السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

«جمهوريات الدم»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
العنف لدى جماعات الإسلام السياسى حلقات متصلة، لا تنفصل إلا لتتصل، والنظر إلى عنف الجماعات الإسلامية يطرح تساؤلات واستفهامات، منها على سبيل المثال لا الحصر، متى تجدد العنف السياسى بمصر؟ وما الذريعة التى استند عليها الإسلاميون كمبرر لعملياتهم.
ولا يغيب عن الذهن حين يتساءل عن عنف الجماعات الإسلامية سؤال لماذا كان اللواء زكى بدر، وزير الداخلية الرابع فى عهد الرئيس مبارك، المستهدف الأول من جماعات الإسلام السياسي؟ ولماذا كنا نسمع وقتها عن مسميات مثل جمهورية عين شمس وجمهورية إمبابة، وجمهورية بصعيد مصر أصل نشأة الجماعة الإسلامية وأكبر تجمع لها؟ ولماذا اشتعلت الساحة فى مصر بعمليات عدائية متنوعة من تنظيمات متنوعة الاتجاهات مثل الجهاد والجماعة الإسلامية والشوقيين والناجين من النار، والتوقف والتبين.. إلخ؟
نجح الأمن فى فرض سيطرته على منطقة عين شمس، وأفشل مخططات الجمهوريات الصغيرة المستقلة للجماعات الإسلامية، فهل كان ذلك النجاح فى إعادة فرض السيطرة والنظام على منطقة عين شمس الدافع وراء فتح كل الجماعات الإسلامية المتباينة جبهة المواجهة مع الدولة؟ وهل ساهمت جبهة أفغانستان فى خلق المناخ المناسب لتلك العمليات، وكيف نجح الأمن فى القضاء على الإرهاب؟ ولماذا وافق على المراجعات الفكرية للجماعات الإسلامية فى نهاية التسعينيات وبداية القرن الحالى وتبناها؟ وهل يمكن القول إن المراجعات الفكرية الكبرى كانت تكتيكية وليست استراتيجية بمفهوم الساحة اليوم، أم أن غباء قيادات الجماعات الإسلامية ورطها فى موجة عنف جديدة؟ وهل أحزاب الإسلام السياسى غطاء سياسى لتحرك غير معلوم أم هى بحث عن دور بعد إنهاك سنين؟
هل جهاز أمن الدولة فى زمنه الجميل سعى إلى تحديد واحتواء عناصر العنف مع تصحيح المفاهيم بصورة شخصية؟ هل المواجهة قديما انصبت على القضاء على الإرهاب ووأده من منبعه أم كانت حربا ضد الإرهابيين فقط؟
فى قضية اغتيال الرئيس الراحل «السادات»، وخلال وجود المتهمين فى محبسهم، أعدوا أنفسهم لمواجهة جديدة مع الدولة وشكلوا هيكلا تنظيميا للجماعة الإسلامية داخل السجون، له امتداد خارجي، وفقا لتدرج الأحكام الصادرة عليهم، ووفقا لتفاوت أوقات خروجهم، بعد سنوات ثلاث أو خمس أو سبع أو تسع، وفقا لمحكوميتهم.
مع خروج أول المتهمين عقب انقضاء أقل مدة محكومية بدأت الهيكلة الجديدة لمواجهة الدولة تظهر، وكان فى المخطط أن تضم الجماعة الإسلامية إليها تنظيم الجهاد، لينصهرا ويبدأ عملهما ضد الدولة، إلا أن خلافا شب بين عمر عبد الرحمن، وعبود الزمر، حال دون الاندماج، ووصل الخصام بينهما إلى التلاسن الفقهي، فأصدر عمر عبد الرحمن بحثا بعنوان «لا ولاية لأسير»، ورد عليه عبود الزمر ببحث آخر عنوانه «لا ولاية لضرير».
استغلت الجماعة الإسلامية ما لديها من مقومات، ومنها تمركز عائلة «الإسلامبولي» فى عين شمس، وتردد الأم على جلسات محاكمة قتلة السادات، ما جعل الجماعة تضفى خصوصية على المنطقة استغلتها فى السيطرة على المساجد لترويج فكر الجماعة بالمنطقة.
وكانت الأحداث التى اندلعت شرارتها فى عام ١٩٨٧ على إثر مقتل ضابطي شرطة فى مواجهات مع الجماعة الإسلامية فى المنطقة، ونجح الأمن فى السيطرة الكاملة على جمهورية عين شمس، ونجح فى استعادة كل مساجدها وضمها الى الأوقاف، وعلى إثر وفاة المسئول الإعلامى للجماعة الإسلامية علاء محيى الدين عاشور، بأحد شوارع الجيزة سارعت الجماعة إلى تحميل الدولة المسئولية عن الحادث، واجتمعوا على الثأر من وزير الداخلية شخصيا وجهاز أمن الدولة، إلا أن كل جهدهم فى هذين الأمرين فشل.
ما كان مقدرا لمصر فى تلك الفترة، نجح، ولكن فى زمن آخر ودولتين أخريين، ذاك أمر تكشفه مقالات أخرى.. للحديث بقية.