السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

توتر في علاقات التعاون المخابراتي بين واشنطن وإسلام آباد

وزير الخارجية الباكستانى
وزير الخارجية الباكستانى عاصف خواجة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تمر العلاقات الأمريكية الباكستانية، حاليا، بحالة من التوتر عكستها تراشقات ساسة البلدين إزاء أنشطة مكافحة الإرهاب في أفغانستان، حيث ترى إسلام آباد أن ما تبذله من تضحيات في معركة الإرهاب لايقابل بالاحترام والتقدير الواجب من الولايات المتحدة، بل يواجه بإنكار واتهامات مضادة.
وقال وزير الخارجية الباكستانى عاصف خواجة، إن الولايات المتحدة الامريكية لن تحقق النصر الذى تنشده على قوى الإرهاب فى الإقليم الأفغانى، إذا استبعدت باكستان من معادلة مكافحة الإرهاب أو دخلت واشنطن فى مواجهة مباشرة مع باكستان، وجاءت تصريحات وزير الخارجية الباكستانى فى ختام مؤتمر استمر ثلاثة أيام، بمقر الخارجية الباكستانية، مع السفراء والعاملين فى الوزارة، حيث أكد على أن إسلام آباد تعتبر نفسها شريكا للولايات المتحدة في محاربة الإرهاب في أفغانستان.
واعتبر المراقبون في العاصمة الباكستانية إسلام آباد، تصريحات وزير الخارجية الباكستانى، بمثابة رد على انتقادات حادة صدرت عن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للدور الباكستانى فى مكافحة الإرهاب، واتهامه للنظام الباكستانى بإيواء الإرهابيين من عناصر طالبان وشبكة حقانى، واللتان تعدا أكبر قوتين نشطتين فى مواجهة العمليات العسكرية الأمريكية فى أفغانستان.
وفى مطلع سبتمبر الجارى، قررت إدارة ترامب تعليق مساعدات عسكرية أمريكية لباكستان بقيمة 225 مليون دولار أمريكى، كإجراء عقابي ممتد طالما لم تقم باكستان بسحق جماعات مصنفة إرهابيا تزعم الولايات المتحدة قيام إسلام آباد بدعم أنشطتها فى أفغانستان، وأمهلت واشنطن إسلام آباد حتى الثلاثين من سبتمبر الجارى لتغيير مسلكها والاستجابة إلى المطالب الأمريكية كشرط لاستمرار المساعدات الأمريكية، التى انهالت على باكستان بالمليارات طيلة عقود سابقة.
وأتى قرار تعليق المساعدات العسكرية الأمريكية، كتغير دراماتيكى فى مسار علاقات التعاون الأمنى والعسكرى الباكستانية الأمريكية، التى امتدت لأكثر من ستة عشر عاما منذ الحرب الأفغانية، وبعد انقلاب التحالف بين واشنطن إلى جفاء هددت الإدارة الأمريكية بمزيد من العقوبات الاقتصادية والعسكرية على باكستان إذا لم تكف عن دعم المنظمات المتطرفة النشطة فى أفغانستان وإيواء قياداتها، وهو ما قد يضر بوضعية باكستان بالنسبة للقيادة العسكرية الأمريكية التى تعتبرها "حليفا من خارج حلف شمال الأطلنطى" وهى الاتهامات التى تنفيها باكستان. 
وفى الوقت الذى اعتبر فيه المحللون السياسيون أن العلاقات الأمريكية الباكستانية هى حاليا فى ذروة توترها تحذر السلطات الباكستانية من تحرك أمريكى يهدف إلى اقحام الهند فى الملف الأفغانى كبديل عن باكستان، وفى هذا الصدد قلل وزير الخارجية الباكسانى من أثر هذا التوجه الأمريكى، مؤكدا أن علاقات إسلام آباد وواشنطن يجب أن تقوم فى الأساس على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، نافيا دعم بلاده لأي أنشطة إرهابية فى أفغانستان.
وكان لافتا أن تشهد مدينة باكستانية تظاهرات معادية للولايات المتحدة وصلت إلى حد إحراق المتظاهرين لصور الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وقد حدث ذلك فى الثلاثين من أغسطس الماضى فى مدينة بيشاور الباكستانية، وقد جاء ذلك على إثر تهديدات من الإدارة الأمريكية تناقلتها وسائل الإعلام الغربية بعقوبات محتملة على باكستان ومزيد من الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية عليها لما تعتبره الإدارة الأمريكية تخاذلا من جانب الإدارة الباكستانية عن محاربة الإرهاب فى الميدان الأفغانى.
فيما تتهم السلطات الباكستانية الولايات المتحدة بنشر بذور الجماعات المسلحة فى أفغانستان منذ ثمانينيات القرن الماضى لمواجهة القوات السوفيتية، تنظر باكستان لنفسها كصاحبة فضل فى بناء تحالف مخابراتى بين إسلام آباد وواشنطن يقوم بمهمة تدريب أجهزة الأمن والاستخبارات الأفغانية وتنفيذ عمليات مشتركة مع الجانب الأمريكى لمواجهة الإرهاب المسلح على الأراضى الأفغانية، وهو ما كان موضع إشادة من جانب وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلارى كلينتون أمام الكونجرس الامريكى فى إبريل 2009، وفيما تلى ذلك من أعوام عملت الاستخبارات الباكستانية على مد حبال التواصل مع الفصائل الأفغانية المتناحرة، واستطاعت الاستخبارات الباكستانية التأثير على مجريات الصراع السياسى فى كابول فى تسعينيات القرن الماضى، فى أعقاب انسحاب القوات السوفيتية الغازية، لكن دوائر الاستخبارات الأمريكية اتهمت إسلام آباد بالسعى إلى توظيف هذا الدور سياسيا من خلال حشد بعض الفصائل المسلحة الأفغانية وتدريبها فى باكستان على شن هجمات على مناطق سيطرة وتمركز القوات الهندية فى إقليم كشمير المتنازع عليه، وتعتبر الدوائر الاستخبارية الأمريكية أن إعطاء باكستان مساحة عمل لتلك الفصائل الأفغانية المسلحة قد مكنها من تشكيل بؤر للقوة والتأثير فى داخل المجتمع الباكستانى وحولها من جماعات مسلحة "مأجورة" إلى قوات "مناضلة" وهو ما عزز المكانة الدينية لتلك الجماعات، وانعكس بالإيجاب على دورها على الساحة الأفغانية الرامى إلى التمدد وكسب الأرض والنفوذ المسيطر.
ويبدي مسئولو الاستخبارات الأمريكية تشككا فى إمكانية إقدام الاستخبارات الباكستانية على قطع علاقات تعاونها الخفى مع جماعتى حقانى وطالبان الإرهابيتين، حيث تعتبرهما باكستان قوتين مقاومتين للتدخل الهندى المتعاظم فى أفغانستان يتمتعان بولاء للدولة الباكستانية حتى وإن كان ولاء "سريا" ويقول خبراء إدارة الأزمة فى وكالة الأمن القومى الأمريكية، إنه فى حال استمرار الضغط الأمريكى على الإدارة الباكستانية فإن إسلام آباد قد لا تجد بديلا سوى التوجه صوب روسيا والصين، بل وربما إلى إيران وتركيا أيضا، لمعادلة الضغوطات الأمريكية.