الألفية أو سد النهضة خطرًا حقيقيًا على مصر؟
- قبل أن نعرف ماذا تفعل إثيوبيا، يجب أن نعرف معلومة عنها أولًا، لنعرف عمن نتحدث تحديدًا، هناك فرق بين الحكومة الإثيوبية والشعب الإثيوبي، فالحكومة لا تمثل شعبها، لأن الحياة فى إفريقيا عمومًا تخضع للنظام القبلي، أي أنها قبائل وإثيوبيا بها أكثر من 6 أو 7 قبائل، تشكل الأغلبية العظمى من السكان، (منها قبيلة الأورومو - الأوجادين - صيداما - بنى شنقول - الشوا) على سبيل المثال، وهي تمثل أكثر من 60% من الشعب الإثيوبى، ويدين معظمها بالإسلام (حوالى 85% مسلمين)، وهى قبائل معارضة للنظام الإثيوبى الذى ينتمى إلى قبيلة التجراى التى تمثل الأقلية في البلاد، ورغم ذلك بعد الانقلابات والحروب والتهجير وسلب الأرض من الأغلبية وطردهم ونفيهم خارج البلاد، استولت التجراي على الحكم بمساعدة إسرائيل، فأكبر محطة موساد في العالم في إثيوبيا.
هنا نتوقف قليلا لنعرف لماذا هذه المحطة هناك بالذات، فكلنا نعلم مقولتهم الشهيرة وطموحهم وأيديولوجيتهم من النيل إلى الفرات، ولكن دعنيني أقول إن هذا ليس فقط الطموح الإسرائيلى الصهيوني، بل طموحهم السيطرة على العالم جغرافيًا، كما يسيطرون على العالم اقتصاديًا وإعلاميًا، ومن أهم ما يطمحون فيه السيطرة الكاملة على مصر، وبما أن الدول تقاس قوتها الحقيقية بقوتها المائية، سواء كانت مياهًا مالحة أو عذبة، ومصر تملك بحرًا أحمر وبحرًا متوسطًا ونهر النيل، فعندما تسيطر إسرائيل على مصر مائيًا فهي في هذه الحالة تعتبر من أقوى الدول في المنطقة، وهنا نعود لإثيوبيا ولماذا خضعت للسيطرة الإسرائيلية؟، ببساطة لأن التجراي يدين معظم قيادتها باليهودية، ومنها يهود الفلاشا المعروفون، إذا ماذا تفعل إثيوبيا؟ هي تنفذ مخططًا إسرائيليًا للسيطرة على مصر من خلال بناء هذا السد الذي سيمثل أكبر خطر مائي واقتصادي وبيئي، وهو بمثابة تهديد للأمن القومي المصري.


> ومن يساند إثيوبيا فى إنشاء سد النهضة؟
- يؤسفنى أن أقول إن من يساعد إثيوبيا فى بناء هذا السد بخلاف إسرائيل طبعًا التى كان رئيس خارجيتها ليبرمان يجمع التبرعات والإعانات من الدول الغربية لبنائه، ولكن هناك بعض رؤوس الأموال العربية سواء كدول أو كأشخاص تساهم فى بناء هذا السد تحت مسمى الاستثمار فى إفريقيا.
> هل الهدف من إنشاء سد النهضة هو الضرر بمصر؟
- هذا من المؤكد، فليس من الطبيعى أن ينشئوا سدًا سعته 73 مليار متر مكعب لتوليد الكهرباء كما يزعمون، ففى حال رغبتهم فى توليد الكهرباء للتنمية يكفيهم فقط كما أذاعوا فى بداية الأمر أن تكون سعة السد 13 مليار متر مكعب، ونحن لا نحرم أحدًا من تنمية بلاده، بل بالعكس نحن عائدون لإفريقيا من أجل التنمية ونشجع ونساعد أى دولة إفريقية على التنمية، ولكن ليس من العدل أن تنمى إثيوبيا نفسها على حساب حقوق الآخرين، فليس لها الحق وحدها فى نهر النيل الذى يعتبر شريان الحياة فى مصر، لأن مصر تعتمد على 97% من مياهها على النيل، فتخيلوا مدى الضرر الذى سيقع على مصر فى حالة حرمانها من 97% من مياهها.
> وهل إثيوبيا التزمت بالاتفاقيات الدولية الخاصة بحوض النيل؟
- القانون الدولى يشكل الإطار الأساسى لتحديد ملكية الدول للموارد من خلال وضعه لقواعد تنظم ملكية الدول للموارد الطبيعية، بما فيها المياه، وقواعد لمعالجة المشكلات الناتجة من تنازع الدول حول هذه الموارد.
