الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

إبراهيم هيبة أستاذ العلاقات الدولية والسياسات المقارنة بجامعة تكساس: مصر معنية أكثر من غيرها بحل الأزمة الليبية.. تعديل اتفاق الصخيرات لن يكون سهلاً

إبراهيم هيبة استاذ
إبراهيم هيبة استاذ العلاقات الدولية والسياسات المقارنة بجامع
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
- لابديل للمبادرة الأممية لحل الأزمة الليبية وتحتاج إلى إطار ملزم لإنجاز مراحلها 
- الدول الداعمة للإرهاب ستعمل على تعطيل خارطة "غسان سلامة" ولابد من ضغوط دولية لردعها 
- مبادرة غسان سلامة أعطت طاقة جديدة لدور الأمم المتحدة في إنهاء الصراع الليبي 


تمر الأزمة الليبية، بمنعطف فارق بعد خارطة الطريق التي أعلن عنها المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دور انعقادها الـ 72، وناقشتها اللجنة الأممية رفيعة المستوى حول ليبيا برئاسة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريس، الذي اقترح استراتيجية من 7 مراحل لحل الأزمة الليبية، أبرزها: الدخول في عملية سياسية شاملة لا تستثني أحدا، وتعديل إتفاق الصخيرات، وتعزيز الترتيبات الأمنية وهيكلة الأمن القومي، وتنسيق المشاركة الدولية بما فى ذلك الجهود التى تُبذلها الدول المجاورة لليبيا، بحيث تكون جميعها جزءًا من جدول أعمال مشترك واحد، وتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وتوفير السلع والخدمات من أجل تحقيق عائد حقيقى للسلام يلمسه الشعب، ودعم المهاجرين والتمسك بالمعايير الدولية طويلة الأمد بشأن الهجرة، وتأمين الدعم الذى يمكن التنبؤ به للمساعدة الإنسانية. 
"البوابة نيوز" ناقشت هذه المراحل ومدى تقبل الليبيين لها مع الدكتور، إبراهيم هيبة، أستاذ العلاقات الدولية والسياسات المقارنة بجامعة تكساس الأمريكية، فإلى نص الحوار:

- تقديرك للمبادرة الأممية لتسوية الأزمة الليبية والتي ناقشتها اللجنة رفيعة المستوى بالأمم المتحدة حول ليبيا، برئاسة، أنطونيو جوتيريس؟ 
المبادرة الأممية تستحق التمعن ولا أري في ظل الوضع الراهن إمكانية للذهاب إلي الوضع الدائم ولا مفر من فترة انتقالية جديدة ولكن يجب أن تضبط بضوابط ملزمة هذه المرة. 
- ما هذه الضوابط من وجهة نظرك؟ 
في الحقيقة المشهد السياسي الليبي اليوم اصبح أكثر تعقيدا من ذي قبل، فبعد أن ادخل الليبيون أنفسهم بتشجيع وحث من أطراف إقليمية ودولية في اتفاق سياسي كان إطاره وروحه مبنيا على أساس ديمقراطية التوافق التي أعطت حق النقض – الفيتو - للأطراف السياسية المشاركة في الاتفاق السياسي في السلطتين التنفيذية والتشريعية وخلقت آليات للتعطيل في العمل التشريعي والعمل التنفيذي ناهيك عن حصر إرادة الشعب الليبي في قلة قليلة لا تمثل الشعب الليبي تمثيلا شاملا وكافيا.
فالإتفاق الذي دفع بالليبيين دفعا للتوقيع عليه، لم يضمن في الإعلان الدستوري ولم تمنح الحكومة المنبثقة عنه الثقة من مجلس النواب، وإنما فرض كأمر واقع من المجتمع الاقليمي والدولي ومن المليشيات الداعمة له. 
ومن ثم فشل هذا الاتفاق السياسي بسبب آليات اقتسام السلطة وآليات التعطيل الموجودة فيه على المستوى التشريعي والمستوى التنفيذي وعدم رضاء وتوقيع الأطراف الليبية عليه وعدم مشاركة كل التيارات السياسية فيه.
