الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الشيخ الحصري وإسماعيل يس.. سلام عليكما

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى هذه الأيام تأتى ذكرى مرور ١٠٥ أعوام على ميلاد الفنان إسماعيل ياسين، و١٠٠ عام على ميلاد القارئ الكبير الشيخ محمود خليل الحصري، وقد تميز كل واحد منهما بالنقاء فى إبداعه وأدائه وحفاظه على الروح المصرية الأصلية، تمثيلا عند الفنان إسماعيل ياسين، وصوتا عند الشيخ الحصري، ومن غير المناسب تجاهل أعمالهما وآثارهما، خاصة فى ظل حالة الإسفاف والسوقية التى سيطرت على عدد من الأعمال الفنية اليوم، وفى ظل وجود عدد من قرَّاء القرآن الذين يتسولون بالتلاوة من خلال أصوات منفرة، وأداءٍ خالٍ من السكينة والخشوع.
أبدأ بالشيخ الحصرى الذى أشاع أنغام الجلال فى آذان المستمعين، وكان صدى جميلا لكلام الله، وحسب قرَّاء القرآن أنهم - كما قال الشعراوي- كانوا جنودًا لكلمة الله (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)، ومنهم استقبل العلماء ما فسروا، وأخذ العلماء عنهم ما اجتهدوا، وأخذ الأدباء منهم ما دبجوا، فهنيئًا لهذه الكتيبة التى شدت بألحان السماء، ولم يكونوا مكررين، لا أداء ولا أصواتًا ولا لحنًا، بل لكل واحد منهم نغم يخدم النص، ومن أهم من شدوا بأنغام السماء ترتيلا وتجويدا الشيخ الحصري، الذى ولد فى ١٧ سبتمبر ١٩١٧م بقرية شبرا النملة بطنطا، ويعد أحد أبرز من قرأوا القرآن الكريم فى العالم الإسلامي، وأهم ما ميزه الدقة فى الأحكام، وقد حظى بترجمة وافية عند من كتب عن القرَّاء، وأذكر منهم: محمود السعدنى فى كتابه: (ألحان السماء)، وشكرى القاضى فى كتابة: (عباقرة التلاوة)، وأبوطالب محمود فى كتابه: (القرآن بصوت مصر.. معجم القراء المصريين)، وللشيخ الحصرى ستة مؤلفات تدور حول أحكام التلاوة، وما زال صوته النقى يحرك المشاعر والأحاسيس، والسر فى ذلك أن قلبه خشع فخشع صوتُه، كما أنه لم يتوقف عن العطاء والبذل للفقراء، وما زالت مؤسسته بقيادة نجلته الحاجة ياسمين ترث كرمه.
وأكثر ما يلفت النظر فى الشيخ الحصرى والقراء المصريين الكبار بوجه عام أمثال رفعت، ومصطفى إسماعيل، والبنا، وآل صديق، وعبدالباسط، وعلى محمود، والصيفى، والبهتيمى، والطبلاوى أن أصواتهم ظلت مكونا من مكونات الهوية المصرية، بحفاظهم على المزاج المصرى الأصيل فى الاستماع، ذلك المزاج المتفق مع النفسية المصرية الصافية، قبل اللوثة التى أصابت مسامعنا من سماع القرآن بلكنات وهابية سلفية غريبة عن بيئتنا، وأنا هنا أتحدث عن اللكنة، وأما القرآن الكريم فكله عظيم.
وأما إسماعيل ياسين القادم من محافظة السويس فهو رائد الكوميديا المصرية، والفنان المبدع الذى يصعب محاكاته، فقد تميز بالفكاهة اللائقة البعيدة عن الإسفاف، وكان لأفلامه أهداف وطنية، فحبب الشباب فى الإقبال على التجنيد من خلال: (إسماعيل يس فى الجيش) و(إسماعيل يس فى الأسطول)، و(إسماعيل يس بوليس الحربي)، و(إسماعيل يس فى الطيران)، و(ابن حميدو)، وجذب الجمهور بتعبيرات وجهه وفمه، وتعدت شعبيته من مصر إلى الوطن العربي، فأحبه الجميع، وأدخل السرور على البيوت، وكان دائما فى أفلامه ينتصر للخير على الشر، وللعدل على الظلم، وللطيبين على الخبثاء، ومع كل ما قدمه فى إمتاع المشاهد العربى إلا أنه عانى قبل وفاته من شدة الظروف المادية، حتى إنه كان مطاردا بالديون، لكن اليوم تطارده عبارات التقدير والامتنان من كل مَن يقدِّر الفكاهة غير المسفة، والفن الراقي.. سلام الله فى الخالدين على الحصرى وياسين.