السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

سر اختفاء الفكة من الشارع

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مرت العملة المصرية بعدة مراحل على مدار السنوات وأدخلت عليها تعديلات مركبة، فبعضها كان ورقيا وأصبح معدنيا والعكس صحيح، وتعددت مسميات الفئات الصغيرة من العملة التى أطلق عليها باللغة الدارجة (فكة)، منها القرش والتعريفة والسحتوت والشلن والبريزة، ثم الجنيه الورقى الكبير، ثم الأصغر، ثم المعدنى كما هى الحال أيضا مع الخمسين قرشا أو (النصف جنيه) والـ٢٥ قرشا أو (الربع جنيه).
للفكة أهمية كبرى فى المعاملات الحياتية بين المواطنين وحركة التجارة، حيث يستخدمها الباعة الجائلون والتجار وأصحاب المحلات والمستهلكون، كما تستخدم فى وسائل المواصلات بشكل مكثف بمختلف أنواعها، إلا أنه قد برزت المشكلة بكل ملامحها بشكل واضح، حتى أصبحت تشكل أزمة بمعنى الكلمة وباتت المشاجرات تندلع يوميا بين المواطنين وبعضهم حول الفكة التى اختفت فجأة دون سابق إنذار.. ما الذى حدث؟ وهل صادرت الحكومة الفكة كما أشاع البعض؟ وإذا لم تكن لها يد فمن الذى يقف خلف الأزمة؟
إنها فعلا أزمة مفتعلة، وقد روجت بعض الكتائب الإلكترونية لذلك، لاستكمال الجهاد ضد النظام، مستندين على ما أبداه الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال إحدى زياراته لقرية «غيط العنب» فى رغبته لاستثمار «الفكة» التى لا تشكل رقما بالنسبة للمواطن العادى فى مشروعات قومية متوسطة تدر دخلا جديدا وتفتح أبواب رزق أضافية، إلا أن الأمر لم يكن كذلك، لأن مصلحة «سك النقود» بالتعاون مع وزارة المالية طرحت مؤخرا ما يعادل ١٠٠ مليون جنيه «فكة معدنية» منها ٨٠ مليونا فئة الجنيه و٤٠ مليونا فئة الخمسين قرش و١٥ مليونا فئة الربع جنيه.
وبدأت الأزمة فى التصاعد داخل وسائل النقل، مثل المترو والأتوبيسات والميكروباصات الخاصة، والتى ما تكون عادة بين السائق أو الكمسرى وبين المواطنين مستخدميها، وتنتهى المشاجرة بالدعاء على الحكومة وإلصاق التهمة بها.. ولا يبقى أمام طوفان العوز إلا محطات الوقود التى تعتبر طوق إنقاذ للجميع، بحكم عملها الذى يشكل جانبا هاما فى تحصيل «الفكة» من السيارات ووسائل النقل المختلفة.
وإذا حاولنا الإشارة بأصابع الاتهام إلى شخص أو جهة بعينها لن يكون المشهد مكتملا، لكنها توجهت نحو (المتسولين) ممن يتحكمون بصورة غير ضئيلة فى سوق «الفكة» ويلعبون بدفته ويوردون كميات منها نظير نسبة إضافية يفرضونها، تتراوح ما بين ٥ و٧ ٪ بحسب استطلاعات الرأى لتجار يتعاملون معهم لتسيير أعمالهم، فى حين تلتف خيوط الجريمة الرئيسية حول أعناق التجار الإخوان المتواجدين بالأخص فى المناطق الشعبية، حيث يدفعون بعناصرهم لسحب «الفكة» من الشارع بعد تبديل كميات منها بالنقود المجمدة من أجل إحداث حالة خلل فى منظومة المعاملات الاقتصادية، وقد علمت من البعض أن شركات مثل (إخوان البطة) لمنتجات الألبان وغيرها من المصانع التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية اشترت «أجولة» من «الفكة» بأسعار تفوق قيمتها فى إطار احتكارها وعمل حالة من البلبلة فى الشارع، وهى لعبة لا تختلف كثيرا عن ألاعيبهم الجهنمية، التى يلجأون إليها لزيادة شحن المواطنين تجاه الأوضاع الاقتصادية وتحقيق مكاسب سياسية تصب فى صالحهم والموالين لهم.