- هل تجاوز خارطة طريق المبعوث الأممي إلى ليبيا والتي أكدها الأمين العام للأمم المتحدة تلك الثغرات التي أفشلت اتفاق الصخيرات؟ 
بعد مرور قرابة العامين على اتفاق الصخيرات، تعيش ليبيا حالة من تردي الوضع الاقتصادي، والسياسي، والأمني، ووصلت البلاد الي مستويات متدنية جدا قد تقود الي حالة الانقسام والتشرذم والانهيار التام، عين الأمين العام للأمم المتحدة، انطونيو جوتيريش، غسان سلامة كمبعوث دولي جديد لليبيا بهدف إعطاء زخم وطاقة جديدة لمحاولات الأمم المتحدة لايجاد آلية لإخراج ليبيا من أزمتها، تقدم المبعوث الدولي بخارطة طريق جديدة تم الإعلان عنها في نيويورك بحضور دول علي المستوى الاقليمي وعلي المستوى الدولي، والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل خارطة طريق المبعوث الدولي غسان سلامة ستكون حبل النجاة أم الطريق إلى التهلكة ؟ 
في تقديري الليبيين في مأزق حقيقي ولم يعد أمام الليبيين الكثير من الخيارات فالاتفاق السياسي الذي بني علي أساس ديمقراطية التوافق كان من الواضح جدا انه بني وفق آلية التعطيل المتبادل التي جذبت الأطراف السياسية للتوقيع عليه، ولكن هذه الأطراف نفسها كانت غافلة عن ما سينتجه هذا الاتفاق من التزامات تقاسم السلطة.
- أبرز المخاطر الناجمة عن اتفاق الصخيرات، وبإمكان خارطة "غسان سلامة" أن تتلاشاها ؟
- أحد أهم المخاطر في تقديري هي العجز عن الوصول لآلية للخروج من الالتزام ببنود اتفاق الصخيرات مستقبلا، فالأطراف السياسية لن تتنازل عن القدر من السلطة التي تحصلت عليه تحت اي ظرف من الظروف، وبالتالي فإن المبادرة الدولية الجديدة التي كان أحد بنودها فتح بنود الاتفاق السياسي وتعديله قد تكون فرصة تاريخية لتعديل الاتفاق السياسي، هذا التعديل الذي لا أتصور انه يجب أن نتفاءل كثيرا بنتائجه لانه لن يكون سهلا وسيأخذ وقتا طويلا، وان تم سيتم تحت وطأة تأثيرات الدول الاقليمية والدولية ولن يكون للتأثير الشعبي الليبي اثر كبير وآليات التوافق ستستمر في بنود وآليات وروح الاتفاق السياسي الجديد.
- كيف ترى مستقبل الدور الذي تلعبه هذه الأطراف المتصارعة بعد إعلان خارطة الطريق الأممية ؟ 
قطعا ستعمل هذه الإطراف خاصة قطر وتركيا على مواصلة دعم حلفائها في الداخل الليبي، من أجل ضمان التحكم في سلطة الدولة بالشكل الذي يحقق لها مصالحها في ليبيا، وتحقيق نفوذ سياسي يشبع اوهام هذه الدولة بأنها كيانات مؤثرة في السياسة الدولية، وبالطبع سينعكس هذا بشكل سلبي على مستقبل العملية السياسية في ليبيا وينذر بفشل خارطة سلام الأمم المتحدة، لذلك يجب ان يمارس المجتمع الدولي ضغوطا حقيقية على هذه الدول بحيث توقف دعمها للجماعات الارهابية والمليشيات شبه العسكرية المارقة التي تعمل ضد استقرار وأمن ليبيا.
- كيف ترى إذن خيارات الشعب الليبي خلال المرحلة المقبلة؟
يبدو لي أن الليبيين لا يمتلكون خيارات كثيرة، فهم أمام واقع سياسي وإقتصادي وإجتماعي سيئ جدا، والقوي العسكرية النظامية منقسمة وغير منظمة تنظيما جيدا بل أصبحت طرفا في الصراع السياسي بعد ان اقحمت قياداتها نفسها بخطأ استراتيجي كبير في الصراع، والمفاوضات السياسية بدلا من التركيز علي اعادة بناء وهيكلة الجيش وتوحيده وتقويته والالتزام بالواجب الأخلاقي الذي من المفترض أن يقوم به الجيش وهو إعادة الأمن والاستقرار للبلاد والابتعاد عن التجاذبات السياسية.
فحسب تصوري ليس امام الليبيين بسبب عجز الجيش عن السيطرة علي البلاد وحالة الانقسام السياسي الكبير والحاد وحالة الانهيار الاقتصادي والاجتماعي من ملاذ الا القبول بخارطة المبعوث الدولي الجديد. 
- أبرز التحديات أمام تنفيذ مراحل خارطة الأمم المتحدة في ليبيا؟ 
ما من شك ان ليبيا بحاجة ماسة الي الذهاب الي المرحلة الدائمة ولكن هناك عقبات حالت ولاتزال تحول دون الانتقال الي المرحلة الدائمة وفي تصوري ان مبادرة غسان سلامة وضعت خارطة طريق واضحة للوصول الي تلك المرحلة التي تبدأ باقرار الدستور، واجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، وبناء مؤسسات الدولة، ولكن تجذر الاشارة الي ان هناك تحديات كبيرة يجب اخذها في الاعتبار تتمثل في 3 نقاط رئيسية: 
التحدي الاول: عقبة الاتفاق السياسي وإعادة النظر فيه وهذا تحدٍ كبير سيكلف الليبيين وقتا وجهدا وسيكلفهم الذهاب الي مرحلة انتقالية جديدة بعد الاتفاق علي بنود التعديل قد تصل الي سنة وفق خارطة الطريق، وهنا يجب الالتزام بجدول زمني واضح ومحدد.