وهنا سأذكر بعض المواد، وعليكم الإجابة بأنفسكم إذا كانت احترمت هذه القوانين، ومن يساعدها على اختراقها، وما المبادئ القانونية التى تحكم استغلال الأنهار الدولية؟.
- إقرار حق الدول التى يمر بها جزء من الأنهار الدولية فى استخدام النهر بشرط ألا يضر هذا الاستخدام الدول الأخرى الشريكة فى النهر.
- تطبيق مبدأ المساواة فى الحقوق.
- الحرص على عدم إجراء أية تغييرات فى نظام النهر دون الاتفاق مع باقى دول النهر.
ومن قواعد مؤتمر هلسنكى الذى عقد عام 1966 لتنظيم المجارى المائية المشتركة:
- لكل دولة من دول الحوض الحق داخل حدودها فى نصيب عادل ومنصف من الاستخدامات النافعة لمياه حوض الصرف الدولي.
- النصيب العادل والمنصف الذى تقرر فى المادة السابقة يمكن تحديده على ضوء مجموعة من الاعتبارات الموضوعية، ومن بينها على سبيل المثال:
- عدد السكان واحتياجاتهم المائية، ومدى الاحتياج لعمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية لكل دولة.
- مدى توافر مصادر أخرى للمياه بخلاف النهر محل التفاوض.
- تكلفة الفرصة البديلة لتوفير المياه اللازمة لسد الاحتياجات الضرورية وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
هنا نجيب على السؤال بناء على ما سبق، هل احترمت إثيوبيا كل ذلك أم ضربت بكل الاتفاقيات الدولية عرض الحائط؟
وخرج علينا بعض المتشدقين بالوطنية بأنه لا بد من الالتزام بالقوانين فأين إثيوبيا من هذه القوانين والاتفاقيات؟
> هل المفاوضات بكل جولاتها كانت مجدية للوصول لحلول ترضى جميع الأطراف؟
- المفاوضات الحقيقية لم ترض أى طرف سوى إثيوبيا، نظرًا لضعف المفاوض المصري، لأن من يتفاوض رجل فنى وليس سياسيًا أو عسكريًا.

> ومن هو المفاوض الحقيقى من الطرف الإثيوبى؟
- المفاوض الإثيوبى هو مجرد واجهة فقط للموساد الإسرائيلي، فكيف يتسنى لرجل فنى حتى وإن كان وزيرًا أن يتفاوض مع هؤلاء، وأيضًا شارك فى هذه المفاوضات من الجانب المصرى، وأرى أنه كان من نقاط ضعف المفاوضين المصريين، مستشار وزير الرى الأسبق، الذى كان يعمل مستشارًا لوزير الرى الإثيوبى فى فترة وضع تصميمات السد النهائية.
> وما رأيك فى وثيقة المبادئ التى تم توقيعها بين مصر والسودان وإثيوبيا؟
- للأسف من وضع بنود هذه الاتفاقية لم يراع عدة أشياء، منها على سبيل المثال أنه حقق ما كانت تتمناه إثيوبيا بإثبات حقها فى بناء السد، ولم يراع أيضًا حصة مصر بالتحديد، ووقع فى كمين اتفاقية عنتيبى، وهى الاتفاقية الوحيدة بين دول حوض النيل التى لم تحدد فيها حصة مصر التى تم الاتفاق عليها عام 1959، وهى 55.5 مليار متر مكعب، التى رفضت مصر التوقيع عليها والسودان والكونغو، ولكن السودان وقع بعد ثورة يناير ولم توقع الكونغو حتى الآن على هذه الاتفاقية.
> وما الإجراءات التى يجب أن تتخذها مصر لمنع أضرار السد فى ظل الظروف الحالية بعد تعنت الجانب الإثيوبى وضعف الموقف المصرى؟
- الحل الوحيد هو القانون، وأن تلجأ مصر إلى محكمة العدل الدولية وليس التحكيم الدولى، لأن التحكيم الدولي، يشترط موافقة الأطراف المتنازعة، وإثيوبيا لن تلجأ أو توافق على ذلك، لأنها ليست متضررة، أما محكمة العدل الدولية، فيتم رفع دعوى قضائية أسوة بقضايا أخرى تم رفعها والحكم فيها لصالح الدولة المتضررة، مثل هنغاريا وسلوفاكيا، والتنازع كان على نهر الدانوب، وكانت نفس مشكلة سد النهضة، وحكمت المحكمة الدولية بإيقاف البناء فورًا نظرًا للضرر، ولكن السؤال هنا إذا قامت مصر بهذا الإجراء هل ستلتزم به إثيوبيا وإسرائيل من ورائها؟ الحقيقة أشك فى ذلك. 