التحدي الثاني: هو تحدي عقد مؤتمر للمصالحة الشاملة لكل الاحزاب والاطراف السياسية والاجتماعية بدون استثناء، بحيث يتم في هذا المؤتمر المكاشفة والمصارحة والتصالح والاتفاق علي مستقبل ليبيا، وقد اشارت مبادرة السيد غسان سلامة الي ذلك بشكل واضح ولكن يبقي التحدي حول تحديد وتعريف الاطراف السياسية والاجتماعية التي تمثل كافة الشعب الليبي بشكل كاف ومرضي، وهذا التحدي ليس بالامر الهين في ظل هذه الفوضي. كما انه يجب تطبيق قانون العفو العام واخراج المعتقلين السياسيين واعادة المهجرين في الداخل والخارج ليشارك الجميع في التصالح ورسم مستقبل جديد لليبيين.
التحدي الثالث: الخروج بدستور يليق بالشعب الليبي ويضمن نجاح التجربة الديمقراطية، في تقديري أن مسودة الدستور الأخيرة التي تبنت النظام المختلط الذي بني علي اساس مركزية السلطة التنفيذية ومركزية السلطة التشريعية والمركزية الادارية، وتضمين ديمقراطية التوافق في روحه بخلق آليات للتعطيل في الجسم التشريعي، والجسم التنفيذي يجب اعادة النظر فيها بشكل كبير.
وفي تقديري يجب ان يتبني النظام البرلماني بدلا من النظام الرئاسي او النظام المختلط، وتبني نظام مجلس تشريعي واحد بدلا من نظام مجلسين وتوزيع الدوائر والمقاعد النيابية بشكل افقي متوازن الي حد كبير بين طرابلس وفزان وبرقة، وليس بالضرورة التساوي ولكن التوازي مهم جدا من اجل القضاء علي المركزية الادارية والمركزية السياسية، ومن اجل تفادي وصول المتطرفين الى السلطة لابد من تبني نظام حكم الاغلبية، كنظام انتخابي جديد بدلا من نظام التمثيل النسبي.
- تقييمك للدور المصري في ليبيا، وتأكيد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن مصر لن تسمح لأحد أن يعبث بوحدة الليبيين؟ 
يقع علي مصر دور كبير جدا من أجل تحقيق السلام في ليبيا، فاستقرار ليبيا لا يخدم مصر فقط امنيا من الناحية الاستراتيجية بل ايضا يخدمها اقتصاديا، فلمصر مصالح اقتصادية في ليبيا كبيرة فحالة الاستقرار في ليبيا ستعود بالنفع علي العمال المصريين الذين سيكونون المستفيدين الاكبر من اعادة إعمار ليبيا، السيد السيسي يلعب دورا محوريا في ليبيا ويجب الأ تتخلي مصر عن طرابلس في هذه المرحلة بل يجب ان تقف مصر بشكل قوي مع اشقائها الليبيين، وخصوصا ضد مشروع توطين الافارقة داخل الاراضي الليبية بتوصية من الدول الغربية، فاستيطان اعداد كبيرة من الافارقة المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا، وخصوصا في الجنوب الشرقي والجنوب الغربي، يعزز عدم الاستقرار والفوضى، فعقب سقوط نظام القذافي، وجدت بعض دول الجوار الليبي، كمالي والجزائر والنيجر وتشاد والسودان، في ليبيا حاضنة يمكن ان يحتوي العناصر الارهابية والمشاغبة لديها فسمحت لهذه العناصر بالدخول الى ليبيا، والقتال الى جانب المليشيات المتناحرة على السلطة، وبالفعل اصبح هؤلاء اليوم جزءا من الصراع والمليشيات المسلحة لان الاطراف السياسية وبدعم من بعض الدول الاقليمية والدولية وجدت في تلك العناصر مصدرا ووقودا مهما في الحرب الاهلية وبالتالي الاستعانة بهم في الحروب كانت استراتيجية متبعة من كافة الاطراف المتنازعة بدعم وتنسيق من دول الجوار، وبمرور الوقت قد تتمكن هذه العناصر من سلب هوية ليبيا العربية، ونحن نعول على الدور المصري، فالقاهرة كانت ولا تزال الشقيقة الكبرى للعرب والليبيين، وهي تدرك حجم المخاطر الحقيقية في ليبيا من كل الزاويا.