> خرجت الصحف الإثيوبية علينا بإعلان على لسان بعض المسئولين الإثيوبيين بمقولة غريبة وهى الكهرباء مقابل المياه، فماذا تعنى وما ردكم على ذلك؟
- معناها أن يبيعوا لنا الكهرباء وفى المقابل نحصل على المياه، رغم أن هذا حقنا، ولكن لماذا يساوموننا على حقوقنا الشرعية؟ فهذا ليس غريبًا على من شرد شعبًا وأباد وقتل واغتصب واستحل أرضًا وعرضًا سواء إثيوبيا أو من وراءها.
> بناءً على التصريح الإثيوبى الخاص بالكهرباء صرح مسئولون مصريون أيضًا بأنه لا ضرر من شراء الكهرباء من إثيوبيا، وأن ذلك يعود بالنفع علينا، فما ردك عليهم؟
- هذا كلام غير مقبول بالمرة، فمن قال هذا لا بد أن يحاكم فورًا حتى وإن كان مسئولًا، وأقترح قبل أن يتم ترشيح أى شخص لمنصب أن يدرس الأمن القومى أولًا، حتى يعرف ما لنا وما علينا وكيف يتعامل مع هذه الأمور التى تضر أمن مصر التى يقع فيها الكثيرون، فكما يعرف البعض وقلنا قبل ذلك كثيرًا إن أى شركة إسرائيلية تعمل فى أى مجال وعملها داخل أو خارج إسرائيل تقوم بدفع 17% من ربحها لتمويل جيش الدفاع الإسرائيلي، وبما أن إسرائيل هى المسئولة عن كهرباء السد من خلال شركة تل أبيب لتوليد وتوزيع الكهرباء، إذًا كل جنيه يدفعه كل مصرى فى الكهرباء هناك 17 قرشًا منه ذاهبةً لتمويل جيش الدفاع، فهل يقبل المصريون بذلك؟
> ما توقعاتك المستقبلية لسد النهضة، وهل تتوقع حلًا عسكريًا من مصر؟
- هناك سيناريوهان: أولًا الملء وتحمل السد لهذا الكم الهائل من المياه وعدد سنين الملء، مع أنى أشك فى قوة تحمله، ففى هذه الحالة ستعطش مصر فعلًا وتبور الأراضى، وتكون إسرائيل حققت أيديولوجيتها التى تؤمن بها منذ آلاف السنين وتعمل عليها جاهدة، والسيناريو الآخر سقوط السد وعدم تحمله لضغط المياه، لأنه مبنى على فالق أرضى وتربة ركامية، كما صرح الكثير من الجيولوجيين، هنا ستغرق الخرطوم تمامًا ويسقط السد العالى وتغرق أراضٍ كثيرة فى مصر، أما عن الحل العسكرى أكيد طبعا لا أتوقع ذلك لأن هذا الحل غير قابل للنقاش أو التنفيذ فى أسوأ الحالات.
> توقعت منذ وضع حجر الأساس أنت وفريق عمل تنمية إفريقيا وربط نهر الكونغو بأضرار سد النهضة، كيف توصلتم لهذا وماذا فعلتم لمنع هذه الأضرار؟
- فعلًا اكتشفنا ذلك، وأن السد ستكون سعته التخزينية 73 مليار متر مكعب، وهنا تأتى الهندسة، فبمجرد رؤيتنا الأساسات التى وضعت وبحسابات بسيطة تأكدنا من سعة السد وتحدينا إثيوبيا فى ذلك، وأعلنا ذلك فى جميع وسائل الإعلام، وقمنا برفع قضية لإيقاف بناء السد، وانضم لنا الكثير من المصريين الوطنيين وغيرهم من محافظات مصر المتضررين فعلًا، وقانونيين ومحكمين دوليين وفلاحين بسطاء، ظنا منا أن وزارة الرى أو الخارجية المصرية ستنضم للقضية، ومن ورائهم باقى الشعب لتصبح قضية شعبية، ويتم تحويلها للقضاء الإداري، وبعدها كمطلب شعبى يتم رفعها فى محكمة العدل الدولية، ولكن وقفت الوزارتان فى وجهنا ضد هذه القضية، وليس بأيدينا أن نفعل أكثر من ذلك، وها نحن نقع فيما حذرنا منه منذ أربع سنوات.